ارشيف من :آراء وتحليلات

الدولة الدرزية...خدعة إسرائيلية

الدولة الدرزية...خدعة إسرائيلية

هل تحاول إسرائيل في هذه المرحلة التقرب من بعض أقليات المنطقة بالوعود والإغراءات في ظل الحديث المتصاعد عن خرائط جديدة للمنطقة؟ وهل جدّدت إسرائيل عرضها القديم لطائفة الموحدين الدروز بمساعدتهم على إقامة كيان خاص بهم يضم دروز سوريا ولبنان؟

العرض الأول حدث في العام 1967، إثر الهزيمة العربية، كان التوقيت حينها مناسبا من وجهة النظر الإسرائيلية، لتشجيع دروز سوريا ولبنان وفلسطين، لتدشين المشروع الصهيوني في تفتيت المنطقة العربية وتجزئة كياناتها إلى كانتونات ودويلات، وعلى ما ينقل اللواء سامي الخطيب في مذكراته، تولى ضابط إسرائيلي يدعى اسماعيل قبلان الاتصال بكمال كنج أحد الشخصيات الدرزية في الجولان، وكلفه الاتصال بوجوه درزية في لبنان وسوريا والاردن لمناقشة عرض إسرائيلي بمساعدة أبناء مذهبه في إقامة كيان مستقل عن سائر الجماعات في المنطقة.

نقل كنج العرض للمحامي كمال ابولطيف وهو من بلدة عيحا في قضاء راشيا، وطلب منه موافاته إلى روما للتباحث بالعرض المذكور مع الإسرائيليين على رأسهم ضابط اسمه يعقوب، غير ان ابو لطيف بعد مجيئه من روما  اخبر السلطات اللبنانية بالمشروع الاسرائيلي، بدورها السلطات اللبنانية طلبت منه الاستمرار بالتواصل مع الاسرائيليين للاطلاع على آليات تنفيذ مشروع الدولة الدرزية.

الدولة الدرزية...خدعة إسرائيلية

بعد 3 اجتماعات في روما حضرها إلى جانب كنج وابو لطيف والأمير حمد زيد الأطرش (حفيد الأمير حسن الأطرش) تناهى خبر هذه الاجتماعات (عبر الطرق الرسمية) إلى الزعيم كمال جنبلاط وشوكت شقير وجهازي الاستخبارات المصرية واللبنانية، وكان قرار بوقف هذه اللقاءات وقطع الطريق على العرض الإسرائيلي.

اليوم، وبعد الانحدار الذي أصاب العرب دولا ومجتمعات، تجد إسرائيل أن المناخات في إقليم الشام بعد أحداث ما يسمى بالربيع العربي شبيهة بمناخات العام 1967،و تجد الفرصة مؤاتية لتجديد عرضها القديم، فكان هناك رهان إسرائيلي على هزيمة للجيش السوري أمام الجماعات الإرهابية في منطقة السويداء، مما يتيح لتل أبيب تقديم نفسها كمنقذ للأقلية الدرزية في جبل العرب بتكليف دولي، وهذا ما يفسح المجال أمامها في إقامة حزام درزي آمن على حدودها مع سوريا ولبنان تحت مسمى "الدولة الدرزية".

لكن صمود الجيش السوري، فرض على إسرائيل سيناريو آخر، وهو استثمارها على هواجس الأقليات الدينية والمذهبية في ظل الغموض الذي يشوب مستقبل المنطقة، وفي ظل تصاعد الإرهاب الذي تمارسه الجماعات التكفيرية على هذه الأقليات، فقد تردد عن زيارة وفد مصغر من دروز الجليل، التقى مشايخ الموحدين الكبار في جبل لبنان وبعض القيادات الدرزية، محاولا تسويق المشروع الإسرائيلي الذي كان وأده كمال جنبلاط وشوكت شقير في العام 1967.

وإن جوبه العرض الإسرائيلي المتجدد بالرفض القوي من مشايخ الموحدين الكبار ترافق مع إشكال في عالية مع وفد دروز الجليل، نشط مكتب نتياهو على خط آخر، بقيام أحد مستشاريه وهو مندي الصفدي بالتواصل مع عينة من الشخصيات الدرزية في باريس لتسويق فكرة إقامة الدولة الدرزية المزعومة.
سياسي متابع للشأن الدرزي، لا يرى أية جدية في العرض الإسرائيلي سوى إغراق المجتمعات الشامية في مزيد من الصراعات الدموية.

ويضيف السياسي، أن الدولة الدرزية المزعومة، تشوبها انقطاعات جغرافية، يقتضي وصلها، إقحام الدروز في حروب لا تنتهي مع السنّة والشيعة والمسيحيين، وتفتح شهية الآخرين على تهجير الدروز المتواجدين في مناطق بعيدة عن حدود الدولة المزعومة.

وإذ يؤكد السياسي المذكور، على حكمة القيادات الدرزية وتعلقها بعروبتها وبوحدة الأمة وإخلاصها لأوطانها وانخراطها في تجارب العيش مع الآخرين يلفت إلى ان هذه المشاريع، ليست سوى ألاعيب إسرائيلية مكشوفة للإمعان في تمزيق ما تبقى من وحدة مجتمعاتنا.
2014-10-25