ارشيف من :خاص

طرابلس: هل أُبعد سالم الرافعي ام ابتعد ؟؟؟

طرابلس: هل أُبعد سالم الرافعي ام ابتعد ؟؟؟

يبدو ان التغيرات الطارئة التي تطال المنطقة بدأت ملامحها بالظهور خصوصا على الساحة اللبنانية التي بدأت تشهد تغيرات جذرية خاصة على الصعيد السياسي، وهو ما دفع عددا من الفئات والمجموعات الاسلامية خاصة السلفية منها لاعادة تنشيط صفوفها وتجهيز العدة لمواجهة ما سيطرأ عليها ويطالها ، مع اتخاذ معظم الدول قرار مواجهة الارهاب الداعشي.

تنتشر المجموعات السلفية بشكل كبير في لبنان، وهي منضوية تحت مسميات عديدة ومختلفة حتى ان كل مجموعة باتت تتخذ مذهباً سلفياً خاصاً بها، واختلطت السلفية بالوهابية وما الى هنالك من مذاهب أُلبِسَت بالاسلام، كان اخرها داعش والنصرة.

الانتشار السلفي الذي تنتشر الفئة الكبرى منه في طرابلس، فرض على المدينة احتواء القاعدة الاكبر لسلفيي لبنان، الذين انقلب معظم انصارهم الى مؤيدين لـ" داعش" و"النصرة " وباتا الحاضرين الاكبر في طرابلس التي شهدت تطورات وتحركات مشبوهة لمئات الاشخاص، ممن نجحوا في فرض جو مسموم على الطرابلسيين من خلال اعلانها "امارة داعش والنصرة" عبر الشعارات والاعلام والتظاهرات المؤيدة للتنظيمين ، وكان اخرها التظاهرة التي حدثت امس في باب التبانة ، تشجيعا وتاييدا لمسلحي داعش والنصرة في عرسال ولما يقومون به من اعتداءات ضد الجيش، فرفعت رايات داعش واطلقت الشعارات المؤيدة له، وقبلها تلك التي اطلقت في مسجد التقوى منذ اسبوع تقريبا حيث اقدم عدد من المصلين على المطالبة بما يسمى "بالدولة الاسلامية - داعش".

في طرابلس تتربع عدة جهات سلفية اسلامية على امارة المدينة، وهي غالباً ما تظهر انها متكاتفة ومجتمعة تحت مسمى اسلامي دائماً، ولكن هذا ما يغيب وتتقطع اوصاله عند اي مصلحة سياسية وشخصية، وهي منقسمة بين سالم الرافعي وهيئة العلماء المسلمين.

من هو سالم الرافعي؟

عام2005، عاد الشيخ سالم الرافعي الى لبنان بعدما رُحّل من ألمانيا التي قضى فيها ما يزيد على عشر سنوات، حيث ألغت السلطات الألمانية «الإقامة المفتوحة» عن جواز سفره، تحت مسمى مواجهة الارهاب، ليبدأ اسم الرافعي لمعاناً مع بداية الاحداث في سوريا والتي اعلن منذ انطلاقتها عن دعمه الكامل للمسلحين بالمال والعتاد وحتى بحض الشبان للقتال في سوريا، ولم يوفر مناسبة الا وعبر فيها عن اصراره على خوض غمار تلك الحرب ابرزها حينما اعتقل المدعو شادي المولوي حيث اعتصم مع عشرات الإسلاميين في ساحة النور بطرابلس للمطالبة بإطلاق سراحه . متوجهاً لهم بالقول : «شادي يخصني، وعلاقته بالثورة السورية شرف كبير نفتخر به».

طرابلس: هل أُبعد سالم الرافعي ام ابتعد ؟؟؟
سالم الرافعي

انطلاقة الرافعي السريعة جعلت منه الوجه الابرز بين سياسيي المدينة ومشايخها، لا بل استطاع من يعد ﺃﺑﺮﺯ مشايخ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ، ان يسحب البساط من معظم الوجوه السياسية البارزة في طرابلس، واستطاع بخدماته وتقديماته وعلاقاته انشاء قاعدة شعبية كبيرة، بالاضافة الى المونة الكبرى على مسلحي المحاور وقادتهم، التي استطاعت الخطة الامنية توقيفهم وانهاء ارتهان المدينة لامرتهم، بعد ان كانوا يهددون ويتوعدون باتوا يتوسلون اطلاق سراحهم من السجون.

لم ينتهِ دور الرافعي مع انتهاء جولات القتال في طرابلس، فهو عاد للعب دور جديد، هذه المرة عبر هيئة العلماء المسلمين - التي عمل على انشائها ورئاساتها، دون ان يكون لهذه الهيئة اي هيكلية ادارية او تنظيمية او حتى برنامج اسلامي يوضح كيف ولماذا انشئت وما هي اهدافها، وكانت عبارة عن مجموعة من المشايخ السلفيين في امرة الشيخ الرافعي - من خلال قضية العسكريين المخطوفين والتي اتخذ منها صفة الوسيط بين الخاطفين والدولة اللبنانية، ليعود ويعلن ان الهيئة التي قررت لعب دور الوساطة ستتوقف عن ذلك ، وعادت لتبلغ المجموعات الخاطفة قرارها ، حيث تعرض الموكب الذي يقل وفد المشايخ لاطلاق نار ادى الى اصابة الشيخ سالم الرافعي وشيخ اخر بجروح .

اصابة الرافعي التي لم توصف بالخطيرة كما روج لها الاعلام، كانت عبارة عن اصابة احدى رجليه بطلق ناري ، ولكن لم يشأ الرافعي الذي وبحسب مصادر مطلعة وقريبة منه ، ان يكون شفاؤه سريعا وطالب بأن يمكث في المستشفى اطول فترة ممكنة وكان له ما أراد.

مصادر مقربة من الرافعي اشارت الى اتخاذه قرارا بعدم الدخول مجددا في ملف طرابلس وتشعباته، حتى بات يمتنع عن الحضور الى مسجد التقوى وإلقاء خطبته نهار الجمعة، مكلفاً الشيخ خالد حبلص احد المشايخ السلفية المتشددة ، وهو من خارج مدينة طرابلس، بالقاء الخطب الدينية والاعلامية لحين انتهاء عملية علاجه، وبالتالي يكون الرافعي قد استطاع ان ينسحب بطريقة تكتيكية وسلسة والاعتكاف في منزله الكائن على طريق الميناء نحو منطقة الضم والفرز، وهو ما يؤكده المصدر المقرب من الشيخ ، الذي ينفي نفياً قاطعاً ما يشاع عن سفر الرافعي الى تركيا، فهو قد اتخذ قرارا يقضي بالابتعاد نهائيا عن الحياة السياسية ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ.

ابتعاد الرافعي يطرح تساؤلات عديدة في تخليه عن مشروعه الذي بقي طوال السنوات السابقة يعمل على تأسيسه، وهو ما سيشكل حتماً ضربة ستهتز لها صفوف الاسلاميين في المدينة مع غياب او تغييب اللاعب الافضل في صفوف سلفيي طرابلس، خاصة في هذه الفترة التي تشهد فيها المدينة تناميا لجبهة النصرة وداعش ، اللذين يشكلان احد ابرز الاسباب التي دفعت بالرافعي للابتعاد، متفادين بذلك أمرين احلاهما مُرّ : اما ان يعلن تبنيه لفكر داعش ونهجها، وهو صعب التحقق، واما ان يعلن مواجهتها ورفض فكرها ... وهو القرار الاخطر.

الثلاثاء: هيئة العلماء المسلمين: ادوار مشبوهة وارتهانات خارجية
2014-09-28