ارشيف من :نقاط على الحروف
ولدينا إعلام داعشي
يعاني الإعلام اللبناني، كغيره من الإعلام العربي من انفصام حاد في الشخصية. يعجز عن التمييز بين ما تحث عليه اصول المهنة من السعي نحو الخبر والسبق الصحفي، وبين الانتماء للوطن والانحياز لقضاياه. في الوقت الذي لا ينبغي لهذين العنصرين ان يتنافرا ويعارض احدهما الآخر.
النموذج الأول: الجنود المختطفون
كنموذج اول يمكن الحديث عن ما حصل في عرسال وقضية الجنود اللبنانيين المختطفين. تعامل الإعلام اللبناني في بداية الاحداث بنوع من المسؤولية والحس الوطني، قام بتغطية الاحداث الا ان ذلك لم يمنع من ابداء التعاطف مع المؤسسات العسكرية، لا سيما الجيش منها، وهو امر لا ينبغي ان يغيب عن سياسة الوسائل الإعلامية ولا يتعارض مع الموضوعية في العمل الصحفي والإعلامي لان عدم الانحياز انما ينطبق على القضايا التفصيلية الداخلية او في امور دولية عامة ، اما الامور التي تمس هيبة الدولة والقضايا الوطنية الكبرى التي تحفظ الكيان والدولة وتتعلق بالثوابت الوطنية فالانحياز لها لا يعتبر اخلالا باصول المهنة.
ويمكن استحضار الإعلام الاميركي والتعتيم الذي فرضته الادارة الاميركية من جهة والرقابة الذاتية للإعلام الاميركي من جهة ثانية في عدم بث الرسائل الصوتية المتلفزة التي كان يبعث بها اسامة بن لادن فيما اعتبرته الادارة الاميركية انه حرب إعلامية ونفسية من تنظيم القاعدة ضد الاميركيين.
لم يعترض احد على هذا التعتيم لان الإعلام الاميركي نظر الى القضية على انها تمس امنه القومي اولا ومشاعر اهالي ضحايا تفجيرات نيويورك ثانيا.
ورغم حس المسؤولية في التعاطي مع الحدث العرسالي بداية الا ان هذا الإعلام انكفأ بعد ذلك لا سيما فيما يتعلق بقضية العسكريين المختطفين.
"داعش"
عاد التنافس الصحفي الى وتيرته المعهودة، اتصالات مع مسؤولين من داعش والنصرة للحصول على تصريح من هنا وكلمة من هناك، تعويم لبعض الجهات التي تصف المسلحين بالثوار. محاولة السبق للحصول على مقابلات مع اهالي المخطوفين وما يمكن ان يشكله من عامل ضغط على الجهات الرسمية اللبنانية في ادارة الملف وربما تقديم تنازلات من الخطر الكبير تقديمها.
ان تعامل بعض وسائل الإعلام مع ملف العسكريين قارب بشكل كبير تعاملها مع ملف ما عرف "بمخطوفي اعزاز".
ورغم الاجتماع الذي تداعت اليه وسائل الإعلام واسفر عن ميثاق شرف بينها في عدم تغطية نشاطات هؤلاء الارهابيين ، الا ان هذا الميثاق ما لبث ان تبخر وذهب في مهب الريح بعد اللحظة الاولى لاتفاق وقف اطلاق النار وانسحاب المسلحين.
اننا لا نبالغ ان قلنا ان ما تقدمه بعض وسائل الإعلام لداعش والداعشيين هو اكبر واهم من إعلام داعش نفسها.
النموذج الثاني: احراق علم داعش
قام بعض الشبان في منطقة الاشرفية باحراق علم داعش في خطوة تضامنية مع الجيش والمؤسسة العسكرية. سارع بعدها وزير العدل اشرف ريفي بالطلب من القضاء المختص ملاحقة هؤلاء بذريعة ان ذلك يمس شعائر دينية باعتبار ان راية داعش تحتوي على كلمة الشهادتين : " لا اله الا الله" و "محمد رسول الله" وفي كلتاهما لفظ الجلالة "الله".
نية الفاعل ودورها في الحكم
من الناحية القانونية والدينية فان نية الفاعل تدخل في معيار الحكم على الفعل. وتنطلق القضية اساسا من السؤال التالي : هل الفاعل قام بفعله مستهدفا الاساءة للرمز الديني بما هو ديني؟
لا شك ان من قام باحراق العلم انما قصد احراقه كرمز لتنظيم ارهابي ولم يقصد من فعله استهداف المعنى المكتوب على الراية فلا يقع الفعل تحت توصيف " المس بشعار ديني".
ويمكن مقاربة القضية بالشكل التالي : تجيز بعض المذاهب الاسلامية احراق الاوراق التي تحتوي على لفظ الجلالة منعا لرميها في النفايات ومنها ايضا احراق نسخ من المصحف الشريف اذا كان هذا المصحف قد اصيب بضرر ما. فهل يمكن لاي قضاء ، حتى في ظل حكم اسلامي، ان يحكم على من ضبط بهذا الفعل دون الاخذ بعين الاعتبار نية الفاعل وغايته من الفعل؟؟
وحتى في القضايا الجنائية فان النية تؤخذ بعين الاعتبار. من هنا كان التفريق مثلا بين القتل العمدي وغير العمدي.
دواعش الإعلام
وبالعودة الى الإعلام، فان الإعلام اللبناني لم يتعامل بشكل جدي مع قرار وزير العدل بما يمثله هذا القرار من تسرع وانحياز، لا سيما ان الوزير نفسه لم يحرك ساكنا في قضايا مشابهة فقط لانها كانت تتعلق بشبان ينتمون الى التيار السياسي الذي ينتمي اليه الوزير نفسه.
تطلب وسائل الإعلام من الشبان والناشطين مساندتها في قضاياها عندما تمس حرية الإعلام او يتعرض الجسم الإعلامي للاضطهاد، لكنها في الوقت نفس تتعامل بانتقائية مع هموم هؤلاء الشبان وقضاياهم.
ولئن كانت الانتهازية والاستغلال هي من ابرز العناصر التي تميز سلوك داعش، فاننا نملك ، من هذه الزاوية وهذا المعيار، بعض الإعلام الداعشي بامتياز.
النموذج الأول: الجنود المختطفون
كنموذج اول يمكن الحديث عن ما حصل في عرسال وقضية الجنود اللبنانيين المختطفين. تعامل الإعلام اللبناني في بداية الاحداث بنوع من المسؤولية والحس الوطني، قام بتغطية الاحداث الا ان ذلك لم يمنع من ابداء التعاطف مع المؤسسات العسكرية، لا سيما الجيش منها، وهو امر لا ينبغي ان يغيب عن سياسة الوسائل الإعلامية ولا يتعارض مع الموضوعية في العمل الصحفي والإعلامي لان عدم الانحياز انما ينطبق على القضايا التفصيلية الداخلية او في امور دولية عامة ، اما الامور التي تمس هيبة الدولة والقضايا الوطنية الكبرى التي تحفظ الكيان والدولة وتتعلق بالثوابت الوطنية فالانحياز لها لا يعتبر اخلالا باصول المهنة.
ويمكن استحضار الإعلام الاميركي والتعتيم الذي فرضته الادارة الاميركية من جهة والرقابة الذاتية للإعلام الاميركي من جهة ثانية في عدم بث الرسائل الصوتية المتلفزة التي كان يبعث بها اسامة بن لادن فيما اعتبرته الادارة الاميركية انه حرب إعلامية ونفسية من تنظيم القاعدة ضد الاميركيين.
لم يعترض احد على هذا التعتيم لان الإعلام الاميركي نظر الى القضية على انها تمس امنه القومي اولا ومشاعر اهالي ضحايا تفجيرات نيويورك ثانيا.
ورغم حس المسؤولية في التعاطي مع الحدث العرسالي بداية الا ان هذا الإعلام انكفأ بعد ذلك لا سيما فيما يتعلق بقضية العسكريين المختطفين.
"داعش"
عاد التنافس الصحفي الى وتيرته المعهودة، اتصالات مع مسؤولين من داعش والنصرة للحصول على تصريح من هنا وكلمة من هناك، تعويم لبعض الجهات التي تصف المسلحين بالثوار. محاولة السبق للحصول على مقابلات مع اهالي المخطوفين وما يمكن ان يشكله من عامل ضغط على الجهات الرسمية اللبنانية في ادارة الملف وربما تقديم تنازلات من الخطر الكبير تقديمها.
ان تعامل بعض وسائل الإعلام مع ملف العسكريين قارب بشكل كبير تعاملها مع ملف ما عرف "بمخطوفي اعزاز".
ورغم الاجتماع الذي تداعت اليه وسائل الإعلام واسفر عن ميثاق شرف بينها في عدم تغطية نشاطات هؤلاء الارهابيين ، الا ان هذا الميثاق ما لبث ان تبخر وذهب في مهب الريح بعد اللحظة الاولى لاتفاق وقف اطلاق النار وانسحاب المسلحين.
اننا لا نبالغ ان قلنا ان ما تقدمه بعض وسائل الإعلام لداعش والداعشيين هو اكبر واهم من إعلام داعش نفسها.
النموذج الثاني: احراق علم داعش
قام بعض الشبان في منطقة الاشرفية باحراق علم داعش في خطوة تضامنية مع الجيش والمؤسسة العسكرية. سارع بعدها وزير العدل اشرف ريفي بالطلب من القضاء المختص ملاحقة هؤلاء بذريعة ان ذلك يمس شعائر دينية باعتبار ان راية داعش تحتوي على كلمة الشهادتين : " لا اله الا الله" و "محمد رسول الله" وفي كلتاهما لفظ الجلالة "الله".
نية الفاعل ودورها في الحكم
من الناحية القانونية والدينية فان نية الفاعل تدخل في معيار الحكم على الفعل. وتنطلق القضية اساسا من السؤال التالي : هل الفاعل قام بفعله مستهدفا الاساءة للرمز الديني بما هو ديني؟
لا شك ان من قام باحراق العلم انما قصد احراقه كرمز لتنظيم ارهابي ولم يقصد من فعله استهداف المعنى المكتوب على الراية فلا يقع الفعل تحت توصيف " المس بشعار ديني".
ويمكن مقاربة القضية بالشكل التالي : تجيز بعض المذاهب الاسلامية احراق الاوراق التي تحتوي على لفظ الجلالة منعا لرميها في النفايات ومنها ايضا احراق نسخ من المصحف الشريف اذا كان هذا المصحف قد اصيب بضرر ما. فهل يمكن لاي قضاء ، حتى في ظل حكم اسلامي، ان يحكم على من ضبط بهذا الفعل دون الاخذ بعين الاعتبار نية الفاعل وغايته من الفعل؟؟
وحتى في القضايا الجنائية فان النية تؤخذ بعين الاعتبار. من هنا كان التفريق مثلا بين القتل العمدي وغير العمدي.
دواعش الإعلام
وبالعودة الى الإعلام، فان الإعلام اللبناني لم يتعامل بشكل جدي مع قرار وزير العدل بما يمثله هذا القرار من تسرع وانحياز، لا سيما ان الوزير نفسه لم يحرك ساكنا في قضايا مشابهة فقط لانها كانت تتعلق بشبان ينتمون الى التيار السياسي الذي ينتمي اليه الوزير نفسه.
تطلب وسائل الإعلام من الشبان والناشطين مساندتها في قضاياها عندما تمس حرية الإعلام او يتعرض الجسم الإعلامي للاضطهاد، لكنها في الوقت نفس تتعامل بانتقائية مع هموم هؤلاء الشبان وقضاياهم.
ولئن كانت الانتهازية والاستغلال هي من ابرز العناصر التي تميز سلوك داعش، فاننا نملك ، من هذه الزاوية وهذا المعيار، بعض الإعلام الداعشي بامتياز.