أمّا المنطق المسيطر على هذا السلوك، فهو إيمانهم "القديم - الجديد" بنظرية "قوّة لبنان في ضعفه"، هكذا أرادوه ذليلاً ضعيفاً في مواجهة العدو الاسرائيلي، وهكذا يريدون له أن يكون اليوم في مواجهة الارهاب التكفيري. لا تنتهي القضية مع اعتراض هنا أو هناك على سلوك المقاومة نهج الدفاع عن لبنان، بل تتخطاها الى تبنّي "نادي" الآذاريين التام للخطاب الاعلامي المعادي، حتى تكاد تلمح بوادر غرفة عمليات اعلامية "داعشيّة" "آذاريّة" موحّدة.
بعد الهجوم الأخير لإرهابيي "النصرة" و"داعش" على جرود بريتال اللبنانيّة، "تفتّق" ذهن الرئيس سعد الحريري عن تصريحات أثارت الاستغراب لدى اللبنانيين، مدافعاً عن "اسرائيل" والارهابيين على حدّ سواء، حيث قال "من الأحداث التي شهدتها جرود بلدة بريتال البقاعية إلى عملية التفجير التي استهدفت دورية إسرائيلية في مزارع شبعا، هل يصحّ الصمت وغضّ النظر عما يجري؟"، معتبراً أن التصدّي البطولي للمقاومة في مواجهة الارهابيين هو "تغليب للمصالح الحزبية الضيقة على المصلحة الوطنية، وخروج متعمد على الإجماع الوطني، واستدراج الجيش والقوى العسكرية الرسمية إلى مهمات قتالية وأمنية، تحدّدها غرف العمليات التابعة لحزب الله".
14 آذار و"داعش" في مواجهة المقاومة
المنطق الحريريّ الآنف الذكر يراه البعض منسجماً مع تبريرات "داعش" و"النصرة" لجرائمهم ضد لبنان، ويخدم خطابهم الاعلامي. أمّا اذا عقد الآذاريّون نيّتهم على "الهجوم" على "داعش"، رفعاً للعتب، فتجدهم يتماهون مع الخطاب الاسرائيلي. وجهة النظر هذه تثبتها التصريحات والأقوال الموثّقة. وزير العدل في الحكومة اللبنانية أشرف ريفي يقول بتاريخ 21 - 8 - 2014 في مقابلة مع برنامج "كلام الناس" إن حزب الله و"داعش" "صورتان متشابهتان"، منطلقاً بذلك من مبدأ أن "كل فكر إلغائي هو داعشي"، متهماً حزب الله "برعاية الفكر الالغائي". وبتاريخ 18 - 8 - 2014 يقول القيادي "المستقبلي" مصطفى علّوش في حديث لصحيفة "السياسة الكويتية" إن "حزب الله" هو أحد "الدواعش" في المنطقة". أمّا مستشار رئيس حزب "القوات اللبنانية" وهبه قاطيشا فيرى في حديث لصحيفة "الجمهورية" بتاريخ 7 - 10 - 2014 أن "داعش وحزب الله وجهان لعملة واحدة".
نظريّة الآذاريين "الابداعيّة" هذه ليست من فراغ، يلاقيهم فيها رئيس حكومة العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بقوله بتاريخ 11 - 9 - 2014 خلال "المؤتمر الدولي الرابع عشر الذي ينظمه معهد السياسات المضادة للإرهاب" إن ""حماس" تماما مثل "القاعدة" و"داعش" و"بوكو حرام" وحزب الله، تمثل فرعاً لذات الشجرة السامة، وهذه المجموعات كلها تمثل نفس التهديد".
وفيما يعلن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، دعمه لما يسمّى "التحالف الدولي" ضد "داعش"، ويتحمّس الحريري لدعوة "التحالف" من أمام قصر الاليزيه في فرنسا الى "القيام بأكثر من الضربات" الجوية ضد "داعش"، تراهما يرفضان قتاله في لبنان ويقفان الى جانبه، في مفارقة تبدو غير مفهومة، الاّ اذا كانت القاعدة لدى هذا الفريق هي الوقوف الى جانب كل من يحارب المقاومة من "اسرائيل" الى "داعش" و"النصرة"!
وعلى هذه المرتكزات يفصّل ريفي مصطلحاته الاعلامية، فيدعو في تصريح له بتاريخ 4 - 10 - 2014 أصدقاءه "الثوار" في "داعش" والنصرة" الى اطلاق سراح العسكريين المختطفين. ويقول "إن قضية العسكريين الأسرى تشكّل نقطة سوداء في مسيرة الثورة وصورة العلاقة المستقبلية بيننا، ويجب أن تعيدوا النظر في هذه القضية وأن تبذلوا كل الجهود لإطلاق سراح العسكريين". متجاهلاً جرائمهم الارهابية بحق الشعب اللبناني وعسكرييه المختطفين في جرود عرسال.
هكذا تتظهّر طبيعة العلاقات "الأخوية" بين فريق "14 آذار" وارهابيي "النصرة" و"داعش" في مواجهة المقاومة في لبنان!