حزب الله يتحرك باتجاه المرجعيات الروحية والسياسية:
تأكيد وحدة اللبنانيين لمواجهة الاستحقاقات

 


شكل التحرك الذي بدأه حزب الله باتجاه المرجعيات الروحية في لبنان أهمية خاصة في ظل الظروف التي تعيشها المنطقة نتيجة العدوان الاميركي على العراق.

وعلى الرغم من أن التحرك سيستكمل باتجاه كل المرجعيات والاسلامية والمسيحية والقيادات السياسية، فإن الصدى الايجابي والنتائج المرجوة من هذا التحرك بدأت تظهر من خلال أجواء الارتياح التي تبدت عن اللقاءات وانعكاساتها على الساحة المحلية عموماً.

وتؤكد مصادر في حزب الله شاركت في اللقاءات أن جوهر هذا التحرك هو العمل على تمتين الوحدة الداخلية أمام ما يجري بشكل عام خصوصاً الغزو الاميركي للعراق والمفاعيل السياسية لهذا الغزو على المنطقة.

وتشير هذه المصادر الى أن الحوار مع مختلف الشرائح اللبنانية ومدّ الجسور بين كل هذه الشرائح لبناء قناعات مشتركة وترسيخها يشكل أولوية لحزب الله في كل المراحل.

وتعتبر أن الآثار المحتملة للعدوان على العراق تستدعي وحدة الصف الداخلي مسيحيين ومسلمين ومن كل القوى الفاعلة، على قاعدة نبذ ما يفرق والالتقاء عند ما يجمع ويوحد.

شمل تحرك حزب الله في الأيام الماضية مفتي الجمهورية اللبنانية سماحة الشيخ محمد رشيد قباني، البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى سماحة الشيخ عبد الامير  قبلان، ومتربوليت بيروت للروم الأرثوذوكس المطران الياس عودة.

ويقول عضو المجلس السياسي في حزب الله (مسؤول الملف المسيحي) الحاج غالب أبو زينب في تناوله لزيارة وفد حزب الله الذي ترأسه نائب الأمين العام سماحة الشيخ نعيم قاسم للكاردينال صفير، "ان المناخات الايجابية التي تكونت في الفترة الأخيرة بدءاً من موقف الفاتيكان أو الكنائس العالمية ووصولاً الى موقف البطريرك من العدوان الاميركي، كلها ساهمت بضرورة ان يكون هناك تحرك للتأكيد على هذه التقاطعات وللرؤية المشتركة للأمور".

يضيف "المسألة تتعدى أن تكون مسألة ظرفية الى نشوء تيار في العالم يناهض وجود احادية اميركية في السيطرة وممارسة نوع من الأمبراطورية القاتلة لدى الادارة الاميركية".

ويلفت أبو زينب الى أن هذه النزعة الشرسة تفترض تعبئة كل الاتجاهات التي تؤمن بذلك، ولبنان جزء من هذا الوضع العالمي القائم، لذلك نحن نحاول التأكيد على وحدتنا الوطنية وتمتينها وتشخيص الأخطار المحدقة التي تتأتى من احتلال العراق والأهداف المبيتة لما بعد العراق.

ويؤكد أبو زينب أن هناك توافقاً في وجهات النظر في هذا الاطار مع المرجعيات الروحية ومنها البطريرك صفير، وهو أمر هام يشير الى مدى الفهم العميق لدى القيادات اللبنانية للأهداف الاميركية من وراء هذا العدوان. وقد ساد اللقاء مع صفير ارتياح كبير وود عميق وتأكيد على أهمية استمرار الحوار وتكثيفه بين بكركي وحزب الله، ولذلك جرى التوافق مباشرة خلال اللقاء على تشكيل لجنة تضم رئيس الرابطة المارونية حارس شهاب والحاج أبو زينب.

ويعتبر أبو زينب ان هناك مؤشرات عديدة على تطور العلاقة بين حزب الله وبكركي، فالبطريرك بادرنا بالثناء على المواقف التي أطلقها الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في يوم العاشر من محرم لجهة دعوته الى عدم استعمال مصطلح "الحرب الصليبية" في وصف العدوان الاميركي على العراق،اضافة الى تأكيده أننا في مركب واحد، وأن أي شيء يصيب اي فريق سيصيب كل اللبنانيين، مشيراً الى أن هناك تطوراً أيضاً على مستوى التعامل مع الأحداث، فكلام البطريرك كان واضحاً لجهة تحديد الأولويات والمخاطر التي تترتب على الاحتلال الاميركي وتستدعي تأجيل الملفات الداخلية، وهو ما يعني ان الملفات التي كانت موضع توتر للساحة الداخلية لن تعود في الحد الأدنى في المدى المنظور كذلك.

من جهته يرى مسؤول الملف الاسلامي في المجلس السياسي لحزب الله فضيلة الشيخ محمد كوثراني أن اللقاءين اللذين جمعا وفد حزب الله بمفتي الجمهورية ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى كانا ايجابيين لدرجة كبيرة.

ويعتبر كوثراني ان اللقاء مع سماحة الشيخ قباني كان حاراً، وكان هناك اتفاق كامل على وجهات النظر في ما يخص التطورات في المنطقة.

وقد عبر سماحته عن تشخيص دقيق للوسائل التي يمكن ان تتبع لمواجهةهذا الخطر الداهم.

ويعتبر كوثراني ان سماحة المفتي قباني هو رمز يمثل المسلمين، ورؤيته وقناعاته لها أثر كبير تنسحب على المسلمين عموماً، وهو رأس الطائفة السنية الكريمة في لبنان، وصوته مسموع ورؤيته مؤثرة على جميع اللبنانيين.

وحول اللقاء مع سماحة المفتي قبلان، يقول كوثراني ان التواصل هو بشكل دائم مع سماحته.

ويعتبر ان المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى صرح كبير من صروح المسلمين وأساس في بنية لبنان الدينية والسياسية لذلك لا بد من الوقوف عند رأيه في أي تحرك سياسي.

وإن كانت الظروف السياسية تستدعي دائماً الحوار مع الأطراف اللبنانية والمرجعيات الدينية والسياسية فإن هذا التحرك هو في الاطار نفسه "ولا يظن أحد أننا تحت ضغط ما أو يتملكنا هاجس الخوف من المستقبل، على العكس اننا واثقون من خياراتنا ومن جهوزيتنا لمواجهة كل التحديات".

ويقول الشيخ كوثراني "أما تحركنا فهو انسجام مع سياستنا الثابتة والدائمة، ولمواجهة الاستحقاقات القادمة موحدين غير مشتتين".

أمير قانصوه