ارشيف من :آراء وتحليلات

عدو غبيٌّ أم صديق وفيٌّ؟؟!!

عدو غبيٌّ أم صديق وفيٌّ؟؟!!
داعش صنيعة الاستخبارات الاميركية..كثيرون كتبوا هذه العبارة مستندين الى دور هذه الاستخبارات في دعم تنظيم القاعدة ابان الاحتلال السوفياتي لافغانستان، فيما البعض الآخر عمد لسرد قصص ربما لا يملك دليلا عليها.

صنيعة الاستخبارات الاميركية ام لا، امر قد يصعب اثباته بالدليل القطعي الا ان ذلك ينبغي ان لا يمنعنا من اثارة مجموعة من التساؤلات التي ربما اذا ما حاولنا ربط بعضها ببعض قد تجيب عن هذا التساؤل.

ما ان احتل الجيش الاميركي العراق حتى سارع اسامة بن لادن الى توجيه رسالة الى انصاره بتوجيه الضربات الى المحتل معتبرا ان مجيء الاميركيين الى العراق فرصة تاريخية لتوجيه ضربة لهم وكسر شوكتهم بدل العمل على الذهاب الى الولايات المتحدة نفسها كهجمات الحادي عشر من ايلول 2001.

لكن ما أرادته قيادة تنظيم القاعدة لم يكتب له النجاح، اذ سرعان ما انخرطت فئة ممن تحمل فكرا تكفيريا باعمال تستهدف المدينيين وفق اجندة طائفية، وضعت هذه المجموعات المدنيين كاولوية على المحتل الاميركي. وقد ترأس هذا التيار المدعو ابو مصعب الزرقاوي.

عدو غبيٌّ أم صديق وفيٌّ؟؟!!
داعش


لم يكن اطلاق سراح الزرقاوي من السجون الاردنية امرا بريئاً على الاطلاق، كما لا يمكن اعتبار انها كانت مصادفة ان يفصل بين اطلاق سراحه وبين اتهامه بالتخطيط لتنفيذ هجمات على مواقع سياحية في الاردن ثمانية اشهر فقط.

الزرقاوي ومنذ اطلاق سراحه وبدء عمله في العراق صب اهتمامه على استهداف المدنيين الذين ينتمون الى طائفة معينة. عمل لم يَرُقْ قيادةَ تنظيم القاعدة التي اصدرت بيانات عديدة تحمل فيها على الزرقاوي.

لم يقتصر الامر عند هذا الحد "فالمصادفات" اخذت تتكاثر، فما ان رضخ الزرقاوي لرغبة القاعدة، ظاهرا على الاقل، بتجنب استهداف المدنيين حتى بدأت فرق الموت في العراق عملها، وهي الفرق التي شكلها الحاكم الاميركي الجديد في العراق نيغروبونتي خليفة بول بريمر.

بايع الزرقاوي بن لادن، لكنه ما لبث ان قتل بغارة اميركية. فتابع خليفة الزرقاوي مهامه وصعد من الهجمات ضد المدنيين. في هذه الاثناء كان ثمة "مصادفات اخرى يجري الاعداد لها في سجن بوكا في العراق والخاضع للسيطرة الاميركية. تخرج من هذا السجن ابو بكر البغدادي الذي سيصبح لاحقا زعيم داعش، اضافة الى عشرات الضباط من جيش صدام ونظام حزب البعث، الذين خرجوا مباشرة من السجن والتحقوا بما كان يعرف انذاك بدولة العراق الاسلامية.

وفي عام 2010 قتلت غارة جوية اميركية زعيم تنظيم دولة العراق الاسلامية المدعو ابو عمر البغدادي وخليفته المفترض ابو حمزة المهاجر، ورغم ان الغارة لم تكن مقصودة بنفسها لانها جاءت في اطار اشتباك بين دورية عراقية وحرس المنزل الذي كان البغدادي يعقد اجتماعا فيه حين طلبت الدورية العراقية دعما جويا ادى الى مصرع البغدادي والمهاجر الا ان هذا الاغتيال ادى الى وصول ابو بكر البغدادي، الى رئاسة التنظيم.

خطوات داعش والمصلحة الاميركية

وبعد حوالي السنة من استلامه للتنظيم اندلعت الازمة في سوريا (2011) فلم يتأخر البغدادي عن الانخراط بها اولا عبر ارسال وفد كان من ضمنه ابو محمد الجولاني وحجي بكر وتاسيس جبهة النصرة ومن ثم عبر حل النصرة لصالح دمجها مع دولة العراق الاسلامية التي ستتحول من تاريخة الى ما يسمى بـ"الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش).

وتتوالى الصدف بعد ذلك : احتلال الموصل فيشكل ذلك اداة اميركية للاطاحة بحكومة المالكي، التوسع نحو سنجار وسد الموصل والاقتراب من اربيل عاصمة اقليم كردستان، فتكون ذريعة اميركية لبدء التدخل الاميركي الجوي. قتل الصحفي الاميركي جيمس فولي فيكون ذريعة اخرى لتشكيل حلف دولي لاستعادة النفوذ في المنطقة، وتاليا تسليح وتدريب ما تسمى بمجموعات من المعارضة السورية. ورغم بدء هذا الحلف اعماله العسكرية الجوية، يتوسع داعش نحو عين العرب فيحقق الحلم التركي بضرب قيام دولة كردية وبفتح الباب على نقاش حول اقامة منطقة حظر جوي في شمال سوريا وربما تدخل بري اطلسي (مشاركة تركية فاعلة) او عربي او خليط منهما. تمهيدا لوضع اليد على المنطقة الاغنى في الشرق الاوسط باحتياطات النفط والغاز بحسب آخر الدراسات.

غريب امر داعش هذا، فمنذ نشوئة الى الآن لم يرفع سلاحا على الاميركي "الصليبي" حسب وصفه، بل ان كل خطواته منذ بداياته على يد الزرقاوي وحتى هذا اليوم كانت تصب في صالح الاميركيين ومشاريعهم.

فهل يمكن وصف كل هذه المفارقات بانها مجرد "مصادفات"؟؟ ربما.. لكن الاصح ان نقول ان داعش بالنسبة للاميركيين هو واحد من اثنين: اما عدو غبيّ او صديق وفيّ.
2014-10-13