ارشيف من :آراء وتحليلات

أزمة النازحين في العراق وغياب الحلول الناجعة

أزمة النازحين في العراق وغياب الحلول الناجعة
تقدر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة عدد النازحين العراقيين بسبب العمليات الارهابية والمسلحة في مدن ومناطق مختلفة من البلاد بمليون وتسعمائة الف نازح، يتمركز القسم الاكبر منهم في اقليم كردستان.

وفي تقارير لها صدرت مؤخرا، تحذر المفوضية الاممية من ازمة انسانية للنازحين في العراق وسوريا خلال فصل الشتاء اذا لم يتم تدارك الامر عبر جهود وتحركات دولية جادة وسريعة.

وتنقل التقارير عن المتحدثة باسم المفوضية التي تتخذ من مدينة جنيف السويسرية مقرا لها، ميليسا فليمنغ قولها "ان المفوضية تعاني نقصا في تمويل برامجها بقيمة 584 مليون دولار رغم أنها استثمرت 154 مليون دولار حتى الآن في برنامج الاستعداد لفصل الشتاء، علما أن البرامج مخصصة للاجئين السوريين والعراقيين والمشردين داخلياً لكن عدد اللاجئين والنازحين في ارتفاع مستمر بشكل لا يتناسب مع التمويل المتاح".

وفيما يتعلق بالعراق فإن هناك اربعة قضايا تعرقل احتواء ازمة النازحين، وهي:

اولا: استمرار عمليات النزوح من المناطق التي يسيطر عليها الارهابيون الدواعش، وكذلك تلك التي تشهد عمليات عسكرية، حيث ان هذه الاستمرارية تجعل من الصعب بمكان وضع وتحديد سقوف واضحة للاحتياجات والمتطلبات الحياتية، من اماكن السكن الى الغذاء والوقود والمستلزمات اللوجيستية الاخرى، ناهيك عن الامور التي تتعلق بالمدارس وطبيعة ارتباط الموظفين الحكوميين وآلية حصولهم على رواتبهم الشهرية، وغيرها من الامور.

أزمة النازحين في العراق وغياب الحلول الناجعة
النازحون العراقيون

ولعل ما يلاحظ حاليا هو ان مشكلات من قبيل السكن الملائم، والوقود، والسيولة النقدية، هي الابرز التي تواجهها جيوش النازحين.

ثانيا: ضعف التنسيق بين الحكومة الاتحادية، وحكومة اقليم كردستان، باعتبار ان اقليم كردستان شهد اكبر موجة نزوح، تسببت في ارتباك الاوضاع فيه، وشكلت ضغطا غير مسبوق على الحكومة المحلية هناك، في الوقت الذي تواجه الحكومة الاتحادية عدة مشاكل من بينها، الانفاق المالي الكبير على العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش، وانخفاض اسعار النفط، وتبعات السياسات والمنهجيات الخاطئة للمراحل السابقة.

ثالثا: عدم قدرة الحكومات المحلية في المحافظات على وضع الخطط والمعالجات السريعة التي تكفل حلولا سريعة لازمة-او ازمات النازحين-فيها، بسبب ضعف امكانياتها المالية جراء عدم اقرار الموازنة المالية للعام الجاري حتى الان، فضلا عن عدم وجود التخصيصات للنازحين، وكذلك السياقات الروتينية التي تؤدي في الغالب الى بطء تنفيذ الاجراءات المطلوبة.

رابعا: الفساد الاداري والمالي في مختلف المفاصل الحكومية المعنية بالتعاطي مع ازمة النازحين، وابرزها اللجنة العليا التي تشكلت بقرار من مجلس الوزراء من مؤسسات حكومية عديدة برئاسة نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات صالح المطلك، والتي اثير حولها الكثير من اللغط ووجهت لها اتهامات عديدة بسوء الادارة، لا سيما ما يتعلق بمنحة المليون دينار التي اقرتها الحكومة الاتحادية لكل عائلة نازحة.

هذه القضايا الاربع اذا لم يتم معالجتها بآليات مناسبة، فإن أي حديث عن حل جذري لازمة النازحين يكون لا قيمة له.

وتشير نائبة الامين العام للامم المتحدة فاليري آموس الى "ان هذه ليست مشكلة العراق لوحده، لكنها جزء من مشكلة عمت المنطقة كلها، ويجب علينا التباحث حولها، فالمساعدات الانسانية في العراق عاجلة وضرورية، ومع حلول فصل الشتاء فإن اربعمائة وخمسين الف اسرة بحاجة إلى الثياب الشتوية، وثلاثمائة ألف نازح بحاجة إلى الفرش والاغطية والاماكن الدافئة ومواد ضرورية اخرى".

وترى اموس "ان الحل لا بد ان يكون خطوة بخطوة، ويستوجب أن يقوم العراقيون بنبذ الخلافات ومواجهة تنظيم داعش سوية".

وطبيعي ان المشكلات الحياتية المختلفة-الاقتصادية والصحية والتربوية-التي تفرزها ازمة النازحين بإطارها العام، ستخلف اثارا اجتماعية ونفسية كثيرة وكبيرة بسبب اختلاف وتغير البيئات الاجتماعية الحاضنة، وغياب عامل الاستقرار الحقيقي، واختلال الظروف والامكانيات المالية المناسبة لكثير من العوائل النازحة التي وجدت نفسها بين ليلة وضحاها فاقدة لكل ما كانت تمتلكه.

ومن غير المستبعد ان تتفشى في داخل الكتل البشرية النازحة ظواهر وسلوكات وممارسات سلبية، ناهيك عن امكانية حدوث اختراقات من قبل الجماعات الارهابية لتلك الكتل المضطربة والمرتبكة ماديا ومعنويا، وهذا ما نبهت له وحذرت منه جهات عراقية معنية بحقوق الانسان وشؤون اللاجئين والنازحين، معتبرة ان عدم ايلاء الاهتمام الجدي والكافي بهذه الازمة سيفرز ازمات من نوع اخر تكون اكثر خطورة وفداحة.
2014-11-27