ارشيف من :ترجمات ودراسات
التسونامي الذي يهدد منطقة اليورو
الكاتب: Frédéric Hirn
عن موقع agoravox الإلكتروني
5 شباط / فبراير 2015
في بيان صدر مساء الأربعاء الماضي، وبعد قرار اتخذه مجلس حكام المصرف المركزي الأوروبي، أعرب المصرف عن نيته في محاسبة واحد من مصادر مداخيل المصارف اليونانية . ويأتي هذا التحرك في سياق ما يبذل من جهود تهدف إلى إجبار اليونان على احترام التزاماته تجاه إجراءات التقشف المفروضة عليه من قبل الترويكا (المصرف المركزي الأوروبي، المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي).
هذا المسعى هو بمثابة الإمساك باليونان من عنقه ثم الضغط عليه ببطء لكي يتوقف بشكل تدريجي وصول الهواء إلى رئتيه. (المصدر : http://www.politis.fr/Le-coup-d-Etat...).
لكن هذه الخطوة التي يقوم بها المصرف المركزي الأوروبي تظل محفوفة بعض الشيء بالمخاطر. فخنق اليونان بهدف إجباره على الرضوخ لهذه الإملاءات من شأنه أن يعزز مخاوف الأسواق المالية، لأن هذا الإجراء يعني اللعب، إلى هذا الحد أو ذاك، بشريان السيولة التي يتوجب على المصرف أن يؤمنها لليونان قبل اي شيء آخر. وقد سبق لمثل هذا الإجراء أن طبق بحق قبرص وكان ذلك شبيها بالوضع الذي قد يقرر فيه قلبك التوقف عن أداء الدور المرسوم له على المستوى الجيني، وأن يخضعك للابتزاز عبر تهديدك بأنه لم يعد يريد ضخ الدم في أنحاء جسمك. هذه الصورة واضحة بما يكفي لنفهم طبيعة الابتزاز المقيت الذي يلجأ إليه المصرف المركزي الأوروبي.
ولا ينبغي في هذه الحالة أن يتوقف القلب عن الحركة بالمستوى الكافي من القوة، وإلا فإنه قد يقتل الجسم الذي يحمله، وبالتالي فإنه سيقتل تفسه بالتأكيد.
وإذا ما لجأ المصرف المركزي الأوروبي إلى المبالغة في خنق اليونان، فإن اليونان سيجد نفسه مضطراً رغماً عنه إلى إعادة تسليح مصرفه المركزي الخاص به. وهذ سيؤدي إلى انهيار على طريقة قطع الدومينو لكامل منطقة اليورو.
ما هو هامش المناورة الذي تمتلكه الحكومة اليونانية في مواجهتها لمثل هذا الوضع ؟
الواقع أن هذه اللحظة هي التي يمكنننا فيها أن نعرف مقدار الجرأة التي يتمتع بها رئيس الوزراء اليوناني الجديد، الكسي تسيبراس. إنها اللحظة التي يتوجب عليه فيها أن يشرع بالعمل لأنه أمام خيار بالغ الصعوبة.
فهو، من جهة، قد أكد وأعاد التأكيد أكثر من مرة خلال حملته الانتخابية على أنه لا يريد الخروج من منطقة اليورو. وبالتالي، فإن تأكيداته هذه تلزمه بالرضوخ لمتطلبات شركائه الأوروبيين بداعي أن الجميع يستقلون سفينة واحدة. وإذا ما التزم بتعهداته التي قطعها على نفسه في حملته الانتخابية، يكون لزاماً عليه أن يتراجع عن تهديداته.
وإذا ما التزم هذا الخيار، فإن ذلك قد يسمح له بالتقاط بعض الفتات لكي يصبح بمقدوره أن يقول لليونانيين بأن النجاح كان حليفه في المفاوضات مع الأوروبيين، شأنه في ذلك شأن ليونيل جوسبان عندما قال بأته قد يفاوض بشأن معاهدة ماستريشت عندما يصبح رئيساً للوزراء.
ومن جهة أخرى، تعهد الكسي تسيبراس أمام شعبه بأن إجراءات التقشف ستتوقف بأسرع ما يمكن. لكن ذلك يتطلب إدارة الظهر لبقية بلدان الاتحاد الأوروبي، ما يعني ضرورة العودة السريعة والفورية إلى العملة الوطنية اليونانية منذ لحظة الخروج من منطقة اليورو.
اليورو
ولا وجود لأي مخرج ممكن آخر. إذ من غير الممكن الحصول على الزبدة وعلى ثمن الزبدة في آن واحد. وعلى ذلك، يكون على الحكومة اليونانية أن تعتمد خياراً محدداً. وهذا الخيار سيكون حاسماً لأنه يسمح لها، من جهة، باستعادة أدوات سيادتها الوطنية وبالوفاء بتعهداتها التي قطعتها على نفسها لليونانيين فيما يتعلق بالتخلص من سياسة التقشف. وإلا، فإن هذه الحكومة ستكون -وهنا لا ينبغي الخوف من تسمية الأشياء بأسمائها- ستكون حكومة خائنة لأنها انتهت إلى التراجع والرضوخ.
أما من ناحية واشنطن، فإننا نشهد شكلاً آخر من أشكال المشكلة. فقد وجه باراك أوباما، أي الرئيس الفعلي للاتحاد الأوروبي، إلى آنجيلا ميركل، التي تحكم بتفويض منه ولاية ألمانيا، وجه إليها الأوامر بأن تسحب دفتر الشيكات من جيبها.
فالحقيقة أن العرق البارد قد بدأ يتصبب من جبين العم سام بسبب ما تعانيه الولايات المتحدة من تجمد جيوسياسي في وقت تفرك موسكو يديها فرحاً وهي تراقب هذا المشهد. المصدر :
: http://www.lepoint.fr/monde/grece-l
وأياً يكن من أمر، فإن السؤال يظل مطروحاً : هل يضحي ألكسي تسيبراس باليونان على مذبح الاتحاد الأوروبي ؟ ومن الذي سوف يبقى على قيد الحياة ؟ الشعب اليوناني أم اليورو ؟ سنعرف الجواب قريباً..