ارشيف من :نقاط على الحروف

إعلام آل سعود: سوالفنا الحلوة!

إعلام آل سعود: سوالفنا الحلوة!
يصرّ إعلام آل سعود على وضع نفسه في قالب هزلي لا يرقى الى مستوى يعكس هموم بلده وأنّات مواطنيه. من يطّلع على صحفه ويشاهد محطاته يتلمّس مدى انفصامها عن الواقع..

تلتزم المنابر الاعلامية الناطقة باسم النظام السعودي بالإكثار من الوعظ والفلسفة فيما يخصّ الدول العربية، أمّا عندما يتعلّق الأمر بالشأن الداخلي للمملكة، فتختفي الانتقادات للسياسات الحكومية المتّبعة، تتبخّر المشاكل الاقتصادية ومعضلة الفقر في بلاد النفط.. يتوقف أي جدالٍ حول فتاوى دينية لا ترتقي الى مستوى المنطق. قناة "العربية" وملحقتها الـMBC وغيرها من المواقع الإخبارية السعودية التي تدور في فلك النظام، تقدّم نموذجاً إعلامياً يندرج في إطار الفكاهة والمنوّعات كـ"أجمل دجاجة في المملكة" وكـ"مهرجان الجنادرية" وكـ"العثور على أفعى مميّزة" أو حتّى "غزو حوريات من الجراد إحدى المناطق"، وفي الحدّ الأقصى تستعرض لقاءات "جلالة الملك" ومواقف الأمراء. وحفاظاً على النظام، تُخرق المنوّعات بحملاتٍ سياسية على دعاة الجهاد والقتال في سوريا.

بالموازاة، تغزو الأبواق السعودية الشاشات والصفحات للتنظير عن الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي، ولتوجيه اتهامات ملفّقة بحقّ من يخالف سياسة المملكة في المنطقة. الهدف محدّد: تحطيم صورة محور الممانعة والمقاومة وخصوصاً في سوريا ولبنان. الوسيلة: مقالات "مطبوخة" على عجل أو على جهل وبأمر من قصرٍ ما.

فبركة فاشلة

في عددها الصادر أمس (26/3/2014)، نشرت صحيفة "الشرق الأوسط" مقالاً تحت عنوان "ضيعانك يا لبنان.. ضيعوك"، يزعم وجود غرف سرية في مطار بيروت الدولي يحتجز فيها حزب الله أشخاصاً ويُخضعهم للتعذيب، بعد أن يسرد حكاية أشبه بقصة خيالية أقرب الى الأسلوب البوليسي، ويدّعي اعتقال سيدة سعودية كانت تنوي السفر الى جدّة.

ينطلق كاتب المقال حسين شبكشي من هذه المسرحية الوهمية التي تفتقد الى أي دليلٍ يثبت صحّتها، ليتحسّر على لبنان الذي شوّهه "شبيحة حزب الله". يعبّر عن شوقه لمطارٍ كان "يبهر الزائرين بسوقه الحرة التي فيها ما لذّ وطاب للمسافرين والمقبلين وتلبي رغبات الناظرين إليها وخدمات توافق هوى السائح والزائر وقاعات للراحة والانتظار مجهزة على أكمل وجه ينافس فيه المطارات المهمة حول العالم"، على ما جاء في المقال.

"سويسرا" الشرق باتت اليوم "قم" الغرب، يقول الكاتب "المخضرم".. شبكشي لا يدرك سُخف كلماته وخيالاته الورقية، التي تحوّلت سريعاً الى مادّة مضحكة.. رواد الفيسبوك يسترسلون في السخرية منها، حتى باتوا يتندّرون على حصول هفوة كهذه في زمن التفجيرات والتكفير والتطرف، تنسيهم أوجاع وطنهم.

إعلام آل سعود: سوالفنا الحلوة!

الفيسبوك يسخر

لدى تصفّح الفيسبوك أمس، بدا واضحاً انشغال ناشطيه بالتعليق على مقال حسين شبكشي. آراءٌ هزلية تلاحقت تباعاً بعد صدور قرار وزير العدل أشرف ريفي بإحالة المقال على النيابة العامة التمييزية لاتخاذ الاجراءات القانونية المناسبة. فيصل الأشمر كتب "العجيب أنو الحزب تعمد يعمل الزنزانة تحت المطار حتى يغطي صوت الطائرات على أصوات المعذبين. يبدو اللي سمعوا الاصوات من عائلة سوبرمان". شمعون ... كتب من ناحيته: "أسرار المطار وأفكار الحمار، حزب الله اللي بيخطفهن بياخدهن عالزنزانة بتاكسيات المطار وبيدفّعهن إجرة التاكسي".

إعلام آل سعود: سوالفنا الحلوة!

بدورها، ندى فقيه كتبت "لازم نضحك على هيك مقال حاقد معروف جهته والمضحك اكتر مسيو ريفي اللي تحرك قال ليعمل تحقيق مش بالصحيفة اللي عم تكذب بل باللي كاتبتو الصحيفة السعودية المنافقة متل بلادها". عبير ابراهيم كتبت أيضاً "غرف تعذيب بالمطار من شبيحة حزب الله طب ما زال هيك نحنا واصلين بالمطار غيرولي اسم المطار ... يا شباب لأنو مضر بالحياة حشيش النبي خالد الضاهر صار منتشر بقوة بين الهبل". من جهتها، كتبت إيمان مرتضى "انا بقول هالأصوات كل ما طلعنا عالمطار ... عاملين زنارين تحت المطار ..يا عيب الشوم بس يا حزب الله !! ليه هالحركات ليه". كما كتب علي خريباني "عم فكّر بمشروع اشتريلي شي غرفة تعذيب من مشاريع مطار "رقيق الحريري" ... بعملو Duty free للأصناف ذات الجودة العالية وصدّر ع "الشرق الأوسط"". وعلي غصن كتب "مقال يُكتب في الشرق الاوسط ليس شطحة قلم او خربشة ادبيّة .. وهل من قبيل الصدفة ان يتزامن مع كلام وزير الداخلية عن مطار ايعات ؟؟؟ ما هي الغاية من استهداف مطار رفيق الحريري الدولي بهذا الكلام الدون كيشوتي ؟؟؟". حسن ندّا كتب "بالبقاع في مطار لحزب الله و بالمطار في مراكز إستجواب للحزب و جعجع مرشح طبيعي لرئاسة الجمهورية !!!!!!!!!! بعد هيدا كله، قطع لسان كل واحد بيقول إنو الحشيش بلبنان مضروب!! حشيش أجود الأنواع". أما الناشط زياد توبة المعروف بمعارضته لحزب الله فكتب "خبرية أقبية التعذيب تحت المطار ما بتبرهن إلا أدّي خصوم حزب الله هبل وبلا مخ...لا بل بتأكد ادي هول المهبيل بقدموا خدمات مجانية لحزب الله...نياله فيهن".

إعلام آل سعود: سوالفنا الحلوة!

حسين جلوس كتب "أشرف ريفي يفتح تحقيقا عن أماكن التعذيب الذي يقوم به حزب الله في أقبية مطار بيروت الدولي. صراحة بتقول ما بدي اكتب مقالات تؤذي شعور أحد بس كيف فيك تسمع هيك قرار و ما تقول ان وزير العدل ليس وزيرا للعدل بل مزورا للعقل. بدنا حكومة ائتلاف وطني؟ هيدي النتائج". فرح أبي مرشد كتبت "في مقال يحكي قصة طفولية خرافية بتشبه حكايات "فارس خشان" نشرته صحيفة "الشرق الاوسط" وتتداوله بعض مواقع الاخبار اللبنانية والعربية عن سجون لحزب الله في طوابق تحت الارض في مطار لبنان واضح انو كاتبه محشش لمنتهي بس يلي عم ينشروا شو ؟؟؟؟!!". المدوّن خضر سلامة كتب "يُنشر مقال في جريدة صفراء اسمها جريدة الشرق الأوسط السعودية، يتحدث صاحبه عن غرف تعذيب وتحقيق لحزب الله تحت مطار بيروت، إيه والله، المطار الذي عمّره رفيق الحريري ما غيره، والذي نسافر يومياً عبره منذ سنوات، دون أن نلاحظ غرف التحقيق ودون أن نسمع قصة واحدة عنها، في السعودية، عرفوا بأمرها، المهم، المقال على تفاهتها ووضوح "فيلمها" تنتشر كالنار في الهشيم، وأصبح الأمر بعهدة القضاء بكل حال". نادر فوز كتب "بحسب تقرير جريدة الشرق الاوسط يوجد في مطار بيروت، "طوابق تعذيب تحت الارض بديرها عناصر من حزب الله"... واصوات رعب وآهات وهيك. انو الحزب ما عنده اماكن خاصة ليعمل هيك؟ ناقصه مساحات بفعل "النمو" العقاري بالبلد؟ ف نقى طابقين تحت الارض بالمطار!! حشيش او أُبَر؟ ما بعلمي في سيمو بالمملكة..". سحر بلوط كتبت "طلع مش بس عنّا دولة بالضاحية عنّا دولة متكاملة كمان فيها حبس وزنازين ونظارة معقول عرفوا كمان إنو تحت المدرج الرابع في ضمان صحي وشركة كهربا وكازينو بس إسلامي؟؟!!! #الفهم_مخاصمك_طال_عمرك".

إعلام آل سعود: سوالفنا الحلوة!

وربطاً بالتعليقات، وصف مصدر في مديرية الطيران المدني في لبنان ما ورد في مقال "الشرق الأوسط" بـ"الادعاءات السخيفة والبلهاء التي لا تستحق الرد عليها".

السعودية والقفز على مصائبها

وعليه، لم ينجح الكاتب السعودي في حبْك قصّته البوليسية جيداً.. مستواها هابط لا يُقنع أيّ محقق ميداني، ولا يرضى عنه أي رجل أمن، لكن يُسجّل له قدرته على رسم ابتسامة عريضة لدى رأي عام لبناني يعرف حقيقة التلفيق وعايش أحداثاً خضعت للتحريف والتزوير، ويصعب التمثيل عليه ويتعذّر اللعب بعقله.

بإمكان شبكشي التجوّل بين شوارع بيروت أو أينما أراد في لبنان ليبحث عن مصدّقٍ لروايته حتى في مناطق نفوذ حلفاء الرياض، وحتماً سيقابله استخفاف بحكايته باستثناء شخص واحد في لبنان صدقه وأمر بفتح تحقيق على ما كتبه. قد ينصحه البعض بالاهتمام بمشاكل بلده وما خفي منها، ربّما باحتجاز الملك لأربع من بناته (سحر ومها وهالة وجواهر) في أحد قصوره منذ 12 عاماً، أو ربّما بانتقاد حرمان المرأة من حقوق مشروعة لها إنسانياً، أو ربّما أيضاً بعدم إسعاف طالبات الجامعات بحجة منع الاختلاط، وربّما باعتقال الشعراء والمتظاهرين المعارضين للسلطات وصولاً الى حرمان الأطفال من مشاهدة الكرتون بفتوى دينية غير مبرّرة.

أين هو هذا الكاتب من هموم وطنه؟ يسأل البعض. المملكة مليئة بالمشاكل والمصائب الحقوقية، فيما كتّابها التابعون للنظام يضيّعون وقتهم في نسج خيالات انتقاماً من حزب لبناني ممانع.. يُكثر هؤلاء من اختلاق ما يتمنّونه تحريضاً على المقاومة وزرعاً للفتنة: زنازنين للتعذيب في مطار بيروت الواقع جغرافياً في الضاحية الجنوبية في بيروت.. سياسة إعلامية لا تفُاجئ، فالصحافة السعودية اعتادت نمط "سوالفنا الحلوة" و"جلسات الوناسة".
2014-03-27