ارشيف من :آراء وتحليلات

ماذا اصاب الطائرة الأردنية في سوريا: انشق الطيار أم ’خدع’!

ماذا اصاب الطائرة الأردنية في سوريا: انشق الطيار أم ’خدع’!
خلط أسر الطيار الأردني الملازم أول معاذ الكساسبة بيد "داعش" الأوراق ببعضها البعض، فكثرت الفرضيات والتساؤلات عن السبب الحقيقي لوقوع الطائرة. هل انشق العسكري أم تمرد على قرار قيادته؟ هل أسقط "داعش" الطائرة أم أصابها عطل؟ ماذا حدث فعلاً ؟.


فرضيات لا تصح !

أولاً: سلاح "داعش" وقدرة الطائرة على المناورة

من المؤكد حسب كل التقارير والمعطيات الأمنية أن "داعش" لا يملك السلاح المؤهل لإسقاط طائرة عسكرية عالية القدرة على المناورة، خصوصاً أن الـ F-16 تعد من الطائرات الثلاث الأفضل في العالم والصعبة الرصد وتمتاز بقدرة عالية على المناورة. ولو كان بإمكان "داعش" إسقاط هذا النوع من الطائرات لكان أسقط اخرى أقل منها قدرة على التخفي والمناورة.

من جهة ثانية، أكد تقرير القيادة العسكرية الاردنية المستخلص من تصريحات الطيار الأخيرة أن الطائرة لم تتعرض لإطلاق نار، وهذا ما يدحض فكرة استهدافها بسلاح مضاد للطائرات.

ماذا اصاب الطائرة الأردنية في سوريا: انشق الطيار أم ’خدع’!
الطيار الاردني وعناصر من داعش

ثانياً: الـ F-16 نادراً ما تسقط بسبب "عطل"

رغم أنه ورد سابقاً أن 3 طائرات F-16 هبطت في أفغانستان نتيجة عطل، إلا أن عدد الطائرات التي سقطت منذ بدء دخول الخدمة في ثمانينات القرن الماضي لأسباب مشابهة لم يتعدَّ الـ 13. وبيان القيادة العسكرية الأردنية المستخلص من الطيار الذي لم يشر الى أنها اصيبت،  لم يشر أيضا إلى أن عطلا تقنيا أصابها.

بناءً على ذلك، يمكن حصر ما جرى بالطائرة الأردنية بفرضيتين:

الفرضية الأولى: مخطط اميركي - اردني

هذه الفرضية يشرحها الكاتب السياسي الاردني الدكتور إبراهيم ناجي علوش معتبراً أن ما حصل هو نتيجة مخطط اميركي - اردني، لكل طرف فيه غايات ومصالح.

بالنسبة لعمان هناك شريحة كبيرة من الأردنيين يرفضون زجّ بلادهم العسكري بـ"التحالف الدولي" بقيادة أميركا. وعليه فإن الطيار المأسور الأردني الجنسية قادرٌ على أن يحصّل للحكومة تضامناً وتأييداً شعبياً واسعاً.

أما بالنسبة للأميركيين، فإن ارتفاع نسبة التأييد الشعبي للحكومة الاردنية في حربها على "داعش" ضمانٌ مستقبلي لرضا الشعب بأن تكون بلاده ممراً لتدخل بريّ عسكري للجيش الاردني لقتال "داعش"، ممر الأردن - العراق وممر الأردن - سوريا، خصوصاً أن الأراضي التي يسيطر عليها "داعش" لا يمكن الوصول إليها ميدانياً سوى من الأردن بفعل سياسات كل الدول المحيطة بأراضي التنظيم.

الفرضية الثانية: انشقاق الطيار

هذه الفرضية هي انشقاق الطيار، يشرحها لموقع "العهد" الخبير الاستراتيجي والعسكري العميد اللبناني المتقاعد أمين حطيط. ويقول حطيط إن (الطيار) من بلدة اردنية معروفة بالتدين، وهذا ما يرجح أن يكون فكره قريباً من مدارس التكفير.

ويضيف "لو لم ينشق الطيار رغبةً، فسيكون متمرداً على قرار القيادة العسكرية قصف مواقع لـ "داعش" وقرر القذف من الطائرة. وعليه نزل في مكان يسهل العثور عليه (بحيرة ماء يحتم وجود داعش قربها).

ورداً على سؤال لموقع "العهد" الإخباري عن سبب نزوله في هذا المكان بالتحديد يرى العميد حطيط أنه "لو هبط الطيار حيث يوجد الجيش السوري لكانوا أعادوه الى الاردن وجرت عملية محاسبته"، إضافة الى أنه يعتبر اليوم "كنزاً" ثميناً لدى التنظيم المتطرف فلا يذبح كونه ورقة تفاوضية قوية".

ماذا اصاب الطائرة الأردنية في سوريا: انشق الطيار أم ’خدع’!
الطيار الاردني وعناصر من داعش

خلاصة الأمر: الأردن تقترب من تحقيق مخططها

هذا ويبدو أن الأردن بدأ ينجح في استجلاب "رضا الشارع" حول زج نفسه في "التحالف" لقتال "داعش". هذا ما يعكسه خروج يوم الجمعة (أمس) 3 تظاهرات في محافظة الكرك تطالب بإطلاق سراح الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وتصريح الناطق باسم اللجان الشعبية العربية المحامي رضوان النوايسة أن "الطيار الأردني الكساسبة يعتبر ابنا لكل الأردنيين، وأن على من يأسره إطلاق سراحه فوراً".

الموقف نفسه نقله سياسيو الأردن، حسب ما نقلت عنهم الصحف السبت (اليوم). وقال النائب المهندس محمد مصلح الشديفات إننا نقف موقفا واحداً في خندق الوطن داعمين ومؤازرين له (الطيار)، توحدنا هذه الحادثة جميعا في الوقوف خلف القوات المسلحة في الدفاع عن الوطن من شرور الإرهاب".

كذلك كان موقف العسكريين الأردنيين المتقاعدين. فقد صرح اللواء المتقاعد عبدالله شديفات "باسمي وباسم رجال المتقاعدين من أبناء القوات المسلحة الأردنية ندعم ونؤيد توجهات جلالة الملك، وندعم الدور الكبير للدولة الأردنية في مكافحة كافة أشكال الإرهاب والتطرف وعلى المستوى الدولي والإقليمي والمحلي".

ولأن "طبخة السمّ" لا تكتمل إلا "بملح السعودية"، فقد راحت بعض وسائل إعلام المملكة الى تحريض الشارع بضرورة مساندة "التحالف الدولي"، مستفيدة من اسر الطيار الاردني. ومما ذكرته الوسائل الإعلامية السعودية أن الأردنيين لا يرضون بأن يكون لهم اسيراً لدى "داعش"  حتى لو اضطر الأمر تدخل الجيش الاردني لحل المسالة وإعادة الطيار.

2014-12-27