ارشيف من :آراء وتحليلات

التحالف الدولي: لمحاربة داعش أم لاستخدامها كأداة في خدمة مشروع الهيمنة؟

التحالف الدولي: لمحاربة داعش أم لاستخدامها كأداة في خدمة مشروع الهيمنة؟
جميع المعطيات المتوافرة في ساحة المواجهة في المنطقة تدلل على كذب المزاعم الأميركية المتعلقة بضرب "داعش". فـ"داعش" كانت وما زالت تحظى بدعم غير محدود من قبل المحور الصهيو-أميركي، في محاولة فاشلة للرد على فشل الحرب على سوريا. أما ضرب "داعش"، فلا يمكن أن يتم إلا على يد محور المقاومة في إطار التصدي لمشروع الهيمنة الصهيو-أميركي.

هنالك رأي وحيد يشكل العمل به رداً جدياً على "داعش" التي لم تبق دولة أو جهة رسمية أو غير رسمية إلا وانضمت إلى الإجماع القائل بأنها تشكل خطراً على المنطقة والعالم. ذلك الرأي تنادي به بعض الأوساط اليسارية في الغرب، ويقول بضرورة الإسراع باجتثاثها لوقف ما ترتكبه من فظائع. لكن صحيفة "الغارديان" البريطانية اعتبرت هذا الرأي "ساذجاً" لأنه لا يأخذ تعقيدات الأوضاع في المنطقة بعين الاعتبار.

الموقف الأميركي الحقيقي : دعم "داعش"


والحقيقة أن "الغارديان" قد عبرت، باستبعادها لحل على أساس اجتثاث "داعش"، عن الموقف الحقيقي والنهائي للمحور الصهيو-أميركي وامتداداته العربية من هذا التنظيم الارهابي والتكفيري وغيره من التنظيمات المشابهة. أما قعقعة السلاح التي ترافق تشكيل التحالف الدولي والشروع بقصف بعض المواقع في شمال العراق، وخصوصاً في المنطقة المحاذية لإقليم كردستان، فإن ذلك لا يعدو كونه نوعاً من التمويه المكشوف .

وتبرر "الغارديان" وجهة نظرها بما أسمته "النتائج الكارثية" التي قد تنجم عن مواجهة "داعش". وتشترك وسائل إعلام ودول عديدة مع الصحيفة المذكورة في تشخيص تلك النتائج على الشكل التالي : صعوبة القضاء على هذا التنظيم؛ والغضب الذي سيثيره ذلك عند المتطرفين السنة الذين لن يترددوا في تشكيل تنظيمات أكثر همجية من "داعش"؛ وما ستفضي إليه المواجهة من أعمال انتقامية وموجات نزوح، وما إلى ذلك من حجج لم تمنع قوى الهيمنة، في الماضي والحاضر، من إبادة شعوب بكاملها من أجل فرض سيطرتها هنا وهناك.

التحالف الدولي: لمحاربة داعش أم لاستخدامها كأداة في خدمة مشروع الهيمنة؟
"داعش"


لكن رفض المواجهة لا يعود إلى هذه الأسباب وحدها، بل إلى ما عبرت عنه أكثر من جهة غربية وعربية من أن ضرب " داعش" يصب مباشرة في مصلحة إيران وسوريا وحزب الله. والواضح أن هذا الموقف يكفي للدلالة على أن الصراع الرئيسي المحتدم في المنطقة منذ عقود هو تحديداً وحصريا الصراع بين محور المقاومة والمحور الصهيو-أميركي. كما يكفي للدلالة على أن العداء لمحور المقاومة والعمل المحموم من أجل ضربها هما القاسم المشترك بين التنظيمات الإرهابية التكفيرية وبين المحور الأخير. وبالتالي، فإن السذاجة وحدها هي التي قد تسمح للبعض بأن يظنوا أن التحالف الدولي يهدف فعلاً إلى ضرب "داعش".

الغرب يريد لـ"داعش" أن تقيم دولة على أمل أن تكون دولة فاشلة تدمر نفسها بنفسها
وفي هذا السياق، ظهرت تحليلات عديدة اعتبرت أن ما يشاع عن مساع للتعاون الاستخباراتي والعسكري بين سوريا والولايات المتحدة من أجل دحر "داعش"، لا سيما في موضوع السماح للطائرات الأميركية بالتحرك في الأجواء السورية وبضرب مواقع "داعش" في سوريا، ليس غير تغطية لمرحلة جديدة من الحرب الكونية التي تقودها واشنطن بهدف إسقاط سوريا.

فالواقع أن صعود "داعش" وغيرها من التنظيمات المشابهة ليس غير تفصيل بسيط في سلسلة التكتيكات الفاشلة التي اعتمدت للرد على المأزق الذي قاد إليه اندحار مشروع الهيمنة الصهيو-أميركية في ظل التقدم الذي حققه محور المقاومة في إيران ولبنان وفلسطين. وخصوصاً في ظل الفشل في إسقاط سوريا بعد أكثر من ثلاث سنوات من حرب عاتية كان من المفترض أن تحقق أهدافها خلال أيام أو أسابيع قليلة.

سجل الأكاذيب


أما عن نية واشنطن وحلفائها وأدواتها في ضرب "داعش"، فلا مكان لها في غير سجل الأكاذيب التي طالما استخدمت كمبررات لشن الحروب العدوانية. وقد أصبح ملف الحرب على "داعش" مليئاً بما لا يحصى من وقائع تشهد على كذب هذا الادعاء. وعلى كون "داعش" أداة في يد المحور الصهيو-أميركي.

معظم الأسلحة التي تمتلكها "داعش" وصلتها من الولايات المتحدة والسعودية
ومن هذه الوقائع ما ذكرته "نيويورك تايمز" مؤخراً عن كون معظم الأسلحة التي تمتلكها "داعش" قد وصلتها من الولايات المتحدة والسعودية تحت ستار مساعدة ما يسمى بـ "المعارضة المعتدلة" في سوريا.

ومنها أيضاً أن الدول العربية العشر التي شاركت في قمة جدة قبل أيام لم تتفق إلا على السماح بإقامة معسكرات لتدريب المقاتلين ضد النظام السوري.
ومنها أيضاً وأيضاً موقف تركيا، العضو في الناتو، الرافض للانضمام إلى التحالف الدولي ضد "داعش" بقيادة الدولة الأميركية التي تقود الناتو؟

مواجهة "داعش"، بما هي صنيعة المحور الصهيو-أميركي المكلفة بالهجوم على محور المقاومة، لا يمكن أن تكون غير مهمة من مهمات محور المقاومة في إطار تصديه الظافر للمحور الصهيو-أميركي. أما اقتناع البعض بشرعية "داعش" أو بجدية واشنطن في محاربتها فليس أكثر من سقوط عربي جديد في فخ المؤامرات التي أنتجت الثورة العربية الكبرى خلال الحرب العالمية الأولى، ونكبة فلسطين، والربيع العربي الراهن.

2014-09-24