ارشيف من :آراء وتحليلات

كواليس إلغاء رئيس الحكومة الليبي زيارته إلى تونس

كواليس إلغاء رئيس الحكومة الليبي زيارته إلى تونس
ما زال الموقف التونسي الرسمي من الأزمة الليبية يثير عددا من ردود الأفعال من الجانب الليبي، وبالأخص حكومة طبرق التي تسيطر على شرق البلاد؛ فقد ألغى رئيس هذه الحكومة عبد الله الثني والوفد الرفيع المستوى المرافق له زيارة رسمية إلى تونس.

وحسب مصادر ديبلوماسية ليبية فإن سبب إلغاء الزيارة أو تأجيلها يرتبط باحتجاج الجانب التونسي على زيارة أحد مرافقي عبد الله الثني. ومن المرجح أن المرافَق المقصود هو وزير الثقافة والإعلام عمر القويري الذي احتج في وقت سابق على تصريحات منسوبة لوزير الخارجية التونسي الطيب البكوش مفادها أن الحكومتين الليبيتين الشرقية والغربية شرعيتان.

"إمارة الشعانبي"


وكان الوزير الليبي قد صرح أن حكومة طبرق سوف تقوم بإرسال بعثتين دبلوماسيتين إلى تونس، واحدة إلى قرطاج (مقر رئاسة الجمهورية التونسية) وأخرى إلى "إمارة الشعانبي" على الحدود الجزائرية، حيث تقع جبال الشعانبي، وحيث يشن الجيش التونسي حربا شعواء على الجماعات التكفيرية؛ وذلك في إطار رده على تصريحات البكوش وقيام الحكومة التونسية بإرسال بعثتين قنصليتين، إحداهما إلى طبرق وأخرى إلى طرابلس.

كواليس إلغاء رئيس الحكومة الليبي زيارته إلى تونس
عبد الله الثني

والمقصود من هذه التصريحات أن تونس باعترافها بحكومة طرابلس، إلى جانب حكومته في طبرق، تكون قد اعترفت ضمنياً بالإرهاب لأن حكومة طرابلس، مدعومة مما يسمى "قوات فجر ليبيا" التي تؤكد أكثر من جهة أنها تضم ميليشيات تكفيرية. وبالتالي فإن رد الوزير الليبي على الموقف الرسمي التونسي يأتي، بحسب البعض، في إطار المعاملة بالمثل مع الحكومة التونسية.

الجالية التونسية


يشار إلى أن الجانب التونسي برَّر في وقت سابق هذا الأمر بوجود مصالح للجالية التونسية في ليبيا، فالتونسيون متواجدون في بلد عمر المختار شرقا وغربا وفي مناطق نفوذ الحكومتين ويخشى عليهم من انتقام هذا الطرف الليبي أو ذاك في حال تم الاعتراف بإحدى الحكومتين كما فعل الجانب المصري، الجار الشرقي الليبي.


كما أن التونسيين متمسكون رسميا بالحياد في الأزمة الليبية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للجار الليبي مع التأكيد على وحدة الأراضي الليبية ورفض جميع مشاريع التقسيم. كما ترفض تونس الرسمية رفضا قاطعا أي تدخل عسكري في ليبيا سواء أكان غربيا أم عربيا وتساندها في موقفها هذا الجزائر التي يبدو وكأنها تتعامل مع الحكومتين لكن بدهاء، أي دون التصريح بذلك في العلن.

أزمة ديبلوماسية


ومن المنتظر أن يخلف إلغاء زيارة الثني إلى تونس أزمة ديبلوماسية حادة بين البلدين باعتبار حساسية العلاقات بين الجارين، خاصة وأن الجانب الليبي تحدث إلى الإعلام التونسي أن سبب إلغاء الزيارة أو تأجيلها هو تصريحات وزير الخارجية التونسي الطيب البكوش. ولم ترد الخارجية التونسية على هذه التصريحات لحد الآن لكن من المتوقع أن يكون الرد عنيفا، ما قد يشعل فتيل أزمة سيكون المستفيد الأول منها في النهاية هو حكومة طرابلس وجماعة المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته.

ويتوقع جل الخبراء والمحللين تدخلا مباشرا من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لحل الأزمة، وهو وزير الخارجية الأسبق والديبلوماسي الخبير منذ زمن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. فقد سبق للقائد السبسي أن تدخل بداية ثمانينات القرن الماضي وأصلح ذات البين بين الحبيب بورقيبة ومعمر القذافي بعد أن كان البلدان (تونس وليبيا) على وشك الاقتتال إثر إبرام بورقيبة لاتفاقية حسن جوار مع الجزائر زمن الشاذلي بن جديد واستعداد الجانب الجزائري إلى مد العون للتونسيين في حال اندلعت معركة مع الجانب الليبي.
2015-03-13