|
|
عادت
قضية
الجامعات
الخاصة
والمعاهد
الجامعية الى
الضوء مجدداً
بعد إحالة
رئيس الحكومة
رفيق الحريري
توصية لجنة
التربية
والتعليم
العالي
والثقافة
النيابية
بخصوص التوقف
عن إعطاء
تراخيص جديدة
لمؤسسات
التعليم
العالي او
الترخيص
لكليات جديدة
الى وزير
التربية
والتعليم
العالي عبد
الرحيم مراد.
التوصية
بطبيعتها غير
ملزمة، لكن من
شأنها أن
تعيد فتح
النقاش حول
هذا الملف،
بما يحمله من
تعقيدات
بعضها يعود
الى تركيبة
لبنان
السياسية
والتعددية
المرتكزة على
الطائفية
بجلباب
ديمقراطي،
والتداعيات
التي قد
تتركها على
هوية النخبة
الأكاديمية
مستقبلاً،
وتأثير ذلك
استطراداً
على الجامعة
اللبنانية
التي تعاني ما
تعانيه من
إهمال مقابل
انفلاش
التعليم
الاكاديمي
الخاص ذي
النفحة
الطائفية
قديماً
والتجارية
حديثاً.
الواقع
الحالي يحتضن
42 جامعة
ومعهداً
جامعياً
وكلية، اضافة
الى كليات
الجامعة
اللبنانية،
لطلاب لا
يتجاوز عددهم
120 ألف طالب، 60 %
منهم مسجلون
في الجامعة
اللبنانية. "الانتقاد"
تفتح ملف
التعليم
الجامعي
الخاص في
مراحله
الاولى
وصولاً الى
مراحله
الأخيرة،
لتشرح هذا
الواقع بما هو
عليه: عُرف
عن لبنان
قديماً أنه
بلد النور
والاشعاع
الذي صدّر
الأبجدية الى
العالم
انطلاقاً من
سواحله.. وعُرف
عنه منذ منتصف
القرن التاسع
عشر أنه جامعة
الشرق.. لكن
بعد الحرب
الأهلية
اللبنانية
شهد لبنان
نمواً مخيفاً
وغير طبيعي في
عدد المؤسسات
التعليمية
المخولة منح
شهادات
التعليم
العالي. هذه
الطفرة او
الظاهرة نفذت
من مبدأ حرية
التعليم الذي
كرّسه
الدستور
اللبناني في
مادته
العاشرة،
واستفاد من
غياب رقابة
الدولة، ومن
مناخ الصيغة
اللبنانية
القائمة على
مبدأ التوازن
الطائفي
والسياسي
وعلى التحاصص
في كل الأمور. ربما
يعتبر لبنان
من الدول
النادرة التي
تملك جامعات
ومعاهد
جامعية بهذا
العدد، وهذا
ربما يسمح
للدولة بأن
تدخل كتاب
غينس للأرقام
القياسية
قياساً
بمساحة هذا
الكيان وعدد
طلابه. طفرة
وورم وانتفاخ
أدخلت
التعليم
العالي في
مأزق وسؤال
يتعلق بمصير
أجيال ذاهبة
الى مستقبل
مجهول
الملامح. الجامعات
والإرساليات عرف
لبنان
الجامعات
الخاصة عن
طريق
الارساليات
الدينية
الأجنبية،
وأُنشئت أول
جامعة
بمبادرة من
المجلس
الاميركي
للارساليات
سنة 1866 في منطقة
رأس بيروت،
فكانت
الجامعة
الاميركية.
وبعدها بـ9
سنوات، أي سنة
1875، وكرد فعلٍ
أوجدت
الرهبنة
اليسوعية
جامعة القديس
يوسف
الفرنسية، ثم
كرت السبحة
وقامت جامعات
ومعاهد جديدة: معهد
الحكمة
لمطرانية
بيروت
المارونية (1875)،
كلية بيروت
الجامعية
للبنان (1924)،
التي أصبحت
الجامعة
اللبنانية
الاميركية
منذ سنة 1974،
كلية اللاهوت
للشرق الأدنى
التابعة
للمرسلين
البروتستانت
(1932)، كلية الشرق
الأوسط
التابعة
لكنيسة
الأدفانتيست
السبتيين (1939)،
معهد
هايكازيان
التابع لتجمع
الكنائس
الانجيلية
الأرمنية
(1955)، معهد
القديس بولس
للفلسفة
واللاهوت (1936). مقابل
غلبة مؤسسات
التعليم
العالي
الاجنبية
التي تعزز
نفوذ فئة
معينة في
لبنان، تأسست
سنة 1951 الجامعة
اللبنانية
الوطنية
اليتيمة،
وانضوى فيها
الفقراء
وطلاب التيار
الوطني. وعام
1960 جاءت
الجامعة
العربية في
بيروت لتعكس
تنامي التيار
الناصري
والموجة
العروبية في
المنطقة
العربية
ولبنان، وولد
قيام هذه
الجامعة
نقاشاً
وهياجاً
طائفياً،
وكرد فعل جرى
منح الترخيص
لإنشاء جامعة
الروح القدس
في الكسليك
بطلب تقدمت به
الرهبنة
اللبنانية
المارونية
سنة 1961. الحديث
عن كثرة عدد
الجامعات
الخاصة في
لبنان ليس
حديث العهد،
فقبل واحد
وأربعين
عاماً شهد
مجلس النواب
جدالاً
ونقاشاً حول
الموضوع
أثناء مناقشة
قانون تنظيم
التعليم
العالي. يومها
صدرت أصوات
عديدة تقول إن
الجامعات في
لبنان أصبحت
كالدكاكين،
برغم أن عددها
لم يكن يتجاوز
أصابع اليد،
فكيف الحال
اليوم مع وجود
41 جامعة خاصة! منذ
سنة 1961 حتى
بداية الحرب
الأهلية عام 1975،
كان هناك 11
جامعة، كلها
كانت ولا تزال
عريقة، ثم بعد
اندلاع الحرب
تأسست جامعات
اضافية
أبرزها جامعة
سيدة اللويزة
التابعة
للرهبانية
المارونية
المريمية (1987)،
وجامعة
البلمند
التابعة
للبطريركية
الارثوذكسية
(1988). ومع انتهاء
الحرب
الأهلية مطلع
التسعينات،
كان لا يزال
ملف التعليم
العالي تحت
السيطرة
والضبط، الى
أن جاء عام 1996،
فدخل التعليم
العالي مرحلة
فوضى وعبثية
وخفة في
التعاطي.. منذ
ذلك الحين
أصبح الحصول
على رخصة شبيه
ـ لا بل أسهل ـ
من الحصول على
رخصة بإنشاء
مؤسسة
تجارية، اذ ان
الأمر لا
يحتاج الا الى
قرار سياسي
فقط وبعض
المستندات
والخرائط
الوهمية
للمبنى
والحرم
الجامعي
ومبلغ من
المال ـ ليس
بالضرورة ان
يكون كبيراً ـ
كي "تحصل على
جامعة". صراع..
وانقسامات كان
إنشاء
الجامعات
الخاصة في
لبنان يعبّر
في جزء منه عن
صراع
فرانكوفوني ـ
أنغلوساكسوني،
وجزء آخر عن
صراع تعريبي
وطني. قبل
الحرب
الأهلية
وبعدها بدأت
الطوائف تشعر
بقوتها على
مؤسسة
الدولة،
وعليه جرى
إضعاف
الجامعة
اللبنانية
وانتهت
الأمور الى
مزيد من
الجامعات
الموزعة
توزيعاً
طائفياً
وسياسياً. وإذا
كانت
المعايير
الطائفية هي
التي حكمت
إعطاء
التراخيص قبل
سنة 1996، فإن
الاعتبار
السياسي ـ
الحزبي
والاعتبار
التجاري
النفعي
والربحي هو
الذي طغى على
منح
التراخيص،
وبات
الاستثمار
الاقتصادي في
القطاع
التعليمي
خياراً
رائجاً
ورابحاً بشكل
أكيد. هكذا بدأ
غير
الأكاديميين
يبادرون الى
فتح جامعات،
ووصل الأمر
الى حد أن أماً
وابنتها
تمتلكان
معهدين
جامعيين
انفصلا بعد أن
كانا في معهد
واحد، فالأم
هيام صقر
صاحبة ورئيسة
معهد "الاميركان
يوينفيرستي
للعلوم
والتكنولوجيا"،
والبنت غادة
صقر حنين
صاحبة ورئيسة
المعهد
الاميركي
للتكنولوجيا
في منطقة
حالات. لماذا
نجلد أنفسنا؟! يقول
وزير التربية
عبد الرحيم
مراد: "يجب ان
لا نجلد
أنفسنا
كثيراً لأننا
منحنا هذا
العدد من
التراخيص..
منحنا مؤسسات
لجمعيات
خيرية وشركات
تجارية.. هذا
ليس ممنوعاً..
في أوروبا
وأميركا
أصحاب رؤوس
الأموال
يملكون
جامعات.. المهم
هو المحافظة
على مستوى
أكاديمي رفيع". مسؤولة
قسم التوعية
والتوجيه في
مؤسسة
الحريري نظلة
حمادة تعتبر
أنه ليس من
الخطأ أن يكون
هناك هدف
تجاري، لكن في
المقابل هناك
هدف أكاديمي
وتعليمي يجب
ان يكون
موجوداً، لأن
أصحاب "الموجة
التجارية" من
الجامعات "برقابهم
مسؤولية
أجيال طالعة". ويؤكد
الدكتور وضاح
نصر ممثل
الجامعة
الاميركية في
لجنة
المعادلات
ووكيل الشؤون
الأكاديمية
في الجامعة
الاميركية،
أن هناك
جامعات
ومعاهد جديدة
خاصة تجني
أرباحاً..
المسألة
مربحة ولا
يمكن القول ان
هذا الهدف غير
نبيل، لكن هذا
الهدف يفقد
نبله عندما
تنتفي
الرسالة
التربوية
والأكاديمية
من عقول أصحاب
الجامعات.. ان
التربية هي
رسالة لا
تحميها إلا
مؤسسة عريقة
متكاملة،
وليس شخصاً
واحداً يجمع
الى جانبه بعض
المستشارين". يعترف
الدكتور
عدنان حمزة
نائب رئيس
معهد هاواي
الجامعي، بأن
هناك "أناساً
دخيلين على
الخط ولا دخل
لهم بالمجال
التعليمي،
حصلوا على
تراخيص
وروّجوا
لأنفسهم
وجامعاتهم
عبر
الاعلانات
الشبيهة
بالاعلانات
التجارية،
وبدأوا
يقدمون أسعار
الـ"credit"
لمنافسة
الجامعات
والمعاهد
الأخرى، ولم
يبقَ لهم الا
ان يعلنوا عن
سحق أسعار
وأوكازيون
وتنزيلات..". كذلك
يعترف مدير
عام التعليم
العالي
الدكتور أحمد
الجمال بأن "المؤسسات
التعليمية
التي رُخص لها
عام 1999، كان
يغلب عليها
طابع الشركات
التجارية،
ولا علاقة لها
بالاعتبار
الطائفي او
السياسي. لقد
نصت المادة
العاشرة من
الدستور
اللبناني على
ان "التعليم
حرّ ما لم يُخل
بالنظام
العام او
ينافِ الآداب
او يتعرض
لكرامة أحد
الأديان أو
المذاهب.. ولا
يمكن ان تُمس
حقوق الطوائف
من جهة إنشاء
مدارسها
الخاصة، على
أن تسير في ذلك
وفقاً
للأنظمة
العامة التي
تصدرها
الدولة في شأن
المعارف
العمومية". من
هنا عمدت كل
الطوائف الى
إنشاء
مؤسساتها
التعليمية
بما فيها
الجامعة، وقد
بلغ عدد
مؤسسات
التعليم
العالي
التابعة
لهيئات دينية
نحو 22 مؤسسة من
أصل 41. وهذه
المؤسسات لم
تحصر التعليم
بأبناء
طائفتها، بل
فتحت أبوابها
للجميع، إنما
يلاحظ أن معظم
الطلاب
ينتمون الى
طائفة
الجامعة،
وكذلك معظم
أفراد الهيئة
التعليمية،
وربما كان ذلك
بحكم الفرز
الديمغرافي
الذي نتج عن
الحرب
اللبنانية..
ولا يمكن
النظر الى هذه
النوعية من
المؤسسات
نظرة رضى
ووضعها بحالة
صحية، لأن من
شأنها تعزيز
الفرز
الطائفي في
البلد، اذ
تملك معظم
الطوائف
مؤسسة تعليم
عالٍ أو أكثر،
باستثناء
الطائفة
الدرزية. اعتبارات
سياسية ويلعب
الاعتبار
السياسي
دوراً
أساسياً في
منح التراخيص
الجديدة. يقول
نائب رئيس
جامعة هاواي
عدنان الحكيم:
"قدمنا رخصة
للحصول على
جامعة، لكن
القرار
السياسي
أعطانا رخصة
معهد برغم
موافقة
اللجنة
الفنية على ما
جاء في ملفنا..
لا أعرف لماذا
جرت الأمور
هكذا؟ علينا
توجيه السؤال
الى مجلس
الوزراء!..
إنما الواضح
أننا لا نملك "ظهراً"
سياسياً بعكس
الآخرين
الذين حصلوا
على الرخصة من
دون ان ينالوا
موافقة
اللجنة
الفنية، ومن
دون التدقيق
في مستنداتهم". بدوره
يؤكد هذا
الرأي أيضاً
الدكتور وضاح
نصر مسؤول
الشؤون
الأكاديمية
في الجامعة
الاميركية: "السياسة
موجودة في كل
شيء، هناك
ضغوط سياسية
تتحكم بتوزيع
الجامعات
ومنح
التراخيص.. ما
دام الجانب
الأكاديمي لم
يراعَ، فمن
المنطقي ان
نفترض وجود
ضغوط وأمور
غير أكاديمية..
هذا الواقع لا
يمكن تجاهله
في لبنان". |