ارشيف من :آراء وتحليلات

انسحابات من السباق إلى قرطاج

انسحابات من السباق إلى قرطاج

لا حديث في تونس هذه الأيام إلا عن انسحاب بعض المرشحين من السباق الرئاسي الذي سيجرى بعد يومين. حيث تعددت التأويلات لأسباب الانسحاب ولم يقتنع المحللون ولا عموم الناس بالمبررات التي ساقها المنسحبون في ندواتهم الصحفية أو من خلال رسائلهم إلى الشعب التونسي.


لقد انسحب، قبل بداية الحملة، محمد الحامدي عضو المجلس الوطني التأسيسي عن التيار الديمقراطي، وذلك بسبب النتائج الهزيلة التي حاز عليها حزبه في الانتخابات التشريعية التي جرت منذ أسابيع معدودات وفازت فيها بالمرتبة الأولى حركة نداء تونس. ومن أجل السبب ذاته انسحب على ما يبدو عبد الرحيم الزواري، أحد وزراء بن علي، بعد أن منيت حركته الدستورية بهزيمة مدوية في الانتخابات النيابية.

لصالح قائد السبسي


وصرح الزواري لاحقا بأنه يدعم مرشح حركة نداء تونس رئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السبسي الذي ينطلق بحظوظ وافرة للتربع على عرش قرطاج. لكن جهات عديدة أكدت أن وزير بن علي صرح بدعمه لقائد السبسي خدمة لمرشح حركة النهضة غير المعلن المنصف المرزوقي بما أن "الديمقراطيين" لا يمكنهم بأي حال من الأحوال دعم مرشح يدعمه وزير من وزراء بن علي.

انسحابات من السباق إلى قرطاج
الانتخابات التونسية

فالحركة الدستورية التي ينتمي إليها عبد الرحيم الزواري وعند تأسيسها على يد رئيس حكومة بن علي الأسبق حامد القروي اتهمت بأنها مدعومة من حركة النهضة لافتكاك أبناء التيار الدستوري من حركة نداء تونس لإضعافها بما أنه الحزب الوحيد الذي كان قادرا على منافسة حركة النهضة.

أهم الانسحابات


ولعل أهم انسحاب من الرئاسية شهدته الساحة السياسية التونسية هو ذلك المتعلق بمصطفى كمال النابلي محافظ البنك المركزي السابق الذي أقاله المرزوقي منذ أكثر من سنة دون مبرر مع أنه كفاءة وطنية مشهود لها دوليا بالحنكة، ونجح في مهمته على رأس البنك المركزي التونسي على أحسن وجه. والنابلي كان بحسب استطلاعات الرأي منافسا جديا على الرئاسة وقادرا على افتكاك الناخبين من قائد السبسي بما أنه ينتمي وإياه إلى المدرسة الوطنية ذاتها ولديهما التوجهات السياسية والاقتصادية ذاتها.

محافظ البنك المركزي الأسبق برر انسحابه بالعنف الذي تشهده الحملات الانتخابية الذي تجاوز أحيانا في جانبه اللفظي جميع المعايير الأخلاقية. لكن العارفين بخفايا الساحة السياسية التونسية من المحللين يؤكدون على أن انسحاب مصطفى كمال النابلي جاء من أجل الباجي قائد السبسي وتدعيما لحظوظ هذا الأخير أمام معسكر حركة النهضة - المرزوقي، ويؤكد هؤلاء على أن النابلي الذي كان مرشحا بارزا لرئاسة حكومة التكنوقراط منذ سنة قبل أن تؤول إلى المهدي جمعة قد أبرم صفقة مع قائد السبسي قد تجعله رئيسا للحكومة القادمة أو أحد وزراء السيادة فيها مقابل هذا الانسحاب.

تأكيد

وجاء انسحاب المحامي عبد الرؤوف العيادي رئيس حركة وفاء المنبثقة عن حزب المؤتمر الذي يرأسه المرزوقي كرد على انسحاب مصطفى كمال النابلي. فالعيادي ينتمي إلى المعسكر المقابل أي النهضة- المرزوقي ورأى في انسحابه دعما للمرزوقي لعدم تشتيت الأصوات بما أن شريحة الناخبين التي من المفروض أن تصوت لرئيس حركة وفاء هي ذاتها التي ستصوت للمرشح الخفي وغير المعلن لحركة النهضة الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي.

أما باقي الانسحابات فهي غير ذات بال و تتعلق بمرشحين لا وزن لهم يرغب بعضهم في الحفاظ على ماء الوجه فيما يرغب البعض الآخر في البروز إعلاميا. ومن المنتظر أن يشهد اليومان القادمان انسحابات أخرى بما أن الاستقطاب الثنائي بات هو الطاغي على المشهد بين التيارين الوطني والإخواني أو بين الخطين الحداثي والمحافظ ويرغب النهضويون في تصويره على أنه بين الثورة والثورة المضادة رغم أن المناضلين والثوار في كلا الفريقين وأتباع النظام السابق موجودون في كليهما أيضا.

2014-11-20