ارشيف من :نقاط على الحروف
وزير العدل ’فاتح دولة على حسابه’!
"احتراماً للدار التي تستضيفنا نعتذر عن مقدّمة حلقة الليلة بشأن "جمهورية الفشل" على أن نقدّمها الأسبوع المقبل". بهذا "الاحترام" اللامهني بدأ الاعلامي مارسيل غانم في برنامجه "كلام الناس" أمس حواره مع وزير العدل أشرف ريفي. لكن ريفي على يبدو لم يلتفت الى صفته "المسؤولة" التي دفعت غانم لتأجيل مقدّمته "الاستعراضية" حول اخفاقات الدولة. فتحدّث بلسان ميليشياوي ضيّق، مطلقاً خطاباً تحريضياً مقيتاً، واتهامات تارة بحق حزب الله وطوراً بحق سوريا وصولاً الى ايران. فهل يدرك الرجل أن موقعه كعنصر في حزب "المستقبل" يدين بالولاء الكامل لرئيسه سعد الحريري وربيبته السعودية، لا يخوّله اطلاق التصريحات "الزرقاء" من منصبه كوزير للعدل في حكومة توافق لبنانية؟
ريفي الفاقد لنسبة كبيرة من شعبيّته في الشارع "الطرابلسي" بعد دوره المعروف بتسليح قادة المحاور وتخليه عنهم لاحقاً اثر حصوله على جائزة التوزير، حاول شد عصب ما تبقى من جمهوره بأسلوب مبتذل. فأطلق العنان لخطاب عدائي في سياق حملة تحريض ليست جديدة ضد المقاومة. تناغمٌ كامل بين مقدّم البرنامج الذي تخلّى عن أسلوبه الهجومي الاعتيادي أمام ضيوفه، وبين ريفي. يسأل غانم بخبث "من هو الأخطر "داعش" أم حزب الله"؟ فيجيب الوزير الذي يجلس على طاولة واحدة في جلسات الحكومة جنباً الى جنب مع وزراء كتلة الوفاء للمقاومة "صورتان يشبهان بعضهما البعض". ويستطرد باستنتاج "خلّاق" استنبطه من "مخزونه" الثقافي التاريخي "حزب الله هو فكرة ايرانية توسعية كان هدفها أن تصل الى المياه الدافئة للبحر المتوسط". لا داع للانغماس بموجه ضحك طويلة. فالرجل يبدو جادّاً في طرح فكرته هذه.
وزير العدل أشرف ريفي
ينطلق ريفي في نظريّته حول "التشابه بين حزب الله وداعش" من قاعدة أن "كل فكر الغائي هو داعشي"، متهماً حزب الله برعاية الفكر الالغائي. اتهام يحض الذاكرة على الرجوع الى تاريخنا القريب، واستذكار حالة الشغب الميليشياوية التي أثارها عناصر وقياديو حزب "المستقبل" اثر تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة السابقة، و"الثلاثاء الأسود" يشهد للفكر الالغائي. الغاء برز كذلك حين عرقل ريفي وفريقه السياسي تشكيل الحكومة اللبنانية لأشهر عديدة رفضاً منه لمبدأ المشاركة في حكومة واحدة مع حزب الله. صيغت في وقتها جمل وقصائد مطوّلة حول الثبات على موقف الرفض، رفض الشراكة مع المقاومة. فمن هو الذي يحمل الفكر الالغائي؟ ومن هو "الداعشي"؟
راعي قادة المحاور في طرابلس، الذي موّل المسلّحين في المدينة من ميزانية قوى الأمن الداخلي، صنّف جرائم المجموعات الارهابية في لبنان في خانة "ردود الفعل"، متذرّعاً بقتال حزب الله في سوريا في وجه التكفيريين ليبرر الارهاب في وطنه، ومواصلاً بروباغندا "الجهاد والجهاد المضاد" التي تخلّى عنها أبرز من نادى بها سابقاً وهو النائب وليد جنبلاط.
الّا أن أخطر ما ورد على لسان الرجل - المفترض أنه يرأس وزارة العدل- هو اتهامه الواضح والصريح لحزب الله بعمليات اغتيال، فضلاً عن توجيه التهم لكل من سوريا وايران بتنفيذ مشاريع "عدائية" في لبنان. الخطير في الكلام ليس مضمونه بحد ذاته، لكن كونه يصدر اليوم عن وزير العدل في الحكومة. وزير من المفترض أنه يلتزم بسياسة الحكومة مجتمعة وبيانها الوزاري، ومسؤول عن المحافظة على القوانين وحسن تطبيقها. فكيف يصدر وزير للعدل في دولة ما التهم جزافاً بحق دول أخرى بهذه الخفّة؟ وهل يظن أن "غطاءه الأزرق" يعطيه الحق بتلفيق اتهامات بحق دول اقليمية لها دورها في المنطقة؟ وهل يدرك الوزير "الفذ" تبعات كلامه أو يزينه؟ أم أنه "فاتح على حسابه"؟