ارشيف من :نقاط على الحروف
15 عاماً.. متأخراً خيرٌ من أبداً
في الروسية مثل يقول: "Поздно лучше, чем никогда" وبالعربية : "متأخراً خيرٌ من أبداً".. ينطبق حال هذا المثل على الخطوة الاخيرة التي اتخذتها "الهيئة المنظمة لسلامة المواد الغذائية" الروسية أخيراً بإغلاق أربعة مطاعم تابعة لـسلسلة مطاعم "ماكدونالدز" على الأراضي الروسية.
يشكل الـ Fast Food نمط وثقافة حياة المجتمع الاميركي، وهو نموذج من نماذج الغزو الناعم للمجتمعات التي ترغب الولايات المتحدة الاميركية في الدخول إليها من دون استخدام القوة العسكرية، سواء لانتفاء القدرة أو لانتفاء الحاجة.
ويعتبر الاتحاد السوفياتي السابق واحداً من هذه المجتمعات، فبانتفاء القدرة العسكرية لاجتياح الاتحاد السوفياتي السابق من جهة، ومع الحاجة للدخول إلى هذا المجتمع لإيجاد قاعدة انطلاق لتنفيذ خطة تدميره كانت الوسيلة تغيير "نمط الحياة" عبر إدخال مجموعة من الادوات الناعمة.
جاء افتتاح فرع لسلسة مطاعم ماكدونالد في موسكو مترافقاً مع بدء اندلاع الاحتجاجات في الشارع يومها على سياسة إعادة البناء التي انتهجها الرئيس السوفياتي الاخير " ميخائيل غورباتشوف". ومن لطائف الأقدار أنني كنت حاضراً في الليلة الشهيرة ليلة اقتحام "الكرملين" في الساحة الحمراء.
في تلك الليلة ومع الاطباق الذي نفذته الدبابات على الكرملين وكانت عملية دك المبنى لفتح أبوابه عنوة، وبسحر ساحر حصل أمر ربما لن يصدقه أحد، ولكن على مرأى العين ومن عاش في موسكو في تلك الفترة يعلم ان المحلات والمخازن الكبرى والمطاعم كانت تقفل أبوابها في وقت محدد لم يكن يتجاوز الساعة الثامنة ليلاً.. لكن في تلك الليلة وبعد منتصف الليلة بساعة فتح "ماكدونالد" أبوابه لـ"الثوار" وبالمجان.
من جهة أخرى، كان معظم الطلبة اللبنانيين يعتمدون وسيلة لتحسين معيشتهم في تلك البلاد الباردة، وهي وسيلة سراويل "الجينز"..
كان الروسي مستعدا لدفع 20 دولاراً او ما يزيد بقليل مقابل سروال مدموغ بماركة "Levis".. في الوقت الذي كان الطلاب يحصلون عليه "شغل برج حمود" بمبلغ لا يتجاوز 3 إلى 5 دولارات.. وطبعاً ليس أميركي الصنع أو القماش حتى. لكن بالعودة إلى "نمط الحياة" كان هذا واحدا من تعابير تغلغل تلك الثقافة في شريان المجتمع الروسي.
تغلغل استغرق صبراً جاوز السبعين عاماً من الضخ الإعلامي، بأشكاله كافة، مرئياً ومسموعاً وعبر النشرات المطبوعة والملصقات، لكن في نهاية المطاف اوصل هذا النوع من "القوة الناعمة" إلى الهدف الذي أُريد له الوصول اليه.
تغلغل عُرف بـ"الحرب الباردة" كمصطلح يشي بأنواع الأسلحة التي كانت تستخدم في حينه. لاحظوا في الصور المرفقة، كيف وضع علم الاتحاد السوفياتي تحت شعار المطاعم، ليس بجانبه أو فوقه.
الأدنى هو أقل شأناً في العادة، وهنا كانت هذه الخطوة مهمة، في مقابل ما تروج له السياسة الإعلامية في الولايات المتحدة.. في فيلم "القلعة الأخيرة.." والذي كان من بطولة "روبرت ريد فورد" وهو يتحدث عن سجن مخصص للعسكريين المخالفين لقواعد الجيش الأميركي، يجري حوار بين بطل الفيلم والمساجين في الخطوات الواجب اتخاذها من أجل رفع ظلم مسؤول السجن ومن بينها رفع علم الولايات المتحدة منكساً على اعقابه بمعنى ان النجوم إلى الأسفل (ملصق الفيلم يروج للفكرة ولكنها لم تنفذ أبداً لكن لاستفزاز الشعور بالانتماء).
بعد مواجهة بين المساجين والحرس فاز فيها المساجين، بقيت خطوة تنكيس العلم، يسعى "ريد فورد" للقيام بها وهو تحت مرمى القناصة وأمر المسؤول بإطلاق النار عليه قبل قيامه بتنكيس العلم، ورغم إصابته برصاص المسؤول بعد رفض القناصة تنفيذ الامر بانتظار ما سيؤول اليه الأمر.. ينتهي المشهد بعدم قيام "البطل" بتنكيس العلم بل برفعه بشكله الطبيعي تنفيذاً لوصية قائده السابق في المارينز التي تقول إنه عليك ان تزرع في جنودك حب القتال رغم كل الصعاب التي قد تواجههم وأهم خطوة هي رفع العلم على سارية امامهم ليقاتلوا تحته..
15 عاماً استغرق الأمر ليقوم الروس برد الفعل، وإن كان من باب صحي لكنه خطوة.. نأمل ان لا تستغرق شعوب أمتنا العربية والإسلامية مثلها لتحرير عقولها وقلوبها من الاستعمار الفكري والغزو الثقافي، ليخرج جيل جديد يعيد مجدنا التليد.
يشكل الـ Fast Food نمط وثقافة حياة المجتمع الاميركي، وهو نموذج من نماذج الغزو الناعم للمجتمعات التي ترغب الولايات المتحدة الاميركية في الدخول إليها من دون استخدام القوة العسكرية، سواء لانتفاء القدرة أو لانتفاء الحاجة.
ويعتبر الاتحاد السوفياتي السابق واحداً من هذه المجتمعات، فبانتفاء القدرة العسكرية لاجتياح الاتحاد السوفياتي السابق من جهة، ومع الحاجة للدخول إلى هذا المجتمع لإيجاد قاعدة انطلاق لتنفيذ خطة تدميره كانت الوسيلة تغيير "نمط الحياة" عبر إدخال مجموعة من الادوات الناعمة.
جاء افتتاح فرع لسلسة مطاعم ماكدونالد في موسكو مترافقاً مع بدء اندلاع الاحتجاجات في الشارع يومها على سياسة إعادة البناء التي انتهجها الرئيس السوفياتي الاخير " ميخائيل غورباتشوف". ومن لطائف الأقدار أنني كنت حاضراً في الليلة الشهيرة ليلة اقتحام "الكرملين" في الساحة الحمراء.
في تلك الليلة ومع الاطباق الذي نفذته الدبابات على الكرملين وكانت عملية دك المبنى لفتح أبوابه عنوة، وبسحر ساحر حصل أمر ربما لن يصدقه أحد، ولكن على مرأى العين ومن عاش في موسكو في تلك الفترة يعلم ان المحلات والمخازن الكبرى والمطاعم كانت تقفل أبوابها في وقت محدد لم يكن يتجاوز الساعة الثامنة ليلاً.. لكن في تلك الليلة وبعد منتصف الليلة بساعة فتح "ماكدونالد" أبوابه لـ"الثوار" وبالمجان.
علم الاتحاد السوفياتي يظهر تحت شعار McDonalds
ترك "الثوار" ثورتهم وراياتها على الأرض واصطفوا بانتظار وصول دورهم للحصول على الوجبة المجانية .. ودفنت الثورة بين قطعتي خبز محمص وشريحة لحم بقر.من جهة أخرى، كان معظم الطلبة اللبنانيين يعتمدون وسيلة لتحسين معيشتهم في تلك البلاد الباردة، وهي وسيلة سراويل "الجينز"..
كان الروسي مستعدا لدفع 20 دولاراً او ما يزيد بقليل مقابل سروال مدموغ بماركة "Levis".. في الوقت الذي كان الطلاب يحصلون عليه "شغل برج حمود" بمبلغ لا يتجاوز 3 إلى 5 دولارات.. وطبعاً ليس أميركي الصنع أو القماش حتى. لكن بالعودة إلى "نمط الحياة" كان هذا واحدا من تعابير تغلغل تلك الثقافة في شريان المجتمع الروسي.
تغلغل استغرق صبراً جاوز السبعين عاماً من الضخ الإعلامي، بأشكاله كافة، مرئياً ومسموعاً وعبر النشرات المطبوعة والملصقات، لكن في نهاية المطاف اوصل هذا النوع من "القوة الناعمة" إلى الهدف الذي أُريد له الوصول اليه.
تغلغل عُرف بـ"الحرب الباردة" كمصطلح يشي بأنواع الأسلحة التي كانت تستخدم في حينه. لاحظوا في الصور المرفقة، كيف وضع علم الاتحاد السوفياتي تحت شعار المطاعم، ليس بجانبه أو فوقه.
الأدنى هو أقل شأناً في العادة، وهنا كانت هذه الخطوة مهمة، في مقابل ما تروج له السياسة الإعلامية في الولايات المتحدة.. في فيلم "القلعة الأخيرة.." والذي كان من بطولة "روبرت ريد فورد" وهو يتحدث عن سجن مخصص للعسكريين المخالفين لقواعد الجيش الأميركي، يجري حوار بين بطل الفيلم والمساجين في الخطوات الواجب اتخاذها من أجل رفع ظلم مسؤول السجن ومن بينها رفع علم الولايات المتحدة منكساً على اعقابه بمعنى ان النجوم إلى الأسفل (ملصق الفيلم يروج للفكرة ولكنها لم تنفذ أبداً لكن لاستفزاز الشعور بالانتماء).
علم الولايات المتحدة الامريكية كما ظهر في ملصق فيلم القلعة الأخيرة
بعد مواجهة بين المساجين والحرس فاز فيها المساجين، بقيت خطوة تنكيس العلم، يسعى "ريد فورد" للقيام بها وهو تحت مرمى القناصة وأمر المسؤول بإطلاق النار عليه قبل قيامه بتنكيس العلم، ورغم إصابته برصاص المسؤول بعد رفض القناصة تنفيذ الامر بانتظار ما سيؤول اليه الأمر.. ينتهي المشهد بعدم قيام "البطل" بتنكيس العلم بل برفعه بشكله الطبيعي تنفيذاً لوصية قائده السابق في المارينز التي تقول إنه عليك ان تزرع في جنودك حب القتال رغم كل الصعاب التي قد تواجههم وأهم خطوة هي رفع العلم على سارية امامهم ليقاتلوا تحته..
15 عاماً استغرق الأمر ليقوم الروس برد الفعل، وإن كان من باب صحي لكنه خطوة.. نأمل ان لا تستغرق شعوب أمتنا العربية والإسلامية مثلها لتحرير عقولها وقلوبها من الاستعمار الفكري والغزو الثقافي، ليخرج جيل جديد يعيد مجدنا التليد.