ارشيف من :نقاط على الحروف

الاعلام اللبناني على محك الارهاب مرة جديدة

الاعلام اللبناني على محك الارهاب مرة جديدة
يبدو أن المطلوب الفار من وجه العدالة مصطفى الحجيري المعروف بـ"أبو طاقية"، ما يزال مقتنعاً بأن شاشات التلفزة والاطلالات والأحاديث الاعلامية تنفعه في تبييض صورته أو تجميل وجهه أو محو تاريخه خاصة وأن بعضا من هذه الأخيرة لا يتأخر في تلبية طلباته ولا يتوانى في تخصيص هواء إعلامها لمنطقه، فهو لم يصبر كثيراً بعد صدور مذكرة التوقيف القضائية بحقه حتى عقد مؤتمراً صحافياً اتخذه مناسبة ليشن هجوما على القضاء والجيش وحزب الله معاً مشيراً إلى ما اعتبر دليل دامغ على تورطه في خطف العسكريين اللبنانيين إلى أن "المفاوضات حول قضية العسكريين المختطفين متوقفة حالياً، وأن الضمانة بألا يتعرّض لهم أحد لم تعد موجودة"، مشيراً الى احتمال "وجود خطر كبير عليهم".

وكان قاضي التحقيق العسكري فادي صوان أصدر قراراً اتهامياً بحق المدعو مصطفى الحجيري بجرم "الانتماء إلى تنظيم إرهابي مسلح (جبهة النصرة) بهدف القيام بأعمال إرهابية"، سنداً إلى المواد 335 عقوبات و5 - 6 من قانون 11/1/1958، و72 أسلحة". وأصدر القاضي صوان مذكرة توقيف بحقه وأحاله أمام المحكمة العسكرية الدائمة للمحاكمة.

الحجيري إرهابي أم بطل وطني؟

توارى مصطفى الحجيري على مدى ثلاثة أشهر قبل أحداث عرسال والحملة الأمنية في منطقة البقاع، ملاحقاً من الأجهزة الأمنية الرسمية لمسؤوليته عن التفجيرات الارهابية التي طالت العديد من المناطق اللبنانية ولا سيما في الضاحية الجنوبية، ولكن تدخّل شخصية سياسية كبيرة ساهم في "تسوية" أوضاعه ليعود إلى البلدة بشكل طبيعي! وسرعان ما ركب على موجة الوساطة بشأن ملف اختطاف العسكريين اللبنانيين، وبدأ البعض يتعامل مع هذا المطلوب للعدالة وكأنه "بطل وطني"! ولا بد لمذكرة التوقيف التي صدرت بحقه أن تقطع الطريق أمام تمادي بعض الجهات والشخصيات السياسية اللبنانية بتوفير الغطاء المعنوي له باعتبار أنه يقوم بمهمة شريفة وفوق الشبهات.

الاعلام اللبناني على محك الارهاب مرة جديدة
المدعو ابو طاقية على شاشة "ال بي سي " و"الام تي في "

تحوّل مصطفى الحجيري إلى "نجم" على بعض شاشات التلفزة، يستقبل الصحافيين من وسائل الاعلام اللبنانية وغير اللبنانية في دارته، التي قال إنه "استضاف" فيها العسكريين المختطفين، ويدلي بآرائه ومواقفه عبر الاتصالات الهاتفية والاستضافات في البرامج السياسية ونشرات الأخبار، شأنه شأن رئيس بلدية عرسال علي الحجيري المطلوب أيضاً للعدالة لاشتراكه ورعايته قتل مجموعة من جنود الجيش اللبناني والتمثيل بهم في عرسال!! جرى ويجري كل ذلك على مرأى ومسمع وعلم الأجهزة الأمنية والقضائية الرسمية!.

الحجيري يأوي الإرهابيين والجيش والقضاء في مرمى الاستهداف

عمل مصطفى الحجيري أكثر من مرة على ابتزاز الدولة اللبنانية بأجهزتها وسياسييها، تارة بالإعلان عن وقف "مساعيه" وتارة بسرد الشروط التي يقول إنها شروط الخاطفين، فضلاً عن تسيير أهالي العسكريين المختطفين وتوجيههم بشكل مباشر وغير مباشر للقيام بحركاتهم الاحتجاجية أملاً في أن يسهم ذلك في الضغط باتجاه الإفراج عن أبنائهم، في حين أن أهدافاً أخرى تقف وراء هذا التوجيه، لا يخدم سوى تعميق الأزمة وتعقيد الملف أكثر فأكثر.

دأب مصطفى الحجيري على نفي انتمائه لـ "جبهة النصرة" في حين أن المعطيات تؤكد أنه على قدر كبير من التأثير على الارهابيين إن لم يكن صاحب الأثر الأبلغ، وهو المسؤول عن مقتل النقيب بيار بشعلاني ومرافقه في شباط 2013، فضلاً عن إدارة معركة عرسال وما أسفرت من نتائج كارثية على الأمن والجيش اللبناني ومؤسسات الدولة والشحن الطائفي، وهو الذي كان يؤوي ويحمي الارهابي عماد جمعة الموقوف لدى الأجهزة الأمنية.

ليست مواقف مصطفى الحجيري المعادية للجيش اللبناني والمقاومة وتحديداً حزب الله جديدة، حيث يجاهر بهذا العداء، مستنكراً أكثر من مرة اتهام "النصرة وداعش بالارهاب"، مع أنه معروف لدى الأجهزة الأمنية أنه كان يقود مجموعة مسلّحة تساند الارهابيين تحت غطاء تقديم المساعدات للنازحين السوريين من خلال مسجد ومستوصف يديرهما، وقد تحولا إلى مركز لمعالجة جرحى "النصرة" و"داعش" وكمقر آمن للمسلحين الهاربين من معارك القلمون!

الاعلام بين السبق والتحريض

مصطفى الحجيري مطلوب للعدالة بجرائم تصل عقوبتها إلى حد الاعدام، ولكن هناك بعض وسائل الإعلام ما زالت تقدّم أبواقها وشاشاتها ومنابرها له ولأمثاله ليطل على الجمهور ويواصل إطلاق مواقفه التحريضية وتوجيه اتهاماته للقضاء والدولة، وسرعان ما انبرت هذه الوسائل لتنقل وقائع المؤتمر الصحافي الذي شن فيه حملته على الجيش اللبناني، ويستمر في سياسته بقلب الوقائع وتحويل المؤسسة الوطنية الجامعة إلى "المذنب" والقاتل الداعشي ومجرمي النصرة إلى أبرياء! ليصل إلى حد إعلان نعي المفاوضات مع ما يعني ذلك من اتهام واضح بتحميل الجيش المسؤولية عن أي ضرر يحصل للعسكريين المختطفين!

الاعلام اللبناني على محك الارهاب مرة جديدة
خبر مؤتمر الحجيري على الموقع الالكتروني لـ"الا بي سي "

كيف يمكن تقبّل هذه الممارسة الاعلامية الخاطئة؟ وفي أي خانة يمكن أن نضع نقل وقائع المؤتمر الصحافي؟ وكيف استطاع مراسلو هذه الوسائل الوصول إلى قلب عرسال؟ وهل استحصلوا على إذن مسبق للقيام بهذا العمل؟ وما هو الهدف من وراء هذا الفعل؟ لا يمكن اعتبار ذلك من قبيل السبق الصحفي، ولا من قبيل التمايز في نقل الخبر، ولا من قبيل "الرأي والرأي الآخر"، لا سيما بعد طلب وزارة الاعلام والمجلس الوطني للاعلام من محطات التلفزة توحيد المصطلحات وضبط التعاطي الاعلامي مع "داعش" و"النصرة" ومشتقاتهما وداعميهما ومن يدور في فلكهما باعتبارهم إرهابيون.

LBC وكلام الناس.. تحوير وفتنة

ليست هذه الممارسة المستنكرة جديدة على هذه الوسائل، فمنذ اندلاع الأزمة في سوريا دأبت كل من LBC و MTV على اتباع نهج إعلامي غير مبرر، والأشهر في هذا المجال مرسال غانم وبرنامجه "كلام الناس" الذي تعمّد في أكثر من محطة على تزخيم الشحن الطائفي والمذهبي في لبنان، مستغلاً "حماوة الدم" ورعونة زعماء الزواريب في طرابلس وعكار وعرسال وغيرها من المناطق حيث تسود فيها "داعش" و"النصرة" وتلقى البيئة الحاضنة والآمنة للتجنيد والتحرّك.

لما ينسَ أحد فضيحة مرسال غانم وبرنامجه في عرض صور لأشخاص متفحمين أرسلها إليه أحمد الأيوبي وقال "متألماً" إنهم قضوا في تفجيري طرابلس ليتبين في ما بعد أنها تعود لأشخاص تابعين لحركة "20 فبراير" قضوا في حريق بأحد المصارف في مدينة الحسيمة بتاريخ 20 شباط 2011. ولما ينسَ أحد بعد طلب وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال وليد الداعوق من رئيس المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع، "توجيه انذار فوري، وبأقصى سرعة الى معد برنامج "كلام الناس" السيد مارسيل غانم في المؤسسة اللبنانية للارسال، لما تضمنه برنامجه من إثارة للغرائز وتأجيج النفوس، واذكاء للنعرات وتحريض على الاخلال بالسلم الاهلي والاستقرار العام في البلاد، في حلقة 23 آب 2013".

طالما حرص غانم في برنامجه على استضافة نواب امتهنوا اختراع المصطلحات التحريضية واعتلوا المنابر ليحرضوا الناس على قتل "الشيعة" في ساحة طرابلس، واستضافة إعلاميين "متطرفين" دعوا في مرحلة ما إلى اقتحام السراي و"يبدعون" في تحوير الحقائق وتشويش عقول الناس، وفتح الهواء لشخصيات كعلي الحجيري ليبرّر قتل جنود الجيش وعلى رأسهم النقيب بيار بشعلاني وغيره في عرسال، وكذلك لزياد علوكي المتفاخر بإمارته لأحد شوارع الحرب في طرابلس وتميّزه في الاعتداء على الناس والقتل والارهاب.. هل يأتي ذلك في إطار حرية الرأي ونقل الصورة أم إمعان في تعميق الشرخ بين اللبنانيين؟!

MTV حروف إسرائيلية

أما المحطة الأخرى MTV فلما ينسَ أحد بعد تطوّعها مرات عديدة للحديث بلسان إسرائيلي، ولو استطاعت لاستخدمت اللغة العبرية الصريحة بدل اللغة العربية، فهذه المحطة التي تبنّت المنهج الجعجعي لم تخجل في أن تقلب المعادلة لتقول في عنوان من إحدى نشراتها الإخبارية خلال تغطيتها حادثة رأس الناقورة: "جندي لبناني يقتل ضابطاً إسرائيلياً" وكأن الفعل مدان والجيش اللبناني كما جيش الاحتلال طرفان في الخانة نفسها!

وكما LBC وجه المجلس الوطني للاعلام كتاباً لمحطة MTV حذّرها من الترويج للعدو الإسرائيلي وتطبيع العلاقة معه، لا سيما بعدما بثت بتاريخ 18/6/2013 تقريراً لمراسلها في فلسطين المحتلة مجدي الحلبي أجرى فيه مقابلة مع المتحدث باسم الجيش الصهيوني أفيخاي أدرعي، مع الإشارة إلى أن الحلبي خدم في الجيش الإسرائيلي! وسبق للمحطة ذاتها أن بثت تقريراً عن المساعي الإسرائيلية لتعقّب حزب الله وتضمن مقابلتين مع الخبير في معهد شاليم للأبحاث الاستراتيجية ميخائيل فيدلافسكي، ومحرر الشؤون العربيّة في "يديعوت أحرونوت" روني شاكيد.

ما يسوقه مصطفى الحجيري من حملات على الجيش اللبناني وحزب الله والمقاومة وترويج لإرهاب "داعش" و"النصرة" يحتاج إلى بوق لنشره وإعلانه، ويبدو أنه لم يتعب كثيراً ليجد هذا البوق، فبعض الاعلام في لبنان جاهز لنقل الكفر والإجهار به، ليصبح ناقل الكفر شريكاً فيه.. فهل من محاسب؟
2014-10-15