التظاهرة الأكبر في تاريخ لبنان دفاعاً عن العتبات المقدسة في العراق
نصرالله: ليخرج الأميركيون من النجف وكربلاء ومحيطهما حتى لا تتطور الأمور إلى ما هو أخطر


يرفع كلتا يديه نحو جبينه العالي ليلقي التحية على الحشود التي لبت النداء، نداء الدفاع عن العتبات المقدسة في النجف وكربلاء، فيأتيه الرد سريعاً كالموج الهادر "لبيك يا حسين" "لبيك يا علي". صوت اهتزت له الضاحية الجنوبية مساء ذلك اليوم (الجمعة)، واهتز لها كل محب وكل موالٍ لذاك الطُهر الراقد في أرض الرافدين، الذي استباحت "رصاصات الأميركي الشيطانية" عتباته المقدسة.

نصف مليون شخص لبسوا الأكفان البيضاء، وعصبوا جباهم بشعارات قد ألِفوها وخبروها ورددوها بصدق. أرادها السيد ان تكون هذه المرة مدوية في سماء الضاحية التي أعطت الكثير ولَمّا تزل، وأرادها أيضاً لمن يقرأ في كتاب غير كتابه "إن قوة هذه المسيرة ودلالاتها أنها لا تنتمي إلى الاستعراضيين، ولا إلى المسرحيين، الذين يلبسون الأكفان الآن، ينتسبون إلى تاريخ الصدق، والجهاد، والإخلاص، والمقاومة".

"ينتزع" الوافدون من المناطق القريبة والبعيدة أكفانهم من أيدي الشبان الواقفين على المفارق وجنبات الطرقات، ليرتدوها على الفور، وينخرطوا في "السيل" الحسيني الذي اختنقت به شوارع الضاحية. فالأمر بالنسبة لهم لم يعد يحتاج لأي نقاش أو تلكؤ.. هناك مقدسات تدنس، وهناك مرقد الإمام علي وولده سيد شباب أهل الجنة الامام الحسين (ع) مشرّعة أمام أعداء الله والإنسانية..

النساء كما الرجال والشيوخ والأطفال انتظمن في "يوم الحشر"، الأبيض هذه المرة كان طاغياً لكن معانيه لم تختلف عن المسيرات العاشورائية التي عرفتها شوارع الضاحية فهي نتاج تلك العقيدة. تطل الرؤوس من فوق الأكفان البيضاء وعيونها شاخصة نحو السماء وقبضاتها تنبض أيضاً هتافات اهتزت لها الأبنية والشوارع فتجاوزت حيّزها المكاني لتصل إلى كربلاء والنجف وإلى البيت الأبيض، وكان النداء تلو النداء "يا علي... يا حسين".

فالسيد هنا أراد أن يوصل رسالة عبر هذا الحشد الذي تدافع حتى الاختناق، رسالة يفهمها القاصي والداني وقبل كل ذلك الأميركي الغاصب "من أن مسيرتنا هي دفاع عن العتبات المقدسة في كربلاء والنجف، وعن المراجع والمرجعيات الدينية في العراق".

 سيوف " ذو الفقار" كانت تلمع بألوانها الذهبية فوق الأكفان، فيما الحشود الضخمة التي احتشدت أمام مجمع سيد الشهداء حيث نقطة الانطلاق أُُُضرمت "النار" في حناجرها المشتاقة أصلاً إلى الحسين وأهل بيته(ع). شاب ثلاثيني اعتلى المنبر داخل المجمع، خطب فأجج  حماسة ملبي النداء إلى مسيرة الأكفان فكانت حماسة من نوع آخر، حماسة أرادها "السيد" هذه المرة أن تؤكد للملأ  انه "عندما يجد العدو أمة حية عازمة مصممة وشجاعة فهو لن يجرؤ على أن يمدّ يده على مقدس واحد، وبذلك نحمي المقدسات.."

.. صوت واحد خرج من الضاحية.. ولون واحد مشى من أمام المجمّع ليسلك الشارع الرئيسي في بئر العبد، فالشارع العريض في حارة حريك، الغبيري، المشرفية وصولاً الى جادة السيد هادي نصرالله وعبرها إلى ملعب الراية في محلة الصفير حيث المحطة الأخيرة.. هناك استراح الهاتفون ورافعو الرايات الصفراء والخضراء التي ذيلت بعبارات "يا حسين... يا أبا الفضل"، وهناك انتظم "الكربلائيون" و"النجفيون" متلاصقي المناكب وعيونهم تنشد رؤية "السيد" من بين الأمواج "البيضاء" المتلاطمة بين "ضفتي" ملعب الراية... أطلّ السيد عليهم من المبنى المقابل لهم وهتفوا مجدداً وصرخوا "لبيك يا حسين، لبيك يا نصر الله".. وما ان يهدأوا حتى يشعلها صاحب العمامة السوداء "بالموت لأمريكا.. بالموت لإسرائيل".

 

استهل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كلمته بشكر العلماء وكل الذين شاركونا مسيرتنا المباركة سائلاً الله تعالى أن يتقبل منهم جميعاً تلبيتهم لهذا النداء الأهلي في الدفاع عن دينه وأوليائه ومقدساته وعباده الصالحين. وقال "ليس غريباً أن تلبوا هذا النداء، وأنتم الذين أثبتّم خلال أكثر من 20 عاماً وبشكل متواصل حضوركم في الساحة وجهادكم ومقاومتكم. هذه ليست المرة الأولى التي نلبس فيها الأكفان. لقد لبسنا الأكفان عام 1982 وقاتلنا الدبابات والترسانة العسكرية الإسرائيلية الأميركية باللحم العاري والقبضات العزلاء وبالإيمان الكبير. اليوم نعيش أجواء انتصار المقاومة في لبنان التي صنعتموها أنتم بأكفانكم، بدماء شهدائكم وأبنائكم وعلمائكم، بصبركم ومعتقليكم وبجرحاكم وعذابات الأسرى، بصبركم، ببيوتكم المهدمة، وصبركم عند المجازر في قانا وسحمر وصبرا وشاتيلا وغيرها. نحن لبسنا الأكفان منذ عشرات السنين من أجل لبنان والقدس. وها نحن اليوم نلبسها من أجل العراق وشعبه والعتبات المقدسة، ومن أجل علي والحسين وأبي الفضل العباس (ع) وكل مقدس في هذه الأمة.

لما قيل ويمكن أن يقال، أريد أن أقول نحن نلبس الأكفان ليس من أجل صنع الموت ومن أجل الظلام، نحن نلبس الأكفان لنصنع الحياة الكريمة ونصنع الانتصار بالشهادة ونصنع النور بالدماء الحمراء. نلبس الأكفان لنهب الحياة لمن يريدون أن يسلبوهم الحياة. نحن نعرف أننا في عالم لا تصنع فيه الحياة بالسكوت والقعود والخوف والذل، وإنما بالجهاد والشهادة والأكفان والتضحية وبالاستعداد الدائم لتلبية نداء الحسين (ع).

إن قوة هذه المسيرة ودلالتها التي تلبس الأكفان هنا، أنها لا تنتمي إلى الاستعراضيين ولا إلى المسرحيين. نحن في مسيرتنا هنا آباء الشهداء وأمهاتهم وأيتامهم وزوجاتهم والجرحى والأسرى المحررون. في مسيرتنا هنا العائلات المضحية والمجاهدون. إذاً الذين يلبسون الأكفان في بيروت هم قوم ينتسبون إلى تاريخ الصدق والإخلاص والجهاد والشهادة والبذل والجود بالنفس وبالأهل وبالمال والولد في سبيل ما نؤمن به. لذا رسالة الأكفان هنا في بيروت في أيار/ مايو 2004 هي رسالة قوية للأميركيين، إنكم هنا تسمعون الصراخ والتنديد وترون غضب وسخط الرجال والنساء الذين هزموا "إسرائيل" وطردوها وأذلوها وما زالوا يواجهونها ويطردونها ويذلونها.

اليوم، مسيرتنا مسيرة الجهاد والشهادة والغضب هذه، هي دفاع عن العتبات المقدسة في كربلاء والنجف، وهي دفاع عن القدس والمسجد الأقصى.

نحن طوال السنين الماضية منذ أن عرفنا الإمام الخميني (قده) نحيي في كل آخر يوم جمعة من شهر رمضان من كل عام يوماً للقدس، وكنا نقول في يوم القدس كما قال إمامنا الخميني إن يوم القدس هو يوم كل المقدسات، هو يوم الإسلام والأمة والمظلومين. اليوم الدفاع عن العتبات المقدسة في كربلاء والنجف هو دفاع عن القدس وعن كل مقدس في هذه الأمة. الأمة عندما تسكت على الاعتداء على مقدس من مقدساتها، سيعتدي على بقية مقدساتها. إذا دمر مقدس سيدمر مقدس آخر، سيكتشف العدو أن هذه الأمة لا حياة فيها، فلندمر عتبة مقدسة هنا ومسجداً مقدساً هناك ولنستبح الحرمات هنا والكرامات هناك، فهو يواجه أمة ميتة، أمة لا تغار ولا تملك حمية ولا شهامة ولا شجاعة. أما عندما يجد أمامه أمة حية عادلة ومصممة وشجاعة فهو لن يجرؤ على أن يمد يده على مقدس واحد، وبذلك نحمي كل المقدسات. اليوم مسيرتنا هي للدفاع عن العتبات المقدسة في النجف وكربلاء وهي أيضاً دفاع عن المراجع والمرجعيات الدينية في النجف وكربلاء والعراق، وعن الذين يجب أن يدافع عنهم وأن يحفظوا وأن يحموا من أن يمس أحدهم بسوء، وأن تحمى كراماتهم ومكانتهم وموقعهم التاريخي والديني والوجداني في هذه الأمة.

اليوم مسيرتنا للدفاع عن كل المجاهدين في العراق، عن كل عالم وتيار ومجموعة وفئة وفرد يدافع عن العراق وعن المقدسات ومستقبل هذا البلد وهذا الشعب. مسيرتنا اليوم هي للدفاع عن كل حبة تراب في العراق وعن كل مدنها من النجف إلى كربلاء إلى الفلوجة إلى القائم إلى بغداد إلى البصرة وصولاً إلى رفح وحي الزيتون وغزة وإلى كل موقع فيه صراع بين المقاومين والمحتلين. عنوان مسيرتنا هو عنوان الدفاع عن البقية الباقية من الصمود والمقاومة في هذه الأمة، من فلسطين إلى لبنان إلى سوريا والعراق وإيران على امتداد عالمنا العربي، إلى كل القوى الحية والتيارات الحية التي ما زالت ترفض الاستسلام..

اليوم في العراق، ما نطالب به هو أن تدافع الأمة عن العراق كله وشعب العراق كله، عن فئات الشعب العراقي بأكملها وعن المقاومة بكل أشكالها في العراق. وأعود وأقول نحن لا نتدخل في تفاصيل المقاومة، من يقاتل ومتى وكيف يقاتل وأين يقاتل، هذا شأن عراقي داخلي. أما أصل المقاومة وأصل الصمود عدم تسليم أمن المقدسات للاحتلال والهيمنة الأميركية والمشروع الأميركي ـ الصهيوني، هذا أصل يجب أن نتضامن معه جميعاً. أما في ما يعني النجف وكربلاء، نقول يجب أن تبتعد قوات الاحتلال عنهما كي لا تمس المقدسات بسوء، ولكن هذا لا يعني أننا نختصر القضية في العراق بالنجف وكربلاء. العراق كله محتل وشعبه كله تحت الاحتلال، مستقبل العراق مهدد، نفط العراق منهوب، خيرات العراق مسلوبة، كرامات العراقيين منتهكة في سجن أبو غريب وغيره، حتى لا يستطيعون أن يقيموا عرساً في القائم فتقصفهم الطائرات وتقتل العشرات، وندعو إلى خروج القوات الأميركية من النجف وكربلاء ومحيطهما حتى لا تتطور إلى ما هو أخطر وأبعد وأعظم.

اليوم يجب أن نفهم جيداً أن المعركة واحدة والعدو واحد ونواجه معسكر واحداً هو المعسكر الأميركي ـ الإسرائيلي الذي يجمعه الصهيونية في أميركا والكيان الإسرائيلي. اليوم الطائرات التي تقصف في العراق وفلسطين ولبنان هي نفسها. الدبابات والقذائف والثقافة هي نفسها، هم أنفسهم الذي يقتلون في القائم والنجف ورفح، وسائل التعذيب وطريقة التعاطي مع المعتقلين والأسرى وانتهاك كراماتهم هي نفسها، وقتل الأطفال والنساء والشيوخ والاعتداء على المقدسات هي نفسها. وبالتالي يجب أن ندرك أننا نواجه معسكراً واحداً، ولذلك يجب أن نكون جميعنا معسكراً واحداً من فلسطين إلى لبنان إلى العراق وإلى كل مواقع الصمود والحياة في هذه الأمة. نفس هذا المعسكر الذي يقتل ويقصف هو الذي يفرض العقوبات على سوريا ويهدد إيران ويتوعد لبنان ويغطي جرائم "إسرائيل" ويضع المقاومين الشرفاء على لوائح الإرهاب. ولذلك يجب أن نكون واضحين ونعبر عن فهمنا للمواجهة بين المعسكرين، وفي تشخيص الأعداء، وأن تكون معركتنا مع هؤلاء الأعداء. يجب أن يكون صوتنا واضحاً ومدوياً كما كان طوال المسيرة. هناك معسكر واحد اسمه أميركا و"إسرائيل"، ونقول لهذا المعسكر: الموت لأمريكا.. ونقول لنفس القتلة في رفح والنجف وكربلاء والقائم: الموت لـ"إسرائيل".. نحن جميعاً في هذا المعسكر الواحد، طبعاً عندما ننفعل ونتحمس هذا لا يعني أن نتهور وأن نتيه ونضيع وأن نلقي أنفسنا كيفما كان. نحن أمة نريد أن ننتصر ولذلك عندما نواجه، نواجه بحماسة وبعاطفة وشجاعة وبعقل وحكمة ودقة أيضاً، ولا نعطي أي ذرائع للعدوان، ونعرف كيف نواصل هذه المعركة لتنتهي بهزيمة العدو وبانتصارنا، نتحمل عبء الدم والخسارة والتضحيات، وأؤكد أن تضامننا مع أهلنا في فلسطين ورفح وشعبنا في العراق لا يتنافى مع مصالحنا الوطنية، لأننا هنا لا نتظاهر، ولا نتحدى شركاءنا في الوطن، وإنما نتحدى أعداء وطننا وأعداء أمتنا الذين لو تمكنوا من القضاء على جزء من هذه الأمة سيواصلون القضاء على بقية أجزاء هذه الأمة.

إن ما نفعله اليوم للعراق وفلسطين، للنجف وكربلاء ورفح وغزة والقدس هو أضعف الإيمان، ويجب أن نعرف ذلك. وأقول لبقية شعوبنا العربية والإسلامية أنتم أيضاً مطالبون بأضعف الإيمان. إن وجودكم في الطرقات والشوارع، إن صراخكم وأصواتكم المدوية سوف تجعل أعداءكم يحسبون لخطواتهم ومجازرهم وجرائمهم كل حساب. نحن هنا، بقبضاتكم وحناجركم، نثبت خطنا وموقعنا وموقفنا ورؤيتنا من القدس إلى النجف، ليعرف الجميع أننا هنا أمة واحدة، ومقدسات واحدة ومعركة واحدة ودم ومصير وكرامة واحدة. البعض يريد أن يمزقنا ويفتتنا على المستوى الطائفي والمذهبي والقومي والعرقي وما شاكل. أقول لكم قضيتنا واحدة، الحدود والحواجز قد تؤثر على طريقة الأداء والسلوك والأعمال، ولكنها لا تغير المبدأ. نجن أمة واحدة يجب أن نتضامن دفاعاً عن كل مقدس وكل أرض محتلة وعن كل شعب مظلوم وشعارنا كما كان ما زال قبل وبعد عاشوراء، ولم يتغير. للقدس نقول: لبيك يا أقصى. وللنجف نقول: لبيك يا نجف. ولكربلاء نقول: لبيك يا كربلاء. أما عندما نختصر عناوين المظلومية والغربة والجهاد والشهادة والحصار والصبر والصمود يحضر رمز سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (ع) لنقول تحت رايته نحن لن نتخلى عن واجبنا وتكليفنا: اليوم هذا الذي قمنا به هو خطوة على طريق الدفاع عن العتبات المقدسة، وأي أمر آخر سوف يحدده تكليفنا ومسؤوليتنا سنقوم به بدون أي تردد مهما كانت التضحيات والحسابات. ليفهم الأميركيون أن الذين لبسوا الأكفان اليوم هنا من العلماء والرجال والنساء والصغار والكبار، هم ليسوا في موقع الاستعراض وإنما في موقع تجديد البيعة المحقة التي كنا نجددها في كل يوم مع الحسين، وترجمناها شهادة وجهاداً وقتالاً وانتصاراً. نحن هنا لا نقف لنقول للحسين (ع) من بعيد أقدِم إلينا نحن لك جند مجندة، ومن ثم نتخلى عنه.

نحن أمة نفهم ونعيش المعاناة في الداخل، نعرف معاناة المظلومين والمستضعفين والجائعين والفقراء والمحرومين ومشكلة الكهرباء والبنزين. وأعود أقول إن جزءاً مما يجري في الداخل اللبناني هو مؤامرة لكسر إرادة هذا الشعب المقاوم وارتهان هذا البلد للبنوك الدولية وللدول والمحافل الكبرى، هم يريدون أن يشغلونا بالجوع والعطش، بالضرائب والمشاكل الاجتماعية المعيشية، لنغرق في الشؤون الشخصية، ولكن نقول لهم تعلمنا من النبي (ص) والإسلام ومن أهل بيت رسول الله والسلف الصالح والصحابة ومن المسلمين الأوائل وآبائنا وأجدادنا، ومن قرآننا، أن الحياة ليست طعاماً وشراباً، الحياة  بالدرجة الأولى كرامة وشرف، وأن تعيش إنساناً وليس حيواناً ينتهك حرمتك وكرامتك وهويتك الآخرون. وبالرغم من كل مصائب الداخل سنبقى حاضرين في هذه المواجهة لندافع عن لبنان، وعن سوريا عندما تستهدف، نساند اخواننا في فلسطين، ندعم اخواننا في العراق، ونقف إلى جانب إيران بما نطيق ونستطيع. الأميركيون لا يعرفون ما معنى نداء: لبيك يا حسين. لبيك يا حسين يعني أنك تكون حاضراً في المعركة ولو كنت وحدك، ولو تركك الناس واتهمك وخذلك الناس، وأن تكون أنت ومالك وأهلك وأولادك في هذه المعركة، يعني أن تدفع الأم بولدها ليقاتل، وإذا استشهد واحتز رأسه وضعته في حجرها ومسحت الدم والتراب عن وجهه وقالت له راضية محتسبة بيّض الله وجهك يا بني كما بيّضت وجهي عند الزهراء (ع). لبيك يا حسين  يعني أن تأتي الأم والأخت والزوجة وتلبس ابنها وزوجها وأخاها لأمة الحرب، يعني أن تقدم زينب لأخيها الحسين جواد المنية والشهادة. ليفهم هؤلاء ما هو عنوان مسيرتنا الذي به بدأنا وعليه نعاهد عتباتنا المقدسة وكل مقدساتنا ومراجعنا العظام وكل علمائنا وكل المظلومين والمقاومين، ونعاهد شعوبنا وأمتنا وديننا وقرآننا ونبينا قبل كل ذلك، وبه نختم ليسمعه العالم على أمل إذا احتاجوا إلينا في ساحة أخرى لن نكون حملة الأكفان وفقط، وإنما سنكون حملة الأكفان والسلاح. لبيك يا حسين".