حزب الله يواسي ويتضامن مع الشعب العراقي باستشهاد الشهيد آية الله محمد باقر الحكيم:
دماؤه طريق لوعي الأمة ووحدتها ورفع الروح الجهادية في وجه المحتلين
 


اعتبر الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أنه باستشهاد آية الله محمد باقر الحكيم "فقدنا وخسرنا عالماً ربانياً وفقيهاً كبيراً"، "كان ضمانة وطنية عراقية وضمانة إسلامية كبرى". مشيراً إلى أن منطق الشهيد الحكيم كان منطقاً وطنياً قومياً إسلامياً إنسانياً، حريصاً على وحدة العراق وتماسكه، ويدرك حقيقة المشروع الأميركي والمشروع الإسرائيلي اللذين يستهدفان العراق .
واستبعد سماحته في مجلس عزاء أقامه في قاعة سيد الشهداء (ع) أن تكون عملية اغتيال الشهيد عملية فردية، مؤكداً وجود جهة مقتدرة تملك امكانات. ورأى أن فرضية ضلوع جماعة صدام حسين منطقية جداً، وكذلك فرضية العمل الصهيوني لم نستبعدها، وفرضية ثالثة تقول ان بعض الذين اعتقلوا على ذمة التحقيق ينتمون إلى تنظيم القاعدة. مشيراً إلى أن هذه الفرضية هي الأخطر، لأنها تفتح الأبواب أمام أميركا و"إسرائيل" لضرب هذه الأمة. ودعا المسلمين إلى محاصرة الفتنة وقطع يد ولسان كل من يثيرها، سواء كان سنياً أو شيعياً. وطالب بالوقوف بشدة وحزم في مواجهة الاتجاه التكفيري، لأنه اتجاه تدميري يسقط كل المحرمات.
وقال سماحته: نلتقي هنا للتعبير عن المواساة والتضامن مع الشعب العراقي في فاجعته وخسارته التي هي فاجعة الأمة وخسارتها، وللتعبير عن التضامن أيضاً. نحن فقدنا وخسرنا عالماً ربانياً وفقيهاً كبيراً قضى عمره بالتعلم والتعليم والتدريس وتربية العلماء والمفكرين والمثقفين، ومن بين تلامذته سماحة سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي عندما كان طالباً للعلوم الدينية في النجف الأشرف. خسرنا مفكراً مطلاً على القضايا الفكرية والثقافية وكاتباً ومحققاً ومؤلفاً فيها، فهو الفقيه ابن عصره وجيله ومعركته الحضارية التي كان فيها منذ نعومة أظفاره(..).
منذ البداية كان في هذا النضال، وتحمل المسؤوليات وصولاً إلى مرحلة التصدي الحقيقي للقيادة الدينية السياسية للشعب العراقي في مرحلة هي من أعقد وأصعب مراحل صراع هذا الشعب. نحن أمام الفقيه المفكر المجاهد القائد الذي لم يتخلَّ عن مسؤوليته في يوم من الأيام، وفي نهاية المطاف أمام الشهيد الذي طالما حلم بهذا الموقع وبهذه الدرجة، ولطالما مشى إليها بقدميه وعشقها بقلبه وتطلع إليها بعينيه(...). السيد الشهيد ذهب إلى النجف وفي قلبه وعقله الشهادة.. يكفي أن ندقق في بيان سماحة الإمام القائد السيد الخامنئي دام ظله الشريف في بيان النعي، وهو الذي عايش السيد الشهيد باقر الحكيم أكثر من عشرين عاماً ويعرفه شخصياً، يعرف كيف يفكر، ما هي استراتيجيته وأهدافه.
دعم المقاومة والانتفاضة
وأكد السيد نصر الله أن "السيد الشهيد كان في صلب الصراع مع العدو الإسرائيلي، وكان حاضراً للمساهمة الميدانية في هذه المعركة برغم انشغالاته بتحديات الساحة العراقية. وهو طلب أكثر من مرة في لقاءات خاصة أن يشارك شباب عراقيون في ساحة المقاومة في لبنان، لكن ظروفنا وتوجهنا السياسي وقرارنا السياسي كان لا يسمح بذلك، لا بالنسبة الى الإخوة العراقيين ولا بالنسبة الى غيرهم بسبب ظروفنا في لبنان وتعقيدات الساحة اللبنانية.
وفي موضوع الانتفاضة في فلسطين كان موقفه ورؤيته واستراتيجيته حاسمة وقاطعة، وهو من أبناء وفقهاء ذلك الخط الذي يقول إنه يجب أن تزول "إسرائيل" من الوجود، وإن "إسرائيل" غدة سرطانية وشر مطلق.. إذاً، أن يصبح هناك فقيه وعالم يحمل هذه العقلية وهذا الخط وهذا المبدأ في العراق وله موقع متقدم جداً في الساحة العراقية، بالتأكيد هو أمر خطير جداً بالنسبة الى المشروع الصهيوني والأميركي في المنطقة.
وأضاف: سماحة السيد القائد يصفه ويقول إنه "سد منيع في وجه الاحتلال للعراق وعقبة كأداء". بعض الناس لم يفهموا هذا، وبعض الناس لن يفهموا هذا. ولكن سماحة السيد القائد هو أعرف الناس باستراتيجية السيد الحكيم الحقيقية، بماذا يفكر وكيف يخطط وما هو هدفه وإلى أين يريد الوصول في الحقيقة؟
السيد الشهيد كان ضمانة وطنية عراقية وضمانة إسلامية كبرى، وهذا ما لا يعرفه الكثيرون أيضاً.
قبل سقوط النظام وبعده، وفي بعض مؤتمرات المعارضة، تم الحديث عن نظام ما بعد صدام حسين، بدأ الحديث عن حصص، وقيل إن "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق" يطالب بحصة 60% لأن الشيعة في العراق في اعتقاده هم 60%.. وطبعاً هذا أدخل الساحة العراقية إلى الحديث عن الحصص، حصة الشيعة وحصة السنة العرب وحصة الأكراد.. فأرسلنا إلى سماحته أن هذا الخطاب عن نسب مئوية سيدخل العراق إلى نظام طائفي ومحاصصة طائفية جربناه في لبنان وهو مصيبة, نرجو أن لا تسمحوا بتكرار تجربة لبنان الطائفية في العراق.. تحدثوا عن نظام ديمقراطي يمثل إرادة الشعب، رئيس جمهورية يختاره الشعب، برلمان يختاره الشعب.. سماحة السيد أرسل لنا يقول: هذا الخطاب الذي تطلبونه أنتم وبعض الإخوة اللبنانيين والفلسطينيين هو خطاب جميل وجيد وصحيح، ولكن هذا لا يطمئن بقية الشعب العراقي.. هذا هو الذي يثير مخاوف السنة في العراق كمذهب آخر، ويثير مشاعر الأكراد كقومية أخرى". ويضيف الشهيد الحكيم: "الناس لا يعرفون ويحاسبوننا على ما لا يعرفون، إذا وقفت أنا السيد الحكيم وقلت أريد في العراق نظاماً ديمقراطياً انتخابياً يعبّر عن إرادة الشعب، سوف يقف الكثير من الأكراد والسنة في العراق ليقولوا: هذا خطاب يخفي وراءه مشروع سيطرة شيعية على العراق، مشروع حكم شيعي في العراق".. هناك من يقول ان الشيعة في العراق كما ذكر السيد الحكيم ليسوا 60%، بل هم 70%، لأنه كذلك في الأكراد يوجد شيعة وفي التركمان يوجد شيعة، فإذا أخذناها شيعة وسنة فسوف تصل النسبة إلى 70%.. "الخطاب الديمقراطي العددي هو ما يخيف بقية العراقيين، لا يطمئنهم, نحن في مرحلة يجب أن نطمئن فيها كل مكونات الشعب العراقي". من لا يعرف هذه الخلفية سوف يتهم السيد الحكيم بأنه طائفي، وبأنه لا يفكر إلا بحصة الشيعة. وهو لم يكن يفكر بهذه الطريقة، كان يفكر بخلفية وطنية.. وكان من حقه الطبيعي أن يتحدث عن نظام ديمقراطي عددي يأتي به هو رئيساً للجمهورية، ويأتي بمن يريده رئيساً للوزراء، ويأتي بأغلبية ساحقة في المجلس النيابي وتؤدي إلى سيطرة شيعية على النظام السياسي في العراق، ولكن السيد الحكيم وإخوانه لم يتعاطوا مع هذا الأمر كفرصة كما قد يفكر أو يتعاطى البعض، وإنما كان هاجسهم دائماً كيف نصل إلى تشكيلة نظام سياسي تعبّر عن مكونات الشعب العراقي وتطمئن كل القوميات وكل الطوائف في العراق.. ألا يشكل هذا العقل ضمانة وطنية؟ ألا نسمع أحياناً من داخل العراق بعض الأصوات التي تقول نحن أغلبية ونريد أن نحكم في العراق بعد أن حُرمنا عقوداً بل قروناً من الزمن من حكم العراق؟ أليس من حق البعض أن ينطق بهذه اللغة في عالم يتحكم فيه الاستبداد والديكتاتورية ولا يطمئن فيه أحد لأحد؟ ولكن منطق السيد الشهيد الحكيم كان هو هذا المنطق الوطني القومي الإسلامي الانساني الحريص على العراق ووحدته وتماسكه، لأنه كان يدرك حقيقة المشروع الأميركي والمشروع الإسرائيلي الذي يستهدف العراق، وهو في الحقيقة مشروع تفتيتي. الأميركيون لا يريدون عراقاً واحداً، إنما يريدون عراقاً ممزقاً مفتتاً مقسماً، وعلى شاكلته يريدون أن يرسموا الخارطة السياسية للمنطقة. أما الإسرائيليون فلا يريدون العراق فقط ممزقاً إلى دويلات وإلى طائفيات، وإنما يريدونه مدمراً ومحروقاً ومقتولاً، لأن لـ"بني إسرائيل" ثأراً تاريخياً في العراق وفي بابل، وهذا موجود في كتبهم ومقالاتهم. في مواجهة هذا المشروع، من الأصدق والأعقل والأخلص والأوفى؟ هل الذي يأخذ الأمور إلى التخريب والتدمير والتفتيت كما تريد أميركا و"إسرائيل"، أم الذي يريد أن يبقي العراق واحداً موحداً متماسكاً شعبه بكل انتماءاته الطائفية والدينية والقومية؟ هذه هي الضمانة التي كان يشكلها السيد الحكيم.
الفتنة الطائفية
وتابع: "قبل أسابيع قليلة أرسل الي سماحة السيد الحكيم من خلال أكثر من قناة وواسطة، أن هناك من يعمل لفتنة سنية ـ شيعية في العراق.. ـ وأنا عندما تكلمت في بلدة جبشيت كنت أستند إلى هذا التقييم من سماحة السيد الحكيم ـ وقال: أنتم في حزب الله لكم علاقات جيدة مع العلماء ومع الحركات الإسلامية السنية، نحن حاضرون للعمل وللتواصل وللتلاقي من أجل قطع الطريق على هذه الفتنة التي تخدم أميركا و"إسرائيل"، ونحن جاهزون لكل ما يطمئن بقية إخواننا في العراق، وإلى ما يطمئن حكومات الجوار وشعوب الجوار. السيد الحكيم كان يخشى أن تكرر بعض حكومات المنطقة وشعوبها الأخطاء التاريخية التي ارتكبتها عندما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران وأعلنت الحرب عليها ودمرت مقدرات هذه الأمة لمصلحة أميركا و"إسرائيل"، وكان صدام حسين رأس الحربة في هذه المعركة.. ولذلك لو فهمنا هذا الموقع وبما يمثل، من ابن لمرجع عظيم وكبير، لبيت مرجعي، وبما يمثل من مناضل ومجاهد له كل هذا التاريخ، ومن موقع ومن قدرة نستطيع أن نلتقط بعض الجوانب التي تقاطعت لحذفه ولشطبه.

وتوقف السيد نصر الله عند حادثة التفجير، مؤكداً أنها "لا يمكن أن تكون فعلاً فردياً من الناحية التقنية، في أقل التقديرات هناك حديث عن سيارة أو سيارتين وما لا يقل عن 500 كيلو من الـ"تي أن تي"، ما يعني أن هناك تشكيلاً أمنياً عمل على هذه العملية التي تحتاج إلى استطلاع ونقل وخبراء متفجرات وإمكانات وقيادة وإدارة.. ولذلك من المقطوع به أن هناك جهة تقف خلف هذه الحادثة، وهي جهة مقتدرة تملك إمكانات. الحديث عن عمل فردي من هنا أو هناك هو سخافة وجهل في الحقيقة. لكن من هي هذه الجهة المقتدرة التي تقف خلف الحادث؟ بطبيعة الحال عندما لا نملك المعلومات القطعية، ستكثر التحليلات، وستأخذ هذه التحليلات مناحي مختلفة. وهنا، كما كنت في كل مناسبة أقول ان لوسائل الإعلام مساهمة خطيرة وكبيرة، وبالتالي نحن هنا أمام مشكلة ومأزق، حتى الإخوة في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق لم يعلنوا بشكل قاطع عن الجهة التي تقف خلف هذا العمل. طبعاً منذ اللحظات الأولى بعض وسائل الإعلام أراد أن يأخذ الأمور باتجاه صراع شيعي ـ شيعي هو أصلاً غير موجود، وبعضها يريد أن يأخذ الأمور باتجاه صراع سني ـ شيعي، وأنا أؤكد أنه ليس موجوداً في العراق. وبدأت الأمور تحوّل بطريقة خطيرة جداً، وبالتأكيد كانت بحاجة إلى تدارك سريع.
وعرض سماحته لفرضيات حول الجهة الفاعلة قائلاً: من جملة الفرضيات التي أول ما قفزت إلى ذهن الإخوة في المجلس الأعلى والإخوة في العراق عموماً، أنهم جماعة صدام حسين ـ من نفّذ المجزرة ـ طبعاً هذه فرضية منطقية جداً بمعزل عن الدليل، وتستند إلى ماضي وتاريخ وقواعد ومنطق، لأن الذي جرى هو أمر مركّب: المكان، يعني الذي فعل ما فعل ليس لديه حرمة لهذا المكان، يعني مرقد أمير المؤمنين (ع)، وليس لديه حرمة لهذا الزمان، الجمعة وصلاة الجمعة، وهو حاضر من أجل أن يقتل قائداً كالسيد الحكيم أن يقتل معه المئات.. إذاً نحن أمام جهة لا تحترم لا دماً ولا بشراً ولا ديناً ولا مكاناً ولا زماناً.. وأمام جهة لديها تاريخ حافل في قتل القيادات.. هذه الجهة بالكامل تنطبق على صدام حسين وجماعته. ولو كانت هذه الفرضية صحيحة وهي حتى الآن هي الأقوى بحسب منطق الأمور، فهذا أمر روتيني وعادي. صدام لم يأتِ بجديد، وإنما كرر حروبه ومجازره السابقة، وبالتالي لن نكون أمام تداعيات خطيرة كما حاولت بعض وسائل الإعلام أن تأخذ الأمور إلى صراع شيعي ـ شيعي أو إلى صراع شيعي ـ سني، والكل يعرف أن شيعة العراق وشيعة العالم لم يحمّلوا في يوم من الأيام إخوانهم السنة لا في العراق ولا في العالم مسؤولية جرائم صدام حسين، لأن جرائم صدام حسين كانت تطال الشيعة والسنة، ولأن الذين قتلوا في حلبجة لم يكونوا شيعة، وإنما كانوا سنة، ولذلك لو كان صدام هو الفاعل فالمسألة هي خارج دائرة أي توظيف لصراع طائفي أو مذهبي من هذا النوع.
وهناك فرضية أخرى وجدت أن البعض يستبعدها، وإن كانت بعض الجهات الموثوقة التي تملك معطيات أمنية وقراءات أمنية لما يجري في العراق تؤكد هذه الفرضية بقوة، وهي فرضية العمل الإسرائيلي. أنا أقول للإخوة في العراق: لا تستبعدوا هذه الفرضية، دققوا وابحثوا فيها. الإسرائيليون لأكثر من سبب وسبب من مصلحتهم في سياق مشروعهم قتل هذه القيادات التي تشكل فعلاً، ويمكن أن تشكل في المدى القريب أو البعيد وعلى المستوى الاستراتيجي، خطراً على "إسرائيل". ماذا يعني أن تأتي يوماً من الأيام مجموعة أو قيادة كالسيد الشهيد الحكيم هي التي تحكم العراق؟ أين سيكون العراق في الصراع العربي ـ الإسرائيلي؟ عراق السيد الحكيم وإخوته ورفاقه هو العراق الذي ينصر حقيقة الشعب الفلسطيني، وليس عراق صدام حسين الذي دمّر إيران والعراق من أجل عيون أميركا و"إسرائيل".. لن يكون عراق صدام حسين الذي غزا الكويت ومزّق الأمة بغزوه لها.. لن يكون عراق صدام حسين الذي ألحق أفدح الأضرار التاريخية بالقضية الفلسطينية وبالشعب الفلسطيني. ولذلك من المنطقي جداً ومن الطبيعي جداً أن يذهب الصهاينة إلى العراق وهم موجودون فيه، جنرالاتهم العسكرية وكذلك موسادهم موجود، وأيديهم تصل إلى كل مكان يمكن أن تصل إليه اليد الأميركية.
ضرب الأمة بعضها ببعض
وأضاف: "من جملة الفرضيات التي أريد أن أقف عندها وهي حساسة جداً، وهي عندما قِيل في وسائل الإعلام انه اعتقل بعض الأشخاص ـ ونحن حتى الآن لا ندري النتيجة القطعية ـ وإن هؤلاء اعترفوا بمشاركتهم في التفجير وبأنهم إسلاميون متشددون أو سلفيون، أو أنهم ينتمون إلى تنظيم القاعدة. وهذه أخطر فرضية يمكن أن يفترضها الإنسان. هذه الفرضية عُمِل على تسويقها بشكل كبير جداً، وأنا لا أعلم هل هي صحيحة أم غير صحيحة، لكنها خطيرة جداً. هذه الفرضية هي التي تفتح الأبواب أمام أميركا و"إسرائيل" لضرب هذه الأمة، وهنا تترتب مسؤوليات كبيرة جداً.
أنا أقول من خلال جو الأيام القليلة الماضية والشحن الإعلامي والشحن الطائفي، تترتب اليوم مسؤوليات على علماء الإسلام في كل العالم الإسلامي من السنة والشيعة، وعلى الحركات الإسلامية السنية والشيعية. على الجميع أن يدرك أن الأفق الوحيد أمام السيطرة الأميركية على العراق وبقاء الأميركيين فيه والأمل الوحيد لسيطرة أميركا على المنطقة لعقود ولأجيال هو ضرب الأمة في مسألة الشيعة والسنة والإسلام.. هذا هو أخطر تهديد يواجه الأمة من قبل أميركا، ووحدة الشيعة والسنة هي أكبر تهديد يواجه المشروع الأميركي ـ الصهيوني الجديد في المنطقة. مسؤولية الجميع أن يقفوا وينطقوا بالحق.. لا يجوز أن يتردد أحد في اتخاذ الموقف عندما يتطلب الأمر أن نتخذ موقفاً.. المسألة هنا ليست مزاج فلان أو فلان ورغبات الجهة الفلانية أو الفلانية، نحن هنا نتحدث عن مصير أمتنا ومنطقتنا وشعوبنا وأجيالنا وأولادنا ومقدساتنا، والكل يجب أن يتحمل المسؤولية. هذا يدعونا في العالم الإسلامي والعالم العربي بشكل خاص إلى أن نضع أسساً للتعاطي مع أحداث مشابهة من هذا النوع، وفي مقدمتها محاصرة كل اتجاه للفتنة. كل من يعمل للفتنة ويثيرها بكلمة، بفعل، بطلقة رصاص، يجب أن يحاصر ويدان ويضرب على يديه، بل يجب أن تقطع يده ولسانه أيضاً أياً كان، سنياً أو شيعياً، لأن التسامح في هذا الأمر له مخاطر كبيرة جداً. عندما يصبح اتجاه الفتنة هو الذي يسيطر على المشاعر لن يبقى مكان لعاقل شيعي ولا لعاقل سني، سوف تصبح الساحة في يد "السي آي إي" و"الموساد" اللذين أقسم إنهما يخترقان بعض المجموعات التي ترفع شعار الإسلام وراية الإسلام من أجل ضرب المسلمين من داخل مجموعاتهم وتنظيماتهم ومؤسساتهم. أول أساس يجب أن نبني عليه هو محاصرة أي اتجاه للفتنة، وأي اتجاه يريد أن يثير هذا الصراع ولحساب أي كان.. هذا الاتجاه للفتنة فيه نوعان من الناس: العملاء الذين يعرفون ما يفعلون، والجهلاء الذين أعماهم الجهل والتحجر والعصبية. يجب أن نواجه العملاء والجهلاء معاً. وأول المواجهة الوقوف بشدة وبحزم أمام أي اتجاه تكفيري في وسط المسلمين، سواء كان هذا الاتجاه سنياً يكفّر بقية السنة ومعهم الشيعة وغيرهم من الطوائف، أو كان هذا الاتجاه شيعياً يكفّر السنة وغيرهم من المذاهب والطوائف. أي اتجاه تكفيري في الأمة هو اتجاه تدميري، لأنه يسقط كل الحرمات، ولا يبقي هناك حرمة لا للمسجد الحرام ولا لمسجد النبي(ص) ولا لمقام الإمام علي (ع) ولا لخليفة ولا لصحابي ولا تابع بإحسان.. هذا الاتجاه التكفيري لا يبقي حرمة لا لدم ولا لعرض ولا لمال ولا لمستقبل، وهو اتجاه شيطاني غرائزي متحجر لا يستند إلى أي منطق قرآني أو نبوي، لذلك يجب أن يواجه.. وحتى الذين ربوا ودعموا هذا الاتجاه بدأوا يعانون من ويلاته، ويجب عليهم أن يسارعوا ومعهم كل الأمة وكل العالم الإسلامي لمحاصرته(..). من واجبي أن أقف وأقول: يوجد اتجاه تكفيري في الأمة، ويمكن لهذا الاتجاه أن يرتكب فجائع من هذا النوع.. هذه الفجائع ارتكبت في أفغانستان بحق الشيعة والسنة باسم الإسلام والقرآن والنبي محمد (ص)، وارتكبت في باكستان.. إن الذي يسكت على مقتل المصلين في مسجد "كويتا" يشجع أيادي مشابهة لتقتل المسلمين في مرقد علي بن أبي طالب (ع). إذاً هذه مسؤولية كبيرة وخطيرة.
وأضاف: "من جملة هذه الأسس أن نتلاقى ونتعاون على ما يلي: عندما يكون الخطأ أو الجريمة من شيعي يجب أن تقف في وجهه كل الأمة، ولكن أولاً يجب أن يقف في وجهه الشيعة، مرجعياتهم، قياداتهم، حركاتهم، علماؤهم، نخبهم، مفكروهم، مثقفوهم، أحزابهم مسؤوليتهم أكبر. وكذلك عندما يرتكب هذا الخطأ أو الجريمة سني، فمسؤولية الأمة أن تقف في وجهه، ولكنها مسؤولية السنة بالدرجة الأولى، مسؤولية مرجعياتهم، قياداتهم، حركاتهم، علمائهم، نخبهم، مفكريهم، مثقفيهم، لأنه عندما يقف الشيعة في وجه المخطئ من الشيعة ويقف السنة في وجه المخطئ من السنة، نستطيع أن نعالج الأخطار ونبتعد عن الحساسيات والضغائن والأحقاد.
لا مستقبل لأميركا في المنطقة
هذه مرحلة مصيرية، لم يبقَ أمام الأميركيين والإسرائيليين أي أمل.. هذه الأمة نهضت.. هذه الشعوب استيقظت.. مستوى الوعي في هذه الأمة عالٍ جداً.. ومستوى الكراهية لأميركا و"إسرائيل" ليس له سابقة في تاريخ هذه الأمة.. والروح الجهادية في هذه الأمة ترتفع يوماً بعد يوم.. لا مستقبل لأميركا في العراق، ولا في المنطقة، ولا مستقبل لـ"إسرائيل" في فلسطين.. الأمور بطبيعتها تسير في هذا الاتجاه، لكن لو عرفنا كيف نحافظ على إيماننا ووعينا ووحدتنا وقدراتنا ونفَسنا الجهادي وروحنا الجهادية وحضورنا في الساحة. الذي يغير هذه المعادلة 180 درجة ويخدم سيطرة أميركا و"إسرائيل" هو أن نتنازع ونتقاتل ونتصارع، وهذا ما يجب أن نتجنبه. هذه هي المسؤولية اليوم أمام هذه الحادثة.. نحن نريد أن تكون دماء آية الله الفقيه المجاهد الشهيد السيد محمد باقر الحكيم (رضوان الله عليه) والعشرات من إخوانه الشهداء في النجف الأشرف، أن تكون هذه الدماء طريقاً لوعي الأمة ووحدتها ورص صفوفها، ولرفع الروح الجهادية فيها في وجه المحتلين ومشاريع الهيمنة الأميركية والصهيونية، وأي اتجاه آخر هو يخون هذه الدماء ويضيعها.. أياً يكن الذين قتلوا الشهيد السيد محمد باقر الحكيم، سواء كانوا صهاينة أو أميركيين أو منافقين أو جماعة صدام أو جماعة جاهلة متعصبة، أياً تكن الفرضية، يجب أن لا نحقق أغراض القتلة من القتل، وأن لا نحقق أهداف القتلة الذي يريدون لأمتنا أن تُفتتن وأن تتمزق وأن تتقاتل وتتصارع.. هكذا يكون الوفاء لدماء الشهيد السيد الحكيم والشعب العراقي، هنا مسؤوليته كبيرة والرهان عليه كبير.