ارشيف من :نقاط على الحروف

المواجهة بين المحكمة والاعلام : ’جرصة’

المواجهة بين المحكمة والاعلام : ’جرصة’

لا شك ان المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لم تكن محظوظة. يمكن القول بكل اطمئنان انها احد ى الصناعات غير الموفقة لفريق 14 اذار على اكثر من صعيد ومستوى وبدرجة كبيرة وفي الكثير من المحطات. الا ان المسار المتعثر وصل الى ذروته في المواجهة الاخيرة التي افتعلتها المحكمة مع الاعلام اللبناني ممثلا بصحيفة الاخبار وقناة الجديد.


القاعدة تقول: "يخسر كل من يخوض معركة مباشرة مع وسائل الاعلام ". اي طرف سواء كان شخصا حقيقيا او معنويا يكون مصيره الفشل عندما يتصادم مع الاعلام. وما حصل مؤخرا على خلفية الادعاء على الوسيلتين الاعلاميتين المذكورتين يؤكد ما سلف ويثبته. مجريات الامور وتطوراتها شكلت "جرصة " للمحكمة بكل ما للكلمة من معنى. المحاولة الواضحة لاسكات الاعلام اللبناني وترهيبه ومنعه عن فضح اساليب واداء ولا شفافية ولا مهنية المحكمة ارتدت سلبا على الاخيرة. بدت المحكمة اشبه بمحاكم القرون الوسطى ومحاكم انظمة الحزب الواحد، تحاكم صحافيين لمجرد الاختلاف معهم بالرأي والمقاربة. تتوعدهم بالسجن لمجرد قيامهم بعمل وتحقيق استقصائي كشف ما لم يعد مستورا عن المحكمة واهلها واعمالها. محكمة ينغل فيها الفساد وتباع فيها الذمم ويتاجر موظفوها والعاملون فيها بالتحقيقات والتقارير التي يفترض ان تكون سرية.

المواجهة بين المحكمة والاعلام : ’جرصة’

الورطة التي اوقعت المحكمة نفسها فيها ادركها فريق 14 ، فاصدر الاوامر لادواته الاعلامية للتحرك لانقاذ ما يمكن انقاذه. تجندت وسائل الاعلام الاذارية وانتظمت للدفاع عن "محكمتها". استدعيت للمعركة كل الاسلحة الثقيلة والخفيفة. تمت التعبئة بعد ادراك المخاطر التي تتهدد المحكمة. مجددا المحكمة في موقع الادانة والتشكيك. صورتها التي بذل هذا الاعلام الغالي والنفيس لصناعتها مهددة مرة جديدة. في المعركة لا فرق بين مذيع تلفزيوني مشهور ومعروف بخفته التي لا تحتمل وبين كتاب محسوبين على "النخبة الفكرية ". موقع ناو ليبانون الذي يقدم نفسه الوسيلة المتحررة من الانتماء الحزبي والوجه المدني بمعنى غير حزبي لاعلام 14 اذار) لم يختلف في دفاعه المستميت عن اداء موقع القوات اللبنانية او تلفزيون المستقبل والمنشور الحزبي التابع للتيار الازرق المسمى جريدة المستقبل. لا فرق بين لغة الكتاب الاساسيين ولغة الشتيمة والشوارع والزعران (بالاذن من المسؤولة في ناو حنين غدار).

تدرج التعاطي من دفن الرأس في الرمال واهمال القضية كأنها غير موجودة وصولا الى الشماتة والتشفي من زملاء المهنة المتهمين باداء واجبهم المهني والوطني عندما كشفوا ارتكابات جعلت المحكمة هدفا سهلا ومتاحا.

المعركة ليست سهلة. هم مطالبون بالدفاع عن محكمة تسعى لضرب حرية الرأي والتعبير وتستهدف حرية الصحافة. عبارات تملأ القاموس المعجمي والتنظيري لهذا الفريق. لا يعني هذا بالضرورة تسليما بصدقية اعلام 14 اذار وصدقه. يكفي التدقيق بمصادر التمويل, تكفي المقارنة بين استماتتهم في الدفاع عن حنين غدار مقابل الشماتة بكرمى الخياط لتتكشف حقيقة الامور. لكنها ضربة قوية، في معركة اللغة والسرد كما على مستوى صورة المحكمة وحقيقتها، ضربة تضاف الى ضربات عديدة يتلقاها هذا الفريق والمشروع الذي يمثل في اكثر من جبهة واكثر من عنوان وان كانت "جرصة " المحكمة وحدها مدوية لن تنفع معها محاولات التجميل والترميم، فاعلام 14 اذار لن يصلح ما افسده دهر المحكمة.
2014-05-14