ارشيف من :ترجمات ودراسات
خاص الانتقاد.نت: رغم كل الضجيج لا ضربة إسرائيلية لإيران
كتب المحرر العبري
ليس من المصادفة التزامن بين إعلان نائب الرئيس الأميركي جو بايدن ان قرار مهاجمة "إسرائيل" للمنشآت النووية الإيرانية تخصها هي، انطلاقا من انها "دولة ذات سيادة"، وتأكيده على أن واشنطن لن تقف في طريق "إسرائيل" في حال قررت ذلك، مع الإعلان عن عبور غواصة إسرائيلية استراتيجية من طراز "دولفين" قناة السويس، في اطار مناورة اسرائيلية تستهدف ايران، فضلا عن التسريبات الإعلامية عن استعداد السعودية السماح للطائرات الحربية الإسرائيلية عبور أجوائها لضرب إيران.
لكن هل يعني ذلك ان هناك ضربة اسرائيلية وشيكة لايران؟
بداية لا بد من الاشارة إلى العديد من الملاحظات المتصلة بالنقاط التي تقدمت:
فيما يتعلق بتصريح بايدن، يمكن القول انه هو الأول من حيث المحتوى لمسؤول أميركي رفيع في ظل ادارة اوباما، ويتعارض مع المواقف المعلنة لكل من وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس ورئيس أركان الجيوش الأميركية اللذين حذرا من ضربة كهذه لأنه "من المستحيل توقع تداعياتها وعواقبها".
يلاحظ ايضا ان وزارة الخارجية الأميركية سارعت إلى نفي ان تكون الولايات المتحدة قد أعطت ضوء اخضر لـ"إسرائيل" بمهاجمة إيران لكنها اكدت في نفس الوقت على أن الولايات المتحدة تشارك إسرائيل "قلقها العميق من البرنامج النووي الإيراني" وان السؤال حول ما ستقوم به إسرائيل تُسأل عنه الحكومة الإسرائيلية لأن "إسرائيل دولة سيادية ولا نملي عليها نشاطاتها".
ايضا لوحظ في الأسابيع الأخيرة أن التقارير الإعلامية الإسرائيلية تحدثت عن أن "إسرائيل" وجهت رسائل شديدة إلى إدارة اوباما والى دول أخرى حول ضرورة الاعداد منذ الان لفشل الحوار بين ايران والغرب وحددت "إسرائيل" مطلبها باعداد خطة بديلة تتضمن "عقوبات مشلة" ضد ايران بما فيها خطوات اخرى.
أما فيما يتعلق بعبور الغواصة الإسرائيلية قناة السويس، فإن أول ما يلفت النظر هو نفس الإعلان عن هذا الأمر لأنه كان بالإمكان أن يتم من دون الإعلان عنه.
وعليه فإن الجانب الاهم في هذه الرسالة يتصل بالطرف المصري اكثر منه بالإسرائيلي، عبر المجاهرة عملانيا بأن النظام في مصر سيكون إلى جانب إسرائيل عمليا في حال قررت الأخيرة مهاجمة ايران، مع ما ينطوي ذلك على ترجمة عملانية لما سبق ان اعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تحالف إسرائيلي مع دول الاعتدال العربي في مواجهة ايران.
أما بخصوص ما أعلن في وسائل إعلام أجنبية عن سماح المملكة العربية السعودية لـ"إسرائيل" بعبور اجوائها لضرب ايران، فإن الجانب الاهم فيه هو تزامنه مع ما سبق الاشارة اليه من أحداث، بغض النظر عن صحة او عدم صحة هذا الخبر، لأن هذا الخيار يتحدد في نهاية الأمر في ضوء الظروف السياسية والمعادلات المتزامنة مع قرار "إسرائيل" بمهاجمة ايران.
لكن بالرغم من ذلك يمكن القول بل والتأكيد على انه من المستبعد توجيه ضربة عسكرية اسرائيلية لايران، على الأقل في هذه المرحلة، لاعتبارات متعددة منها ما يردده الاميركيون انفسهم حول عدم قدرة أي ضربة عسكرية مهما كان حجمها على انهاء البرنامج النووي الايراني، وان اقصى ما يمكن تحقيقه من وراء ذلك هو مجرد التأخير لفترة تتراوح بين سنة إلى ثلاث سنوات. فضلا عما سيمنح ايران من شرعية في طرد الوكالة الدولية للطاقة الذرية ورفضها أي رقابة دولية ودفع المشروع النووي الايراني بخطوات هائلة إلى الامام في ظل التفاف شعبي ووطني ايراني، هذا إلى جانب ردود الفعل الايرانية على "إسرائيل" وامكانية اشتعال المنطقة، فضلا عما ما قد ينطوي ذلك من تداعيات تطال المصالح الأميركية في المنطقة وربما العالم.
في هذا السياق من الصحيح القول ان عدم حصول الضربة العسكرية الإسرائيلية حتى الان بالرغم من المراحل التي قطعها البرنامج النووي الايراني وفي ظل ادارة الرئيس جورج بوش، هو مؤشر قوي على ان ضربة كهذه لن تتم في فترة قريبة. ومن المعلوم انه لو توفرت القدرة العملانية الإسرائيلية للقيام بذلك مع ضمان تحقيق النتائج لكانت بادرت إلى ذلك منذ فترة طويلة.
أما عن تفسير هذه المواقف والخطوات التي شهدناها خلال فترة قصيرة، فهو أمر مرتبط بفوز الرئيس احمدي نجاد بولاية ثانية في إيران، وفشل الرهانات الأميركية والغربية والإسرائيلية على الأحداث الأخيرة التي شهدتها إيران. لما يعنيه ذلك من تصميم ايراني على مواصلة مشروعها النووي بغض النظر عن التهويلات والتهديدات الغربية.
وعليه فإن سخونة المواقف والخطوات العملانية التي قيل عنها، لا تؤشر إلى عمل عسكري اسرائيلي وشيك بقدر ما هو محاولة للضغط النفسي والسياسي الذي تتطلبه الاعداد للمفاوضات المرتقبة بين الولايات المتحدة و"اسرائيل".
وفي كل الاحوال فإن الجمهورية الاسلامية في ايران وكل الجهات في العالم تدرك تمام المعرفة بأنه لا ضربة اسرائيلية لايران بعيدا عن ضوء اخضر ودعم اميركي كاملين، مهما كانت المواقف المعلنة مع كل ما يعنيه ذلك من نتائج وتداعيات.