ارشيف من :آراء وتحليلات
عولمة الإرهاب
الإرهاب مجدداً يضرب أوروبا، وهذه المرة العاصمة الفرنسية "باريس". منذ أشھر ، تقرع نواقيس الخطر وتحذر من استفحال ظاھرة المتطرفين الفرنسيين الذين يغادرون إلى سوريا والعراق. وبحسب وزير الداخلية الفرنسي فإن أعداد ھؤلاء تضاعفت في العام 2014، ليتخطى سقف الألف متطرف 20 % منھم اعتنقوا الإسلام حديثاً.
بروز الإسلام المتطرف الذي شكلت "داعش" ذروته ، تواكب مع بروز تيارات معادية للغرب وأخرى تعرف بمايُسمى "الإسلامو فوبيا"، بالإضافة الى حركات مناھضة للمسلمين منها كردة فعل على ممارسات "داعش" ومنها كتعبير عن عنصرية متعشعشة في الغرب .
ألمانيا التي تعد ثاني أكبر بلد يقصده المھاجرون من أنحاء العالم تشھد تنامياً سريعاً لتيار معاداة المسلمين، حيث خرج مواطنون من كل التوجھات السياسية في تظاھرات جنباً إلى جنب مع يمينيين متطرفين لمواجھة ما يعتبرونه أسلمة الغرب.
فقد تجمع مؤخرا أكثر من 18 ألف شخص من مؤيدي الحركة الاحتجاجية "أوروبيون وطنيون مناھضون لأسلمة الغرب" التي تعرف اختصاراً بإسم" بيغيدا "في مدينة درسدن الألمانية، حيث يصف المحتجون أنفسهم بأنھم وطنيون يدافعون عن القيم والتقاليد المسيحية. ويرفض أعضاء الحركة سياسة ألمانيا تجاه المھاجرين إليھا ويطالبون بفرض المزيد من القيود على الھجرة.
وأدى هذا إلى ظهور مجموعات على صفحات الفيس بوك تناهض أسلمة أوروبا، كمجموعة "بيغيدا"(الوطنيون الأوروبيون ضد أسلمة الغرب)، التي وجهت دعوات عبر الإنترنت ومناشير ورسائل الهاتف، للتنديد بما يسمى "أسلمة أوروبا"، كما نشر بعض أتباع هؤلاء على الفيس بوك شعارات عنصرية ودينية متطرفة، منها:: "نحن الشعب وليس ھؤلاء"، "اطردوا ھؤلاء المجرمين إلى بلدانھم"، "أعيدوا لنا وطننا الأم".
وكان اتساع رقعة التأييد لأفكار "بيغيدا"، قد دفع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إلى التنديد بھذه الحركة، داعية الألمان إلى رفض المشاركة في ھذا النوع من التظاھرات التي بحسب ميركل، "تحض على الكراھية .
ليست ھذه المشاعر وقفا على ألمانيا وحدھا. ففرنسا التي تضم كبرى الجاليات المسلمة في أوروبا، شھدت إقبالاً استثنائيا على كتاب الصحافي إريك زيمور "الانتحار الفرنسي "الذي يتناول شعور الفرنسيين بالإحباط إزاء أوضاع بلادھم "بحجة وجود شعب في قلب شعب آخر".
وفي حديث إذاعي أحدث ضجة كبيرة في فرنسا، حذر ھذا الصحافي من أن "ھذا الوضع سيقودنا إلى الفوضى والحرب الأھلية"، معتبراً أن الحل ھو ترحيل خمسة ملايين فرنسي مسلم ووضعھم على البواخر وطردھم، وثمة من سينافس زيمور مطلع السنة الجديدة. فالكاتب الفرنسي الشھير ميشال ويلبيك المعروف أصلا بمواقفه ضد الإسلام، يستعد لإصدار رواية تدور أحداثھا سنة 2022، ويتخيل فيھا فوز مسلم بالرئاسة الفرنسية على حساب زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن، وفرضه تعدد الزوجات وأسلمة البرامج التربوية.
الهجوم الإرهابي الذي حدث وسط العاصمة "باريس" وصف بإنه "11 أيلول" الفرنسي، وستحتاج فرنسا لوقت ليس بالقصير للخروج من الصدمة، وسينقلب فيھا المشھد رأسا على عقب حيث ستختلط السياسة الأمنية المتشددة من الآن فصاعداً مع جدل سياسي واجتماعي في ظل صعود التطرف و"الإسلاموفوبيا". خاصة وان فرنسا سبق وشهدت احداث امنية متفرقة إرهابية وعنصرية .
يرى مراقبون أن هذا الهجوم ليس عملاً فردياً، وإنما مخطط له من قبل جهة متطرفة وينطوي على رسائل أمنية وسياسية، فلايخفى على أحد الدور الفرنسي في مالي وشمال إفريقيا إلى العراق وسوريا، يضاف إليه حالة "داعش" ودورھا في التعبئة والتحريض والحض على شن ھجمات ضد "الصليبيين" أينما وجدوا خصوصا في البلدان التي انضمت إلى التحالف الدولي.
هذه الحادثة زادت الانتقاد للحكومة والسلطات الفرنسية وتحميلها مسؤولية الإخفاق و"التقصير والتراخي". فلم يقتصر الأمر على عدم اكتشاف مسبق لھذه المجموعة وإنما على عدم مطاردتھا وعدم التوصل إليھا بعد تنفيذ مجزرة جماعية في وسط باريس وفي وضح النھار... وهذا بدوره سيؤدي إلى خطر وقوع اعتداءات وردود فعل ضد المسلمين في فرنسا على غرار ما شھدته الولايات المتحدة بعد ھجمات 11 أيلول.
ما حدث يعزز "رھاب الإسلام" و"الإسلاموفوبيا" ليس في فرنسا فقط وإنما في كل أوروبا التي لم تتأخر في التنديد والتضامن مع باريس وفي رفع درجة الاستنفار والتأھب الأمني وتعاطي كل دولة مع الھجوم كما لو أنه وقع على أرضھا واستھدفھا .
والذي حدث في باريس ولد وجود اتجاهين متعارضين مع بعضهما،خطر وقوع عمليات إرھابية من إسلاميين متطرفين متأثرين بدعاية "داعش"، وخطر وقوع اعتداءات ضد المسلمين مع تصاعد أصوات يمينية متطرفة ضد المسلمين خاصة ان شعار "اقتلوا كل المسلمين" بات من أكثر الشعارات ترويجا على "تويتر" في بريطانيا.
هذه الحركات في الشارع يقابلها ارتباك وحذر لدى السلطات والحكومات الحائرة في كيفية التعاطي مع هذا الخطر الداخلي المستجد، وهل يكون الرد عليه بالانخراط اكثر واكثر في هجماتها ضد "داعش" في سوريا والعراق، أم يكون باحتواء التوترات المذهبية وتجفيف مصادر هذا التطرف عبر إيجاد حلول لمشاكل الشرق الأوسط؟ والسؤال هنا: أي من الخيارين ستختار الحكومات الأوروبية لتخرج بأقل الخسائر وتحمي بيتها الداخلي من الإنزلاق في نفق الفتن المذهبية المظلم الذي إن بدأ، لايعرف أحد متى سينتهي؟؟
هل تعيد حكومات أوروبا النظر بسياساتها المنحازة الى بؤر التوتر في المشرق لاسيما دعمها للارهاب الصهيوني والإرهاب التكفيري في سوريا والعراق؟ السياسات الاوروبية تجاه مجتمعاتها وتجاه عالمنا أدت الى عولمة الرعب ولا خلاص الا باستراتجية جديدة ضد العنصرية والاستكبار في الغرب وضد الإرهاب الصهيوني التكفيري في الشرق .
بروز الإسلام المتطرف الذي شكلت "داعش" ذروته ، تواكب مع بروز تيارات معادية للغرب وأخرى تعرف بمايُسمى "الإسلامو فوبيا"، بالإضافة الى حركات مناھضة للمسلمين منها كردة فعل على ممارسات "داعش" ومنها كتعبير عن عنصرية متعشعشة في الغرب .
ألمانيا التي تعد ثاني أكبر بلد يقصده المھاجرون من أنحاء العالم تشھد تنامياً سريعاً لتيار معاداة المسلمين، حيث خرج مواطنون من كل التوجھات السياسية في تظاھرات جنباً إلى جنب مع يمينيين متطرفين لمواجھة ما يعتبرونه أسلمة الغرب.
فقد تجمع مؤخرا أكثر من 18 ألف شخص من مؤيدي الحركة الاحتجاجية "أوروبيون وطنيون مناھضون لأسلمة الغرب" التي تعرف اختصاراً بإسم" بيغيدا "في مدينة درسدن الألمانية، حيث يصف المحتجون أنفسهم بأنھم وطنيون يدافعون عن القيم والتقاليد المسيحية. ويرفض أعضاء الحركة سياسة ألمانيا تجاه المھاجرين إليھا ويطالبون بفرض المزيد من القيود على الھجرة.
وأدى هذا إلى ظهور مجموعات على صفحات الفيس بوك تناهض أسلمة أوروبا، كمجموعة "بيغيدا"(الوطنيون الأوروبيون ضد أسلمة الغرب)، التي وجهت دعوات عبر الإنترنت ومناشير ورسائل الهاتف، للتنديد بما يسمى "أسلمة أوروبا"، كما نشر بعض أتباع هؤلاء على الفيس بوك شعارات عنصرية ودينية متطرفة، منها:: "نحن الشعب وليس ھؤلاء"، "اطردوا ھؤلاء المجرمين إلى بلدانھم"، "أعيدوا لنا وطننا الأم".
وكان اتساع رقعة التأييد لأفكار "بيغيدا"، قد دفع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إلى التنديد بھذه الحركة، داعية الألمان إلى رفض المشاركة في ھذا النوع من التظاھرات التي بحسب ميركل، "تحض على الكراھية .
ليست ھذه المشاعر وقفا على ألمانيا وحدھا. ففرنسا التي تضم كبرى الجاليات المسلمة في أوروبا، شھدت إقبالاً استثنائيا على كتاب الصحافي إريك زيمور "الانتحار الفرنسي "الذي يتناول شعور الفرنسيين بالإحباط إزاء أوضاع بلادھم "بحجة وجود شعب في قلب شعب آخر".
وفي حديث إذاعي أحدث ضجة كبيرة في فرنسا، حذر ھذا الصحافي من أن "ھذا الوضع سيقودنا إلى الفوضى والحرب الأھلية"، معتبراً أن الحل ھو ترحيل خمسة ملايين فرنسي مسلم ووضعھم على البواخر وطردھم، وثمة من سينافس زيمور مطلع السنة الجديدة. فالكاتب الفرنسي الشھير ميشال ويلبيك المعروف أصلا بمواقفه ضد الإسلام، يستعد لإصدار رواية تدور أحداثھا سنة 2022، ويتخيل فيھا فوز مسلم بالرئاسة الفرنسية على حساب زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن، وفرضه تعدد الزوجات وأسلمة البرامج التربوية.
الهجوم الإرهابي الذي حدث وسط العاصمة "باريس" وصف بإنه "11 أيلول" الفرنسي، وستحتاج فرنسا لوقت ليس بالقصير للخروج من الصدمة، وسينقلب فيھا المشھد رأسا على عقب حيث ستختلط السياسة الأمنية المتشددة من الآن فصاعداً مع جدل سياسي واجتماعي في ظل صعود التطرف و"الإسلاموفوبيا". خاصة وان فرنسا سبق وشهدت احداث امنية متفرقة إرهابية وعنصرية .
يرى مراقبون أن هذا الهجوم ليس عملاً فردياً، وإنما مخطط له من قبل جهة متطرفة وينطوي على رسائل أمنية وسياسية، فلايخفى على أحد الدور الفرنسي في مالي وشمال إفريقيا إلى العراق وسوريا، يضاف إليه حالة "داعش" ودورھا في التعبئة والتحريض والحض على شن ھجمات ضد "الصليبيين" أينما وجدوا خصوصا في البلدان التي انضمت إلى التحالف الدولي.
هذه الحادثة زادت الانتقاد للحكومة والسلطات الفرنسية وتحميلها مسؤولية الإخفاق و"التقصير والتراخي". فلم يقتصر الأمر على عدم اكتشاف مسبق لھذه المجموعة وإنما على عدم مطاردتھا وعدم التوصل إليھا بعد تنفيذ مجزرة جماعية في وسط باريس وفي وضح النھار... وهذا بدوره سيؤدي إلى خطر وقوع اعتداءات وردود فعل ضد المسلمين في فرنسا على غرار ما شھدته الولايات المتحدة بعد ھجمات 11 أيلول.
ما حدث يعزز "رھاب الإسلام" و"الإسلاموفوبيا" ليس في فرنسا فقط وإنما في كل أوروبا التي لم تتأخر في التنديد والتضامن مع باريس وفي رفع درجة الاستنفار والتأھب الأمني وتعاطي كل دولة مع الھجوم كما لو أنه وقع على أرضھا واستھدفھا .
والذي حدث في باريس ولد وجود اتجاهين متعارضين مع بعضهما،خطر وقوع عمليات إرھابية من إسلاميين متطرفين متأثرين بدعاية "داعش"، وخطر وقوع اعتداءات ضد المسلمين مع تصاعد أصوات يمينية متطرفة ضد المسلمين خاصة ان شعار "اقتلوا كل المسلمين" بات من أكثر الشعارات ترويجا على "تويتر" في بريطانيا.
هذه الحركات في الشارع يقابلها ارتباك وحذر لدى السلطات والحكومات الحائرة في كيفية التعاطي مع هذا الخطر الداخلي المستجد، وهل يكون الرد عليه بالانخراط اكثر واكثر في هجماتها ضد "داعش" في سوريا والعراق، أم يكون باحتواء التوترات المذهبية وتجفيف مصادر هذا التطرف عبر إيجاد حلول لمشاكل الشرق الأوسط؟ والسؤال هنا: أي من الخيارين ستختار الحكومات الأوروبية لتخرج بأقل الخسائر وتحمي بيتها الداخلي من الإنزلاق في نفق الفتن المذهبية المظلم الذي إن بدأ، لايعرف أحد متى سينتهي؟؟
هل تعيد حكومات أوروبا النظر بسياساتها المنحازة الى بؤر التوتر في المشرق لاسيما دعمها للارهاب الصهيوني والإرهاب التكفيري في سوريا والعراق؟ السياسات الاوروبية تجاه مجتمعاتها وتجاه عالمنا أدت الى عولمة الرعب ولا خلاص الا باستراتجية جديدة ضد العنصرية والاستكبار في الغرب وضد الإرهاب الصهيوني التكفيري في الشرق .