ارشيف من :آراء وتحليلات

جريمة انقرة وتداعياتها القانونية

جريمة انقرة وتداعياتها القانونية
  تواصل تركيا تدخلها  في شؤون الدولة السورية وانتهاك سيادتها، لتتحمل وزر المزيد من الانتهاكات للقانون الدولي والعلاقات الدبلوماسية والاستهتار بالمواثيق الدولية. يستدعي ذلك وضع حد لحكومة العدالة والتنمية على هذه الانتهاكات التي تدق مسماراً اخر في نعش القانون الدولي، فلا يمكن ان تبقى الانتهاكات هكذا دون محاسبة.


جريمة انقرة وتداعياتها القانونية
رفع علم تركيا في الاراضي السورية بعد العملية



التدخل العسكري عمل عدواني وخرق لميثاق الامم المتحدة

دون أدنى شك، ما قامت به تركيا من خلال دخول قواتها الأراضي السورية لإجلاء عشرات الجنود الذين يحرسون ضريح سليمان شاه جد مؤسس الامبراطورية العثمانية، هو خرق للسيادة السورية، يحمّل أنقرة مسؤولية هذا العمل العدواني وتداعياته. لا يحق لأنقرة التدخل بشؤون دولة اخرى، حتى أنه لا يمكنها التذرع بالاتفاقية الموقعة مع فرنسا ايام الانتداب أو باتخاذ اية حجة اخرى لأن ذلك لا يعفيها من التنسيق مع دمشق.

لقد حظر ميثاق الأمم المتحدة التدخل في شؤون الدول الأعضاء في المنظمة الدولية. فالفقرة 7 من المادة الثانية في الميثاق تقول انه "ليس في هذا الميثاق ما يسوغ "للأمم المتحدة" أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي ‏لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق، على أن ‏هذا المبدأ لا يخل بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع".

‏تعتبر السيادة ركناً أساسيا من أركان الدولة، لا يمكن التغاضي عن انتهاكها، وقد وقع من أجل ذلك العديد من النزاعات بين الدول. لذلك حظر العديد من القرارات الدولية التدخل في شؤون الدول، وجاء في قرار لمجمع القانون الدولي عام /1954/ أن: " المسائل التي تعد من صميم السلطان الداخلي هي تلك الأنشطة التي تمارسها الدولة، والتي يعد فيها اختصاص الدولة غير مقيد بالقانون الدولي". كما ان اتفاقية مونتفيديو عام 1933 أكدت في مادتها الثامنة على مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول حيث نصت على أنه "ليس لأي دولة الحق في التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية لأي دولة أخرى". وكذلك اتفاقية هلسنكي 1975.

تركيا انتهكت سيادة سوريا وللأخيرة حق الرد

كان من المتوجب على تركيا أن تنسق مع سوريا لحماية ضريح سليمان شاه، لذلك فإن الخطوة التركية ستزيد التوتر في العلاقات مع دمشق، وهذا ما يؤكده استاذ العلاقات الدولية الدكتور وليد عربيد، الذي يفند الخطوة التركية، مشيراً إلى أن التدخل العسكري ينتهك القانون الدولي والدبلوماسي بين الدول المتجاورة.

عربيد وإذ يلفت إلى أن تركيا تعارض القرارات الدولية ومنها نص القرار 2131 "إعلان عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحماية استقلالها وسيادتها"، يرى أن تركيا احتلت ارضا سورية قرب عين العرب، وهذا مخالف ايضاً للقانون الدولي وينسف كل ما تتحدث عنه اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية.

ويؤكد عربيد أنه حتى لو كان لدى بعض الدول مشاكل داخلية كسوريا فلا يجوز التدخل بها من قبل اية دولة تحت اي مبرر، فهي عضو في الامم المتحدة وجامعة الدول العربية"، مشيراً إلى أنه كان من المفترض ان تطلب تركيا من سوريا عبر السفارة بانها سوف تسحب جنودها وفق العلاقات الدبلوماسية وتنتظر الاذن لدخولهم.

التدخل العسكري إن دل على شيء فإنه يدل على ان لتركيا غايات مبطنة، ليست فقط نقل رفاة سليمان لكن لوضع اسفين في العلاقات الدولية التي تنسجها سوريا، ويتبنى عربيد ذلك، قائلاً ان "تركيا تريد الايحاء بان الدولة السورية ضعيفة في العلاقات الدولية من خلال التدخل العسكري في مناطقها ولو بشكل محدود وهذا استفزاز وانتهاك لسيادة الدول يجب أن تتم محاسبة تركيا عليه.

ويشير استاذ العلاقات الدولية الى ان "سوريا اليوم في حرب ضد الارهاب وهناك عقيدة لدى الجيش السوري بان يكون على استعداد في ثلاث ساحات (ضد الاسرائيلي وضد الجماعات الارهابية وضد تركيا)، لافتا الى ان "الجيش السوري يعي ابعاد المؤامرة وهناك تحالفات ومحاور قائمة وسوريا ليست وحدها اليوم في هذه المعركة".

ويخلص إلى أن ما قامت به تركيا هو عمل عدواني بحق سوريا، وهي تمارس هذه الاعمال بطريقة مبطنة منذ بداية الحرب في سوريا، وهذا ما يكفل للدولة السورية حق الرد على تركيا التي قامت باعتداء استباقي في سوريا، وقد أكد ميثاق الامم المتحدة على هذا الحق في الدفاع عن النفس.
2015-02-25