ارشيف من :آراء وتحليلات
هل تنجح الرياض في إعادة الود بين القاهرة والدوحة؟
ألقت السعودية بثقلها لمنع انهيار مجلس التعاون الخليجي كمؤسسة اقليمية تقودها المملكة عملياً منذ تأسيسها بحكم انها الاخ الاكبر للجميع.. الاجتماع الاخير في الرياض الذي خرج باتفاق على اعادة سفراء السعودية والامارات والبحرين الى الدوحة بعد انقطاع لثمانية اشهر ترجم اتفاقاً يقال انه تم ابرامه بين الملك عبد الله بين عبد العزيز وامير قطر تميم بن حمد آل ثاني تلتزم بموجبه قطر بالحد من تأييدها للاخوان المسلمين ووقف الانتقادات الاعلامية التي تمارسها قناة "الجزيرة" لدول الخليج المجاورة وفقاً لما نقلته وكالة رويترز عن ديبلوماسي غربي في الرياض. لكن الوكالة نفسها نقلت عن خبراء تقديرهم صعوبة معرفة ما تم التوصل اليه من من حلول وسط ومدى رضا الأطراف المختلفة عليها، فضلا عن طرحهم تساؤلات حول كم سيصمد هذا الاتفاق في ضوء تجارب سابقة مع قطر، وفي ضوء حسابات معقدة لكل الاطراف الخليجية.
لكن يبدو واضحا ان السعودية تستشف خطراً ملموساً على دورها وحضورها الاقليمي دفعها لمحاولة ترتيب البيت الخليجي، فهي تنظر بريبة شديدة الى الاحتمالات المتعلقة بتصاعد الدور الايراني في ضوء ما يمكن ان تنتهي اليه المفاوضات حول البرنامج النووي عاجلاً ام آجلاً. كما ان الخطر الثاني يكمن في التهديدات التي تمثلها التنظيمات التكفيرية وفي مقدمتها " داعش"، لا سيما بعد مجزرة قرية الدالوة في منطقة الاحساء والتي اصابت التكوين السعودي بالصميم من خلال محاولة ضرب العلاقة السنية ـ الشيعية، ثم دعوة ما يسمى بامير "داعش" ابو بكر البغدادي الى ضرب "الروافض" في المملكة، ما اشعر قيادة السعودية بان الخطر صار داخل البيت؛ اما الملف الثالث الذي تستشف منه السعودية مخاطر كبرى فهو الساحة اليمنية في ضوء التطورات الميدانية والسياسية الاخيرة التي اخرجت جماعة المملكة من المعادلة السياسية والعسكرية بشكل شبه كلي؛ لماذا مصر؟
اما اللافت فقد كان دعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز شخصياً وفي بيان رسمي مكتوب مصر قيادة وشعبا "للسعي معنا في إنجاح هذه الخطوة في مسيرة التضامن العربي". طبعا من البديهي ان يسارع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد قليل من نداء الملك السعودي الى الترحيب به ووصف دعوته بانها "تمثل خطوة كبيرة على صعيد مسيرة التضامن العربي" كما جاء في بيان لمكتبه. لكن لماذا مصر لوحدها وهي ليست عضوا في مجلس التعاون؟ وكيف ستساهم في انجاح هذه الخطوة وهي على عداء مستحكم مع قطر؟ اما لماذا تخصيص مصر بالدعوة فهو لانها القوة الاقليمية العربية الاكبر في المنطقة، ولديها قدرة تاثير تاريخية في اكثر من ساحة، رغم انها الان منشغلة بازماتها الداخلية. لكن يبدو ان على القاهرة ان تبدأ من الان دفع فاتورة الدعم المالي السخي الذي قدمته الرياض وابو ظبي لحكم الرئيس السيسي منذ اطاحته بنظام الاخوان المسلمين بقيادة محمد مرسي.
هل "تمون" الرياض على السيسي للتصالح مع قطر؟
وبمعزل عن اسباب عديدة تقف وراء مناشدة الملك السعودي للسيسي دعم الاتفاق الخليجي، فان السؤال منصب على كيفية رأب الصدع مع قطر التي اصبحت مركز قيادة اقليميا لتنظيم الاخوان المسلمين بعد حظرهم من قبل النظام المصري الجديد، كما ان قناة الجزيرة التابعة للنظام القطري تتولى قيادة الحرب الاعلامية ضد ما تسميه الانقلاب على الديمقراطية المصرية التي اتت بالاخوان الى الحكم بعد سقوط حسني مبارك. لكن المشكلة لا تقف عند احتضان القيادة الاخوانية والدعم الاعلامي، بل في موجة العنف الدموي التي تضرب مصر وخصوصا في سيناء، واصابت من الجيش المصري والاجهزة الامنية مقاتل كثيرة، مع انطباع سائد بان هناك ادوارا خارجية تؤجج هذا العنف وتدعم منفذي العمليات. كما ان الاشتباك المصري القطري له تجليات واضحة في ليبيا التي باتت احدى ساحات الصراع الرئيس بين الاخوان المسلمين والدول التي تقف معهم وفي مقدمها تركيا وقطر، وخصومهم الذين يشكلون تحالفا مضادا على راسه مصر والسعودية والامارات.
ما هو المطلوب الان؟ وما هو المتوقع؟ بحسب تقارير فان القاهرة مستعدة للمصالحة مع الدوحة لكن بشروط ارسلتها في قائمة الى كل من الرياض وابو ظبي وتتضمن النقاط التالية:
1 _ الاعتراف بشرعية حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، ما يعني الاعتراف بشرعية عزل الرئيس محمد مرسي؛
2 _ إيقاف هجمات قناة الجزيرة ضدّ النظام المصري حيث تعتبرها القاهرة ناطقة باسم تنظيم "الاخوان"؛
3_ على الدوحة ان تسلّم مطلوبي "الإخوان المسلمين" الذين حصلوا على اللجوء فيها؛
4_ التوقّف تمامًا عن دعم "الإخوان المسلمين" وكل المجموعات التابعة للتنظيم؛ هذه على الاقل لائحة المطالب المركزية التي ستشكل اختبارا اساسيا لفحص السلوك القطري وما اذا كان سيبقى يعمل على تقويض الامن المصري والتدخل في شؤون الدول الاخرى ودعم جماعات ارهابية حسب تصنيف القاهرة والرياض، وبالتالي سيكون بالامكان تلمس النتائج على الاقل من خلال السياسات التحريرية الجديدة التي يتعين على قناة الجزيرة اعتمادها ليس فقط تجاه مصر والاعتراف بحكم السيسي، بل ايضا تجاه دول الخليج الاخرى.
بعض المعطيات تتحدث عن اقامة قطر اليات جديدة للتعامل مع وسائل الإعلام، ومن بين ما ستدرسه الهجمات على مصر، كما انها في ايلول الماضي طلبت من سبع قيادات اخوانية مغادرة الدوحة، وربما يتراجع كثيرا حضور الشيخ يوسف القرضاوي المصري الاصل والمجنس قطرياً لتوفير حصانة له للقيام بما يطلب منه. في المقابل فان الرئيس السيسي المح الى احتمال الافراج عن اثنين من صحفيي الجزيرة المعتقلين بتهم دعم الارهاب وترحيل اثنين منهم ممن يحملون جنسيات اجنبية، كخطوة اولية في سياق اظهار حسن النوايا. لكن هل هذا يكفي؟ وهل يمكن ان تغير قطر سلوكها فعلياً؟ وهل الدوحة لديها مطلق الصلاحية في اتخاذ قراراتها؟ وماذا عن تركيا شريك قطر في رعاية الاخوان المسلمين؟ وما هو مصير هذا التنظيم اذا اغلقت الابواب العربية في وجهه؟
طبعاً يوجد كم من الاسئلة يفترض الاجابة عنها من اجل فحص امكانيات جسر الهوة المصرية_ القطرية. لكن تقديرات غربية عدة بعضها ورد في تقارير ذات طابع تحليلي لوكالة رويترز القت ظلالا كبيرة من الشكوك حيال اولاً صمود الاتفاق الخليجي، حيث اعتبر بعض الخبراء إن استمرار العمل بالاتفاق ليس مضمونا في ضوء عمق العلاقات التي تربط قطر بالجماعات الاسلامية ورغبتها في مواصلة السعي للقيام بدور بارز في الشؤون الاقليمية، فضلا عن انه ليس بهذه السهولة ان ترمي الدوحة ورقة كبيرة هي تنظيم الاخوان تسعى منذ زمن للامساك بها واستثمارها في تفعيل دورها الخارجي. وعليه فان الدوحة في حال عطلت سلاح قناة الجزيرة وتخلت عن دعمها للاخوان المسلمين واخرجتهم من اراضيها، تكون كمن يكتب ورقة نعيه بيده بعد كل هذا الجهد والضخ المالي والاعلامي، وحينها لا تعود تساوي هذه الجزيرة الصغيرة بالمساحة وعدد السكان شيئا، سوى ما تضخه من غاز وبترول للدول الغربية وغيرها.
ومع الاشارة الى ان هذا الاتفاق ليس الاول بل سبقه اتفاق آخر اتهمت قطر بنقضه ولم توقف تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الاخرى، ولم تتخل عن الاخوان المسلمين ما ادى الى سحب السعودية والامارات والبحرين سفرائها من الدوحة في اذار/ مارس الماضي، فان تقريراً صحفيا غربياً آخر نشر في الثاني من الشهر الجاري ويتحدث عن براغماتية الدوحة وكيفية محاولتها التملص من التحالف الدولي ضد داعش، حتى لا يصيب حلفءها في جبهة النصرة وغيرهم بالغارات الجوية، وخلص التقرير الى ان قطر حريصة على الاحتفاظ بنفوذها وسط قوى الاسلاميين التي ترى أن المستقبل لها على الأمد البعيد.
وعليه فان قطر التي جهزت عدة شغلها منذ سنوات تحت رعاية ونظر واشنطن وجمعت التناقضات ولا تزال لن تقدم مجانا لخصومها جهد سنواتها، ويكفي فقط الاستدلال بالساحة السورية التي جمعت قطر والسعودية على هدف الاطاحة بالرئيس بشار الاسد، لكنهما عادتا وتصارعتا في سوريا وخارجها ضمن اجندات وحسابات تتجاوز محاولات الاتفاق وجسر الهوات كما يجري حاليا سواء بين قطر وشقيقاتها الخليجيات، او بين قطر ومصر عبد الفتاح السيسي.
لكن السؤال الأهم هل فعلت قطر ما فعلته من تلقاء نفسها ام ان لها وظيفة حددتها لها بالتحديد الولايات المتحدة وبالتالي لا تملك قرارها بتغيير سلوكها تجاه أي طرف قريب او بعيد بمعزل عن الموافقة الأميركية. ثم ان الاخوان المسلمين التي تريد السعودية ومصر من قطر ان يكونوا ضحايا التفاهمات الجديدة لديهم من العلاقات مع واشنطن ودول أوروبية عدة ما يكفي لإحباط أي اتفاق خليجي _ خليجي او قطري _ مصري لاستهدافهم بما يجردهم من أي حاضنة عربية، فهل واشنطن التي لا تريد ان تسلف تركيا أوراق قوة جديدة ستسمح برمي "الاخوان" دفعة واحدة في الحضن التركي كملاذ أخير لهذا التنظيم الدولي؟
لكن يبدو واضحا ان السعودية تستشف خطراً ملموساً على دورها وحضورها الاقليمي دفعها لمحاولة ترتيب البيت الخليجي، فهي تنظر بريبة شديدة الى الاحتمالات المتعلقة بتصاعد الدور الايراني في ضوء ما يمكن ان تنتهي اليه المفاوضات حول البرنامج النووي عاجلاً ام آجلاً. كما ان الخطر الثاني يكمن في التهديدات التي تمثلها التنظيمات التكفيرية وفي مقدمتها " داعش"، لا سيما بعد مجزرة قرية الدالوة في منطقة الاحساء والتي اصابت التكوين السعودي بالصميم من خلال محاولة ضرب العلاقة السنية ـ الشيعية، ثم دعوة ما يسمى بامير "داعش" ابو بكر البغدادي الى ضرب "الروافض" في المملكة، ما اشعر قيادة السعودية بان الخطر صار داخل البيت؛ اما الملف الثالث الذي تستشف منه السعودية مخاطر كبرى فهو الساحة اليمنية في ضوء التطورات الميدانية والسياسية الاخيرة التي اخرجت جماعة المملكة من المعادلة السياسية والعسكرية بشكل شبه كلي؛ لماذا مصر؟
اما اللافت فقد كان دعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز شخصياً وفي بيان رسمي مكتوب مصر قيادة وشعبا "للسعي معنا في إنجاح هذه الخطوة في مسيرة التضامن العربي". طبعا من البديهي ان يسارع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد قليل من نداء الملك السعودي الى الترحيب به ووصف دعوته بانها "تمثل خطوة كبيرة على صعيد مسيرة التضامن العربي" كما جاء في بيان لمكتبه. لكن لماذا مصر لوحدها وهي ليست عضوا في مجلس التعاون؟ وكيف ستساهم في انجاح هذه الخطوة وهي على عداء مستحكم مع قطر؟ اما لماذا تخصيص مصر بالدعوة فهو لانها القوة الاقليمية العربية الاكبر في المنطقة، ولديها قدرة تاثير تاريخية في اكثر من ساحة، رغم انها الان منشغلة بازماتها الداخلية. لكن يبدو ان على القاهرة ان تبدأ من الان دفع فاتورة الدعم المالي السخي الذي قدمته الرياض وابو ظبي لحكم الرئيس السيسي منذ اطاحته بنظام الاخوان المسلمين بقيادة محمد مرسي.
السعودية - مصر
ويبدو ان هناك خشية من تقارب مصري ـ ايراني لا سيما اذا تم حل المعضلة النووية، وهناك قلق سعودي من مواقف القاهرة ازاء الازمة السورية خاصة بعد ترحيب وزير خارجيتها سامح شكري بمبادرة المبعوث الدولي الى سوريا ستيفان ديمستورا الاخيرة بخصوص تجميد القتال في حلب للتأسيس لحل سياسي. كما ان هناك انزعاجا من عدم اتخاذ القاهرة موقفا مما يجري في اليمن رغم محاولات التخويف المستمرة في الاعلام الخليجي التي تتحدث يوميا عن مخاطر سيطرة الحوثيين على مضيق باب المندب وتاثيره على الامن القومي العربي بما فيها امن مصر ايضاً، من حيث تعطيل وظيفة قناة السويس الحيوية بالنسبة لمصر، اذا تم اغلاق باب المندب كما يقولون.هل "تمون" الرياض على السيسي للتصالح مع قطر؟
وبمعزل عن اسباب عديدة تقف وراء مناشدة الملك السعودي للسيسي دعم الاتفاق الخليجي، فان السؤال منصب على كيفية رأب الصدع مع قطر التي اصبحت مركز قيادة اقليميا لتنظيم الاخوان المسلمين بعد حظرهم من قبل النظام المصري الجديد، كما ان قناة الجزيرة التابعة للنظام القطري تتولى قيادة الحرب الاعلامية ضد ما تسميه الانقلاب على الديمقراطية المصرية التي اتت بالاخوان الى الحكم بعد سقوط حسني مبارك. لكن المشكلة لا تقف عند احتضان القيادة الاخوانية والدعم الاعلامي، بل في موجة العنف الدموي التي تضرب مصر وخصوصا في سيناء، واصابت من الجيش المصري والاجهزة الامنية مقاتل كثيرة، مع انطباع سائد بان هناك ادوارا خارجية تؤجج هذا العنف وتدعم منفذي العمليات. كما ان الاشتباك المصري القطري له تجليات واضحة في ليبيا التي باتت احدى ساحات الصراع الرئيس بين الاخوان المسلمين والدول التي تقف معهم وفي مقدمها تركيا وقطر، وخصومهم الذين يشكلون تحالفا مضادا على راسه مصر والسعودية والامارات.
ما هو المطلوب الان؟ وما هو المتوقع؟ بحسب تقارير فان القاهرة مستعدة للمصالحة مع الدوحة لكن بشروط ارسلتها في قائمة الى كل من الرياض وابو ظبي وتتضمن النقاط التالية:
1 _ الاعتراف بشرعية حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، ما يعني الاعتراف بشرعية عزل الرئيس محمد مرسي؛
2 _ إيقاف هجمات قناة الجزيرة ضدّ النظام المصري حيث تعتبرها القاهرة ناطقة باسم تنظيم "الاخوان"؛
3_ على الدوحة ان تسلّم مطلوبي "الإخوان المسلمين" الذين حصلوا على اللجوء فيها؛
4_ التوقّف تمامًا عن دعم "الإخوان المسلمين" وكل المجموعات التابعة للتنظيم؛ هذه على الاقل لائحة المطالب المركزية التي ستشكل اختبارا اساسيا لفحص السلوك القطري وما اذا كان سيبقى يعمل على تقويض الامن المصري والتدخل في شؤون الدول الاخرى ودعم جماعات ارهابية حسب تصنيف القاهرة والرياض، وبالتالي سيكون بالامكان تلمس النتائج على الاقل من خلال السياسات التحريرية الجديدة التي يتعين على قناة الجزيرة اعتمادها ليس فقط تجاه مصر والاعتراف بحكم السيسي، بل ايضا تجاه دول الخليج الاخرى.
بعض المعطيات تتحدث عن اقامة قطر اليات جديدة للتعامل مع وسائل الإعلام، ومن بين ما ستدرسه الهجمات على مصر، كما انها في ايلول الماضي طلبت من سبع قيادات اخوانية مغادرة الدوحة، وربما يتراجع كثيرا حضور الشيخ يوسف القرضاوي المصري الاصل والمجنس قطرياً لتوفير حصانة له للقيام بما يطلب منه. في المقابل فان الرئيس السيسي المح الى احتمال الافراج عن اثنين من صحفيي الجزيرة المعتقلين بتهم دعم الارهاب وترحيل اثنين منهم ممن يحملون جنسيات اجنبية، كخطوة اولية في سياق اظهار حسن النوايا. لكن هل هذا يكفي؟ وهل يمكن ان تغير قطر سلوكها فعلياً؟ وهل الدوحة لديها مطلق الصلاحية في اتخاذ قراراتها؟ وماذا عن تركيا شريك قطر في رعاية الاخوان المسلمين؟ وما هو مصير هذا التنظيم اذا اغلقت الابواب العربية في وجهه؟
طبعاً يوجد كم من الاسئلة يفترض الاجابة عنها من اجل فحص امكانيات جسر الهوة المصرية_ القطرية. لكن تقديرات غربية عدة بعضها ورد في تقارير ذات طابع تحليلي لوكالة رويترز القت ظلالا كبيرة من الشكوك حيال اولاً صمود الاتفاق الخليجي، حيث اعتبر بعض الخبراء إن استمرار العمل بالاتفاق ليس مضمونا في ضوء عمق العلاقات التي تربط قطر بالجماعات الاسلامية ورغبتها في مواصلة السعي للقيام بدور بارز في الشؤون الاقليمية، فضلا عن انه ليس بهذه السهولة ان ترمي الدوحة ورقة كبيرة هي تنظيم الاخوان تسعى منذ زمن للامساك بها واستثمارها في تفعيل دورها الخارجي. وعليه فان الدوحة في حال عطلت سلاح قناة الجزيرة وتخلت عن دعمها للاخوان المسلمين واخرجتهم من اراضيها، تكون كمن يكتب ورقة نعيه بيده بعد كل هذا الجهد والضخ المالي والاعلامي، وحينها لا تعود تساوي هذه الجزيرة الصغيرة بالمساحة وعدد السكان شيئا، سوى ما تضخه من غاز وبترول للدول الغربية وغيرها.
ومع الاشارة الى ان هذا الاتفاق ليس الاول بل سبقه اتفاق آخر اتهمت قطر بنقضه ولم توقف تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الاخرى، ولم تتخل عن الاخوان المسلمين ما ادى الى سحب السعودية والامارات والبحرين سفرائها من الدوحة في اذار/ مارس الماضي، فان تقريراً صحفيا غربياً آخر نشر في الثاني من الشهر الجاري ويتحدث عن براغماتية الدوحة وكيفية محاولتها التملص من التحالف الدولي ضد داعش، حتى لا يصيب حلفءها في جبهة النصرة وغيرهم بالغارات الجوية، وخلص التقرير الى ان قطر حريصة على الاحتفاظ بنفوذها وسط قوى الاسلاميين التي ترى أن المستقبل لها على الأمد البعيد.
ليس بهذه السهولة ان ترمي الدوحة ورقة كبيرة هي تنظيم الاخوان تسعى منذ زمن للامساك بها واستثمارها في تفعيل دورها الخارجي |
وعليه فان قطر التي جهزت عدة شغلها منذ سنوات تحت رعاية ونظر واشنطن وجمعت التناقضات ولا تزال لن تقدم مجانا لخصومها جهد سنواتها، ويكفي فقط الاستدلال بالساحة السورية التي جمعت قطر والسعودية على هدف الاطاحة بالرئيس بشار الاسد، لكنهما عادتا وتصارعتا في سوريا وخارجها ضمن اجندات وحسابات تتجاوز محاولات الاتفاق وجسر الهوات كما يجري حاليا سواء بين قطر وشقيقاتها الخليجيات، او بين قطر ومصر عبد الفتاح السيسي.
لكن السؤال الأهم هل فعلت قطر ما فعلته من تلقاء نفسها ام ان لها وظيفة حددتها لها بالتحديد الولايات المتحدة وبالتالي لا تملك قرارها بتغيير سلوكها تجاه أي طرف قريب او بعيد بمعزل عن الموافقة الأميركية. ثم ان الاخوان المسلمين التي تريد السعودية ومصر من قطر ان يكونوا ضحايا التفاهمات الجديدة لديهم من العلاقات مع واشنطن ودول أوروبية عدة ما يكفي لإحباط أي اتفاق خليجي _ خليجي او قطري _ مصري لاستهدافهم بما يجردهم من أي حاضنة عربية، فهل واشنطن التي لا تريد ان تسلف تركيا أوراق قوة جديدة ستسمح برمي "الاخوان" دفعة واحدة في الحضن التركي كملاذ أخير لهذا التنظيم الدولي؟