ارشيف من :نقاط على الحروف
السنيورة... والانتظار
تزداد يوما بعد اخر مؤشرات تأزم الرئيس فؤاد السنيورة .الرجل ليس مرتاحا. يبدو ان ذكاءه وحنكته كما دموعه تخونه. عوارض عدم الراحة تظهر وتتكرر في الفترة الاخيرة من خلال تصريحات وبيانات ومواقف تصل الى حد التناقض. فالرئيس السنيورة القارىء الجيد للتطورات يدرك ان العالم من حوله يتغير ولو ببطء. موازين القوى والرياح السياسية الدولية فضلا عن قواعد الاشتباك المعهودة تتبدل على اكثر من صعيد. يعرف رئيس الكتلة الزرقاء انها لن تصب بالضرورة لمصلحته.
الحوار بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والولايات المتحدة الأميركية هو اخر ما يريده. رسالة مناشدة للرئيس الاميركي تتضمن نصيحة سنيورية بعدم الذهاب بعيدا مع "دولة محور الشر" لن تجدي نفعا. الرسائل الاميركية الصادرة عن شخصيات تمثل مواقع قوة وقرار ومراكز دراسات تبدو اقرب الى عقل وقلب الرئيس الاميركي. وقد طالبته هذه بالحوار والاتفاق مع ايران. اذن دور السنيورة في هذا المجال لا حظوظ له في هذه الظروف. هذا من جهة.
من جهة ثانية، يبدو واضحا ان سعد الحريري سيبقى ابنا للملكة العربية السعودية بغض النظر عن اسم الملك وهفوات الحريري. تخطت السعودية منذ زمن فكرة عدم نضج الحريري الابن او عدم استعداده للحكم. وهذا يعني فقدان السنيورة لأي فرصة جدية للزعامة في لبنان.
لا يخفى على احد ايضا ان السنيورة غاضب من الحوار بين المستقبل وحزب الله. لقاء الطرفين لن يكون حتما لمصلحة رئيس الحكومة السابق. يفقد التلاقي بين الطرفين السياسيين الابرز في لبنان السنيورة عنصر حضوره السياسي وهو التصويب بمناسبة ومن غير مناسبة على فكر واداء وسلوك المقاومة في الداخل اللبناني.
الم يقم مجد السنيورة السياسي على حكومة مبتورة لا وجود لحزب الله فيها دون ان يرف له جفن؟ الم يذهب السنيورة الى حد اتخاذ قرارات تقضي بنزع احد اهم عناصر قوة حزب الله في مواجهة اسرائيل وهو شبكة اتصالاته؟ وقبل ذلك الم يجهد السنيورة اثناء حرب تموز للخروج بقرارات تضمن اكبر قدر ممكن من نزع عناصر قوة المقاومة؟
الحوار بين المستقبل وحزب الله اليوم يعني اذاً فقدان السنيورة لخطابه المعتمد في الداخل اللبناني ويعني ايضا تراجع الاستثمار السياسي في مواجهة المقاومة. خاصة ان هذا الاستثمار عمل عليه وزير المالية الاسبق بمثابرة واصرار كبيرين.
وعليه يمكن فهم بعض جوانب التخبط الذي يعيشه السنيورة. الاخير يدين الاعتداء الاسرائيلي على الجولان ويعتبر المقاومين المستهدفين شهداء. الا ان المقاومة بحسب النظرية الدفاعية للسنيورة يفترض ان تبلع العدوان، خوفا من اتخاذ العدو للرد ذريعة لشن حرب على البلاد والعباد. اما عندما تحقق المقاومة المعادلة الصعبة المتمثلة برد يحفظ الكرامة ويتناسب مع السيادة ويردع العدو عن الاقدام على الاستغراق في الاعتداء, لا يجد السنيورة الا الدموع والحنق والغضب والرفض لمثل هذه المعادلة التي يفترض انها النتيجة الطبيعية لمقدمتين وردتا في مواقف السنيورة وهما ان المقاومين المستهدفين شهداء وان المطلوب منع الحرب والدمار عن البلاد.
لماذا انزعج السنيورة من النصر الذي تحقق؟ لماذا وضع نفسه في خانة المهزوم؟ لماذا بدا اكثر انزعاجا من اسرائيل نفسها؟ حتى العدو اعترف بانجاز المقاومة وها هو وزير خارجيته اليميني المتطرف ليبرمان يعترف بقدرات حزب الله على فرض قواعد اشتباك رادعة لاسرائيل. السنيورة لا يريد الاعتراف ولا يحب الانتصارات ويبدو انه لا يريد ردع العدو ايضا.
يكثر السنيورة هذه الايام من الكلام عن فلسطين وعن ضرورة استعادتها كبوصلة للعرب والمسلمين. يتحدث عن "الراية" التي يصر على التمسك بها. وعندما تحقق المقاومة فعلا لا يمكن لأي مراقب موضوعي الا ان يضعه في سياق "الطريق الى فلسطين" ينتفض السنيورة رافضا منتقدا مكتئبا.
يحزن السنيورة لفعل اخرج الفلسطينيين من بيوتهم فرحين محتفلين. ينقلب رئيس الحكومة السابق على نفسه وعلى افكاره. بعد المطالبة ببوصلة فلسطين ينكفىء الى حساباته السياسية الشخصية الضيقة. يقوم بالحسبة التي يتقنها. انتصار المقاومة واستمرار الحوار بين حزب الله والمستقبل يعادلان خسارته الشخصية للموقع المأمول والنفوذ المطلوب. ينقل عنه قوله: "لن اصمت بعد اليوم". المقصود بعدم الصمت هو رفع الصوت للمطالبة بوقف الحوار بين المستقبل وحزب الله. لماذا؟ لأن قواعد الاشتباك مع "اسرائيل" تغيرت لمصلحة المقاومة ولبنان.
انها فوضى الافكار والمواقف وهذه عوارض تصيب معظم الخائفين من فقدان الدور والسلطة والنفوذ. عندها لا يجد المصابون الا الرهانات حتى ولو كانت خاسرة. يراهن السنيورة على موقف السعودية. ينتظر قرار القطيعة بين شركاء الوطن من الملك الجديد.
في هذه الاوقات، تدخل "اسرائيل" في جدل حول الهزيمة الجديدة وتطالب بفتح تحقيق. المقاومة تسهر على الحدود وتراكم عناصر القوة. تنعقد جولة حوار جديدة لتحصين الوطن. وحده السنيورة يستمر بالانتظار كـ"ملك الانتظار" الذي تحدث عنه محمود درويش في قصيدته الشهيرة.
الحوار بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والولايات المتحدة الأميركية هو اخر ما يريده. رسالة مناشدة للرئيس الاميركي تتضمن نصيحة سنيورية بعدم الذهاب بعيدا مع "دولة محور الشر" لن تجدي نفعا. الرسائل الاميركية الصادرة عن شخصيات تمثل مواقع قوة وقرار ومراكز دراسات تبدو اقرب الى عقل وقلب الرئيس الاميركي. وقد طالبته هذه بالحوار والاتفاق مع ايران. اذن دور السنيورة في هذا المجال لا حظوظ له في هذه الظروف. هذا من جهة.
من جهة ثانية، يبدو واضحا ان سعد الحريري سيبقى ابنا للملكة العربية السعودية بغض النظر عن اسم الملك وهفوات الحريري. تخطت السعودية منذ زمن فكرة عدم نضج الحريري الابن او عدم استعداده للحكم. وهذا يعني فقدان السنيورة لأي فرصة جدية للزعامة في لبنان.
لا يخفى على احد ايضا ان السنيورة غاضب من الحوار بين المستقبل وحزب الله. لقاء الطرفين لن يكون حتما لمصلحة رئيس الحكومة السابق. يفقد التلاقي بين الطرفين السياسيين الابرز في لبنان السنيورة عنصر حضوره السياسي وهو التصويب بمناسبة ومن غير مناسبة على فكر واداء وسلوك المقاومة في الداخل اللبناني.
الم يقم مجد السنيورة السياسي على حكومة مبتورة لا وجود لحزب الله فيها دون ان يرف له جفن؟ الم يذهب السنيورة الى حد اتخاذ قرارات تقضي بنزع احد اهم عناصر قوة حزب الله في مواجهة اسرائيل وهو شبكة اتصالاته؟ وقبل ذلك الم يجهد السنيورة اثناء حرب تموز للخروج بقرارات تضمن اكبر قدر ممكن من نزع عناصر قوة المقاومة؟
الحوار بين المستقبل وحزب الله اليوم يعني اذاً فقدان السنيورة لخطابه المعتمد في الداخل اللبناني ويعني ايضا تراجع الاستثمار السياسي في مواجهة المقاومة. خاصة ان هذا الاستثمار عمل عليه وزير المالية الاسبق بمثابرة واصرار كبيرين.
السنيورة والانتظار
وعليه يمكن فهم بعض جوانب التخبط الذي يعيشه السنيورة. الاخير يدين الاعتداء الاسرائيلي على الجولان ويعتبر المقاومين المستهدفين شهداء. الا ان المقاومة بحسب النظرية الدفاعية للسنيورة يفترض ان تبلع العدوان، خوفا من اتخاذ العدو للرد ذريعة لشن حرب على البلاد والعباد. اما عندما تحقق المقاومة المعادلة الصعبة المتمثلة برد يحفظ الكرامة ويتناسب مع السيادة ويردع العدو عن الاقدام على الاستغراق في الاعتداء, لا يجد السنيورة الا الدموع والحنق والغضب والرفض لمثل هذه المعادلة التي يفترض انها النتيجة الطبيعية لمقدمتين وردتا في مواقف السنيورة وهما ان المقاومين المستهدفين شهداء وان المطلوب منع الحرب والدمار عن البلاد.
لماذا انزعج السنيورة من النصر الذي تحقق؟ لماذا وضع نفسه في خانة المهزوم؟ لماذا بدا اكثر انزعاجا من اسرائيل نفسها؟ حتى العدو اعترف بانجاز المقاومة وها هو وزير خارجيته اليميني المتطرف ليبرمان يعترف بقدرات حزب الله على فرض قواعد اشتباك رادعة لاسرائيل. السنيورة لا يريد الاعتراف ولا يحب الانتصارات ويبدو انه لا يريد ردع العدو ايضا.
يكثر السنيورة هذه الايام من الكلام عن فلسطين وعن ضرورة استعادتها كبوصلة للعرب والمسلمين. يتحدث عن "الراية" التي يصر على التمسك بها. وعندما تحقق المقاومة فعلا لا يمكن لأي مراقب موضوعي الا ان يضعه في سياق "الطريق الى فلسطين" ينتفض السنيورة رافضا منتقدا مكتئبا.
يحزن السنيورة لفعل اخرج الفلسطينيين من بيوتهم فرحين محتفلين. ينقلب رئيس الحكومة السابق على نفسه وعلى افكاره. بعد المطالبة ببوصلة فلسطين ينكفىء الى حساباته السياسية الشخصية الضيقة. يقوم بالحسبة التي يتقنها. انتصار المقاومة واستمرار الحوار بين حزب الله والمستقبل يعادلان خسارته الشخصية للموقع المأمول والنفوذ المطلوب. ينقل عنه قوله: "لن اصمت بعد اليوم". المقصود بعدم الصمت هو رفع الصوت للمطالبة بوقف الحوار بين المستقبل وحزب الله. لماذا؟ لأن قواعد الاشتباك مع "اسرائيل" تغيرت لمصلحة المقاومة ولبنان.
انها فوضى الافكار والمواقف وهذه عوارض تصيب معظم الخائفين من فقدان الدور والسلطة والنفوذ. عندها لا يجد المصابون الا الرهانات حتى ولو كانت خاسرة. يراهن السنيورة على موقف السعودية. ينتظر قرار القطيعة بين شركاء الوطن من الملك الجديد.
في هذه الاوقات، تدخل "اسرائيل" في جدل حول الهزيمة الجديدة وتطالب بفتح تحقيق. المقاومة تسهر على الحدود وتراكم عناصر القوة. تنعقد جولة حوار جديدة لتحصين الوطن. وحده السنيورة يستمر بالانتظار كـ"ملك الانتظار" الذي تحدث عنه محمود درويش في قصيدته الشهيرة.