ارشيف من :نقاط على الحروف

الاعلام السعودي والاعراف الخليجية

الاعلام السعودي والاعراف الخليجية
حسم الامر واوقفت الحكومة البحرينية نشاط قناة العرب الاخبارية. السبب بحسب البيان البحريني الرسمي هو التالي " عدم الالتزام بالاعراف السائدة في الدول الخليجية ". وهنا مربط الفرس. الاعراف الاعلامية لدول الخليج.

ليس جديداً القول ان الاعراف الاعلامية في الدول الخليجية وهابية المنشأ وداعشية التطبيق. هي جزء لا يتجزأ من منظومة فكرية دينية ثقافية تحكم البلاد والعباد. في حالة " قناة العرب " فإن استضافة معارض بحراني انتقد في اطلالته قرار الحكومة البحرينية سحب جنسية عدد من مواطنيها يدخل في اطار " عدم الالتزام بالاعراف السائدة في الدول الخليجية ". حتى هذا المقدار من النقد لا تتحمله البحرين ومن خلفها المملكة العربية السعودية.

الاعلام السعودي والاعراف الخليجية
عدم الالتزام بالاعراف الخليجية

صحيح ان الاعلام الخليجي حاول التحايل على المتلقي العربي وانتهج منذ انطلاقة فضائياته في تسعينيات القرن الماضي اسلوباً مخادعاً للايحاء بهامش من التغيير. الا ان الوقائع تؤكد ان الطبع الاعلامي الخليجي يغلب التطبع. الاستعانة بوجوه نسائية وانتاج البرامج الفنية الضخمة وبث برامج اعلام الواقع لم يكن الا قناعا وضعته المؤسسات الاعلامية السعودية لارضاء الاميركيين الذين يطالبون باستمرار بما يسمونه " الاصلاحات ". اما حقيقة هذا الاعلام وجوهره فيظهران عند المحطات المفصلية. تجربة قناة العرب احداها، وقبلها كانت تغطية الاعلام الخليجي لحادثة وفاة الملك عبد الله وتولي خليفته الحكم. سقط القناع تماما خلال تلك التغطية. استنفرت وسائل الاعلام المملوكة من العائلة المالكة كما اخواتها الممولة من نفس المصدر على مدى اسبوع . المرئي والمسموع والمقروء تضافرت جهودها باتجاه هدف واحد ثابت مباشر لا يتغير، اقناع المتلقي بـ "عبقرية واستثنائية وتميز وابداع واحسان وايمان وتقوى" الملكين الراحل والحالي. ما قيل وكتب ونشر على مدى هذا الاسبوع لا يشبه ابدا ما يمكن ان يقال بحق زعماء كبار في العالم، عاشوا تجارب في الحكم والسياسة، اخطأوا في بعضها واصابوا في بعضها الاخر، نجحوا في لحظات وفشلوا في اخرى.

بدل القيام بأحد ابسط "الفروض" الاعلامية في مثل هذه الاحداث اي وضع تجربة الراحلين في ميزان الربح والخسارة والانجازات والاخفاقات، انطلق جيش اعلاميي آل سعود بجنسياتهم العربية المختلفة في عزف سمفونية مفادها أن ابناء عبد العزيز لم يخطئوا او يفشلوا في اي مرحلة وعند اي محطة. الملك الراحل قدم تجربة اصلاحية خارقة، والجديد بدوره مقبل على تجربة خارقة اخرى. لم يكلف هذا الاعلام نفسه عبء تفسير مفارقة القرارات التي اتخذها الملك الجديد. فاذا كان سلفه قام بالأفضل والانسب والاكثر حكمة فما هو مبرر التغييرات التي لجأ اليها الملك الجديد؟

لا ينتهي اداء الاعلام السعودي عند هذا الحد من الفجاجة واللامهنية. تصل الامور باحد الجنود الاوفياء والمخلصين بانتمائهم الى هذه المنظومة الاعلامية الفكرية الوهابية الى حد اتهام الاخرين بـ"الاستهانة بالعقول". حازم صاغية وفي احد اعداد صحيفة الحياة الذي امتلأ بمقالات التبجيل والتعظيم ايام الحداد على الملك الراحل يكتب عن "كذب راديكاليي اليسار على الجماهير". ويعتبر صاغية ان خطاب المقاومة والممانعة تخطى اليساريين في كذبهم على الجماهير " فنادراً ما بلغت الاستهانة بالعقول ما بلغته اليوم " .

فاذا كان خطاب محور المقاومة وتحديدا بعد العدوان الاسرائيلي على القنيطرة -الذي كان موضوع مقالة صاغية المذكورة - هو استهانة بالعقول هل يمكن لصاحب الفكر الليبرالي ان يخبرنا ما هو التوصيف الذي يناسب ما بثته وسائل الاعلام السعودية حول عبقريات العائلة المالكة في السعودية؟ .
يبدو ان صاغية على قناعة بصدق الخطاب الاعلامي السعودي. ولعل هذه القناعة بالتفوق الابداعي عند ال سعود تنسحب ايضا على قرار وقف قناة العرب وعلى كل الممارسات الوهابية التي تنطبق مع " الاعراف السائدة في الدول الخليجية ".
2015-02-11