ارشيف من :نقاط على الحروف

في مواجهة ’داعش’: نحو معركة الاعلام

في مواجهة ’داعش’: نحو معركة الاعلام

ليس ميدان المعركة العسكرية مع "داعش" وحده الحاسم لمآل الأمور رغم أرجحيّته. في الحرب مع الارهاب أسلحة أخرى يعتبر الاعلام أحد أهمّها. وبما أن لبنان هو احدى الساحات الخصبة التي تسعى المجموعات التكفيرية لاستغلالها والتمدد فيها، فإن الاعلام اللبناني صار في قلب المعركة شاء أم أبى.

"للإعلام أهمية كبيرة في المواجهة"، هذا ما يؤكّده رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ في حديث لموقع "العهد الاخباري". وإذ يلفت محفوظ الى أن الاعلام أبدى تحوّلاً ايجابياً في طريقة التعاطي الاعلامي في الفترة الأخيرة، أكّد وجود بعض المخالفات "الجزئية" التي لا تزال ترد في مقدمات النشرات.

لكن محفوض يشدد على وجود مخالفة "جسيمة" ارتكبتها قناة "إل بي سي" كاشفاً أن المجلس الوطني للاعلام أحال هذه المخالفة الى مجلس الوزراء لاتخاذ الاجراءات المناسبة وذلك في اطار تقرير رفعه الى الحكومة يلخّص جملة من المخالفات لعدد من وسائل الاعلام.

في مواجهة ’داعش’: نحو معركة الاعلام
وسائل الاعلام اللبنانية

المخالفة التي تحدث عنها محفوظ تتمثل بتقرير للمؤسسة اللبنانية للارسال من طرابلس بتاريخ 14 أيلول، حول الارهابيين أسامة منصور وشادي المولوي ومبايعة منصور للارهابيين. التقرير الذي اعتبر بمثابة ترويج لمنصور، تضمن مقابلة لمراسل القناة معه ومع صديقه شادي المولوي، ليفتح الهواء للفكر "الداعشي" والتحريض المذهبي. فوردت عبارات كـ"النصيرية" و"الرافضة"، فضلا عن الترويج والدعوة للقتل واستهداف وحدة الجيش اللبناني.

التقرير المذكور يعيد الى الأذهان التحريض الذي لا ينفك بعض وسائل الاعلام عن ممارسته ضد فئة من اللبنانيين. فبتاريخ 6 أيلول الفائت، أوردت قناة "إم تي في" في مقدّمة نشرتها الاخبارية ما نصّه "العوائق الكبيرة التي تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية وإجراء الانتخابات النيابية، والأفخاخ التي حالت حتى الساعة دون إنهاء سريع ومنطقي لمسألة العسكريين المخطوفين، هي عراقيل وأفخاخ من صنع فئة لبنانية معروفة.. من هذه الحقائق يمكن الاستنتاج أن الدولة تدفع نحو محظورين: الأول، تفكك الحكومة إن حاول بعضها القيام بعمل دستوري سيادي للخروج من المأزقين، والثاني، دفع الجيش إلى مواجهة عسكرية مع القوى المتطرفة التي تتهدد حدوده الشرقية والشمالية، وهي معركة حق يراد منها باطل للجيش ".

مقدّمة أقل ما يقال عنها إنها تبتغي التحريض ضد "فئة لبنانية معروفة" محوّلة بذلك الأنظار عن الارهابيين وجرائمهم، وموحية بأن الجيش اللبناني ليس في معركة حقيقية مع الارهاب، انما هناك من يريد دفع الجيش للمواجهة. وكأن المجموعات الارهابية بريئة من دماء العسكريين. كما اعتبرت القناة أن "لائحة مطالب المجموعات المسلحة منطقية يمكن للحكومة أن تتفاوض عليها"، في تسويق واضح لمطالب الارهابيين وتبريرها.

وفي النشرة عينها، أوردت القناة تقريراً تضمن بيان "داعش" حول عملية ذبح العسكري الشهيد عباس مدلج، حيث كان حرصٌ على تلاوة البيان كما هو والتركيز على أن البيان وصف الشهيد مدلج بـ"الرافضي"، وهو ما يساهم في تحريك الغرائز والإساءة للوحدة الوطنية وتماسك الجيش اللبناني.

قناة "المستقبل" كذلك لم تتخلَّ عن مبدأ التحريض في عزّ الأزمات. ففي السابع من أيلول أوردت في مقدّمة نشرتها الاخبارية ما نصه "هل خطف مواطنين من بلدة عرسال والتهديد بذبح أحدهما لا يخدم "داعش" ومنطقها؟ وهل الاعتداءات على أهالي عرسال وآخرها عصر هذا النهار، ألا يصب في خانة توتير الأجواء فضلا عن قطع الطرق، فهل هناك من يريد تحقيق ما عجزت عن تحقيقه المنظمات الارهابية؟".

وهنا تبدو المساهمة في "صب الزيت على النار" واضحة، وفي وقت كان فيه لبنان بأمس الحاجة الى من يلم شمل الوطن ويخفف من حدة الانقسام تفادياً للوقوع في فخ القتنة.

محفوظ الذي يلحظ حرصاً حديثاً من وسائل الاعلام على عدم التورط في المخالفات، يأمل منها أن تخوض معركة أيديولوجيّة ضد الارهاب، وأن تلتزم بعدم اعطاء الارهابيين مساحة لتبرير أفكارهم وجرائمهم عبرها، وأن تشدد على الوحدة الوطنية والدعوة الى الحوار.
2014-09-20