ارشيف من :آراء وتحليلات

تصاعد التوتر بين حلف الناتو وروسيا

تصاعد التوتر بين حلف الناتو وروسيا

بعد انهيار المنظومة السوفياتية السابقة، بما في ذلك تفكك الاتحاد السوفياتي ذاته، والاختفاء "الطبيعي" لحلف فرصوفيا العسكري الذي كان يضم الدول "الاشتراكية" في اوروبا الشرقية باستثناء يوغوسلافيا التي كانت تنتهج خطا مستقلا، وهو الحلف الذي كان يقف بمواجهة حلف الناتو الذي كانت ولا تزال تتزعمه الولايات المتحدة الاميركية وكان يضم معظم دول اوروبا الغربية، ـ بعد هذه التطورات الايديولوجية والجيواستراتيجية الجذرية والكبرى، ساد اعتقاد واسع النطاق ان زمن "الحرب الباردة" والمواجهة بين المعسكرين الشرقي والغربي قد ولى الى غير رجعة، وانه قد بدأ عصر جديد من "السلام!"، سماه الكثيرون "السلام الاميركي" (Pax Americana)، على غرار "السلام الروماني" (Pax Romana) الذي ساد في مرحلة زمنية معينة داخل وفي محيط الامبراطورية الرومانية القديمة وهي في اوج قوتها، قبل السقوط النهائي للامبراطورية الرومانية الغربية في القرن الخامس الميلادي.

أسطورة القطب الاميركي الاوحد و"السلام الاميركي"


وقد بني هذا الاعتقاد الخاطئ على اسطورة روجت لها البروباغندا الاميركية خاصة والغربية والموالية للغرب عامة، وهي اسطورة نهاية عصر الثنائية او التعددية القطبية وبداية عصر خرافة ما سمي الأحادية القطبية للعالم و"القطب الاميركي الاوحد".

ولكن جاءت الوقائع التاريخية لتؤكد مدى ضحالة كل البروباغندا، واستطرادا كل الثقافة السياسية الاميركية والغربية والموالية لاميركا والغرب. فخلال مرحلة "السلام الاميركي" هذه تآمرت الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي وحليفهما التاريخي الاسلام السياسي (الذي نسميه مجازا "الداعشي")، ـ تآمروا جميعا لتفكيك وتدمير الجمهوريات الفيديرالية اليوغوسلافية، ودفع الشعوب وأبناء الاديان المتآخية في تلك الجمهوريات لان تذبح بعضها بعضا، على غرار ما جرى في الحرب "الاهلية" اللبنانية وعلى غرار ما يفعل اليوم "الدواعش" و"البوكو حرام" و"الشباب المجاهدون" في العراق وسوريا ونيجيريا والصومال وغيرها، لتضاف الى وضع السيناريوهات واخراج الحروب التدميرية في الخليج والسودان وافغانستان والعراق. وتعرض لبنان وغزة لافظع اشكال العدوان الاسرائيلي الوحشي. وفجرت الازمات والحروب الاقليمية المحدودة بوجه روسيا في الشيشان وجورجيا واوكرانيا.

الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا


وبنتيجة هذه التطورات والاحداث الدرامية، عاد العالم كله ليتذكر المقولة التي طرحها الشاعر والروائي الإنجليزي "روديارد كبلنغ" في نهاية القرن التاسع عشر والتي تقول "الشرق شرق، والغرب غرب، ولن يلتقيا".
طبعا ان كبلنغ، الانكليزي المولود في الهند التي كانت مستعمرة بريطانية، عبر بأسى عن صعوبة، بل واستحالة "لقاء" الشرق والغرب. ولكنه لم يدخل في بحث السبب الوجودي لذلك، والذي يكمن في النزعة الاستعمارية للغرب، والمقاومة الشرقية لهذه النزعة. وروسيا هي اليوم، كما كانت بالامس، وستبقى الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا، تمثل روح المقاومة الشرقية للغرب الاستعماري، وتمثل لا سن الرمح فقط، بل والزند الذي يحمل رمح المقاومة الشرقية ضد الغرب.

روسيا ستكون وفية لتاريخها

فالشعب الروسي العظيم هو الذي سحق حملات "الصليبيين الشماليين" (البولونيين الذين خانوا سلافيتهم و"تكثلكوا" والجرمان والسويديين والليتوانيين وغيرهم) ما حتم انهاء الحملات الصليبية على الشرق العربي المسيحي ـ الاسلامي؛ والشعب الروسي هو الذي كسر ظهر جيش نابوليون تماما في 1812، قبل ان يتم الاجهاز على فلول هذا الجيش في واترلو في 1814؛ وهو الذي سحق الوحش النازي واقتحم الارض الالمانية النازية قبل ان يفتح الحلفاء الغربيون الجبهة الثانية في حزيران 1944 لانقاذ ماء الوجه ظاهريا، وللوقوف بوجه زحف الجيش الاحمر في اوروبا عمليا.

روسيا كانت وستبقى عدوا للغرب


والان اذا كانت الصواريخ والاسلحة الاميركية والغربية موجهة الى مختلف البلدان الشرقية وخصوصا نحو روسيا، فإن الصواريخ والاسلحة الروسية هي موجهة حصرا نحو القواعد والاهداف العسكرية والاستراتيجية الاميركية والغربية.
وهذا ما يجعل الكتلة الغربية بزعامة اميركا تتميز غيظا من روسيا، وتصب جام غضبها عليها، وتعتبرها العدو التاريخي الرئيسي للغرب الاستعماري.
الناتو يلعب بالنار التي ستحرقه
ومنذ سنوات، وبعد ان تجاوز حلف الناتو العدواني "عقيدته القتالية الدفاعية" السابقة، فهو يعمل على الاقتراب من الحدود الروسية. وقد اشتد الان هذا التوجه الناتوي، على خلفية الازمة الاوكرانية الحالية، خصوصا بعد اعادة توحيد شبه جزيرة القرم مع روسيا، التي كانت قد انتزعت في السابق من روسيا "بفضل" خيانة الرئيس الروسي الاسبق الموالي للغرب بوريس يلتسين الذي وافق على استمرار "اهداء القرم" الى اوكرانيا، لدى الاعلان الرسمي عن تفكيك الاتحاد السوفياتي سنة 1991.

وفي هذا الخصوص نشرت جريدة Wall Street Journal الاميركية تعليقا بقلم "قارئ" جاء فيه ان حلف الناتو يتحمل جزءا من المسؤولية عن ظهور التهديدات الجديدة في العالم. ويعلق هذا "القارئ" على البيان المشترك الذي سبق ونشرته الجريدة والذي اصدره منذ وقت قريب الامين العام لحلف الناتو اندريس فوغ راسموسين وقائد قوات الحلف في اوروبا فيليب بريدلاف. ويقول "القارئ" انه في هذا البيان يدعو الاثنان قمة الناتو التي تنعقد الان في ويلز ببريطانيا "الى جعل الحلف اقوى، واسرع، واكثر مرونة في مواجهة التهديدات الجديدة، من اي جهة أتت". ويضيف "القارئ" انه "ليس من شك، انه من وجهة نظرهما فإن التهديد الرئيسي يتأتى من روسيا". وحسب رأيه فإن "قراءة متأنية لهذا البيان تقود الى الاستنتاج، انه يقع على عاتق الناتو جزء من المسؤولية ان العالم اصبح اكثر خطرا".

ويؤكد الكاتب "ويتم بشكل خاص اقتراح الاتفاق على حضور القوات المسلحة لحلف الناتو في شرق اوروبا، وتوسيع النشاط المخابراتي، واعتماد خطط دفاعية جديدة، وتنشيط المناورات التدريبية. بالاضافة الى تطوير قوات الرد السريع الى حد التخزين المسبق للمعدات والتجهيزات على حدود الحلف. ماذا يمكن ان نعتبر ذلك، اذا لم يكن سباقا للتسلح وتصعيدا للتوتر في اوروبا؟". وفي رأيه "ان الناتو قام بخدمة جيدة في زمن "الحرب الباردة"، ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، حان الوقت للتفكير، هل للحلف الامكانات ليكون له فائدة اكثر مما له من ضرر".

تصاعد التوتر بين حلف الناتو وروسيا
منظومة "خريزانتيما" ضد الدروع

ويتابع: "ان جريدتكم تشبّه الوضع في اوكرانيا تقريبا بسياسة استرضاء ادولف هتلر قبيل الحرب العالمية الثانية، ولكنه من الاصح المقارنة مع زيادة القدرات العسكرية وتشكيل الاحلاف، التي أفضت قبل 100 سنة الى نشوب الحرب العالمية الاولى". ويخلص الى القول: "بدلا من استثارة سباق جديد للتسلح في قمة ويلز، ينبغي على الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي وروسيا ان تعقد اجتماعا وان تتفق على الحد من توسع حلف الناتو، وازالة مخاوف الجانب الروسي، ولاعسكرة اوروبا الشرقية".

راسموسين يهدد العملاق الروسي بالاقزام

وفي هذا الوقت افادت الصحافة الروسية ان حلف الناتو قام بنشر قوات عسكرية في قواعد جديدة في اوروبا الشرقية، جوابا على الازمة الاوكرانية. وهذا ما اعلنه الامين العام للحلف راسموسين كما جاء في وكالة ريا نوفوستي. ونشرت مجلة " شبيغل" الالمانية ان دول البلطيق (استونيا، ليتوانيا، لاتفيا) وبولونيا اقترحت توجيه نظام الدرع الصاروخية الذي أنشأه الناتو في اوروبا، ليس فقط ضد ايران وكوريا الشمالية، بل وضد روسيا ايضا. وقد اعلن ممثلو ريغا، فيلنيوس، تالين وفرصوفيا، في قمة الناتو في ويلز، ان بلدانهم تشعر بالخطر، بعد ما يسمونه "الغزو الروسي لاوكرانيا". وصرح راسموسين "سوف نتخذ ما يسمى برنامج عمل لتأمين الجاهزية، التي يمكن بواسطتها التحرك بسرعة في الظروف الجديدة تماما لتوفير امن اوروبا. لقد اصبح لدينا ما نسميه قوات الرد السريع للناتو، التي يمكنها ان تنتشر في اسرع وقت ممكن، اذا احتاج الامر ذلك. ان مهمتنا هي ان نكون قوة طليعية، قادرة على الرد الفوري. وفي المستقبل، فإن حضور الناتو في الشرق سيصبح اكثر وضوحا". ولم يخف الامين العام للناتو ان امكانية الامداد السريع تقتضي انشاء البنية التحتية اللازمة في البلدان المعنية. وبالتحديد: نقاط التخزين المبكر للمعدات اللازمة، وبناء القواعد ومقرات الاركان". ولم يأت راسموسين على ذكر اوكرانيا بهذا الصدد. ولكن حضور بيوتر براشينكو، الرئيس الوحيد لدولة غير عضو في الناتو، في قمة الناتو في ويلز، يجعل من غير الصعب الاستنتاج اين يتعطش الاستراتيجيون الاميركيون لان ينشروا قواعد الناتو على حدود روسيا.

تصاعد التوتر بين حلف الناتو وروسيا
أندرس فوغ راسموسن


ويتابع راسموسين القول: "ان اي معتد محتمل، عليه ان يعرف انه بحال التفكير بالعدوان على اي حليف للناتو، فسيواجه ليس فقط قوات ذلك البلد، بل وقوات حلف الناتو".
وفي هذا الوقت قام الناتو بتعزيز طلعات الدوريات الجوية فوق بلدان البلطيق، وتقوم طائرات الرادار بطلعات منتظمة فوق الاراضي البولونية والرومانية، وانضمت سفن اضافية الى اسطول الناتو في بحر البلطيق وفي البحر الابيض المتوسط. واعلن الحلف عن زيادة عديد الافراد المناوبين بشكل دائم، وتوسيع برامج المناورات التدريبية، وتعزيز انظمة الانذار المبكر، وزيادة امكانيات قوات التدخل السريع.

علاقات روسيا ـ الناتو في "نقطة التجمد"

وقد نقلت وكالة انترفاكس عن الكسندر غروشكو، الممثل الدائم لروسيا لدى الناتو قوله ان سعي الناتو الى زيادة تجمعاته على الحدود الروسية بحجة التهديدات المتأتية من الشرق هو بدون مبرر. وفوق ذلك فهو يعقد اكثر واكثر علاقات الحلف مع موسكو، التي هي في المرحلة الراهنة قريبة من "نقطة التجمد".

لا أمن لأحد بدون روسيا، وضد روسيا

واضاف غروشكو ان روسيا ستأخذ في الاعتبار افعال ونشاطات الناتو على حدودها، لدى وضع خططها العسكرية. وسوف تفعل موسكو كل ما تستطيع من اجل ضمان الامن القومي الروسي والدفاع ضد اي شكل من اشكال التهديدات. واكد غروشكو ان على جميع اعضاء حلف الناتو ان يفهموا، اذا كانوا لم يفهموا بعد، ان اي محاولات لاختبار القوة مع روسيا هي محاولات بدون افق وغير ذات جدوى. وان نتيجة هذه المحاولات هي فقط اضعاف امن حلف الناتو ذاته وامن جميع البلدان التي تشارك في هذه المحاولات. و"انني على ثقة ان غالبية البلدان الاوروبية تدرك انه مهما قام الناتو بتعزيز قدراته، فإن جميع محاولات بناء بنية امنية حيوية بدون روسيا، وخاصة ضد روسيا، هي محكوم عليها بالفشل".

موسكو سترتعد امام: عشرة آلاف ناتوي!

وكانت وكالة ايتار ـ تاس قد نقلت عن جريدة Financial Times البريطانية ان سبعة بلدان اعضاء في الناتو سوف تشكل قوة للتدخل السريع على الحدود الشرقية للحلف. وسيكون عدد افراد القوة لا اقل من عشرة الاف عنصر. وهي تشمل قوات انزال جوية وبحرية، بالاضافة الى القوات البرية. وستشارك فيها بلدان مثل الدنمارك، لاتفيا، استونيا، ليتوانيا، النروج وهولندا. وعبرت عن نيتها في المشاركة ايضا كندا.

روسيا ستصوغ عقيدة قتالية هجومية

واعلن ميخائيل بوبوف، نائب سكرتير مجلس الامن القومي الروسي، انه من الان حتى نهاية سنة 2014 ستعمل روسيا على تعديل عقيدتها العسكرية، تبعا لتنامي التهديدات الجديدة ضد الدولة. وتم تشكيل مجموعة عمل مؤلفة من مختلف الوزارات والهيئات المعنية لاعادة النظر في وثيقة العقيدة العسكرية المعمول بها منذ سنة 2010. واشار بوبوف الى ان الولايات المتحدة الاميركية تقوم بتعزيز قوات الناتو في دول البلطيق بالاسلحة الثقيلة والتكنولوجيا العسكرية، بما في ذلك الدبابات والناقلات المصفحة. "ويتم ذلك على الحدود المباشرة مع روسيا".

القوات الروسية جاهزة لصد العدوان

وان خطر العدوان على القرم لا يمكن تجاهله وسينظر اليه بوصفه "عدوانا على الفيديرالية الروسية، بكل ما ينتج عن ذلك من عواقب"، حسب تعبير ميخائيل بوبوف. واردف قائلا ان اسطول البحر الاسود والقوات الروسية المحتشدة في شبه الجزيرة قادرة على صد اي غزو محتمل من قبل اي معتد على الجمهورية الروسية.
ويتم في القرم تشكيل افواج عسكرية جديدة، في البر والبحر، لتعزيز قدرات الصمود ودحر اي عدوان محتمل. وتتشكل هذه الافواج على المبدأ المختلط. ففي المواقع القتالية يوضع العسكريون المحترفون. وفي المهمات الخدماتية يوضع بشكل رئيسي المجندون.

اسلحة ميدانية جديدة

ويضم كل فوج حوالى 300 قطعة من الاسلحة والمعدات الحربية، بما في ذلك اكثر من 60 منظومة مدفعية. وتدخل في عداد ذلك المنظومات المضادة للدبابات من طراز "خريزانتيما"، مدافع هاوزر عيار 152 ملم من طراز “Msta-S”، المجهزة بنظام للتوجيه الآلي، ومنظومات اطلاق القذائف الصاروخية من طراز “Tornado-G”.

تصاعد التوتر بين حلف الناتو وروسيا

والجدير بالذكر ان منظومة "خريزانتيما" قادرة على القضاء على القوات الحية، والدروع والمعدات الهندسية للعدو، بالاضافة الى الاهداف المائية والجوية، كالهيليكوبترات. اما الهاوزر “Msta-S” فيمكنه استخدام الصواريخ الموجهة من طراز "كراسنوبول ـ م"، ويمكنه بدون تصفير ان يدمر من الطلقة الاولى اهدافا صغيرة الحجم على بعد 20 كلم. اما منظومة “Tornado-G” فتمثل تحديثا عميقا لمنظومة صواريخ "غراد" المشهورة، ولكنها ترمي صواريخها الى مسافة 100 كلم اي ابعد بمرتين ونصف المرة من صواريخ غراد المعروفة.

كما تم في القرم تشكيل فوج لمواجهة الحرب الاشعاعية، الكيماوية والجرثومية، مجهزة بالآليات والمعدات اللازمة. ويضم هذا الفوج آليات خاصة من طراز TDA-2K ، وتستطيع هذه الآلية نشر غيمة ضبابية على مساحة اكثر من 20 هكتارا وارتفاع 300 متر ولمدة 10 ساعات لاخفاء المطارات والمرائب والوحدات العسكرية او اي هدف آخر عن انظار طيران ورادارات العدو. ويمكن لهذه الآلية ان تعمل وهي متوقفة، وكذلك وهي سائرة بسرعة 40 كلم في الساعة.
هذا غيض من فيض من الاسلحة الميدانية الكلاسيكية الجديدة باستمرار التي يتسلح بها الجيش الروسي، ويتم حشدها الان في القرم. وهو طبعا غير الاسلحة الاستراتيجية واسلحة الدمار الشامل، المتوسطة والبعيدة المدى، البرية والبحرية والجوية والفضائية و"البيئوية".

روسيا لن تنتظر "الضربة الاولى" وردها سيكون ساحقا

ويقول بعض المطلعين ان الاستعدادات الروسية، بما في ذلك العمل لتغيير او تطوير العقيدة العسكرية تعتمد على العناصر المكونة التالية:
اولا ـ ان الخطأ الجسيم الذي ارتكب في الحرب العالمية الثانية، وهو عدم الاستعداد الكافي و"السماح" للعدو بتوجيه " الضربة الاولى" والتوغل في الاراضي الروسية وتكبيد الجيش والشعب الروسي خسائر فادحة قبل الانتقال الى الهجوم المعاكس، هذا الخطأ لن يتكرر بعد الان.
ثانيا ـ ان زمن العربدة الاستعمارية والامبريالية والصهيونية، والغربية عموما، قد ولى الى غير رجعة.

ثالثا ـ لقد شاركت روسيا في اتفاقات الحد من اسلحة الدمار الشامل، واتفاقات نزع التسلح تدريجيا، والعمل المشترك لحل الازمات الاقليمية والدولية؛ وعلى العموم اعطت روسيا الغرب الوقت الكافي لاعادة النظر في سياساته العدوانية ولايجاد نظام امن عالمي تستفيد منه جميع الدول والشعوب. ولكن الغرب اثبت انه لا يريد ذلك، وانه يواصل سياسة الهيمنة العالمية والعدوان على الشعوب، وهو يتحدى روسيا ويريد كسر شوكتها لانها تقف عقبة رئيسية امام هذه السياسة الاستعلائية والاستعمارية والعدوانية للغرب. وقد نفد صبر روسيا على هذا الصعيد، وهي "تلتقط قفاز التحدي"، وسترد على التهديدات بأشد منها واخطر.

رابعا ـ ان روسيا ستجاري الغرب في الالتفاف على اتفاقات نزع التسلح، وستطلق العنان لعلمائها وللمجمع الصناعي الحربي لاجل التسلح بكل اشكاله، ولا سيما لاجتراح الاسلحة البيئوية المذهلة التي تتيح المساحات الواسعة لروسيا اجراء التجارب عليها، والتي لا يستطيع الغرب مجاراتها.
خامسا ـ لن تسمح روسيا بعد الان بهزيمة حلفائها. فكل دولة وكل شعب يقرران الوقوف بوجه سياسة التوسع والعدوان والهيمنة الغربية والامبريالية والصهيونية، سيجدان الدعم المطلق، المباشر وغير المباشر، سياسيا ولوجستيا ومخابراتيا وعسكريا، من روسيا.

سادسا ـ ان الحدود الروسية، بما فيها شبه جزيرة القرم التي هي تاريخيا وراهنا جزء لا يتجزأ من روسيا، ستكون حصينة ومنيعة بطريقة يستحيل معها اختراقها. وكل يد تمتد الى الحدود الروسية ستقتلع من الكتف وستسقط رأس صاحبها. وان اي دولة موالية للغرب تجعل اراضيها قاعدة انطلاق للعدوان الناتوي والغربي على روسيا تغامر بمحوها من الخريطة.

سابعا ـ في حال غامر الناتو والغرب وعلى رأسه اميركا والدول الحليفة لها كاليابان وتايوان وكوريا الجنوبية، بمواجهة شاملة مع روسيا، فان اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية واوستراليا ستغرق في البحار، والسهول والجبال الاوروبية الغربية ستتحول الى مراع للمواشي والخيول والدببة الروسية، اما اميركا الشمالية وكندا فستلعنان الساعة التي ولد فيها كريستوف كولومبوس.
2014-09-09