ارشيف من :آراء وتحليلات

تونس: حضور ضعيف للمرأة على رأس القوائم الانتخابية

تونس: حضور ضعيف للمرأة على رأس القوائم الانتخابية

تصاعد الجدل في تونس مجددا بشأن مشاركة المرأة في الحياة السياسية بمناسبة تشكيل القوائم الإنتخابية المتعلقة بالإنتخابات النيابية والرئاسية اللتين ستشهدهما البلاد بداية من يوم 26تشرين الأول/ أكتوبر القادم على أساس الدستور الجديد الذي تمت المصادقة عليه بداية هذا العام من قبل المجلس الوطني التأسيسي. فرغم إقرار التناصف في القوائم بين الإناث والذكور بموجب القانون الإنتخابي الجديد الذي يفرض أن يتساوى الجنسان في كل قائمة انتخابية وإلا تم إسقاطها بالكامل، إلا أن اللافت هو الحضور الضعيف للمرأة على رأس القائمات الإنتخابية في بلد تباهى بالحداثة على الدوام ويعتبره البعض استثناءً عربيا في هذا المجال.

ولعل ما يثير الإستغراب أكثر أن حزبا دينيا على غرار حركة النهضة توجد على رأس قوائمه أربع نساء من أصل قرابة الثلاثين دائرة إنتخابية، في حين أن حزبا علمانيا هو حركة نداء تونس الذي يرأسه محمد الباجي قائد السبسي المرشح الرئاسي لديه فقط رئيستان ضمن قوائمه.


عقلية ذكورية

وعن أسباب هذا الحضور الضعيف للمرأة على رأس القائمات في مختلف الأحزاب التونسية، قالت القيادية في حركة نداء تونس ومرشحة الحزب عن دائرة تونس 2 (الدائرة الثانية للعاصمة) الناشطة الحقوقية في جمعية النساء الديمقراطيات بشرى بالحاج حميدة، لموقع العهد الإخباري، إن "الواقع في كل الفضاءات العامة، سواء كانت سياسية أو فيما يتعلق بالمجتمع المدني، يؤكد أن العقلية الذكورية السائدة لا تترك مجالا للنساء للبروز، وأن أفضل امرأة من حيث الكفاءة يمكن أن تزاح لفائدة رجل متوسط، وهذا ليس فقط في تونس بل في كل بلدان العالم. لهذا السبب وضعت آليات خاصة لفرض النساء في مواقع القرار كالحصة أو التناصف".


تونس: حضور ضعيف للمرأة على رأس القوائم الانتخابية
الانتخابات التونسية


وأضافت القيادية الندائية والناشطة الحقوقية "إن فشل المجلس التأسيسي في تونس في وضع التناصف الأفقي (التناصف الذي يفرض على كل حزب ليس فقط أن تتضمن كل قائمة من قوائمه تساويا في أعداد الإناث والذكور بل أيضا تساويا بين الجنسين في ترؤس القوائم بالنظر إلى مختلف الدوائر الإنتخابية)، كان بسبب تلاعب بعض الأطراف السياسية وعدم الاهتمام من البقية".

تقصير


وفيما يتعلق بأسباب الحضور المحتشم للمرأة على رأس قائمات حركة نداء تونس فان المسؤولية ترجع، بحسب بلحاج حميدة، إلى النساء أنفسهن اللواتي، على رغم نشاطهن والتزامهن الحزبي، لم يضعن أي خطة لا فردية ولا جماعية للوصول الى مواقع القرار، وأملت ان تكون النساء في حزبها قد استخلصن العبر من هذه الإنتخابات وأن يقع تلافي هذه النقائص مستقبلا.

الناشطة الحقوقية التي أقرت بأنها لم تقم بأي معركة لترؤس قائمة ولم تقم بما هو مفروض أن تقوم به لفائدة كل النساء داخل حركة نداء تونس، لفتت إلى "التحديات التي ستواجهها أهمها مواصلة العمل من أجل قوانين تضع حيز التنفيذ المبادئ الدستورية مثل المساواة والتناصف والقضاء على ظاهرة العنف".

أما بخصوص تركيز البعض في تونس خلال هذه الفترة على عدم كفاءة كثير من النائبات في المجلس التأسيسي الحالي كمبرر للحضور الضعيف للمرأة على رأس قوائم مختلف الأحزاب التي ستخوض الإنتخابات القادمة، فقد اعتبرت بشرى بلحاج حميدة أن هذا بحد ذاته مظهر من مظاهر التمييز بين الجنسين، إذ إن النواب غير الأكفاء وغير الملتزمين بالحضور في الجلسات والذين لا يتمتعون في بعض الحالات بأدنى صفات اللياقة هم من بين الرجال أيضا. وتابعت "رغم اختلافي التام على سبيل المثال مع نساء حركة النهضة أو غيرهن، إلا أنني لمست تطورا والتزاما لم ألمسه لدى العديد من النواب الرجال. لهذا فإن هذا المنطق بالذات، الذي يطالب المرأة بأن تكون كاملة الأوصاف، هو الحاجز أمام تمركز النساء في مواقع القرار".
2014-09-11