ارشيف من :آراء وتحليلات

مأزق نتنياهو... الى متى ؟

 مأزق نتنياهو... الى متى ؟
بعد الاعتداء الإسرائيلي في الجولان ورد المقاومة في شبعا ،كيف يبدو المشهد الإسرائيلي؟
 الانتخابات الإسرائيلية واحدة من استحقاقات المنطقة ھذا العام، وكل ما يدور فيھا يصب بشكل مباشر أو غير مباشر في الحسابات الانتخابية، حتى زيارة نتنياھو الى فرنسا وتصدره تظاهرة باريس ضد الارهاب تأتي بالدرجة الأولى لغايات انتخابية، فنتنياهو أراد استعادة الامساك بزمام الأمور مجدداً، التي افلتت منه جزئياً مع تصاعد التحديات لسلطته ونفوذه داخل الحكومة واحتمال خسارته لهذه الانتخابات مع ظهور تحالف حزب "العمل" بقيادة اسحق ھيرتسوغ مع حزب "الحركة" بقيادة الوزيرة المقالة) تسيبي ليفني) اللذين اتفقا على تشكيل حكومة معاً والتناوب على رئاستھا.


فقد أظهر استطلاع للرأي أن هذا التحالف سيحصل على 23 مقعداً من أصل 120 مقعداً في الكنيست الاسرائيلي، متقدما على حزب "الليكود" بزعامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياھو الذي أعطته الاستطلاعات 21 مقعدا.
فنتنياهو المحاصر داخلياً، يواجه أيضاً محاصرة خارجية تتمثل أولا برغبة أمريكية في إبعاد نتنياهو عن الساحة السياسية وإسقاطه في الانتخابات الاسرائلية  ، مما يساعد في تسويق اتفاق محتمل مع إيران وفي تعويم المفاوضات وجھود كيري على المسار الفلسطيني -  الإسرائيلي.
هذه الرغبة الامريكية عززها سفيرها في اسرائيل "شابيرو" الذي قال كلاما واضحا   في جامعة بار إيلان في تل أبيب، مفاده  أن الرئيس باراك أوباما سيبقى، كما اعتاد بقية الرؤساء الأميركيين، ملتزما وبشدة بالمفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية مع اقتراب نھاية فترة حكمه وأن الأميركيين سيظلون متمسكين بالتوصل إلى حل الدولتين، لأننا لا نرى أي بديل آخر يحقق الأھداف المشروعة للإسرائيليين والفلسطينيين، مشيرا إلى أن ھناك التزاما أميركيا بعملية السلام، وأن الإدارة الأميركية لن تتخلى عن ھذا الالتزام خلال العامين المقبلين أيضا.

 مأزق نتنياهو... الى متى ؟
مأزق نتنياهو الى متى؟

الحصار الأمريكي لنتنياهو يقابله حصار ثاني هو الحصار الاوروبي الدبلوماسي المضروب على حكومة نتنياھو التي تقود سياسة وقف المفاوضات وتعزيز الاستيطان ورفض الدولة الفلسطينية التي تعترف بھا البرلمانات الأوروبية تباعا.
ھذه السياسة لحكومة نتنياهوأدت الى حملة أوروبية واسعة ضد إسرائيل، زادت من عزلتھا ومن كراھية دول العالم لھا، وباتت سياسة مضرة بإسرائيل، وهذا ما اكدته وزارة الخارجية الاسرائيلية في تقريرها الذي أُعطي صفة "سري"، وتضمن استشرافاً لعام 2015 وتقديراً قاتماً أشار الى ان مكانة اسرائيل الدولية واقتصادها سيتدهور وستتقلص الاستثمارات  الأجنبية فيها  والمشاريع المشتركة معھا، فضلاً عن تراجع العلاقات التجارية والأكاديمية ، في حال لم تبادر الى تحريك العملية السياسية.

فالأوروبيون يقيمون بشكل واضح الصلة بين العلاقات السياسية والعلاقات الاقتصادية، وھنا يجدر التذكير بأن أوروبا ھي الشريك التجاري الأول لإسرائيل.
وستطال تلك العقوبات الصادرات الأمنية الإسرائيلية وكذلك واردات إسرائيل من قطع الغيار، ما قد يمس أساساً بالمؤسسة الامنية، كما تخشى تل ابيب أن يطالب الاتحاد الاوروبي لاحقاً بتعويضات من اسرائيل عن اضرار ألحقتها بالمشاريع في المناطق الفلسطينية التي عملت منظمات الإغاثة الأوربية على تشجيع المشاريع فيها، وخوف اسرائيل الأكبر هو ان تكون البنى التحتية ورقة ضغط كبرى لدى الدول الاوروبية خاصة بعدما تراجعت شركات من ألمانيا وھولندا عن مشاركتھا في المشاريع لبناء خطوط القطارات ومصادر مياه ومعالجة النفايات في إسرائيل. أما المقاطعة الأكاديمية فمن شأنھا أن تشدد الوتيرة: جامعات في أوروبا والولايات المتحدة قد تعمل على قطع أشكال التعاون مع مؤسسات في إسرائيل.

وعلى ما يبدو ان التأثير الأميركي ينجح حتى الآن في تأخير قرارات عملية إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 17آذار القادم. وتنعكس ھذه الإجراءات في استمرار عملية الاعتراف بالدولة الفلسطينية في البرلمانات الدولية، والنشاط الفرنسي الشامل في مجلس الأمن. وھناك سلسلة طويلة من خطوات المقاطعة والعقوبات الاقتصادية التي يتوقع أن تمس بإسرائيل بشكل بالغ، نتيجة الجمود السياسي التي ستنعكس بالتأكيد على الناحية العسكرية الاسرائيلة وعلى جهوزية الجيش الاسرائيلي في مواجهة أي خطر داخلي او خارجي...

وهذا الكلام أكده أمين عام حزب لله السيد حسن نصرلله (في حديث الى قناة "الميادين)"، حيث قال عن قدرات الجيش الاسرائيلي بانه " منذ حرب تموز يدرب ويتجھز ويشكل ويناور على كل الجبھات، ثم يفشل في غزة، ھذا الفشل الذريع معناه أنه ليس الجيش الجاھز للحرب على لبنان".
وكلام نصرالله اكده التقرير السنوي لمراقب الدولة في إسرائيل بعدم كفاءة جيش الاحتلال وجاھزيته اللتين تراجعتا في السنوات الأخيرة، ولم يعد كما كان عليه في السابق، ولم يعد جاھزاً لخوض الحروب، مع وجود إخفاقات خطيرة في كفاءة منظومة قوات الاحتياط البرية ، وباتت من دون خبرة واستعداد قتالي وبلا قدرة على الإيفاء بالمطلوب منھا في مھماتھا القتالية المستقبلية.  
وأكد  السيد حسن نصرالله أن "المقاومة جاھزة بكادرھا وضباطھا وإمكاناتھا ومقدراتھا لأن تدخل الى الجليل"، لافتا الى أن "المقاومة جاھزة لأن تنقل المعركة إلى أرض العدو ليس فقط بالصواريخ بل بالحركة الميدانية".
واضطرت إسرائيل  لأن تأخذ كلام السيد على محمل الجد، وقد نقلت صحيفة "معاريف" عن مصادر أمنية رفيعة أن إسرائيل تدرك معنى التھديدات الواردة في المقابلة وتتعامل معھا بجدية كبيرة جدا، وأكدت المصادر أن الحرب المقبلة مع حزب لله لن تكون مشابھة لأي حرب أخرى خاضتھا اسرائيل مع الحزب.
كما لفتت القناة الثانية الإسرائيلية الى أن الكاسر للتوازن" ھو صاروخ أرض - أرض إيراني الصنع، يبلغ مداه حوالي 300 كيلومتر، مع رأس حربي يصل حتى نصف طن من المواد المتفجرة. و ما يقلق إسرائيل في ھذا الصاروخ ھو مستوى دقته العالية.

لكل ذلك ، نتنياهو في موقف حرج  فهو محاصر داخليا وخارجيا مع اقتراب موعد الانتخابات الاسرائيلة واشتداد العقوبات الاوروبية والرغبة الامريكية في تغيير المشهد السياسي الاسرائيلي بما يتوافق والرؤيا الامريكية لمصالحها في المنطقة . فهل يهرب نتنياهو الى الامام  ويغامر بحرب غير مضمونة النتائج بعد ان كسرت المقاومة قواعد التوازن التقليدية ؟  هذا ما حاول ان يقوم به من خلال عدوانه على ابطال المقاومة في الجولان لكن سرعة رد المقاومة الموجع في شبعا أعادت محاصرة نتانياهو بين العجز ومطرقة المقاومة . فالى متى يستمر هذا المأزق ؟
2015-02-16