ارشيف من :آراء وتحليلات

واشنطن وحلف محاربة داعش: الى أين؟

واشنطن وحلف محاربة داعش: الى أين؟
تنشط الدبلوماسية الاميركية لتشكيل حلف اعلن عنه الرئيس الاميركي باراك اوباما لمحاربة داعش. كان ثمة اسئلة ملحة تتعلق بأهداف هذا الحلف وطبيعة عمله ، من قبيل : هل يمكن هزيمة داعش بمجرد القيام بغارات جوية على اعتبار ان المشاركة الاميركية خاصة والغربية عامة في حرب برية مستبعدة تماما؟

كيف يمكن محاربة داعش دون مشاركة سوريا او التنسيق معها لا سيما ان جزءاً ليس بالقليل من نشاط التنظيم يقع على الاراضي السورية؟
وماذا عن العراق اذا اخذنا بالاعتبار ان الحشد الشعبي الذي تم تشكيله لمساندة الجيش العراقي عُمدته كتائب حزب الله العراق وعصائب اهل الحق والمجلس الاعلى وجميعها تنظر اليها الولايات المتحدة بريبة خاصة ان الكتائب والعصائب شاركتا في العمليات ضد الاحتلال الاميركي في العراق؟؟
لم يأت الرئيس الاميركي باراك اوباما في كلمته عن استراتيجيته لمحاربة داعش باكثر مما كان قد اعلن عنه في زيارته الاخيرة لبريطانيا لحضور اجتماع لحلف الاطلسي.

اجاب اوباما عن بعض هذه الاسئلة لكن هذه الاجابات عقدت المشهد اكثر وطرحت اسئلة اكبر واخطر.

1- قال أوباما: "لن يكون لنا جنود على الأرض في سوريا لكن سنجد شركاء محليين للقيام بذلك".

ان اول سؤال يطرح هنا هو من هم هؤلاء الشركاء المحليون؟
ففي سوريا طالما ان خيار التنسيق معها تم استبعاده وتم اعتماد خيار دعم ما يسمى بالجماعات المعتدلة. فهل يحضّر الغرب لمغامرة ضد الحكومة السورية بعنوان محاربة داعش؟ وهل يتم احياء ما كانت جامعة الدول العربية قد اقترحته حول تشكيل قوة عربية ضد سوريا تحت عنوان الحلف الدولي؟

وماذا عن تركيا؟ هل ستشارك في هذا الحلف خاصة انها عضو في الحلف الاطلسي؟ وماذا عن الادوار المشبوهة لتركيا خاصة ما يتعلق منها ببيع النفط السوري والعراقي لمصلحة داعش؟ ومن هو الطرف الوحيد القادر على بيع هذا النفط غير تركيا ولا سيما ان داعش لا يملك نقطة بحرية؟ واقليم كردستان غير قادر على بيع نفطه الا بواسطة التركي فهل يمكن له بيع نفط غيره؟ وفي حال مشاركتها هل ستعمد تركيا لدخول الاراضي السورية والعراقية؟
وماذا عن المملكة السعودية؟ فهل سيقتصر عملها على الدعم المالي واستضافتها لقواعد تدريب هذا المعارضة السورية ؟ ام سنشهد نشاطا عسكريا ؟

وماذا عن الاردن؟ ان مركز ثقل "القوى المعتدلة" والتي يعنون بها ما يسمى الجيش الحر تقع على الحدود الاردنية وقد بات معروفا مراكز التدريب التي انشاتها الاستخبارات الاميركية في الاردن لتدريب هذه الجماعات. فهل يثق الاردن بان اي مغامرة عسكرية مباشرة لن تنقلب عليه لا سيما ان ارضية المملكة ارضية خصبة للتكفيريين؟

وماذا عن لبنان؟ فهل ستكون هذه الحرب مدخلا جديدا للولايات المتحدة لتنفذ رغبة قديمة باقامة قاعدة عسكرية لها في لبنان او مركز مراقبة ورصد؟
وماذا عن اسرائيل، فهل سيكون لها دور في هذا التحالف ؟ ام انها قد تعمل على هامشه مستفيدة من الاجواء السائدة لتنفيذ مشاريع لا سيما على جبهة الجولان؟

2- قال أوباما: "من المفيد وجود دول ذات أغلبية سنية في التحالف المنوي بناؤه لمواجهة داعش" .
قد يبدو هذا الشعار منطقيا لتجنب تحول الصراع الى صراع مذهبي. ولكن ماذا لو تحول الحلف من محاربة داعش الى تغيير انظمة كما ذكرنا في النقطة السابقة وخصوصا سوريا؟ فهل يعني ذلك ان استمرار قتال حزب الله هناك اذا ما حصل اي صدام معه سيحول القتال الى قتال مذهبي يشترك فيه حزب الله (الشيعي) والنظام السوري ( العلوي) ضد دول سنية؟
وماذا عن الجمهورية الاسلامية في ايران فهل هذا الحلف ذو الاغلبية (السنية) وفق قول اوباما، سيكبل ايران ويمنعها من دعم حلفائها تلافياً لتحول الحرب الى حرب مذهبية؟

واشنطن وحلف محاربة داعش: الى أين؟
"داعش"

3- قال اوباما: "هناك إجماع على أن داعش خطر داهم وتهديد على المدى الطويل لأعضاء الحلف الاطلسي".
ان قيادة الاطلسي لهذا يطرح علامات استفهام عن تركيا ودورها؟ وهل سيكون هناك دور لبعض دول اوروبا الشرقية المنضمة حديثا الى الحلف؟ وهل ستسمح روسيا لهذا الحلف بالدخول بهذا النوع من المغامرات؟

4- قال اوباما: "ان مهمة وزير خارجيته جون كيري في الشرق الاوسط هي بناء ائتلاف هدفه الحط من قدرات داعش وصولا إلى القضاء عليه".
وهذا يعني انه يتحدث عن عمل عسكري طويل الامد فهل تتحمل المنطقة حربا طويلة؟ وكم ستبلغ فاتورة هذه الحرب التي لا شك ان دولا خليجية ستسدد فاتورتها المالية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية؟

اسئلة كثيرة يمكن ان تطرح ، وهي اسئلة مشروعة في ظل قيام الولايات المتحدة بغض الطرف عن توسع داعش الى هذا الحد لا سيما في العراق. وخاصة ان الولايات المتحدة قد جلست متفرجة على داعش وهو يجتاح الموصل ولم تحرك ساكنا. فهل ما سنشهده هو المرحلة التالية من مشاريع التقسيم تحت ذريعة محاربة داعش؟
2014-09-15