ارشيف من :ترجمات ودراسات

اما اعمار غزة او الانفجار

اما اعمار غزة او الانفجار

قالت صحيفة "هآرتس" إن اطلاق الصاروخ الوحيد يوم الجمعة الماضي من قطاع غزة قرب الحدود لا يعكس حالياً تغييراً أساسياً في الوضع الذي نشأ بعد الحرب في نهاية آب الماضي. لذلك فإن الرد "الاسرائيلي" جاء محدوداً، بغارة واحدة ضد مستودع لصناعة الاسمنت في جنوب القطاع واعلان جديد أن "اسرائيل" تعتبر أن منظمة "حماس" مسؤولة عن أي هجوم ضدها من غزة. وما زال تبادل النيران يعكس احتمالية التصعيد.

وفيما تشير الصحيفة الى انه "بعد نحو اربعة اشهر على الحرب بقيت غزة "طنجرة ضغط" على شفا الغليان"، تلفت الى ان "أي احتكاك خاطئ بين الاطراف كما حدث الى حد كبير قبل اندلاع الحرب في الصيف، من شأنه أن يؤدي الى اشتعال ما سيضع العملية الانتخابية لـ"الكنيست" في الظل".

وتنقل صحيفة "هآرتس" بانهم في الاجهزة الامنية "الاسرائيلية" يعتقدون أن المسؤول عن اطلاق الصاروخ هو فصيل فلسطيني صغير. ويقولون إن "حماس" اتخذت خطوات لمنع اطلاق صواريخ بعد سقوط هذا الصاروخ فوراً. هكذا تصرفت "حماس" في الاشهر الاخيرة التي سبقت اندلاع الحرب في الصيف. وبين الحين والآخر يتم اطلاق صاروخ واحد وحينها تم نقل رسائل مستعجلة لـ"اسرائيل" بأن اطلاق الصواريخ ليس مقبولاً على القيادة في غزة. ولكن في الاسابيع التي سبقت اندلاع الحرب في تموز، حدث تغيير تدريجي في نظرة "حماس"، في البداية قامت فصائل صغيرة بالاطلاق وبعد ذلك منظمات الجبهة التي لاقت دعماً وتشجيعاً من "حماس"، وفي النهاية شاركت "حماس" نفسها، أي قبل الاندلاع الكبير بسبب الافشال "الاسرائيلي" للتحضيرات لعملية كبيرة عن طريق نفق كرم أبو سالم.

اما اعمار غزة او الانفجار
الدمار في غزة

وتشير الصحيفة الى أن معظم الجهات الامنية في "اسرائيل" تتفق على أن السبب الأساسي للتدهور في الصيف كان بالامكان تحديده قبل سنة، حيث وجد الغزيون أنفسهم في حصار آخذ في الازدياد، ازداد سوءاً وبعد فشل محاولة تطبيق اتفاق المصالحة مع "فتح" كي تصل اموال الرواتب الى القطاع، وحينها بدأ التدهور الذي أدى الى اندلاع الحرب.

تضيف الصحيفة :"الوضع الآن لا يختلف كثيراً، عن الوضع الذي ساد في بداية تموز. عندما اضطرت "حماس" الى طلب وقف اطلاق النار في نهاية آب، كانت التوقعات في غزة كبيرة. تم الحديث عن رفع الحصار واعمار غزة من التدمير، وسُمعت ايضاً وعود ضبابية حول نقاش مستقبلي لاقامة مطار وميناء في غزة. القليل جداً حدث منذ ذلك الحين. صحيح أنه تم وعد اهالي غزة بمساعدة اقتصادية بنحو 7 مليارات دولار، ولكن 100 مليون دولار فقط تم تحويلها حتى الآن".

تتابع الصحيفة :"لقد حصل في غزة في الصيف تسونامي حقيقي، بسبب عملية الجيش الاسرائيلي. حوالي 600 ألف منزل أصيب وهي تحتاج الى الاعمار، 20 ألفاً من بينها دُمرت كلياً، عشرات الآلاف ما زالوا يسكنون في الخيام. شحنات مواد البناء بدأت تصل عن طريق "اسرائيل"، ولكن استخدامها يتم ببطء. والقاهرة ترفض حتى الآن التحرك. معبر رفح مغلق وهدم الانفاق تم تسريعه. منذ اسابيع كثيرة لم يجدد المصريون المفاوضات الغير مباشرة بين الاطراف حول اتفاق بعيد المدى لوقف اطلاق النار".

وتوضح الصحيفة أن رسالة "حماس" التي عرضتها في الذكرى السنوية لانشاء المنظمة قبل اسبوع كانت "اعمار أو انفجار". العنصر الكابح في المعادلة، هو أقوى اليوم من تموز-بحسب الصحيفة-، ويرتبط بالمعاناة التي حدثت للسكان الفلسطينيين في القطاع. الدمار الذي خلفته الحرب الاخيرة هو الأكثر من أي وقت مضى. ورغم الغضب على "اسرائيل" ومصر فانه من المشكوك فيه أن سكان القطاع متلهفون الى جولة قتال اضافية.

في المقابل، تقول الصحيفة :"كالمعتاد، توجد فجوة بين الخطابات الكلامية المتشددة لنتنياهو وبين افعاله على الارض. خلال ست سنوات حكم متواصلة لنتنياهو كرئيس للحكومة خرج مرتين للحرب في القطاع. عمل نتنياهو ذلك بدون رغبة كبيرة. عملية "عمود السحاب" في تشرين الثاني 2012 بدأت عندما كان نتنياهو في ذروة الفترة الانتخابية وتمت مهاجمته في الصحافة من قبل خصومه السياسيين بذريعة أنه لا يدافع بما يكفي عن سكان غلاف غزة. وقد جُرت "اسرائيل" وراء الحرب في الصيف، كما أعلن وزير الخارجية ليبرمان. لم تقرر "اسرائيل" التطورات، ويمكن الافتراض أنه اذا كانت الامور مرتبطة بنتنياهو فانه سيمتنع عن حرب اخرى في غزة خلال الفترة الانتخابية، خشية من عدم قدرته السيطرة على الاحداث. ومع ذلك اذا وضعته "حماس" أمام تحدي مباشر، وهذا سيشكك بنتائج الحرب، فانه قد يحدث التصعيد".

وفي الخلفية، تكتب "هآرتس"، "هناك تطور يجب الانتباه إليه. "حماس" تقوم بترميم علاقتها تدريجيا مع ايران. حتى 2012 كانت ايران وسوريا هما الراعيتان ومزودتا السلاح الأساسيتان لـ"حماس" في القطاع. وقد تراجعت العلاقات بسبب الحرب السورية. ولاول مرة منذ سنوات يمكن التقدير أن ايران ستحاول استئناف تهريب السلاح الى القطاع. ومثلما في كل مرة ينشط فيها الايرانيون في المنطقة، فان عودتهم الى الصورة في غزة لا تعتبر أمراً جيداً".
2014-12-22