شذرات من فكر الشهيد اية الله السيد محمد باقر الحكيم


ترك الشهيد السعيد اية الله السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره) بعد أكثر من خمسة عقود من العمل السياسي والفكري والثقافي تراثا مهما يمكنه ان يساهم في تعميق وعي الامة الاسلامية وفهمها لطبيعة قضاياها والتحديات التي تواجهها، وما ينبغي لها ان تفعله، وكيف لها ان تتصرف.

ولم يكن اهتمام السيد الشهيد مقتصرا على الشأن العراقي، برغم انه وضعه في صدر اولوياته واهتماماته لاعتبارات واسباب عديدة كان يشير اليها سماحته باستمرار .

وهنا في هذه الوقفة السريعة اخترنا مقتطفات ـ أو شذرات ـ  من أفكار السيد الشهيد الحكيم حول بعض قضايا العالم الاسلامي :

 

الوحدة الاسلامية

يقول السيد الشهيد عن الوحدة الاسلامية "تعتبر الوحدة الاسلامية من اهم مستلزمات الوقوف في وجه التحدي الحضاري الغربي، والتي يجب على المسلمين جميعا ـ والحركة الاسلامية بشكل خاص ـ الاهتمام بها وتوفير ظروفها وتبيين مناهجها واساليبها، والعمل على تحقيقها، بل يمكن ان نقول انها الارضية والقاعدة التي يمكن ان تقوم عليها جميع المستلزمات، ولا شك ان الرغبة الاكيدة في نفوس المسلمين، والامل الكبير الذي يعيشه ابناء الامة الاسلامية لتحقيق الوحدة يشكل افضل ارضية يمكن ان يقام عليها بناء الوحدة الاسلامية، حيث تتطلع الامة بإيجابية لاقامة هذا البناء .

كما ان اعداء الاسلام والامة الاسلامية يعملون باستمرار من اجل التركيز على نقاط الخلاف، وابراز معالم التناقض والفرقة بين ابناء الامة، بل يضعون العدسات المكبرة في كثير من الاحيان، ويطلقون الاصوات المنكرة، ويملأون الدنيا ضجيجا من اجل تأكيد ذلك .

 

الحركات الاسلامية

وعن منطلقات واسس عمل الحركات الاسلامية يقول الشهيد "لا شك ان الحركة الاسلامية تنطلق من فكر واساس واحد، وهو الايمان بالله والوحي الالهي وبالرسالة الاسلامية الخاتمة، وكذلك تعمل من اجل تحقيق هدف واحد، وهو العودة الى تطبيق الشريعة الاسلامية في حياة المسلمين، وكذلك فإن لعموم الحركات الاسلامية موقفاً واحداً تجاه الحضارة المادية، ورفض الهيمنة والتسلط الاجنبي على المسلمين الذي عانوا منه طويلا ولا يزالون يجترون آلامه ومحنه ومصائبه، ويواجهون التهديد به من قبل قوى الاستكبار والكفر العالمي .

ولكن بالرغم من وحدة المنطلق والهدف والموقف العام، نلاحظ وجود اختلافات بينة وواضحة بين اطراف الحركة الاسلامية في المتبنيات السياسية والاقتصادية والوسائل والاساليب المتبعة في المواجهة مع قوى الكفر العالمي وفي العودة الى تطبيق الشرعية الاسلامية، وفي منهج العمل السياسي والاجتماعي، وفي التعامل مع المنجزات والمكتسبات العلمية المادية .

 

الثورة الاسلامية 

ويؤكد في سياق رؤيته للثورة الاسلامية في ايران "ان الثورة الاسلامية في ايران هي النظام الوحيد الذي بادر في فترة اقل من شهرين بعد انتصار الثورة الى اجراء استفتاء عام وقانوني على النظام، ثم لم تمض فترة عشرة اشهر حتى اجرت استفتاء عاما اخر على الدستور الدائم، وبعد اكثر من سنة بقليل كانت جميع مؤسساتها الدستورية قد استقرت من خلال الاستفتاءات، مع ان التغيير الذي حصل في ايران لم يكن انقلابا عسكريا ولا تغييرا سطحيا او اعلاميا، بل كان تغييرا جذريا في الكيان السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعلاقات الخارجية، وهذا لوحده يمكن ان يكشف مدى الاهتمام بالامة والايمان بدورها في الحكم .

 

فلسطين قضية كل المسلمين

وفي ما يتعلق بالقضية الفلسطينية يشير السيد الشهيد قائلا "ان القضية الفلسطينية لاتعني الفلسطينيين فحسب، بل انها تعني كل المسلمين بلا استثناء، وهنا فإنه ينبغي ان يكون لكل مسلم اينما كان دور في توضيح ابعاد هذه القضية والدفاع عن هذا الشعب المظلوم المضطهد من قبل الصهاينة الغاصبين، فالدفاع عن القدس - قبلة المسلمين الاولى - واجب على الجميع، والدفاع عن المظلومين والمقموعين هناك واجب على الجميع ايضا، فالقضية فضلا عن طابعها الاسلامي فإنها تنطوي على ابعاد انسانية مهمة. وهذا ينطبق على الموقف من الاحتلال الصهيوني لاراضٍ عربية واسلامية اخرى في لبنان وسوريا .

 

العمل السياسي

وعن حدود وضوابط العمل السياسي يقول الشهيد السيد الحكيم "ان العمل السياسي لا بد ان يمارس ضمن الاطار الشرعي، والخروج عن هذا الاطار غير جائز، ولكن مع ذلك عرفنا بأن نظرية اهل البيت (ع) تسمح بالتعددية السياسية مع قطع النظر عن حكمها الشرعي، والمؤاخذة الالهية عليها، ولكن بشرط ان تكون التعددية ضمن الاعتراف بالنظام الاسلامي نفسه، فلا يمكن ان يسمح الاسلام - بل ولا حتى الانظمة الديمقراطية - بالعمل السياسي الذي يسعى للاطاحة بالنظام نفسه، وكذلك ان يكون التحرك سياسياً ضمن الالتزام بالقوانبن الاجتماعية العامة التي وضعها النظام الاسلامي لتنظيم حياة الناس، كالواجبات المالية والدفاعية وغيرها. اضافة الى ذلك يجب ان لا يكون العمل السياسي موجبا للاخلال بالامن والنظام العام، كالاعمال المسلحة والاضطرابات التي تهدد امن المجتمع او وحدته وتماسكه .

 

الامة الاسلامية 

وفي سياق عرضه لمتطلبات الامة الاسلامية يقول السيد الشهيد "ان حاجات امتنا الاسلامية بشكل عام، وفي العراق بشكل خاص كثيرة، وخصوصاً انها تتطلع الى يوم الخلاص من الهيمنة الاجنبية وعملائها المرتدين، والى اقامة حكم الاسلام وتحقيق العدل والعزة والكرامة والاستقرار والرفاه من خلاله. كما ان المواجهة شرسة وقاسية وخطط الاعداء خبيثة وامكاناتهم هائلة، لذلك نحن بحاجة الى المزيد من التفكير والتأمل، والمزيد من الوحدة والتعاون، والمزيد من النشاط والعمل، والمزيد من الحذر والوعي والانتباه للوصول الى رؤية واضحة وخطط عملية وواقعية تستجيب لهذه الحاجات والمتطلبات .