ارشيف من :آراء وتحليلات

هل يستعد الناتو للتدخل قريبا في ليبيا؟

هل يستعد الناتو للتدخل قريبا في ليبيا؟

لم يعد الوضع المتدهور في ليبيا يثير قلق دول جوار طرابلس العرب والأفارقة فحسب، بل بات مصدر إزعاج لبلدان القارة العجوز في الضفة الشمالية المقابلة للمتوسط. فهذه الدول لا تخفي أطماعها في الثروة الطاقية الهائلة لبلد عمر المختار، كما أنها تخشى من تدفق المهاجرين غير الشرعيين والتكفيريين على أراضيها في حال لم تستتب الأمور وطغت الفوضى على هذا البلد المترامي.

وهو ما يفسر بحسب البعض القلق الذي أبداه وزير الدفاع الفرنسي جون إيف لودريان خلال جولته الأخيرة التي قادته وما زالت تقوده إلى عدد من بلدان المنطقة على غرار الإمارات العربية المتحدة ومصر. ففي ليبيا يتصارع في الوقت الراهن على حكم البلاد برلمانان وحكومتان، إحداهما مدعومة من "الإسلاميين المعتدلين" (الإخوان) المتحالفين مع المتشددين التكفيريين ومع ثوار مسراطة ممن شاركوا في معركة الإطاحة بالقذافي.

ضربات جوية


ويرى كثير من المراقبين بأن جولة وزير الدفاع الفرنسي تتكامل، وفي إطار توزيع الأدوار، مع ما تقوم به إيطاليا (المستعمر السابق لليبيا) من جهود لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يتيح لحلف الناتو توجيه ضربات جوية تستهدف "الجماعات التكفيرية" في عمق الأراضي الليبية. فالوزير الفرنسي بحسب هؤلاء بصدد الإتفاق مع دوار جوار ليبيا على فتح مجالها الجوي لطائرات الناتو وحثها أيضا على المساهمة في هذه الضربات مستثنيا تونس التي ما زالت حركتها الإخوانية (حركة النهضة) في موقع القرار ولديها من النفوذ ما يجعل الدولة التونسية رافضة لأي تدخل عسكري في ليبيا يستهدف حلفاء حركة النهضة هناك.

هل يستعد الناتو للتدخل قريبا في ليبيا؟
علم ليبيا

ولعل ما يدعم هذا الرأي هو حديث البعض عن اتفاق سري أبرمه البرلمان الليبي الجديد (المرابط في مدينة طبرق بعد أن رفض المؤتمر الوطني المدعوم من الإسلاميين، إنهاء مهامه وتسليم سلطاته للبرلمان الجديد) مع الحكومة المصرية يسمح للقوات المسلحة المصرية بالقيام بعمليات عسكرية في عمق الأراضي الليبية دعما للواء خليفة حفتر الذي يقود عملية ضخمة لتصفية الجماعات التكفيرية. ورغم نفي جماعة طبرق لوجود هذا الإتفاق، الذي قيل إن مدته خمس سنوات قابلة للتجديد، إلا أن جهات عديدة تؤكد صحته وتؤكد أيضا أنه تم بضوء أخضر جزائري.

اتهامات

وتتهم جهات موالية للإسلاميين في ليبيا دولة الإمارات العربية المتحدة أيضا بالتورط في الشأن الليبي خاصة بعد أن شملت جولة وزير الدفاع الفرنسي هذه الدولة الخليجية التي كانت طرفا فاعلا في دعم الدولة المصرية ماليا بعد قيام الرئيس عبد الفتاح السيسي بإنهاء حكم الإخوان. وتُتهم الإمارات أيضا مع مصر من قبل الإسلاميين في ليبيا بالتورط بقصف مواقع للجماعات الإسلامية منذ أسابيع دعما للواء الليبي خليفة حفتر الذي يحارب هذه الجماعات، وهو ما نفته مصادر ليبية معارضة، مؤكدة أن تلك الطائرات كانت لقوات تابعة لحفتر ولا علاقة لـ"أبو ظبي" بها.

ويطرح المراقبون أسئلة عديدة فيما يتعلق بقطر التي عرف عنها أنها مساندة لوصول الإسلاميين إلى الحكم في إطار ما سمي "ربيعا عربيا"، كما أن البعض تحدث عن ارتباطات بين قطر والجماعات الإسلامية في ليبيا، فهل ستواصل الدوحة دعم هذه الجماعات بعد الإتفاق الخليجي الأخير؟ هل يمكن للدوحة أن تتصرف بخلاف إرادة حلفائها الخليجيين فتتحول ليبيا إلى ساحة للصراع بين السعودية والإمارات من جهة وقطر من جهة أخرى؟ أم أن الدوحة ستغض الطرف عن حلفائها في ليبيا وتتركهم فرادى يواجهون مصيرهم المحتوم وضربات الناتو الموجعة المتفقة مع رغبات دول الجوار؟
2014-09-18