ارشيف من :نقاط على الحروف
جبور والعقدة الاسرائيلية
" أيها السنّة, حان وقت التطبيع. وإلّا .. ". باختصار هذا ما حاول قوله الصحفي شارل جبور في مقالته في الجمهورية منذ يومين والتي حملت عنوان " رسالة إلى الإعتدال السني ". المقال المذكور ليس سوى نموذج عن مفردات ورسائل الحرب الناعمة التي تحملها مئات المقالات يوميا تحت جنح الحروب الصاخبة التي لامست نيرانها حدود الكيان.
يسجّل لعدد من وسائل إعلام 14 أذار وكتابها وفاءهم للبنانهم القوي بضعفه. لا يكف هؤلاء عن توجيه الدعوات المتكررة وبأقنعة بالغة المرونة لتبني خيارات دفع اللبنانون ثمن إسقاطها دماء خيرة شبابهم. وما زالت ندوبها واضحة على خارطة الوطن من جنوبه إلى شماله.
العقدة الإسرائيلية
بالعودة إلى مقال جبّور في الجمهورية. تمتّع النص بوقاحة تجعل منه نموذجا صارخا لا يحتاج فيه القارئ للغوص بين سطوره لاستخراج المعنى. مقدمة جبور عبارة عن خاتمة وخلاصة. " بعد الغارة الإسرائيلية على موكب عسكري لـ«حزب الله» في القنيطرة أظهرَت ردود الفعل التي صدرَت عن الاعتدال السُنّي أنّ العقدة الإسرائيلية التي كان الاعتقاد أنّه تجاوزَها، ما زالت تتحكّم بخلفيته وممارسته، الأمرُ الذي يهدّد كلّ المسار الذي انطلقَ في 14 آذار 2005 تحت عنوان «لبنان أوّلاً». "
في الشكل من البديهي أن لا يجد جبور حرجا في استخدام " مصطلحات حيادية " في توصيف الإعتداء الإسرائيلي. ولكن الحدث الجلل بالنسبة للكاتب كان تعاطف اللبنانيين السنة مع شهادة المقاومين في القنيطرة وإدانتهم للإعتداء الإسرائيلي. الحدث اعتبره جبور خيانة لمفهوم لبنان أولا، ومترسبات لحالة مرضية يعاني منها سنة لبنان مطلقا عليها إسم " العقدة الإسرائيلية ".
بعد المقدمة. لم يخلع جبور عن نصه ثوب الوقاحة. فخيبة الأمل التي أصابت الكاتب. دفعته إلى تنصيب نفسه معبرا عن الوجدان المسيحي. الذي وبحسب تعبيره "كاد ييأس من إمكانية الشراكة المسيحية – الإسلامية، ويكفر بشعار العيش المشترك الذي أطلقه من طرف واحد. قبل أن يعيد تفجير الرابع عشر من شباط إلى السنة وعيهم ورشدهم لينضووا تحت لواء الرابع عشر من أذار. أمل لبنان الذي تخلّف عنه المسلمون عشرات السنين " . بغصة استعرضت كلمات المقال فرحة الكاتب بما ظنه عودة المسلمين السنة إلى الشراكة وتخليهم عن دورهم التاريخي لحساب الشيعة الذين ورثوا منهم " العقدة الإسرائيلية ".
" إيجابيته الوحيدة أنّه كان من طبيعة وطنية لا مذهبية، أي بين الأكثرية السنّية التي تحوّلَت إلى رأس حربة في الدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله وحصرية السلاح بيَد جيشه وتحييده عن المحاور الإقليمية، وبين الأكثرية الشيعية التي ورثَت الدورَ السنّي التاريخي الذي تخَلّت عنه الأخيرة جزئياً بعد العام 1990 وكلّياً بعد انتفاضة الاستقلال. "
خيبة, فتهديد, فلا عدو ولا صديق
خيبة الكاتب من عزوف أهل السنة عن اعتدالهم وعدم خروجهم من العقدة الإسرائيلية ، لم تدفعه للخوف والشعور بالغبن وحسب بل أوصلته إلى حد التهديد مصادرا مرة أخرى مواقف الغالبية المسيحية الوطنية. " وبالتالي وفي ظلّ هذا المشهد فإنّ أيّ إشارة من الاعتدال السنّي يمكن أن يُشتَمّ منها تراجعٌ عن ثوابت انتفاضة الاستقلال، ستدفع المسيحيين مرغمين إلى التفكير مسيحياً. " وفي مقطع آخر يتوجه الكاتب إلى تيار المستقبل وجمهوره " ومن هنا مسؤولية «المستقبل» كبيرة في عدم إعطاء أيّ إشارة عن تراجع في الأهداف الأساسية، لأنّه بعدها لا يجوز تحميل المسيحيين مسؤولية الذهاب نحو خيارات مسيحية ".
بعد التهديد كان لا بد للكاتب من إعادة إرشاد وتوجيه السنة في لبنان. ليأخذ بيدهم مجددا إلى " الإعتدال " الذي يقوم برأيه على التأكيد بما حرفيته أن " الموضوع الإسرائيلي الذي ليس تفصيلاً على الإطلاق، بل يُعتبَر من أبرز القضايا الخلافية." ويستتبعه بتوكيد وحزم حيث قال " لا يجوز تحت أيّ ذريعة التعامل بخِفّة مع هذه القضية التي يجب أن تكون محسومة على قاعدة ركيزتين أساسيتين ". الأولى : " رفضُ أيّ سلام مع إسرائيل قبل الوصول إلى تسوية تاريخية بين منظمة التحرير والدولة الإسرائيلية على قاعدة الدولتين المستقلتين. " و الثانية : " رفضُ أيّ مقاومة من لبنان باتّجاه إسرائيل، والتمسّك بمبدأ أنّ الدولة وحدها تدافع عن الحدود اللبنانية واللبنانيين. فمنطق المقاومات وُلد في الحرب الأهلية، واستمرارُه يعني استمراراً لهذه الحرب.".
" لبنان أولا " يعني رفض أي عمل " مقاوم ".. وإلا
في ختام المقال لم يتبرأ الكاتب من وقاحة نصه. فكانت خاتمة المقال على شاكلة مقدمته. حيث ذهب بعيدا في التهديد والتمهيد "لخيارات أخرى" لا تفوح من أي منها رائحة الوطنية. توجه إلى المستقبل بلغة حازمة :
" وإذا كان «المستقبل» يرى مِن فوائد لحواره مع «حزب الله»، فهذا شأنُه، ولكنّ الحوار لا يعني إطلاقاً التراجعَ عن ثوابت وطنية. فـ«لبنان أوّلاً» يعني رفضَ أيّ عمل «مقاوم» من لبنان، ورفض أيّ سلاح خارج الدولة، ورفضَ أيّ تمحوُر للبنان والإصرار على تحييده، ورفضَ أيّ تسوية إقليمية تُبقِي السلاح «المقاوم» تحت أيّ عنوان. . ومن هنا الحفاظ على جوهر 14 آذار المتّصل بالشراكة المسيحية-الإسلامية، وإنجاحُ الفكرة اللبنانية أصبح اليوم في ملعب الاعتدال السُنّي، لأنّ إعطاءَ أيّ انطباع عن تراجع وتدوير الزوايا في القضايا الأساسية سيدفع المسيحيين نحو خيارات أخرى تجَنّباً لأيّ «صفقة» على حسابهم. وهذا حقّهم".
على المستقبل إذن أن يحذر شارل جبور من اليوم فصاعدا. وعليه قبل فوات الأوان العودة إلى بيت الطاعة.
على مسيحيي لبنان أن يخجلوا بحسب إعلام 14 أذار من رواد الحركات القومية والتحررية. وعليهم بحسب جبور أن يؤيدوا معه "داعش" التي سبق وأعلن تعاطفه معها على حسابه الفايسبوكي وفرّغ لها مساحة مقال كامل للدفاع عن أدائها وحملة التشويه التي تطالها.
والأهم من ذلك على المسلمين السنة بحسب جبور التنبه جيدا للتخلص من أرث الماضي العروبي والمقاوم. على سنة ودروز أقليم الخروب مثلا بناء لما نشره موقع القوات اللبنانية في نفس تاريخ مقال جبور أن يخجلوا من كونهم كانوا مرتزقة الأحزاب اليسارية وداعش عصرهم حينما اعتدوا بحسب الموقع على قواتيي الدامور. على الشعب اللبناني بحسب هذه الوسائل الإعلامية أن يلعن كل انتصاراته, ويعدم كل أمجاده. ويشتري أصناما على شكل نكسة ونكبة. يعكف عليها كل أيام السنة ثم يرفع في 17 ايار يديه إلى السماء قائلا "ربّنا ألهمنا الضعف وأدمنا بلا نصر ولا هوية".
تزخر وسائل إعلام 14 أذار يوميا بمئات من المقالات والمواضيع التي تنضح بالوقاحة. وتسدد بعناية فائقة تشبه إلى حد كبير التنظيم المُدني لمنشأة عوكر. ورغم الفشل المحتّم لهؤلاء من إصابة قلب لبنان المقاوم فإن على أحد ما أن يقول لجبور وغيره من الكتاب وعبرهم لعدد من وسائل إعلام عوكر. نعم, صحيح أن الغالبية الساحقة من اللبنانين تعاني من "عقد" كثيرة. لكن " القلب الجمعي " للبنانيين جميعا وعلى رأسهم أهل السنة لم ولن يخرج من " عقدة الإسرائيلي " كما يحلو لكم تسميتها. على أحد ما أيضا أن يقول أنه قد يحمل مقال وجهة نظر. لكن العمالة لم ولن تصبح وجهة نظر.
يسجّل لعدد من وسائل إعلام 14 أذار وكتابها وفاءهم للبنانهم القوي بضعفه. لا يكف هؤلاء عن توجيه الدعوات المتكررة وبأقنعة بالغة المرونة لتبني خيارات دفع اللبنانون ثمن إسقاطها دماء خيرة شبابهم. وما زالت ندوبها واضحة على خارطة الوطن من جنوبه إلى شماله.
العقدة الإسرائيلية
بالعودة إلى مقال جبّور في الجمهورية. تمتّع النص بوقاحة تجعل منه نموذجا صارخا لا يحتاج فيه القارئ للغوص بين سطوره لاستخراج المعنى. مقدمة جبور عبارة عن خاتمة وخلاصة. " بعد الغارة الإسرائيلية على موكب عسكري لـ«حزب الله» في القنيطرة أظهرَت ردود الفعل التي صدرَت عن الاعتدال السُنّي أنّ العقدة الإسرائيلية التي كان الاعتقاد أنّه تجاوزَها، ما زالت تتحكّم بخلفيته وممارسته، الأمرُ الذي يهدّد كلّ المسار الذي انطلقَ في 14 آذار 2005 تحت عنوان «لبنان أوّلاً». "
في الشكل من البديهي أن لا يجد جبور حرجا في استخدام " مصطلحات حيادية " في توصيف الإعتداء الإسرائيلي. ولكن الحدث الجلل بالنسبة للكاتب كان تعاطف اللبنانيين السنة مع شهادة المقاومين في القنيطرة وإدانتهم للإعتداء الإسرائيلي. الحدث اعتبره جبور خيانة لمفهوم لبنان أولا، ومترسبات لحالة مرضية يعاني منها سنة لبنان مطلقا عليها إسم " العقدة الإسرائيلية ".
بعد المقدمة. لم يخلع جبور عن نصه ثوب الوقاحة. فخيبة الأمل التي أصابت الكاتب. دفعته إلى تنصيب نفسه معبرا عن الوجدان المسيحي. الذي وبحسب تعبيره "كاد ييأس من إمكانية الشراكة المسيحية – الإسلامية، ويكفر بشعار العيش المشترك الذي أطلقه من طرف واحد. قبل أن يعيد تفجير الرابع عشر من شباط إلى السنة وعيهم ورشدهم لينضووا تحت لواء الرابع عشر من أذار. أمل لبنان الذي تخلّف عنه المسلمون عشرات السنين " . بغصة استعرضت كلمات المقال فرحة الكاتب بما ظنه عودة المسلمين السنة إلى الشراكة وتخليهم عن دورهم التاريخي لحساب الشيعة الذين ورثوا منهم " العقدة الإسرائيلية ".
" إيجابيته الوحيدة أنّه كان من طبيعة وطنية لا مذهبية، أي بين الأكثرية السنّية التي تحوّلَت إلى رأس حربة في الدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله وحصرية السلاح بيَد جيشه وتحييده عن المحاور الإقليمية، وبين الأكثرية الشيعية التي ورثَت الدورَ السنّي التاريخي الذي تخَلّت عنه الأخيرة جزئياً بعد العام 1990 وكلّياً بعد انتفاضة الاستقلال. "
خيبة, فتهديد, فلا عدو ولا صديق
خيبة الكاتب من عزوف أهل السنة عن اعتدالهم وعدم خروجهم من العقدة الإسرائيلية ، لم تدفعه للخوف والشعور بالغبن وحسب بل أوصلته إلى حد التهديد مصادرا مرة أخرى مواقف الغالبية المسيحية الوطنية. " وبالتالي وفي ظلّ هذا المشهد فإنّ أيّ إشارة من الاعتدال السنّي يمكن أن يُشتَمّ منها تراجعٌ عن ثوابت انتفاضة الاستقلال، ستدفع المسيحيين مرغمين إلى التفكير مسيحياً. " وفي مقطع آخر يتوجه الكاتب إلى تيار المستقبل وجمهوره " ومن هنا مسؤولية «المستقبل» كبيرة في عدم إعطاء أيّ إشارة عن تراجع في الأهداف الأساسية، لأنّه بعدها لا يجوز تحميل المسيحيين مسؤولية الذهاب نحو خيارات مسيحية ".
بعد التهديد كان لا بد للكاتب من إعادة إرشاد وتوجيه السنة في لبنان. ليأخذ بيدهم مجددا إلى " الإعتدال " الذي يقوم برأيه على التأكيد بما حرفيته أن " الموضوع الإسرائيلي الذي ليس تفصيلاً على الإطلاق، بل يُعتبَر من أبرز القضايا الخلافية." ويستتبعه بتوكيد وحزم حيث قال " لا يجوز تحت أيّ ذريعة التعامل بخِفّة مع هذه القضية التي يجب أن تكون محسومة على قاعدة ركيزتين أساسيتين ". الأولى : " رفضُ أيّ سلام مع إسرائيل قبل الوصول إلى تسوية تاريخية بين منظمة التحرير والدولة الإسرائيلية على قاعدة الدولتين المستقلتين. " و الثانية : " رفضُ أيّ مقاومة من لبنان باتّجاه إسرائيل، والتمسّك بمبدأ أنّ الدولة وحدها تدافع عن الحدود اللبنانية واللبنانيين. فمنطق المقاومات وُلد في الحرب الأهلية، واستمرارُه يعني استمراراً لهذه الحرب.".
" لبنان أولا " يعني رفض أي عمل " مقاوم ".. وإلا
في ختام المقال لم يتبرأ الكاتب من وقاحة نصه. فكانت خاتمة المقال على شاكلة مقدمته. حيث ذهب بعيدا في التهديد والتمهيد "لخيارات أخرى" لا تفوح من أي منها رائحة الوطنية. توجه إلى المستقبل بلغة حازمة :
" وإذا كان «المستقبل» يرى مِن فوائد لحواره مع «حزب الله»، فهذا شأنُه، ولكنّ الحوار لا يعني إطلاقاً التراجعَ عن ثوابت وطنية. فـ«لبنان أوّلاً» يعني رفضَ أيّ عمل «مقاوم» من لبنان، ورفض أيّ سلاح خارج الدولة، ورفضَ أيّ تمحوُر للبنان والإصرار على تحييده، ورفضَ أيّ تسوية إقليمية تُبقِي السلاح «المقاوم» تحت أيّ عنوان. . ومن هنا الحفاظ على جوهر 14 آذار المتّصل بالشراكة المسيحية-الإسلامية، وإنجاحُ الفكرة اللبنانية أصبح اليوم في ملعب الاعتدال السُنّي، لأنّ إعطاءَ أيّ انطباع عن تراجع وتدوير الزوايا في القضايا الأساسية سيدفع المسيحيين نحو خيارات أخرى تجَنّباً لأيّ «صفقة» على حسابهم. وهذا حقّهم".
على المستقبل إذن أن يحذر شارل جبور من اليوم فصاعدا. وعليه قبل فوات الأوان العودة إلى بيت الطاعة.
على مسيحيي لبنان أن يخجلوا بحسب إعلام 14 أذار من رواد الحركات القومية والتحررية. وعليهم بحسب جبور أن يؤيدوا معه "داعش" التي سبق وأعلن تعاطفه معها على حسابه الفايسبوكي وفرّغ لها مساحة مقال كامل للدفاع عن أدائها وحملة التشويه التي تطالها.
والأهم من ذلك على المسلمين السنة بحسب جبور التنبه جيدا للتخلص من أرث الماضي العروبي والمقاوم. على سنة ودروز أقليم الخروب مثلا بناء لما نشره موقع القوات اللبنانية في نفس تاريخ مقال جبور أن يخجلوا من كونهم كانوا مرتزقة الأحزاب اليسارية وداعش عصرهم حينما اعتدوا بحسب الموقع على قواتيي الدامور. على الشعب اللبناني بحسب هذه الوسائل الإعلامية أن يلعن كل انتصاراته, ويعدم كل أمجاده. ويشتري أصناما على شكل نكسة ونكبة. يعكف عليها كل أيام السنة ثم يرفع في 17 ايار يديه إلى السماء قائلا "ربّنا ألهمنا الضعف وأدمنا بلا نصر ولا هوية".
تزخر وسائل إعلام 14 أذار يوميا بمئات من المقالات والمواضيع التي تنضح بالوقاحة. وتسدد بعناية فائقة تشبه إلى حد كبير التنظيم المُدني لمنشأة عوكر. ورغم الفشل المحتّم لهؤلاء من إصابة قلب لبنان المقاوم فإن على أحد ما أن يقول لجبور وغيره من الكتاب وعبرهم لعدد من وسائل إعلام عوكر. نعم, صحيح أن الغالبية الساحقة من اللبنانين تعاني من "عقد" كثيرة. لكن " القلب الجمعي " للبنانيين جميعا وعلى رأسهم أهل السنة لم ولن يخرج من " عقدة الإسرائيلي " كما يحلو لكم تسميتها. على أحد ما أيضا أن يقول أنه قد يحمل مقال وجهة نظر. لكن العمالة لم ولن تصبح وجهة نظر.