ارشيف من :أخبار عالمية
قوانين صارمة بشأن العمالة الوافدة هل تدير ليبيا ظهرها للعرب والأفارقة؟
تعتبر الجماهيرية الليبية نفسها "أرض كل العرب والأفارقة" ولكنها تطبق هذه الأيام قوانين صارمة بشأن دخول وخروج العمالة الوافدة إلى أراضيها، وهو ما يطرح في الأفق تساؤلات عن سياستها المقبلة تجاه العرب والأفارقة.
ووفقاً للجهات الرسمية تقدر العمالة المقيدة رسمياً بحوالي 209.226 عمال بينهم 196607 من الذكور، و12619 من الإناث، أما الأفراد غير العاملين اقتصاديا فيبلغ عددهم 74819 منهم 21267 من الذكور، و53552 من الإناث، وبالمقابل هناك أضعاف هذه الأرقام غير مسجلة رسمياً في هيئة القوى العاملة.
ويرى مراقبون أن القرارات الأخيرة هي إحدى متطلبات إعادة تأهيل البلاد في علاقاتها مع الغرب بحيث تصبح ليبيا دولة "حاجزة" للعمالة غير الشرعية و"نقطة بوليس".
كما يتوقعون أن يتحول الإصرار الليبي على تطبيق هذه القرارات إلى "مصدر مشاكل" بين العرب والأفارقة والدولة الليبية في وقت يتولى فيه الزعيم الليبي معمر القذافي رئاسة الاتحاد الأفريقي والقمة العربية المقبلة.
وهذا ما دعا أمين الهيئة العامة للإعلام الخارجي بوزارة الخارجية عبد المجيد الدرسي إلى التأكيد على أن سياسة الجماهيرية العظمى تجاه أشقائها من العرب والأفارقة ثابتة وسوف تظل كذلك.
وقال الدرسي في تصريح خاص للجزيرة نت، إن الهدف الأساسي من قرار تنظيم العمالة هو تطبيق القانون رقم (6) لسنة 1987 بشأن تقنين وتسهيل إجراءات دخولها وخروجها وإقامتها.
ومن ناحيته يتمنى نائب القنصل العام المصري في مدينة بنغازي سامح عبد الهادي عدم اتخاذ السلطات الليبية قرارات نهائية في هذا الشأن بصورة منفردة قبل التشاور مع "أشقائها المصريين".
وأكد أن ليبيا دولة ذات سيادة، وأن سلطات بلده تحترم "أي قرار في مصلحة الشعب الليبي".
وفي معرض رده على تساؤلات للجزيرة نت عما إن كان القرار يشكل بداية خريطة طريق جديدة في تغيير سياسات ليبيا تجاه أشقائها العرب والأفارقة، طالب الدبلوماسي المصري بطرح مثل هذه التساؤلات على "القيادة الليبية الرشيدة" حسب قوله.
يشار إلى أن العمالة المصرية تحتل المرتبة الأولى في ليبيا بنسبة 70%، وبلغت حوالي مليون عامل منخرطين في كثير من المهن.
وبدوره أكد المحلل السياسي زاهي المغيربي أهمية القرار، مشيراً إلى أن فتح الحدود بطريقتها السابقة كانت لها آثار سلبية اقتصادية واجتماعية وسياسية.
وشخص المشكلة خلال حديث مع الجزيرة نت بأنها تتعلق بكيفية تطبيق القواعد الجديدة، بمعنى أن هناك مئات الآلاف من العمالة الوافدة التي دخلت ليبيا وفقاً للقواعد السابقة، وبالتالي -بحسب المغيربي- "ليس من المنطقي فرض رسوم مغادرة لم تكن موجودة وفق القوانين السابقة"، داعياً إلى تطبيق مثل هذه الرسوم على العمالة الجديدة.
واشترط المغيربي ضرورة استناد مثل هذه القرارات إلى دراسة وافية للأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في البلاد، وأن تتسم بالوضوح والاستقرار، وألا تكون عرضة للتغيرات السياسية والظروف الدولية، بل أن يكون هدفها الأساسي تحقيق المصلحة الوطنية الليبية.
ومن جهته أكد المحلل السياسي فتحي البعجة أن السلطات الليبية قد أدركت في فترات لاحقة خطر تحول البلاد إلى مكان آمن وملاذ للفارين والهاربين من العدالة في بلدانهم الأصلية.
وأضاف أن "أرض الجميع" -في إشارة إلى ليبيا- كانت فرصة لاختفاء مرتكبي الجرائم والمهربين والمارقين دون رادع أو رقيب، لكنها انتبهت إلى أن جزءا من خطر هذه الجموع العابرة للحدود قد يهدد النظام نفسه.
وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن السلطات الليبية استشعرت هذا الخطر بعد أن أصبح يشير إلى إمكانية تحول جزء من أراضي ليبيا إلى قاعدة "لحركات مسلحة" اتهمت بالإرهاب، وقد تقوض استقرار بعض بلدان الجوار و"ربما تهز حتى أركان نظامنا نفسه"، مؤكداً أن قرار العمالة سياسي وأمني أكثر من كونه تنظيميا.
وحمّل أستاذ العلوم السياسية الدولة مسؤولية معاناة هؤلاء الناس الذين دخلوا حدودها دون وضع شروط للإقامة والعمل والتنقل في السابق، مؤكدا أن أعدادا كبيرة من العمالة "غير الشرعية" دخلت بدون عنصرية أو تعصب أو تمييز من أي نوع.
ومن جانبه حذر عبد المطلب الريشي الكاتب في صحيفة "قورينا" المقربة من نجل القذافي سيف الإسلام، من تداعيات القرار الأمنية والسياسية، داعياً إلى التنسيق والتشاور عند تطبيق مثل هذه القرارات.
واستبعد الريشي في حديثه للجزيرة نت أن يكون القرار بداية مرحلة جديدة في تغيير سياسات ليبيا تجاه العرب والأفارقة.