ارشيف من :آراء وتحليلات

إرهاب ’الدولة’: الكيان ’الإسرائيلي’ النموذج الأكثر إرهاباً

إرهاب ’الدولة’: الكيان ’الإسرائيلي’ النموذج الأكثر إرهاباً

"دائماً ما يكون إرهاب الدول أكثر تطرفاً من إرهاب الأفراد"..نعوم تشومسكي

يعتبر ارهاب الدولة أخطر أنواع الإرهاب، هذا الإرهاب الذي يتم التغاضي عنه دولياً لأسباب سياسية مريبة، بالرغم من أن خطورته تفوق بكثير ارهاب الأفراد ـ الجماعة، لكن المعايير المزدوجة لدى الغرب تجعل الدول الكبرى تمنع التعريج إلى تعريف إرهاب الدولة من قبل المنظمات الدولية.

لقد رفضت الولايات المتحدة الأميركية ودول الغرب تعريف إرهاب الدولة وذكره من ضمن أنواع الإرهاب الذي تطرق إليه مجلس الأمن والمؤتمرات الدولية مع أن الدول النامية طالبت بتعريفه بشكل مستمر، لكن الرفض الأميركي كان سباقاً دائماً، لأمور تتعلق بالسياسة الأميركية والاستمرار في استراتيجياتها الإرهابية ولعل أبرزها بالإضافة إلى حروبها وغزواتها، التغطية والدفاع عن الكيان الإسرائيلي الرمز الأكبر للإرهاب في العالم.

بين إرهاب الدولة وإرهاب الأفراد

الإرهاب هو اللجوء إلى وسائل عنفية للتخويف والترهيب وإملاء الشروط وكسر الإرادات، وهو الاستخدام غير المشروع للقوة أو التهديد باستخدامها، لإلحاق الأذى والضرر بالآخرين. لقد عرّف مجلس الأمن الدولي الإرهاب بأنه "كل عمل جرمي ضد المدنيين بقصد التسبب بالوفاة أو بالجروح البليغة أو أخذ الرهائن من أجل إثارة الرعب بين الناس أو إكراه حكومة أو منظمة دولية للقيام بعمل ما أو الامتناع عنه، وكل الأعمال الأخرى التي تشكل إساءات ضمن نطاق المعاهدات الدولية المتعلقة بالإرهاب..".

إرهاب ’الدولة’: الكيان ’الإسرائيلي’ النموذج الأكثر إرهاباً
جندي صهيوني يوجه بندقيته باتجاه الأطفال ويرعبهم

وحظرت الأمم المتحدة، في قراراتها الصادرة عن فروعها، الإرهاب واعتبرته مهدداً للسلم والأمن الدوليين. ففي عام 1994 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلاناً عالمياً لإزالة الإرهاب الدولي، وكذلك من خلال 12 معاهدة دولية ملزمة ورد ذكرها في القرار 1373 الصادر عام 2001 عن مجلس الأمن، منها معاهدة مونتريال 1971 ومعاهدة طوكيو 1963 ومعاهدة منع التعذيب ومعاهدة منع الإخفاء القسري وغيرها من المعاهدات.

وصدرت قرارات عن مجلس الأمن تحت الفصل السابع، وهي تعني المجتمع الدولي بأكمله ولا تعنى فقط بإرهاب لدى دولة واحدة، وذلك بعد أحداث 11 أيلول حيث صدر القرار 1373 الذي اعتبر أن "الإرهاب يشكل تهديداً للسلام والأمن الدوليين"، هو القرار 1540 عام 2004 الذي يتناول حظر الإرهاب النووي، وصدر القرار الثالث 1566 عام 2004 الذي أكد أن الإرهاب الدولي في كل أشكاله ومظاهره يشكل أخطر التهديدات للسلام والأمن الدوليين Threat To Peace and Security، وهو عرّف الإرهاب بأنه: "كل عمل جرمي ضدّ المدنيين بقصد التسبب بالوفاة أو بالجروح البليغة أو أخذ الرهائن من أجل إثارة الرعب بين الناس أو إكراه حكومة"، بالإضافة للعديد من القرارات ليس اخرها القرارين 2170 و 2178.

لم تتطرق جميع هذه القرارات والتوصيات إلى إرهاب الدولة، حيث كان هناك فيتو أميركي دائم، وضغط غربي لكي لا يتم الحديث عن هذا النوع من الإرهاب، ولكي لا يتم ذكر إرهاب الكيان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني من قبل أي فريق خلال المباحثات الدولية حول تعريفات الإرهاب.

عقب أحداث 11 سبتمبر، وقبل الحرب الأميركية على العراق، عملت الولايات المتحدة إلى تجميد الحوار الدائر في الأمم المتحدة طوال أكثر من عشرين عاما للتوصل إلى تعريف مقبول للإرهاب يشمل إرهاب الدولة إلى جانب إرهاب الأفراد، حيث أعلن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأبن، أن كل من يقف ضد اميركا "يقف مع الإرهاب"، مستخدماً لذلك بروباغندا إعلامية ضخمة لتحويل الأنظار عن إرهاب الدولة نحو إرهاب الأفراد ـ المنظمات.
أميركا تمنع تعريف إرهاب الدولة لكي لا يتطرق إلى إرهابها وإرهاب "إسرائيل" ضد العرب

لقد عرف القانون الأميركي الإرهاب الدولي بانه الذي يستهدف المواطنين أو ممتلكاتهم في أكثر من بلد. وهو المدفوع بعوامل وأغراض سياسية والذي يستهدف أشخاصًا غير محاربين، وقد تمارس مجموعة إرهابية مثل هذه الأعمال. وعرفته الدول العربية بانه أي عمل أو تهديد بالعنف، بصرف النظر عن بواعثه ومقاصده، في سبيل تحقيق أجندة جرمية، يسعى إلى تخويف الناس من خلال أذيتهم. ولم تحمل التعريفات الحديثة للإرهاب أية إشارة إلى إرهاب الدولة.

لذلك فإن تعريف الإرهاب الدولي كان ولا يزال يصطدم بعدد من التحديات والمعايير المزدوجة، ولكي يتم الوصول إلى تعريف صحيح للإرهاب، فلا بد أن يتم إدخال إرهاب الدولة وليس إرهاب الأفراد فحسب في سياق أي تعريف للإرهاب الدولي.
أما تعريف الإرهاب الحالي يظل قائماً بالنسبة إلى إرهاب الأفراد أو الجماعات ضد الأفراد، ولكنه لا ينطبق على إرهاب الدولة. فارهاب الدولة هو ذلك الفعل الذي يُرتكب لتحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية أو مذهبية، وإذا كانت أعمال "إرهاب - الدولة" تتمُّ غالباً بشكل غير مباشر فإنها قد تُقدِم أحياناً على أعمال إرهابية مباشرة عن طريق قواتها المسلحة النظامية ضد دولة أخرى أو عن طريق ترويع هذه الدولة الأخرى أو ترويع السكان المدنيين فيها وذلك من أجل تحقيق أغراض سياسية معيَّنة.

التفريق بين الإرهابين

من الضرورة التفريق بين أنواع الإرهاب، إرهاب دولة أم إرهاب أفراد، فإرهاب الأفراد يكون عندما يقوم به فرد أو مجموعة من الإفراد، ويصنف الإرهاب الدولي ـ دولياً ـ عندما يكون الإرهابيون من جنسيات مختلفة، يتبعون تنظيما دولياً ويقتلون المدنيين بتوجيه منه، وهو يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، أي المجتمع الدولي بكامله، ويستدعي تدخل مجلس الأمن الدولي.

وعلى عكس إرهاب الأفراد Individuals Terrorism فإن إرهاب الدولة State Terrorism يحصل عندما تؤوي الدولة إرهابيين أو تشجع عملهم بشكل مباشر أو غير مباشر، أو عندما تخالف أياً من المعاهدات التي قضت بمكافحة الإرهاب، وتحرض على خوض حرب ضد دولة أخرى، أو تقوم هي بممارسة الإرهاب مباشرةً، كالكيان الإسرائيلي الذي يرتكب كل أنواع الجرائم ضد الفلسطينيين بكل دم بارد. هذا الإرهاب الإسرائيلي ينطلق من الإيديولوجية الصهيونية التي تقوم على العنصرية، والتي بني عليها الكيان الإسرائيلي ومؤسساته الأمنية والسياسية والذي يستمد مما هو معروف ببروتوكولات حكماء بني صهيون.

الإرتكابات الصهيونية تؤكد إرهاب الكيان

لا يتجرأ العالم على نعت كيان العدو بأنه إرهابي، بعد كل المذابح الإجرامية الذي ظل يمارسها عبر إرتكاب المجازر الجماعية بدءاً من صبرا وشاتيلا وقبية ودير ياسين والسموع مروراً بكفر قاسم والحرم الإبراهيمي وصولاً إلى غزة والقدس والضفة.

عليه، فإن ما يرتكبه الصهاينة اليوم بحق الفلسطينيين يومياً في القدس والضفة الغربية، من اعتقالات وتعذيب وقتل وهدم منازل إضافة إلى غزة، يعتبر أعمالاً إرهابية، فإرهاب الكيان الذي يستعيض به مرات كثيرة عن الحرب هو في القمع المستمر بحق الفلسطينيين من خلال استخدام القوة، والاعتقالات التي يقوم بها الجيش الصهيوني بالعشرات.
 العقيدة الصهيونية تقوم على الإرهاب

علاوة على ذلك، فإن الممارسات الإرهابية الصهيونية، لا تحصل من قبل جيش الإحتلال فقط، إنما من خلال المستوطنين الذين تشجعهم حكوماتهم المتعاقبة على ارتكاب جرائم بشعة بحق الشعب الفلسطيني وهذا ما يشهده العالم أجمع، بالإضافة إلى التوسع في بناء المستوطنات التي تؤدي إلى تهجير الفلسطينيين ومصادرة املاكهم.

إذاً، هذا الإرهاب الصهيوني سيبقى مستمراً طالما هناك دعم أميركي غربي وتواطؤ عربي على دماء الفلسطينيين في غزة والضفة وطالما هناك إعتماد لسياسة إزدواجية المعايير.
2014-11-15