ارشيف من :ترجمات ودراسات
كاتب أميركي: حجج الاستيطان واهية
في مقال له بصحيفة واشنطن بوست أكد الكاتب جرشوم غيرمبورغ أن حجج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بخصوص الاستيطان كلها واهية, قائلا إن نتنياهو لا يريد في الواقع إلا الدفاع عن أيديولوجية متشددة هم أصحابها الوحيد هو استحواذ إسرائيل على أكبر قدر من الأراضي.
يقول الكاتب: "لا يكاد يمر يوم إلا ويطالعنا الإعلام الإسرائيلي على تقارير تقول إن نتنياهو على وشك التوصل إلى اتفاق مع الرئيس الأميركي باراك أوباما يمكن لإسرائيل أن تتجنب بموجبه التجميد الكامل للمستوطنات في الضفة الغربية, ويظل مصدر هذه الأخبار من مسؤولين إسرائيليين, وأحيانا من أميركي يشترط عدم ذكر اسمه".
وما يختلف من شائعة لأخرى, هو طبيعة المبرر الذي جعل إدارة أوباما تقبل بالسماح لخلاطات الخرسانة في أن تستمر في صب خليطها هنا وهناك، فأحيانا يقول نتنياهو إنه لا يستطيع من الناحية القانونية أن يوقف ما هو قيد التشييد من مبان, وأحيانا أخرى يقال إنه تمكن من إقناع واشنطن بالقبول بما يسمى "النمو الطبيعي" للمستوطنات الموجودة أصلا, وقد يتذرع نتنياهو, أحايين أخرى, بأن ائتلافه الحكومي سينهار إن هو أوقف البناء.
لكن هذه المبررات جميعها واهية ولا تعدو كونها "ستارة من دخان" لحجب الحقيقة, وإذا كان صناع السياسة الأميركيون جادين في ما يقومون به فإنهم يدركون ذلك جيدا.
فلنأخذ مثلا ادعاء إسرائيل بأنها لا تمتلك السلطة القانونية لوقف البناء بعد أن تم التوقيع على عقوده مع المقاولين, أو بعد أن دفع المشترون أموالهم مقابل الحصول على بيوت, إذ يقال إن نتنياهو ووزير دفاعه يهود باراك قدما ذلك ذريعة للموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل.
لكن -يقول الكاتب- ألم تفرض حكومة إسحاق رابين تجميدا جزئيا لبناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1992, ألم ترفض المحكمة العليا الإسرائيلية طعنين تقدم بهما مقاولو المستوطنين ومسؤولو بلدياتهم بإلغاء قرار رابين؟
بل إن المحكمة العليا أزاحت أي لبس حول هذه القضية عندما أصدرت أحكاما في العام 2005 تعطي للحكومة والبرلمان حق إجلاء المستوطنين من غزة.
وقالت المحكمة في حيثيات قرارها إن "تحقيق السلام والأمن والاعتراف الدولي" تبرر الإضرار بممتلكات المستوطنين وبحقوقهم المدنية شريطة منحهم تعويضات مالية مقابل ما يلحق بهم.
وبتحكيم العقل والمنطق, يتضح أنه إذا كانت المحكمة الإسرائيلية, نظرا لما تقتضيه المصلحة العليا للدولة, قد سمحت بإجلاء مستوطنين عن منازل أقاموا فيها لسنين, فإن بمقدورها أن تسمح للدولة بمنع إسرائيليين من إتمام بناء بيوت لم يدخلوها بعد, وتبقى المسألة القانونية الوحيدة هنا هي مسألة ما يستحقه المقاولون ومشترو البيوت من تعويضات.
ويكون في هذه الحالة أمل نتنياهو في الاستمرار في تقديمه مثل هذه المبررات منحصرا في عدم رجوع المسؤولين الأميركيين إلى التاريخ القضائي الإسرائيلي بخصوص مسألة المستوطنات.
أما ادعاء الحكومة الإسرائيلية أن مشاريع البناء الكبيرة تقتصر على "الكتل الاستيطانية" التي ستبقى لا محالة تحت السيطرة الإسرائيلية في أي حل نهائي, فإن واه لأن مصطلح "الكتل" عبارة فضفاضة تشير إلى مجموعات كبيرة من المستوطنات القائمة قرب حدود ما قبل 1967, كمستوطنة معالي أدوميم الواقعة شرقي القدس, غير أن مساحة هذه الكتل لم تحدد قط, والأهم أنها لا تزال تنتظر اتفاقا يبرم بين الفلسطينيين والإسرائيليين بشأن حدود دولتيهم في المستقبل.
ولا شك أن ما يكتنف مسألة مستقبل هذه الكتل من غموض هو بالضبط ما يجعل الحكومة الإسرائيلية تستمر في تشجيع نمو تلك الكتل, والغرض, كما كان دائما, هو جعل التواجد الإسرائيلي في هذه المناطق كبيرا بحيث يكون إجلاء المستوطنين مستحيلا.
والخدعة الأخرى, التي لا تقل أهمية تتمثل في مبرر "النمو الطبيعي" الذي يتحدث عنه الإسرائيليون, لكن أليس أمامهم بديل في نقل المستوطنين إلى داخل إسرائيل هم وأولادهم؟ والواقع أن الهجرة ظلت دائما في الاتجاه الآخر وبتشجيع من الحكومة.
أما ذريعة انهيار ائتلاف نتنياهو, فإن ذلك لا يهم, لأنه هو الذي اختار تشكيل حكومة بالتحالف مع اليمين المتطرف رغم أن حزبه حصل على نسبة تصويت أقل مما حصل عليه حزب كاديما, كما أن سبب انهيار مفاوضاته الائتلافيه مع زعيمة كاديما تسيبي ليفني هو بالذات رفضه القبول بتسوية حل الدولتين (...).
ولو وضعنا كل ذرائع نتنياهو جانبا, لوجدنا أنه متفق مع أوباما على أن المستوطنات تقف حجر عثرة في وجه أي انسحاب إسرائيلي يعتمد على حل الدولتين, لكنهما مختلفين حول ما إذا كان ذلك جيدا أم سيئا.
ووسط كل هذه الشائعات يبقى السؤال الحقيقي هو: هل ستظل إدارة أوباما صامدة بحزم على موقفها الداعي إلى تجميد البناء في المستوطنات كخطوة ضرورية لتحقيق السلام".
المحرر الدولي + وكالات