ارشيف من :أخبار عالمية
القرصنة "الإسرائيلية"
المحرر الاقليمي + "الخليج"
يجيش الغرب الأساطيل لأن قراصنة يمتلكون أدوات بدائية يستولون على السفن قبالة الشواطئ الصومالية، في بلد ممزق بالصراع وغارق في الفقر. وهذا الغرب نفسه إن لم يكن قائماً على قدم وساق في حال التبرير لما يفعله الكيان الصهيوني، فهو يسكت دائماً على جرائمه وقرصنته. القرصنة “الإسرائيلية” متعددة ومتطرفة في عدوانيتها. فالقوة العسكرية “الإسرائيلية” التي استولت على سفينة المساعدات الدولية المتجهة إلى غزة تخرق كل النواميس الإنسانية والأخلاقية لكن العيون الغربية العوراء لا تراها ولا تلتفت إليها.
فجريمة القرصنة ليست قائمة في الاستيلاء على سفينة غصبا فحسب وإنما تقوم أيضاً في منعها من القيام بعملها الإنساني لإنقاذ بشر يتعرضون للتجويع وللمرض بسبب الحصار “الإسرائيلي” المستمر. لكن البلدان الغربية لا ترى في استيلاء كيان عات مسلح على سفينة تحمل مؤونة وشخصيات دولية متعاطفة مع مليون ونصف من البشر محاصرين بكل قوتها المدمرة خرقا لكل القوانين أو ضيرا بينما تستنهض كل قواها العسكرية لأن أفرادا أو جماعات صغيرة يقومون بالقرصنة.
أما كان حريا بالبلدان التي تحارب القرصنة أن ترسل قطعا عسكرية لمواكبة هذا المركب المحمل بالمساعدات لكي تكون منسجمة مع دعاواها سواء في محاربتها للقرصنة أو في مطالبتها بتقديم المساعدات الإنسانية للمحاصرين في قطاع غزة؟ لم تقم بذلك ليس لأنه لا قوة لها على مواجهة “إسرائيل” فهذه ما كان بإمكانها أن تجرؤ على التعرض لسفن البلدان الغربية، وإنما لأن هذه البلدان تبيعنا كعادتها كل الشعارات وتفعل ما يوافق مصالحها ويعززها.
وليست هذه هي المرة الأولى ولا الأخيرة التي تخفق فيها الدول الغربية في أن تقرن القول بالفعل، أو تغض النظر عن جرائم “إسرائيل” أو حتى عن دعمها في خرقها للقوانين الدولية. وليس هذا بالأمر المستغرب، فالبلدان تضع سياساتها في ضوء موازين الربح والخسارة بكل أشكالها، وهي ترى أن السياسات التي لا تكلفها ثمنا جديرة بالاستمرار.
ومن يتمعن في تاريخ السلوك الغربي تجاه الصراع العربي “الإسرائيلي” يدرك تجليات هذا الأمر في كثير من مراحله التاريخية. وفيها نجد أن هذا السلوك كان يعكس إلى حد كبيرة حجم التضامن العربي، ومواقفه، وإجراءاته. وبطبيعة الحال، فإن الواقع الفلسطيني كما الحال العربي في ضعف التضامن في داخلهما، وفي كثرة الخلافات بين أطرافهما، وفي عجز المؤسسات الجماعية التي تعكس هذه الأوضاع لا تشكل حافزاً للبلدان الغربية لأن تأخذ مطالب العرب بالحسبان. فلا يلومن العرب إلا أنفسهم.