ارشيف من :آراء وتحليلات

قرية بتير تنتصر لـ فلسطين

قرية بتير تنتصر لـ فلسطين

لفلسطين تاريخ تراثي كبير يزخر بمئات القرى والمدن التاريخية. هذه القرى تعبر عن التراث الفلسطيني، وتحاكي التاريخ الإسلامي والمسيحي في فلسطين. وتعتبر فلسطين من أهم الدول العربية التراثية. من هذه القرى قرية بتير في الضفة الغربية، التي تعتبر أحد المعالم الأثرية، وكانت مهددة بمحو تاريخها الحضاري من قبل الاحتلال الصهيوني الذي سعى جاهداً الى محاصرتها عبر جدار الفصل العنصري.

لقد عانت قرية بتير الفلسطينية الممتدة على مساحة (12 ألف دونم) الكثير جراء السياسات العنصرية التعسفية ضدها، كما أن مخطط بناء جدار الفصل العنصري الذي كان سيقسمها شطرين يهدف إلى إنهاء التاريخ والتراث فيها، حيث برزت أطماع الصهاينة في هذه القرية التاريخية الأثرية بصورة علنية. وعرفت قرية بتير بمدرجات الزيتون التي لا تزال مستغلة.

وتتميز القرية الواقعة على جبال الضفة بالقرب من القدس المحتلة بكثرة الوديان المائية العذبة والمصاطب الحجرية الخلابة، وتشتهر بتدفق المياه عبر نظام ري تاريخي يعود لزمن الحقبة الرومانية إلى وادٍ عميق، كما يوجد في القرية طريق للسكك الحديدية، وهو بالأساس جزء من سكة حديد الحجاز التي ربطت بين يافا والقدس وشيدت في زمن الإمبراطورية العثمانية عام 1892م.

وأثمرت المساعي الحثيثة التي بذلت من قبل الفلسطينيين، في جعل القرية التراثية تحقق انتصاراً أممياً كبيراً، في معركة التاريخ الثقافي والتراثي، حيث أدرجت على لائحة التراث العالمي، في اجتماع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو".

حماية الممتلكات الثقافية

لقد عرفت اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي في المادة الأولى منها، الآثار: بالأعمال المعمارية، وأعمال النحت والتصوير على المباني، والعناصر أو التكاوين ذات الصفة الأثرية، والنقوش، والكهوف، ومجموعات المعالم التي لها جميعاً قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ، أو الفن، أو العلم. فيما عرفت المادة الثانية منها "التراث الطبيعي" بـ"المعالم الطبيعية المتألفة من التشكيلات الفيزيائية أو البيولوجية، أو من مجموعات هذه التشكيلات، التي لها قيمة استثنائية من وجهة النظر الجمالية، أو العلمية".

وقد أشارت المادة 5 من الاتفاقية إلى أنه "لتأمين اتخاذ تدابير فعالة ونشطة لحماية التراث الثقافي والطبيعي الواقع في إقليمها والمحافظة عليه وعرضه، تعمل الدول الأطراف في هذه الاتفاقية، كل بحسب ظروفها وفي حدود إمكاناتها، على اتخاذ سياسة عامة تستهدف جعل التراث الثقافي والطبيعي يؤدي وظيفة في حياة الجماعة، وإدماج حماية هذا التراث في مناهج التخطيط العام. ودعت الاتفاقية إلى إقامة نظام للتعاون والعون الدوليين، يستهدف مؤازرة الدول الأطراف في الاتفاقية، في الجهود التي تبذلها للمحافظة على هذا التراث ولتعيينه.

قرية بتير تنتصر لـ فلسطين
قرية بتير


كما أكدت العديد من اتفاقيات القانون الدولي على حماية الممتلكات الثقافية من اتفاقية لاهاي للحرب البرية، عام 1907 إلى اتفاقية لاهاي الموقعة عام 1954م، وبروتوكولَيْها الإضافيَّيْن لحماية الممتلكات الثقافية في وقت الحرب. وقد حظرت المادة 56 من لائحة لاهاي الرابعة كل حجز أو تدمير أو إتلاف عمدي للمؤسسات والآثار التاريخية والفنية والعلمية، وأوجبت اتخاذ الإجراءات القضائية ضد مرتكبي هذه الأعمال.

ومن بين هذه الاتفاقيات، اتفاقيتا جنيف الثالثة والرابعة الموقعتان عام 1949م، وبروتوكولاهما الإضافيَّان الموقعان عام 1977م، واعتبرت المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة 85 من البروتوكول الإضافي الأول ان تدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية من المخالفات الجسيمة. كما وحظرت المادة 53 من البروتوكول الإضافي الأول الأعمال العدائية الموجهة ضد الآثار التاريخية أو الأعمال الفنية أو أماكن العبادة، التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب.


انتصار بتير انتصار لتاريخ فلسطين

يعتبر حصول قرية بتير على حماية دولية، انتصارا لفلسطين على الكيان الصهيوني، وبالتالي انتصارا للحضارة والتاريخ الفلسطيني، حيث يؤكد صلاح الخواجة عضو الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان أن "هذا الانتصار هو انتصار لتاريخ وحضارة الشعب الفلسطيني باعتبار ان ما تحمله قرية بتير من معالم اثرية يرتبط بعقود طويلة في التاريخ الفلسطيني"، مشدداً على أن "قرية بتير تثبت الوجود العربي الفلسطيني التاريخي في كل ما تملك من اثار".

ويشير خواجة، في حديث لموقع "العهد"، إلى أن "اعتراف الاونيسكو بتراثية قرية بتير ووضعها على لائحة التراث العالمي هو إفشال لأي مشاريع صهيونية لتهويد منطقتنا، وخصوصاً أن معركتنا مع الاحتلال هي معركة مواجهة للتهويد".

ويوضح أن "هذا الانتصار يعكس قدرة الفلسطينيين على مواجهة التهويد، والقدرة على استخدام القانون لمنع أي مشروع صهيوني للتهويد ومصادرة الأراضي"، لافتاً إلى أن "هناك فرصة لتقديم قضايا قانونية لمحاكمة إسرائيل في المحاكم الجنائية الدولية في حال القيام بتهويد مناطقنا ومصادرة اراضينا".

إذاً، إن الصراع مع العدو الصهيوني هو صراع وجودي، صراع على الأرض والتاريخ والتراث، لذلك يجب دعم ومساندة الفلسطينيين في مواجهة الغطرسة الصهيونية ومحاولات التهويد ومحو التاريخ الثقافي والحضاري والإنساني لفلسطين.
2014-09-22