ارشيف من :نقاط على الحروف
الاعلام العربي واحتقار الذاكرة
قصيرة هي ذاكرة الاعلام العربي عموما والاعلام الخليجي خصوصا بل هي متنافرة الى حد التناقض.
لن يصعب على المتابع اذا ما فتح صفحة لموقع صحيفة او محطة تلفزيونية خليجية ان يقرأ خبرين متناقضين لا يفصل بينهما ساعات فقط على تاريخ النشر. فهل يشكل هذا التناقض دليلا على المهنية، بمعنى انها تنشر الخبر كما هو بغض النظر عن تطابقة او تناقضه؟
قد يصح الكلام هذا فيما لو كانت هذه الاخبار منقولة بحرفيتها عن وكالات عالمية او تصريحات لسياسيين ، عند ذلك فان التناقض هو تناقض قائلها لا ناقلها. ولكن هل هذا فعلا ما يحصل مع هذا الاعلام؟
الجواب هو وبكل بساطة لا . لان ما نتحدث عنه هنا ليس هذا النوع من الاخبار، بل نتحدث عن مقالات يرتبط اصحابها بهذه المؤسسات، ونتحدث هنا عن مقدمات نشرات اخبارهم، عن الضيوف الذين يستحضرونهم وعن نقل وجهة نظر واحدة، كل ذلك يقع في سياق التجييش الاعلامي الممنهج.
عندما يتحول المجرم الى مظلوم
فلنعد قليلا إلى الوراء، ليس الى تاريخ سحيق بل الى اشهر معدودات وتحديدا الى منتصف شهر حزيران/ يونيو الماضي عندما اجتاحت داعش "بغزوة" الموصل الشمال العراقي وكيف تعامل معها الاعلام الخليجي بشكل عام لا سيما السعودي والقطري تبعا لموقف البلدين؟
قناتا العربية والجزيرة
حينها، اطلق هذا الاعلام اسم "الثوار" على داعش واعتبر ان ما يحصل في العراق هو ثورة شعبية "عشائرية" ضد "الظلم والقهر والاستبداد" وضد "التهميش والاقصاء والحرمان" الذي يمارسه نوري المالكي ضد فئة معينة من الشعب العراقي.
نحن هنا لا نتحدث عن وسائل اعلامية هامشية بل نتحدث عن فضائيات عالمية معروفة الانتماء والاهواء. ويكفي ان نراجع ارشيف محطتي الجزيرة والعربية لنرى حجم هذا التجييش والتحريض الطائفي الذي مارسته هاتان المحطتان ضد الشعب العراقي، وسنرى ايضا حجم "المظلومية" التي ظهرت بها داعش بل التي أُظهرت بها جراء هذا الاعلام.
وقال الاميركي كلمته "هلموا الى الجهاد"
بعد الغزو كان الغازي هو المظلوم والمقهور والمهمش والمحروم من ابناء العشائر العراقية.
اما الآن وبعد ان قالت الولايات المتحدة الاميركية كلمتها واعلنت ان داعش خطر يجب محاربته (بعيدا عن الاهداف الاميركية) انقلب هذا الاعلام على نفسه فأخذ يتحدث عن داعش وخطره، عن تمدده في العراق، عن وحشيته وجرائمه، عن خطورته على وحدة العراق ودول الجوار. تحول هذا الاعلام الى منبر متقدم يسوق لحلف عالمي لمحاربة داعش. بين ليلة وضحاها تحول "الضعيف" الى وحش، و"المحروم" الى مجرم، و"المهمش" الى شرير و"طالب الحقوق" الى مطلوب للعدالة و"المقهور" الى خطر يجب استئصاله.
قد لا تقع اللائمة على هذا الاعلام الذي تملكه انظمة تسعى لتسويق مشروعها وهو بالاصل وجد لتحقيق مكاسب سياسية، لكن المشكلة الاكبر تقع على عاتق جمهور هذا الاعلام.
ان هذا التعامل المتناقض من قبل هذا الاعلام لا يصيب ذاكرة الطرف المقابل الذي يقع على نقيض هذا التيار السياسي، بل هو يصيب اولا واخيرا ذاكرة المؤيدين له ،هو لا يسعى لمحو ذاكرتهم وانما يحتقرها ، يغتصبها، يسخّفها. اذا تقبل جمهور هذا التيار هذا الامر فذاك شأنهم وقد صدق من قال : كما تكونون يولى عليكم.
لن يصعب على المتابع اذا ما فتح صفحة لموقع صحيفة او محطة تلفزيونية خليجية ان يقرأ خبرين متناقضين لا يفصل بينهما ساعات فقط على تاريخ النشر. فهل يشكل هذا التناقض دليلا على المهنية، بمعنى انها تنشر الخبر كما هو بغض النظر عن تطابقة او تناقضه؟
قد يصح الكلام هذا فيما لو كانت هذه الاخبار منقولة بحرفيتها عن وكالات عالمية او تصريحات لسياسيين ، عند ذلك فان التناقض هو تناقض قائلها لا ناقلها. ولكن هل هذا فعلا ما يحصل مع هذا الاعلام؟
الجواب هو وبكل بساطة لا . لان ما نتحدث عنه هنا ليس هذا النوع من الاخبار، بل نتحدث عن مقالات يرتبط اصحابها بهذه المؤسسات، ونتحدث هنا عن مقدمات نشرات اخبارهم، عن الضيوف الذين يستحضرونهم وعن نقل وجهة نظر واحدة، كل ذلك يقع في سياق التجييش الاعلامي الممنهج.
عندما يتحول المجرم الى مظلوم
فلنعد قليلا إلى الوراء، ليس الى تاريخ سحيق بل الى اشهر معدودات وتحديدا الى منتصف شهر حزيران/ يونيو الماضي عندما اجتاحت داعش "بغزوة" الموصل الشمال العراقي وكيف تعامل معها الاعلام الخليجي بشكل عام لا سيما السعودي والقطري تبعا لموقف البلدين؟
قناتا العربية والجزيرة
حينها، اطلق هذا الاعلام اسم "الثوار" على داعش واعتبر ان ما يحصل في العراق هو ثورة شعبية "عشائرية" ضد "الظلم والقهر والاستبداد" وضد "التهميش والاقصاء والحرمان" الذي يمارسه نوري المالكي ضد فئة معينة من الشعب العراقي.
نحن هنا لا نتحدث عن وسائل اعلامية هامشية بل نتحدث عن فضائيات عالمية معروفة الانتماء والاهواء. ويكفي ان نراجع ارشيف محطتي الجزيرة والعربية لنرى حجم هذا التجييش والتحريض الطائفي الذي مارسته هاتان المحطتان ضد الشعب العراقي، وسنرى ايضا حجم "المظلومية" التي ظهرت بها داعش بل التي أُظهرت بها جراء هذا الاعلام.
وقال الاميركي كلمته "هلموا الى الجهاد"
بعد الغزو كان الغازي هو المظلوم والمقهور والمهمش والمحروم من ابناء العشائر العراقية.
اما الآن وبعد ان قالت الولايات المتحدة الاميركية كلمتها واعلنت ان داعش خطر يجب محاربته (بعيدا عن الاهداف الاميركية) انقلب هذا الاعلام على نفسه فأخذ يتحدث عن داعش وخطره، عن تمدده في العراق، عن وحشيته وجرائمه، عن خطورته على وحدة العراق ودول الجوار. تحول هذا الاعلام الى منبر متقدم يسوق لحلف عالمي لمحاربة داعش. بين ليلة وضحاها تحول "الضعيف" الى وحش، و"المحروم" الى مجرم، و"المهمش" الى شرير و"طالب الحقوق" الى مطلوب للعدالة و"المقهور" الى خطر يجب استئصاله.
قد لا تقع اللائمة على هذا الاعلام الذي تملكه انظمة تسعى لتسويق مشروعها وهو بالاصل وجد لتحقيق مكاسب سياسية، لكن المشكلة الاكبر تقع على عاتق جمهور هذا الاعلام.
ان هذا التعامل المتناقض من قبل هذا الاعلام لا يصيب ذاكرة الطرف المقابل الذي يقع على نقيض هذا التيار السياسي، بل هو يصيب اولا واخيرا ذاكرة المؤيدين له ،هو لا يسعى لمحو ذاكرتهم وانما يحتقرها ، يغتصبها، يسخّفها. اذا تقبل جمهور هذا التيار هذا الامر فذاك شأنهم وقد صدق من قال : كما تكونون يولى عليكم.