ارشيف من :آراء وتحليلات

أميركا والاحتلال الناعم للمنطقة

أميركا والاحتلال الناعم للمنطقة

تعمل الادارة الاميركية على دغدغة المشاعر الاميركية في حربها ضد "داعش" في العراق، وهي تستغل العامل الانساني للنفاذ منه الى عقول الاميركييين، تماما كما فعلت في حربيها السابقتين على أفغانستان والعراق في عهد الرئيس السابق جورج بوش.

وتحاول الادارة الاميركية هذه المرة إعادة الكرة من جديد، للعودة الى الشرق الاوسط بشكل مباشر، بعدما فشلت في اخضاع المنطقة عقب خروجها من العراق عام الفين واحد عشر، وتخشى من أن تفقد سطوتها ونفوذها بعد خروجها المفترض من أفغانستان نهاية العام الجاري.

أميركا وبعد خروجها من الباب العراقي تعمل على العودة اليه من الشباك، وقد حاولت واشنطن البقاء عسكريا في العراق، لكنها فشلت في الاحتفاظ حتى بقاعدة عسكرية واحدة، بعد رفض رئيس الوزراء العراقي انذاك نوري المالكي للطلب الاميركي. لكن كيف السبيل الى ذلك؟

العودة الاميركية الى منطقة الشرق الاوسط وخصوصا العراق تحتاج الى تمهيد وأسباب تقنع به المترددين من الاميركيين للدخول بقوة الى معركة العودة الى العراق.

أميركا والاحتلال الناعم للمنطقة
اميركا

فتحت شعار محاربة الارهاب حركت الولايات المتحدة طائراتها الحربية وشنت غارات ضد مواقع "داعش" في العراق، وحصلت إدارة أوباما على جرعة دعم من الكونغرس الذي صوت لمصلحة تفويض الرئيس الاميركي للقيام بعمليات عسكرية ضد " داعش" لمدة ثلاث سنوات، سبق ذلك موافقة الكونغرس على الموازنة السنوية العسكرية الجديدة وفيها اعتمادات إضافية ضد "داعش".

ما هو السيناريو الذي أعدته واشنطن للعودة الى العراق، وكيف بدأت بتنفيذه؟ يرى المراقبون بأن أميركا أعدت خطة مع الحلف الاطلسي، وبدأت بتنفيذها بشكل مخادع، أطلق عليها خطة الاحتيال الاحتلالي الناعم. ولا يمكن لأميركا ان تنفذ هذه الخطة إلا بخلق بيئة مناسبة لها.

ووفق ما هو مرسوم، تتضمن الخطة الاميركية نشر القواعد العسكرية بطلب من بلدان المنطقة ونشر القوى العسكرية بحجم محدود لإدارة الصراع وإدارة القرار في المنطقة.

لكن تنفيذ هذه الخطة يحتاج الى بيئة، ولكي تنتج هذه البيئة هي بحاجة الى عدو يبرر طلب مساعدتها. واعتمدت الولايات المتحدة على"داعش" لانتاج هذه البيئة ليعود الجيش العراقي لطلب المساعدة الاميركية، لكي تعود الاخيرة الى العراق أولا، وثانيا إعداد جيوش تعمل هي على تدريبها وإعدادها.

ولهذه الغاية تعتزم الولايات المتحدة تدريب 50 ألف عنصر من العشائر السنية والاشراف على قوات البيشمركة وإقامة خمس قواعد عسكرية للإيواء وتقديم الدعم اللوجستي للجيش العراقي.

ووفق الحسابات الاميركة فإن انتشار القوات وبناء القواعد يتطلب نحو سنتين، ولذلك فإن أميركا وضعت سقفا لاستيعاب الفترة الزمنية للاحتلال الناعم.

من هو المستفيد من هذه الحرب؟


يرى العارفون بخبايا السياسة الاميركية أن الولايات المتحدة وحلفاءها هم المستفيدون من هذه الحرب، لأن لديها خطة التحول الى الشرق الاقصى، لكن هذه الخطة كانت قائمة على ركن رئيسي، يعتمد على تحكّمها في المنطقة عن بعد عبر "الريموت كونترول" بعد انهاء احتلالها للعراق وأفغانستان، لكن تبين بعد انسحابها من العراق، أن هناك متغيرات إقليمية ودولية منعت أميركا من التحكم بها عن بعد، مع صمود محور المقاومة والانجازات التي يحققها، وصعود النجم الروسي. كل هذه الامور أتت معاكسة للخطة الأميركة، واضطرت أميركا الى تأخيرها سنتين أو ثلاث سنوات لكبح انسحابها من أفغانستان من أجل استيعاب المتغيرات في الشرق الاوسط . هذه المتغيرات فرضت عليها العودة الى منطق الاحتلال الناعم.
2014-12-18