ارشيف من :آراء وتحليلات

بان كي مون .. والزيارة المفاجئة إلى ليبيا

بان كي مون .. والزيارة المفاجئة إلى ليبيا
خلفت الزيارة المفاجئة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى ليبيا قادما من تونس جدلا واسعا في بلد عمر المختار واختلفت التقييمات بشأنها. فقد تحدث الرجل بلهجة صارمة لم تعجب شرائح عديدة، حيث هدد في الندوة الصحفية اليتيمة التي عقدها بأن "صمت المجتمع الدولي لن يطول أمام تواصل العنف المسلح وتهجير المدنيين من مناطقهم".

ولعل اللافت أن الإنتقادات طالت بان كي مون من كلا طرفي الصراع الرئيسيين، أي المؤيدين لمجلس النواب الجديد من جهة وأنصار المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، و غير الراغب في تسليم السلطة من جهة أخرى. حيث تلوم جماعة حكومة الثني و مجلس نواب طبرق أمين عام الأمم المتحدة على عدم التدخل لإيجاد ممر إنساني لإجلاء جرحى منطقة ورشفانة و إدخال الأدوية والأغذية لهم بعد أن أعلنوها منطقة منكوبة.

اعتراف دولي


فيما يلوم الطرف المقابل، أي جماعة المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته و حكومة عمر الحاسي المنبثقة عنه، المدعومون من الإسلاميين (إخوانا و سلفيين)، بان كي مون على عدم لقائه النوري بوسهمين رئيس المؤتمر الوطني العام. حيث أكد العديد من الأطراف أن بوسهمين سعى جاهدا إلى لقاء أمين عام الأمم المتحدة لكن الأخير رفض رفضا قاطعا هذا اللقاء ما سبب استياء لدى جماعة طرابلس.

بان كي مون .. والزيارة المفاجئة إلى ليبيا
بان كي مون

ويرى كثير من المحللين بأن رفض بان كي مون لقاء جماعة المؤتمر الوطني العام مقابل زيارته لنائب رئيس مجلس النواب محمد شعيب هو بمثابة الرسالة إلى جميع الفرقاء في ليبيا و التي مفادها أن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بجماعة طبرق أي مجلس النواب المنتخب حديثا و حكومة عبد الله الثني المنبثقة عنه. وبالتالي فإن جماعة المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، الذي ما زال البعض يعترف به على غرار الرئيس التونسي المؤقت المنصف المرزوقي، باتوا غير شرعيين بنظر الأمين العام للأمم المتحدة، وهو ما سيجعلهم عرضة للضغوط الدولية في قادم الأيام، بحسب التوقعات.

مخاطر التقسيم

ويشهد مجلس النواب الليبي انقسامات داخلية بين من يطالبون بانعقاد جلساته في مدينة بنغازي وفقا للإعلان الدستوري وبين من يصر على انطلاقها في طبرق. و يربط جل الخبراء و المحللين بين هذه الإنقسامات و بين زيارة بان كي مون المفاجئة، و يؤكدون أن الأخير جاء لتجنب تفتت هذه المؤسسة ما قد يؤدي إلى فتح جبهة جديدة للإقتتال تضاف إلى الجبهات المتعددة المنتشرة في مختلف أنحاء ليبيا.

و لا يبدو لأغلب المحللين بأن الأمين العام للأمم المتحدة قادر على الحل في ليبيا ، فاللعبة في هذا البلد تتجاوزه ومنظمته الأممية لتعلقها بمصالح بلدان الحلف الأطلسي التي يسيل لعابها من أجل المخزون الطاقي الهائل للشعب الليبي. فحين تتحقق المعادلة التي تضمن تدفق البترول و الغاز للبلدان الأوروبية و الولايات المتحدة الأمريكية و بثمن بخس ستستقر ليبيا وسيلقي المقاتلون أسلحتهم بحثا عن الحل و انخراطا في مشروع الدولة.

استحالة التعايش


ويذهب البعض إلى حد التأكيد بأن وجود حكومتين في ليبيا و برلمانين هو الخطوة الأولى في طريق تقسيم هذا البلد المترامي و الغني بالموارد الطاقية. إذ يصعب على قوات حفتر و عناصر الجيش القضاء على التنظيمات المسلحة المرتبطة بالجماعات الأصولية على غرار قوات فجر ليبيا بدون تدخل خارجي، كما يصعب على هذه الأخيرة إصابة الفريق المقابل في مقتل و القضاء عليه ما قد يفسح المجال واقعيا لخطر التقسيم بسبب استحالة التعايش بين الفريقين المتناحرين.
2014-10-16