ارشيف من :آراء وتحليلات

تصاعد حرب التكفيريين ضد الجيش

تصاعد حرب التكفيريين ضد الجيش
على ما يبدو أن هناك نيّة جدية لتحريك جبهة الشمال خاصة بمدينة طرابلس وإيقاظ الخلايا النائمة فيها. وإذا كان حزب الله يواكب ويساند الجيش اللبناني في البقاع، فمن سيساعده ويسانده في جبهة الشمال؟ تحاول التنظيمات الارهابية العمل على تصعيد حربها في محاولة منها لتشتيت الجيش عن مهمته الأساسية في مواجهة الارهابيين في عرسال وأيضاً لتخفيف الضغط المفروض عليهم من قبل الجيش وحزب الله.

لذلك عمدت هذه التنظيمات المتطرفة إلى استهداف الجيش اللبناني، من خلال الاعتداء على مراكزه ودورياته في طرابلس وعكار بإطلاق النار ورمي قنابل يدوية واغتيال العناصر.

في البداية توجهت الأنظار الى مجموعة شادي مولوي وأسامة منصور التي أقامت مربعا أمنيا في محيط مسجد عبدلله بن مسعود داخل منطقة باب التبانة ، ما دعا إلى تحرك فوري لمجموعة من علماء ورجال الدين الذين عملوا على نزع فتيل الأزمة وتسليم المسجد المصادر. بعدما أيقنت هذه المجموعة أنها محاصرة وأن استمرارها لم يعد ممكناً ومقبولاً. في ظل قرار واضح ونهائي وبغطاء سياسي لإنهاء هذه الحالة الشاذة قبل أن تتفاقم وتصبح كلفتها المادية والبشرية غالية جداً.

تصاعد حرب التكفيريين ضد الجيش
الجيش اللبناني

لكن وعلى الخط الموازي للأحداث كان هناك تحركات لمجموعات أخرى استفادت من الثغرات الأمنية في المدينة فعاودت الظهور وزاولت نشاطها الارهابي من جديد. هذا ما كشفته مداهمات الجيش لها ، والقبض عليهم وهم ينتمون إلى تنظيمات تكفيرية تتواجد وسط مجمعات ومخيمات للنازحين السوريين في البيرة وكوشا وتلة الزفير والتليل في عكار.

بالرغم من جهود الجيش والقوى الأمنية إلا أن عمل التنظيمات الارهابية لم يتوقف عند هذا الحد، فقد تم استهداف واغتيال عناصر من الجيش في عكار أثناء توجههم الى عملهم، ترافق ذلك مع حملة تشكيك بالمؤسسة العسكرية من سياسين في 14 اذار، ركزت فيها على اتهام الجيش بالانحياز الى حزب لله والعمل ضد أھل السُنة. كما ارتفعت وتيرة الدعوة وحض العناصر السنية في الجيش الى الخروج منه، وسجلت ثلاث حالات فرار من قرى عكارية التي تعتبر الخزان البشري للجيش اللبناني ، وانضمامهم الى "النصرة" أو "داعش" في محاولة منها الإيحاء للرأي العام أن هناك انشقاقات تحدث داخل صفوفه، فتخلق جواً من القلق العام وعدم الثقة بالجيش كأنه بدأ ينهار. وهذا ما تتمناه وتسعى اليه.

هذا الامر لم تتقبله القيادة العسكرية اللبنانية المتمثلة بقائد الجيش جان قهوجي الذي لم يتردد في فضح وكشف مقاصد وأھداف الارهابيين ، لقطع الطريق على الخطط والمحاولات الجارية لإغراق الجيش في صراعات ولإضعاف معنوياته والتأثير على بيئته الوطنية الحاضنة.

فالإرھاب الذي كان على الأبواب متمثلا بخلايا نائمة ومعزولة بدأ يدخل الى لبنان من ساحات واسعة ومناطق حاضنة تستعد لتوسيع دائرة الصدام مع الجيش لكونه العمود الفقري للنظام. استراتجية الحركات الإرهابية تقوم على ضرب المؤسسة العسكرية من اجل إدارة توحشها تمهيدا لاعلان الامارة الإسلامية.

وهذا ما سعت اليه سابقا وتحضر له البيئة المؤاتية حاضرا واجواء الإقليم تشجع على الاقدام من اجل تنفيذ هذا المخطط. كما أن الحرب الطويلة في سوريا والتي ستستمر وقتاً طويلا قبل التوصل الى حل تشكل بالنسبة للحركات التكفيرية نزفاً لحزب الله وقدراته وإخلالاً بتوازن الرعب بينه وبين إسرائيل في ظل الصعوبات التي يواجهها في عمقه الاستراتيجي بسبب الأوضاع في سوريا والعراق فضلا عن القصف الغربي. هذه الحالة تعتبر فرصة للانقضاض على الحدود اللبنانية لا سيما طرابلس لاعلان امارة إسلامية متطرفة تشكل قاعدة انطلاق وتمدد الى مناطق أخرى. هذا المخطط – التمني دونه صعوبات منها الانقسام والارباك داخل تيار المستقبل ومن على اطرافه. والأيام المقبلة سوف تفضح الازمة الداخلية التي يعاني منها: هل هي توزيع أدوار ام نزاع جدي بين تياري الاعتدال والتطرف. وفي كل الحالات حرب التكفيريين تتصاعد ضد الجيش والمواجهة بين الدولة والامارة على الأبواب.
2014-10-21