ارشيف من :آراء وتحليلات

وزير الثقافة الليبي السابق لـ ’ العهد’: أخطر ما يواجه ليبيا الآن هو تحولها الى ساحة لتصفية حسابات الغير

  وزير الثقافة الليبي السابق لـ ’ العهد’: أخطر ما يواجه ليبيا الآن هو تحولها الى ساحة لتصفية حسابات الغير
رأى عطية صالح الأوجلي الكاتب والوزير الأسبق للثقافة في ليبيا، في حديث لموقع "العهد الاخباري"، أن بلاده لا تزال تعاني من التركة الباهظة لفترة الديكتاتورية، معتبراً أن حالة الضعف السياسي والتنظيمي لدى الاطراف الليبية خلقت فراغا سياسيا تم استغلاله من قوى اقليمية وعالمية.

وهنا نص المقابلة:

ما هي أبرز التحديات التي تواجه ليبيا اليوم ؟


التحديات كثيرة وخطيرة فهناك الاقتتال وما جره على البلاد من خراب ودمار وتشريد وتهديد للوحدة الوطنية، وهناك التحديات الاقتصادية التي سببها التراجع في كميات النفط التي يمكن تصديرها وانهيار اسعار النفط، وهناك غول الفساد المستشري في الإدارة، وهناك التدخلات الاقليمية والدولية التي أضعفت القرار الوطني وجعلت من ليبيا ملعبا لتصفية الحسابات الاقليمية والدولية.

مشكلات ليبيا متعددة المصادر ومتنوعة الأسباب. منها ما هو تاريخي، ومنها ما خلفه النظام السابق الذي عبث بمقدرات البلاد وبمصائر أهلها. فنحن لم نرث دولة بالمعنى المتعارف عليه، فلا دستور ولا برلمان ولا أحزاب ولا قضاء مستقلاً ولا نقابات ولا صحافة أو إعلام فعال، بل لم يكن هناك حتى جيش أو شرطة. كانت البلاد عبارة عن زعيم يأمر ويحلل ويفتي في كل المسائل وأجهزة تطيع وأموال تهدر، ولا وجود لإدارة حقيقية أو حتى خبرة إدارية معقولة.
التركة هائلة ومخيفة.

كما إن انعدام التجربة وقلة الخبرة أديا الى غياب "السياسة" عن المشهد "السياسي" الليبي والاقتصار على الكتائب المسلحة والإعلامية كأدوات للتغيير السياسي، ما أدى إلى خلق صراعات مكلفة وصبيانية لم يكن لها من داع والى تجذير مفردات الاقصاء والغلبة وتعميق الشك وانعدام الثقة بين الاطراف المتصارعة . لا توجد مجموعة ليبية واحدة لها مشروع وطني أو لها استراتيجية محددة أو لها بناء سياسي محدد، وبالتالي سيطرت على المشهد التعبئة الجهوية والقبلية والتصنيفات والتعميمات السياسية.

أضف الى ذلك تحول ليبيا الى ساحة للصراع الاقليمي والدولي. فحالة الضعف السياسي والتنظيمي لدى الاطراف الليبية خلقت فراغا سياسيا تم استغلاله من قوى اقليمية وعالمية. ولعل أخطر ما يواجه ليبيا الآن هو تحولها الى ساحة لتصفية حسابات الغير.

كل هذه التحديات لا يمكن مواجهتها إلا بالمشروع الوطني المنفتح على الجميع وبالمصالحة الوطنية الحقة وبالإصلاح الشامل لهياكل الدولة. هل ترون ان مؤتمر جنيف للحوار هو المخرج للازمة الليبية؟

أعتقد أن أهمية مؤتمر جنيف تنبع من كونه يطرح الحوار كوسيلة للخروج من مأزق البلاد ويدعو جميع الاطراف الى نبذ العنف واستخدام السلاح وإلى التحاور من اجل الوصول الى رؤية مشتركة. ان "مؤتمر جنيف" يمنح الليبيين الفرصة لإدراك المأساة التي نجمت عن هذه الصراعات العبثية. نأمل أن يحفزهم ذلك على تبني الحلول السياسية وإلى المصالحة وإلى تقديم التنازلات قبل فوات الأوان. ما زال بإمكاننا الخروج ببلادنا من هذا النفق المظلم إذا ما تحلينا بالشجاعة الحقيقية وأدركنا أن الصراع السياسي لا مخرج منه إلا بحل سياسي.

من هي الاطراف المشاركة؟ وهل هي تمثل كل الاطراف الليبية؟

الاطراف المشاركة حتى الان هي خليط من الشخصيات السياسية الليبية منها نواب برلمان ونواب مقاطعون للبرلمان وأعضاء مؤتمر وطني سابقون ونشطاء سياسيون وغيرهم، كما يتوقع أن تتم دعوة آخرين للمشاركة. هذه الشخصيات لا يمكن القول إنها تمثل كل ليبيا أو حتى تمثل كل الاطراف، كما إن بعضها عبارة عن شخصيات لا وزن حقيقياً لها. ولكن هكذا هي البدايات التي غالبا لا تكون متوازنة ولا تشمل الجميع، ونحن في انتظار تطوير المشاركة بحيث تعكس بشكل أدق الواقع السياسي الليبي.

ما هو مستقبل مؤتمر جنيف؟ وهل تتوقعون نجاح الدورة الثانية منه؟


الوقت ما زال مبكرا للتنبؤ بمستقبل مؤتمر جنيف وإن كنا دونما شك نتمنى ان يحقق المصالحة الوطنية الشاملة والعادلة ويضمن عودة السلام والاستقرار والاتجاه نحو بناء الدولة الليبية.

ماذا عن مسألة تسلم السلاح؟ وهل هناك خطة لحل مشكلة السلاح في ليبيا؟

أعتقد أنه إذا ما تمكنا من الوصول الى التسوية السياسية فإن مشكلة السلاح وحامليه قابلة للحل بشكل يضمن قيام مؤسسات عسكرية محترفة ويضمن امن البلاد ومستقبل الثوار السابقين. وهناك تجارب عديدة في العالم يمكننا الاستفادة منها في هذا المجال.

بالنسبة لمسألة الإرهاب والجماعات الجهادية ما هو نفوذها اليوم في ليبيا؟ وهل سيستمر وجودها طويلا في هذا البلد؟

أعتقد أن حجم وتأثير التيارات الجهادية في ليبيا قد جرت المبالغة فيه بشكل كبير. ربما هذا لتبرير فشل التيارات السياسية في البلاد وعجزها عن تحقيق الأهداف الوطنية أو ربما للاستقواء بالخارج أو جزء من الصراع الاقليمي الدولي الذي يتخذ من ليبيا ساحة له. هذه التنظيمات موجودة ولكنها لا تملك العمق الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي أو حتى الإعلامي الذي يمكنها من التحكم في البلاد أو في أجزاء واسعة منها. عموما التطرف الديني وغير الديني هو وليد الازمات، وإذا ما استطعنا الوصول الى حلول منطقية وعادلة لمشاكل البلاد فإن التطرف بأشكاله المتعددة سيضمحل ويختفي.
2015-01-22