ارشيف من :آراء وتحليلات

أسباب تأخر تشكيل الحكومة التونسية الجديدة

أسباب تأخر تشكيل الحكومة التونسية الجديدة
ثلاثة أشهر بالتمام والكمال مرت على الإنتخابات التشريعية التونسية ولم يتمكن التونسيون بعد من تشكيل حكومتهم التي ستقود البلاد، إذا لم يحصل طارئ ما، لخمس سنوات قادمة. حيث فشل رئيس الحكومة المكلف الحبيب الصيد في نيل تزكية المجلس النيابي بالتركيبة الأولية التي قدمها وذلك بعد إعلان بعض الأحزاب المهمة من حيث تمثيليتها بالمجلس، على غرار حركة النهضة وحزب آفاق تونس الليبرالي والجبهة الشعبية اليسارية القومية، على منح الثقة لهذه الحكومة.

ويعكف الحبيب الصيد على القيام بتغييرات على تركيبته، حيث من المتوقع أن يتم منح حقائب لحزب آفاق تونس الذي ساند منذ البداية ترشح الباجي قائد السبسي إلى الإنتخابات الرئاسية، كما من المتوقع أن تتم الإستجابة لبعض شروط حركة النهضة في هذه الحكومة. ومن بين الشروط التي تقدمها الحركة الإخوانية، الإبقاء على وزير الداخلية الحالي لطفي بن جدو، ومنحها حقائب تتناسب وحجم المقاعد التي حصلت عليها في الإنتخابات الأخيرة.

النيابية قبل الرئاسية

ولعل من بين الأسباب التي ساهمت في تأخر تشكيل الحكومة، هو ما أصرت عليه حركة النهضة في وقت سابق، أي إجراء الإنتخابات النيابية قبل الإنتخابات الرئاسية أملا في هزيمة حركة نداء تونس في هذه الإنتخابات وتفككها ما سيؤثر سلبا على حظوظ الباجي قائد السبسي في أن يصل إلى قصر قرطاج. وأجريت الإنتخابات النيابية قبل الرئاسية مثلما أرادت الحركة الحاكمة السابقة، ولم ينهزم نداء تونس ويتفكك بخلاف رغبة النهضاويين، لكن تونس كانت هي الخاسر الأكبر، حيث وعوض أن تنكب الأحزاب الفائزة على تشكيل الحكومة، انصرفت إلى الإنتخابات الرئاسية التي أجريت على دورتين طويلتين شاقتين فاز في نهايتهما أيضا الباجي قائد السبسي بخلاف الإرادة النهضوية أيضا.


أسباب تأخر تشكيل الحكومة التونسية الجديدة
العلم التونسي

لقد فكرت حركة النهضة بمنطق مصلحي ذاتي ولم تفكر بالمصلحة الوطنية، حيث كانت البلاد بحاجة إلى الإنطلاق الفوري بعد الإنتخابات التشريعية بالعمل على كل الواجهات لحل المشاكل المتراكمة. لكن شيئا من ذلك لم يحصل ولم تتشكل الحكومة إلى الآن وهو ما أثر سلبا على كل القطاعات وجعل الأوضاع تزداد تأزما في البلاد، فحتى الدينار بلغ سعر صرفه مستوى قياسيا متدنيا لم تعرفه الخضراء عبر تاريخها.

مناورة

ويرى البعض بأن رئيس الجمهورية الباجي قائدالسبسي المستقيل لتوه من رئاسة حركة نداء تونس بصدد المناورة من خلال تقديم تشكيلة حكومية لا وجود فيها لحركة النهضة ليبين للرافضين داخل حزبه لمشاركة الحركة الإخوانية في الحكم أن وجودها ضروري من خلال كتلتها الهامة في المجلس النيابي. كما يؤكد هؤلاء بأن التشكيلة الحكومية الحقيقية جاهزة منذ مدة وقد تم الإتفاق عليها بين "الشيخين"، وهو المصطلح الذي يطلقه التونسيون على رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.

ويذهب هؤلاء أبعد من ذلك ليتحدثوا عن توافق حصل بين الرجلين على الخطوط العريضة لتسيير هذه المرحلة خلال لقاء باريس الشهير الذي جمعهما منذ أكثر من سنة في ذروة الأزمة السياسية التونسية. حيث بدا بعد هذا اللقاء وكأن البلاد تسير نحو الإستقرار وأن المشاكل بصدد الحل وفقا لأجندة متفق عليها سلفا، وهو ما حذر منه اليسار التونسي ممثلا بالأساس بالجبهة الشعبية التي باتت تخشى من تحالف قوى اليمين على حساب المكاسب الإجتماعية التي حققتها تونس منذ الإستقلال وعلى رأسها مجانية الصحة والتعليم وأهمية القطاع العام والمؤسسات العمومية الكبرى التي كانت على الدوام أحد أعمدة الإقتصاد الوطني سواء في عهد بورقيبة أو حتى في عهد سلفه رغم ديكتاتوريته.
2015-01-30