ارشيف من :آراء وتحليلات
تحديات ومصاعب كبرى امام العبادي
"حسابات الحقل ليست كحسابات البيدر"...هذه العبارة ربما تنطبق الى حد كبير على ما أكده رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي بعد اختياره رسميا للمهمة الصعبة في الحادي عشر من شهر اب/أغسطس الجاري، وعلى ما اصطدم به وواجهه من مصاعب وإشكاليات تعكس طبيعة الواقع السياسي المعقد في العراق الحافل بالمشاحنات والتجاذبات والتقاطعات.
بعد وقت قصير من التكليف وجد العبادي نفسه امام كم غير قليل من المطالب والسقوف العالية، والتي في جانب منها بدت تعجيزية وغير قابلة للتطبيق ابتداء.
وكان من بين ما اعلنه رئيس الوزراء المكلف في بادىء الامر هو انه سينجز مهمة تشكيل الحكومة في الخامس والعشرين من شهر اب/أغسطس، اي بعد اسبوعين من تاريخ التكليف، وانه سيرشق الحكومة ويجعلها تضم خمسة عشر وزيرا بدلا من اثنين وثلاثين، وسيكون اختيار الوزراء على اساس الكفاءة والمهنية والنزاهة قبل كل شيء.
حيدر العبادي
ولا شك ان مثل تلك الرؤى او الطموحات تعكس حرصا كبيرا على تصحيح المسارات الخاطئة، وتشخيصا دقيقا لطبيعة الاشكاليات التي القت بظلالها على المشهد العام طيلة الاعوام الاحد عشر الماضية.
بيد ان العبادي، وما ان انطلق في مهمته حتى اكتشف ان الطريق امامه شائكة ووعرة، وما خطط له وتعهد به قد لا تتوفر له الارضيات المناسبة ليتحول الى واقع عملي على الارض.
المشكلة الاساسية التي اطلت برأسها، هي ان الفرقاء السياسيين وجدوا في عملية تشكيل الحكومة الفرصة الافضل ليرفعوا سقوف مطالبهم وشروطهم الى اقصى حد ممكن ليحصلوا على اكثر ما يمكن ان يحصلوا عليه.
المكون السني جاء بحزمة شروط ومطالب، من بينها اصدار عفو عام عن المعتقلين، والغاء قانون المساءلة والعدالة، وايقاف العمليات العسكرية في المدن والمناطق ذات الاغلبية السنية، ناهيك عن الحصول على نسبة 41٪ من مجمل المواقع والمناصب في مختلف مؤسسات الدولة لا سيما العليا منها.
والمكون الكردي جاء هو الاخر بحزمة شروط ومطالب، من بينها تخصيص ميزانية لقوات البيشمركة الكردية من موازنة الدولة الاتحادية خارج حصة الاقليم المحددة بـ17٪ ، والاقرار بالواقع الذي تمخض عن احداث العاشر من حزيران-يونيو وما بعدها بخصوص المناطق المتنازع عليها، وحسم مسالة حق الاكراد في انتاج وتصدير النفط ضمن حدود الاقليم.
ومع ان العبادي هو المعني بالدرجة الاساس بمهمة تشكيل الحكومة ضمن المهلة الدستورية المحددة، ولكن بما انه مرشح التحالف الوطني، فإن الاخير هو الطرف الرئيسي المفاوض، مع المكونين السني والكردي، سواء فيما يتعلق بالبرنامج الحكومي، او توزيع الحقائب الوزارية، او المطالب والشروط المطروحة.
ومن الخطأ ان نتوقع اعلان التحالف الوطني تلبية مطالب السنة والاكراد بجلسة تفاوضية واحدة او عدة جلسات سريعة، لان القضية اكبر من ذلك بكثير، والتسريبات عن حصول انهيار في المفاوضات، او قل توقف بسبب اختلاف وتباين المواقف يعكس حقيقة الواقع من جانب، ومن جانب اخر يعبر عن ذهاب بعض الفرقاء بعيدا جدا في مطالبهم، دون ان يدركوا انه ليس بالضرورة ان يعود رفع سقوف المطالب والشروط عليهم بالمكاسب، ان لم يفضِ للعودة الى المربع الاول، فيما اذا انتهت المهلة الدستورية للعبادي دون ان ينجح في انجاز مهمته.
تتحدث مصادر من داخل كواليس المفاوضات، عن ان الاجواء الحالية لا تختلف عن اجواء المفاوضات لتشكيل الحكومات السابقة، ولعل ما يختلف الان هو الوضع الامني الضاغط على الجميع، والذي يدفع كل طرف الى السعي المحموم لتحقيق اكبر قدر من المكاسب لارضاء جمهوره.
العبادي يواجه المصاعب
وترجح المصادر، ان لا تعلن التشكيلة الحكومية الجديدة الا قبل ساعات قلائل من موعد انتهاء المهلة الدستورية في الحادي عشر من شهر ايلول/سبتمبر المقبل، وربما تتأخر قليلا، كما هو الحال مع انتخاب رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية، وترجح ان لا يحصل أي ترشيق في الحكومة المقبلة، وان تفرض على العبادي شخصيات قد لا تكون مقبولة بالقدر الكافي، الا ان منهج الترضيات والمساومات سيفرض نفسه بمقدار كبير، وما يتعلق بمطالب وشروط السنة والاكراد، فإنه سيتم الاتفاق والتوافق على التعاطي مع البعض منها في اطار الدستور، مثل قضايا المعتقلين والمساءلة والعدالة وميزانية قوات البيشمركة واستخراج وانتاج النفط من قبل اقليم كردستان، وبعضها الاخر يثبت في ورقة مع التحالف الوطني وتحدد اليات وسقوف زمنية لتنفيذها، وبالنسبة للبرنامج الحكومي فإن صيغته وصياغته لن تخرج عن اطار التوافقات والترضيات والوعود.
ويؤكد مشاركون في المفاوضات، انه رغم كل تلك التعقيدات والعراقيل والمعوقات، الا ان احدا لا يريد افشال مهمة العبادي، واذا كان هناك من يسعى لذلك، فإما انه يخطط لخلط الاوراق وايصال العملية السياسية الى طريق مسدود ونفق مظلم، خدمة لاجندات تنظيم داعش الارهابية، او انه يطمح الى ان يكون زمام المبادرة بيده بعد فشل العبادي.
كل الخيارات ستكون سيئة وخطيرة وغير مجدية، سوى خيار نجاح العبادي في مهمته.
يبدو ان الجميع يدركون ذلك، لكن البعض منهم لا يدركون تبعات ومخاطر سياسة ليّ الاذرع التي حذر منها رئيس الوزراء المكلف قبل عدة ايام.
بعد وقت قصير من التكليف وجد العبادي نفسه امام كم غير قليل من المطالب والسقوف العالية، والتي في جانب منها بدت تعجيزية وغير قابلة للتطبيق ابتداء.
وكان من بين ما اعلنه رئيس الوزراء المكلف في بادىء الامر هو انه سينجز مهمة تشكيل الحكومة في الخامس والعشرين من شهر اب/أغسطس، اي بعد اسبوعين من تاريخ التكليف، وانه سيرشق الحكومة ويجعلها تضم خمسة عشر وزيرا بدلا من اثنين وثلاثين، وسيكون اختيار الوزراء على اساس الكفاءة والمهنية والنزاهة قبل كل شيء.
حيدر العبادي
ولا شك ان مثل تلك الرؤى او الطموحات تعكس حرصا كبيرا على تصحيح المسارات الخاطئة، وتشخيصا دقيقا لطبيعة الاشكاليات التي القت بظلالها على المشهد العام طيلة الاعوام الاحد عشر الماضية.
بيد ان العبادي، وما ان انطلق في مهمته حتى اكتشف ان الطريق امامه شائكة ووعرة، وما خطط له وتعهد به قد لا تتوفر له الارضيات المناسبة ليتحول الى واقع عملي على الارض.
المشكلة الاساسية التي اطلت برأسها، هي ان الفرقاء السياسيين وجدوا في عملية تشكيل الحكومة الفرصة الافضل ليرفعوا سقوف مطالبهم وشروطهم الى اقصى حد ممكن ليحصلوا على اكثر ما يمكن ان يحصلوا عليه.
المكون السني جاء بحزمة شروط ومطالب، من بينها اصدار عفو عام عن المعتقلين، والغاء قانون المساءلة والعدالة، وايقاف العمليات العسكرية في المدن والمناطق ذات الاغلبية السنية، ناهيك عن الحصول على نسبة 41٪ من مجمل المواقع والمناصب في مختلف مؤسسات الدولة لا سيما العليا منها.
والمكون الكردي جاء هو الاخر بحزمة شروط ومطالب، من بينها تخصيص ميزانية لقوات البيشمركة الكردية من موازنة الدولة الاتحادية خارج حصة الاقليم المحددة بـ17٪ ، والاقرار بالواقع الذي تمخض عن احداث العاشر من حزيران-يونيو وما بعدها بخصوص المناطق المتنازع عليها، وحسم مسالة حق الاكراد في انتاج وتصدير النفط ضمن حدود الاقليم.
العبادي هو الطرف الرئيسي المفاوض مع المكونين السني والكردي |
ومن الخطأ ان نتوقع اعلان التحالف الوطني تلبية مطالب السنة والاكراد بجلسة تفاوضية واحدة او عدة جلسات سريعة، لان القضية اكبر من ذلك بكثير، والتسريبات عن حصول انهيار في المفاوضات، او قل توقف بسبب اختلاف وتباين المواقف يعكس حقيقة الواقع من جانب، ومن جانب اخر يعبر عن ذهاب بعض الفرقاء بعيدا جدا في مطالبهم، دون ان يدركوا انه ليس بالضرورة ان يعود رفع سقوف المطالب والشروط عليهم بالمكاسب، ان لم يفضِ للعودة الى المربع الاول، فيما اذا انتهت المهلة الدستورية للعبادي دون ان ينجح في انجاز مهمته.
تتحدث مصادر من داخل كواليس المفاوضات، عن ان الاجواء الحالية لا تختلف عن اجواء المفاوضات لتشكيل الحكومات السابقة، ولعل ما يختلف الان هو الوضع الامني الضاغط على الجميع، والذي يدفع كل طرف الى السعي المحموم لتحقيق اكبر قدر من المكاسب لارضاء جمهوره.
العبادي يواجه المصاعب
وترجح المصادر، ان لا تعلن التشكيلة الحكومية الجديدة الا قبل ساعات قلائل من موعد انتهاء المهلة الدستورية في الحادي عشر من شهر ايلول/سبتمبر المقبل، وربما تتأخر قليلا، كما هو الحال مع انتخاب رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية، وترجح ان لا يحصل أي ترشيق في الحكومة المقبلة، وان تفرض على العبادي شخصيات قد لا تكون مقبولة بالقدر الكافي، الا ان منهج الترضيات والمساومات سيفرض نفسه بمقدار كبير، وما يتعلق بمطالب وشروط السنة والاكراد، فإنه سيتم الاتفاق والتوافق على التعاطي مع البعض منها في اطار الدستور، مثل قضايا المعتقلين والمساءلة والعدالة وميزانية قوات البيشمركة واستخراج وانتاج النفط من قبل اقليم كردستان، وبعضها الاخر يثبت في ورقة مع التحالف الوطني وتحدد اليات وسقوف زمنية لتنفيذها، وبالنسبة للبرنامج الحكومي فإن صيغته وصياغته لن تخرج عن اطار التوافقات والترضيات والوعود.
ويؤكد مشاركون في المفاوضات، انه رغم كل تلك التعقيدات والعراقيل والمعوقات، الا ان احدا لا يريد افشال مهمة العبادي، واذا كان هناك من يسعى لذلك، فإما انه يخطط لخلط الاوراق وايصال العملية السياسية الى طريق مسدود ونفق مظلم، خدمة لاجندات تنظيم داعش الارهابية، او انه يطمح الى ان يكون زمام المبادرة بيده بعد فشل العبادي.
كل الخيارات ستكون سيئة وخطيرة وغير مجدية، سوى خيار نجاح العبادي في مهمته.
يبدو ان الجميع يدركون ذلك، لكن البعض منهم لا يدركون تبعات ومخاطر سياسة ليّ الاذرع التي حذر منها رئيس الوزراء المكلف قبل عدة ايام.