ارشيف من :آراء وتحليلات

هولاند ونتنياهو: ’غرام’ باريسي في أروقة مجلس الامن

هولاند ونتنياهو: ’غرام’ باريسي في أروقة مجلس الامن
"لا أعرف أي بلد آخر ساعد "إسرائيل" كما ساعدتها فرنسا..بفضلها تمكنا من حيازة أسلحة للدفاع عن أنفسنا (...)"، بهذه العبارات لخّص شمعون بيريز العلاقة بين باريس و"تل أبيب"، في السابع من شهر آذار/مارس عام 2008. فرنسا الصديقة والحليفة الأبدية لإسرائيل يحكمها تحالف بنيوي رغم المد والجزر الذي ساد العلاقة تاريخياً. فعلى خلاف ما تدعي اهتمامها بقضايا العرب ولا سيما لبنان وفلسطين إلا أن انحيازها لكيان العدو فاضح.

درجة الانحياز والمساواة بين الضحية والجلاد تجلت في حوادث كثيرة إلا أنها تجازوت حدودها ومداها أمس الأول في مجلس الأمن بعدما حاولت التمادي في إصدار بيان ظالم يحمّل حزب الله حصراً مسؤولية التوتر على الحدود اللبنانية الفلسطينية رافضة إدانة كيان الاحتلال في مقتل الجندي الاسباني في قوات اليونيفيل.

"السياسة الفرنسية مرتبكة ومتناقضة وغير متوازنة، الفرنسيون يخطبون ود "اسرائيل" ورضاها للمزايدة على الاميركيين لاعتبارات كثيرة أبرزها انتخابية وايديولوجية وسياسية"، يقول الباحث في العلاقات الدولية وليد شرارة، ويضيف "سعي باريس لتمرير مشروع بيان في مجلس الأمن يبرئ الاحتلال ويدين المقاومة غير منسجم مع أدائها السياسي فتارة تستجدي حزب الله من اجل انتخاب رئيس للجمهورية وطوراً تسعى لادانته في الامم المتحدة".

برأي شرارة، الحديث عن أن "فرنسا الام الحنون للبنان" شعار أجوف غير منطقي، فلطالما كانت دولة منتدبة ومستعمرة، واصفاً وضعها الحالي بالربان الذي يقود باخرة دون رؤية على خلاف العقود الماضية، وذكّر شرارة في حديث لموقع "العهد الاخباري"، بأن الدبلوماسية الباريسية كانت أيام الجنرال شارل ديغول مستقلة عن الغربيين وخاصة الاميركيين أي أنها كانت كما يدعي الفرنسيون غير منحازة ونقدية.

هولاند ونتنياهو: ’غرام’ باريسي في أروقة مجلس الامن
مجلس الامن

ويعرض شرارة لبعض الحوادث التي وقفت فيها باريس إلى جانب القضايا العربية بمواجهة "اسرائيل" منها علاج الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بباريس وغزو العراق والعدوان على لبنان، لكنه يوضح أن السياسة الفرنسية تغيرت بعد عام 2003 وأصبحت سياسة أطلسية 100 %، ويلفت إلى أن الفريق الحاكم حالياً منغمس في دعم "تل أبيب" إلى ما لا نهاية.

فشل المندوب الفرنسي في مجلس الأمن مرده إلى أفول قوة بلاده في التحكم بأوضاع المنطقة. وفق شرارة، باريس عاجزة عن التأثير، هي لاعب صغير أمام صعود لاعبين جدد في العالم كايران والصين وروسيا والبرازيل وغيرها، ويرى ان الفرنسيين لا يريدون الاعتراف بموازين القوى الجديدة على خلاف الاميركيين الذين هم أكثر واقعية.

شرارة يتابع قائلاً "فلنتأمل جيداً في الموقف الاميركي تجاه حزب الله والملف النووي الايراني والنظام السوري. واشنطن تدرك حجم متانة الحلف الممانع على عكس باريس التي تواصل مغالاتها بالمطالبة باسقاط الرئيس بشار الاسد وعرقلة ملف المفاوضات النووية والتصويب على حزب الله"، ويعتبر أن الفرنسيين أخطأوا كثيراً عندما وضعوا الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الارهاب، فالأخير أصبح لاعباً اقليمياً فاعلاً لا يمكن تجاهله وعلى الادارة الفرنسية بناء علاقات ايجابية معه رغم الاختلافات.

عليه، فإنه بعد سقوط مشروع البيان الفرنسي والنجاح في صدور قرار يدين "الاسرائيليين" ضمناً، هل هناك ما يدفع نحو التغير في الدبلوماسية الفرنسية تجاه المنطقة أم أننا سنشهد استمراراً أعمى في الدعم والالتزام غير المشروط بحماية أمن "اسرائيل"؟...
2015-02-06