ارشيف من :آراء وتحليلات

مفاجأة: حركة النهضة في تونس لا تدعم أياً من المرشحين للرئاسة

مفاجأة: حركة النهضة في تونس لا تدعم أياً من المرشحين للرئاسة
بعد مسلسل مشوق وطويل في الزمن، أعلنت حركة النهضة عن مرشحها للانتخابات الرئاسية التونسية التي ستجرى يوم 23 من هذا الشهر. لقد فاجأت النهضة الجميع بما في ذلك أنصارها وأعلنت أنها ستترك حرية الاختيار لقواعدها وقياداتها لاختيار من يرونه مناسبا لرئاسة تونس.

لقد توقع جل المراقبين أن تراهن الحركة على حليفها المنصف المرزوقي أو على مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي. كما توقع آخرون أن تذهب باتجاه ترشيح أحد المنشقين عنها سنة 1992 أي الدكتور الهاشمي الحامدي صاحب قناة المستقلة التي تبث من العاصمة البريطانية لندن والذي عاد لتوه إلى الخضراء مرشحا عن تيار المحبة الذي أسسه على أنقاض العريضة الشعبية.

مأزق

ويرى بعض المحللين أن ما دفع حركة النهضة إلى أن تجنح إلى هذا الخيار هو عدم حصولها على المرتبة الاولى في الانتخابات التشريعية التي كانت تراهن عليها. حيث سعت الحركة إلى تأخير الانتخابات الرئاسية ظنا منها أن هزيمة حركة نداء تونس في الانتخابات النيابية ستؤثر سلبا على حظوظ الباجي قائد السبسي في الوصول إلى عرش قرطاج.

مفاجأة: حركة النهضة في تونس لا تدعم أياً من المرشحين للرئاسة
حركة النهضة

لكن فوز حركة نداء تونس في التشريعية أسقط حسابات حركة النهضة في الماء وجعلها تواجه عملاقا اسمه قائد السبسي سعت إلى تقزيمه. فرئيس حركة نداء تونس ورئيس الحكومة الأسبق ينطلق بحظوظ وافرة ليصبح الرئيس الخامس للجمهورية التونسية منذ الإطاحة بالنظام الملكي سنة 1957خاصة وأن استطلاعات الرأي ترشحه لذلك، بل إن البعض يتحدث عن إمكانية فوزه من الدورة الأولى.

الرغبة في الحكم

ويبدو أن حركة النهضة التي جربت الحكم لا ترغب في مغادرته، ويمر بقاؤها في الحكم عبر إرضاء الحزب الحاصل على المرتبة الاولى في الانتخابات النيابية (حركة نداء تونس) ورئيسه قائد السبسي. فعدم مساندة حركة النهضة رسميا لأي من المرشحين رآه البعض مغازلة للباجي قائد السبسي مفادها ان قيادة الحركة لن تدعم من ينافسه على قصر قرطاج.

وبالمقابل فإن حركة النهضة تدرك أن قواعدها ذاهبة في عمومها باتجاه التصويت للمنصف المرزوقي وأنه لا يمكن لهذه القواعد أن تدعم بكل حال من الأحوال قائد السبسي. لذلك أرادت إرضاء حلفائها المفترضين دون إغضاب أنصارها، أي خيار لا يجوع الذئب و لا يشتكي الراعي، وهو على ما يبدو خيار راشد الغنوشي رغم صدوره عن مجلش شورى الحركة.

استياء


ويشعر كثير من أنصار حركة النهضة بالاستياء من قرار حركتهم. وقد عبروا عن ذلك صراحة في مواقع التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص. فقد كانوا يمنون النفس بمرشح من داخل الحركة يدعمونه ويمنحونه أصواتهم لكن شيئا من ذلك لم يحصل.

لقد رفضت الحركة ترشيح رئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي، أمينها العام المستقيل، رغم رغبة الجبالي في ذلك. كما اكتفى قادة الصف الأول في الحركة بالترشح للانتخابات النيابية وبعضهم فاز على غرار رئيس الحكومة السابق علي العريض والشيخ المعتدل عبد الفتاح مورو الذي قد ينال رئاسة البرلمان إذا تم الاتفاق مع الحزب الحائز على المركز الأول، حركة نداء تونس.

ويبدو أن الأحداث الإقليمية المتمثلة في صمود النظام السوري وأفول نجم الإخوان في مصر واستمرار الرئيس بوتفليقة على عرش المرادية في الجزائر واقتراب حفتر في ليبيا من الحسم ضد الإخوان قد ألقى بظلاله على الحالة التونسية التي ليست بمعزل عن محيطها العربي والإسلامي، حيث تشعر حركة النهضة بالوهن وتناور لتنال بعض فتات السلطة.
2014-11-10