ارشيف من :نقاط على الحروف
تقديرات جعجع: إقرار ومكابرة
لا ينبع الاهتمام بمواقف الدكتور سمير جعجع، من كونه يتمتع بخبرة استثنائية في فهم السياسات الاقليمية أو الدولية، أو لدقته في تقدير مسار الاحداث... وانما لكونه الأكثر مكابرة في تفسير الاحداث ومساراتها... وعلى ذلك فإن إقرار زعيم يتمتع بهذه الدرجة من المكابرة، بأن التطورات الإقليمية لا تتحرك في المسار الذي راهن وروَّج له هو بنفسه، ينطوي على إقرار ملازم بفشل سياسات وشعارات تمسكت بها قوى 14 اذار كونها انطلقت من رهانات وتقديرات ثبت أنها كانت مبنية على قرارات خاطئة، لكنها كلفت لبنان أمنه وسياسته واجتماعه.
اعترافات جعجع أطلقها هذه المرة، خلال لقائه مع صحفيين في مقر حزب "القوات اللبنانية". وبالاستناد إلى ما ورد في تقارير إعلامية حول مضمون اللقاء، قدَّم جعجع، ضمن أمور أخرى، قراءةً مطمئنة إزاء وضع لبنان وقدرة الجيش اللبناني على حماية الحدود في مواجهة تهديد التنظيمات الإرهابية والتكفيرية. لكنها مقلقة من تقدم محور المقاومة في المنطقة، وبتعبيره: "من اتساع سيطرة النفوذ الإيراني في العالم العربي". في المقابل أقر جعجع بتضعضع جبهة الدول العربية التي يراهن عليها، وبعجز الإدارة الاميركية عن اتخاذ قرارات إيجابية وصحيحة.
التطورات الاخيرة فرضت نفسها على معراب ما اضطر جعجع للإقرار بأن الوضع الاقليمي "صعب جدا". ومفهومه لهذه الصعوبة، يكمن في ما اعتبره أن ايران "اقتنصت المبادرة وسبقت الجميع".
في المقابل، تناسى جعجع حقيقة أن الواقع الحالي ليس سوى نتيجة تفاعل قدرات وارادات متقابلة. وبالتالي فإن ما حصل هو نتيجة صراع بين محورين، أحدهما دولي إقليمي يعتبر جعجع بنفسه أحد رموز امتداداته في الساحة اللبنانية، وبين محور المقاومة الذي يمتد إلى طهران. لكن كما في كل هزيمة أو فشل أو تراجع لا بدَّ من البحث عن جهة أو شخص يتحمل المسؤولية.
أما عن الجهة المسؤولة، برأي جعجع، فهي أخطاء استراتيجية وتكتيكية ترتكبها ادارة اوباما وبالتالي يعود ذلك إلى عقيدة الرئيس الاميركي وطريقته في العمل. لكن جعجع تجاهل ايضا حقيقة أن المبادئ التي يتحرك على اساسها اوباما تعود إلى وقائع اكتوت بها الولايات المتحدة عسكرياً واقتصادياً.
على المستوى العسكري، واجه الجيش الاميركي في العراق مقاومة تمكَّنت من استنزافه وأجبرته على الانسحاب. وهذا ما ترك بصماته في وعي القادة الأميركيين، السياسيين والعسكريين، وباتت حاضرة في قراءاتهم وتقديراتهم، بل وفي تحديد خياراتهم العملانية.
إلَّا أنَّ حصر جعجع للمسؤولية بأداء الرئيس أوباما، فيه تناسٍ لحقيقةٍ مفادها أن مشكلة خيارات الولايات المتحدة تعود إلى الأزمة التي تواجهها الأمبراطورية الاميركية أكثر من كونها أزمة رئيس. من دون إغفال خصوصية رؤية الرئيس وعقيدته التي بدورها ليست مفصولة عن قراءة الوقائع.
في كل الأحوال، وبعيداً عن تعابير الأسف التي وردت في كلامه، أجمل جعجع تقديره لمسار التطورات، بالقول أن "لا أفق على المدى المنظور". ولا يخفى أن التعبير عن فقدان الأفق الذي ورد على لسان جعجع، يعني فيما يعنيه، إقرارا مباشرا بأن رهاناته بلغت طريقاً مسدوداً، ما يستدعي منه أن يترجم خطاباً جديدا.ً..
فيما يتعلق بلبنان ، أكَّد جعجع أن "لا خطر على لبنان". موضحاً سبب ذلك بأنه مرتاح إلى قوة الجيش اللبناني... الذي باتت مراكزه متصلة ببعضها البعض... وهو يتلقى شحنات أسلحة وذخائر بشكل متواصل..
لا شك أن إرادة الجيش وعزمه هما من أهم العناصر التي جعلت لبنان يمتع بقدر من الأمن الذي ينعم به، ويشكلان سبباً لنجاحه حتى الان في مواجهة التنظيمات التكفيرية، إلا أن مكابرة جعجع دفعته إلى تجاهل حقيقة أن هذا الخطر كان ليكون أضعافا مضاعفة لو تكرست سيطرة التنظيمات الإرهابية على منطقة القلمون والقصير.... وسبب تجاهله هذا يعود لإدراكه الى أن الإقرار بهذه الحقيقة يستلزم بالضرورة إقراراً بحقيقة أخرى وهي أن الانجازات الميدانية التي حققها حزب الله والجيش السوري هي التي ساهمت، إلى جانب دور الجيش اللبناني، في تقليص تهديد التنظيمات التكفيرية على لبنان. مع ذلك ينبغي القول أن هذا التهديد لم ينعدم، وسيبقى قائماً ما دامت المجموعات التكفيرية منتشرة في الجرود على الحدود اللبنانية السورية.
اعترافات جعجع أطلقها هذه المرة، خلال لقائه مع صحفيين في مقر حزب "القوات اللبنانية". وبالاستناد إلى ما ورد في تقارير إعلامية حول مضمون اللقاء، قدَّم جعجع، ضمن أمور أخرى، قراءةً مطمئنة إزاء وضع لبنان وقدرة الجيش اللبناني على حماية الحدود في مواجهة تهديد التنظيمات الإرهابية والتكفيرية. لكنها مقلقة من تقدم محور المقاومة في المنطقة، وبتعبيره: "من اتساع سيطرة النفوذ الإيراني في العالم العربي". في المقابل أقر جعجع بتضعضع جبهة الدول العربية التي يراهن عليها، وبعجز الإدارة الاميركية عن اتخاذ قرارات إيجابية وصحيحة.
التطورات الاخيرة فرضت نفسها على معراب ما اضطر جعجع للإقرار بأن الوضع الاقليمي "صعب جدا". ومفهومه لهذه الصعوبة، يكمن في ما اعتبره أن ايران "اقتنصت المبادرة وسبقت الجميع".
في المقابل، تناسى جعجع حقيقة أن الواقع الحالي ليس سوى نتيجة تفاعل قدرات وارادات متقابلة. وبالتالي فإن ما حصل هو نتيجة صراع بين محورين، أحدهما دولي إقليمي يعتبر جعجع بنفسه أحد رموز امتداداته في الساحة اللبنانية، وبين محور المقاومة الذي يمتد إلى طهران. لكن كما في كل هزيمة أو فشل أو تراجع لا بدَّ من البحث عن جهة أو شخص يتحمل المسؤولية.
أما عن الجهة المسؤولة، برأي جعجع، فهي أخطاء استراتيجية وتكتيكية ترتكبها ادارة اوباما وبالتالي يعود ذلك إلى عقيدة الرئيس الاميركي وطريقته في العمل. لكن جعجع تجاهل ايضا حقيقة أن المبادئ التي يتحرك على اساسها اوباما تعود إلى وقائع اكتوت بها الولايات المتحدة عسكرياً واقتصادياً.
على المستوى العسكري، واجه الجيش الاميركي في العراق مقاومة تمكَّنت من استنزافه وأجبرته على الانسحاب. وهذا ما ترك بصماته في وعي القادة الأميركيين، السياسيين والعسكريين، وباتت حاضرة في قراءاتهم وتقديراتهم، بل وفي تحديد خياراتهم العملانية.
سمير جعجع : مكابرة وانكار
وعلى المستوى الاقتصادي واجهت الولايات المتحدة ولمَّا تزل، ومعها الاتحاد الاوروبي أزمة اقتصادية، فرضت عليها إعادة جدولة اولوياتها وجعلتها مقيَّدة ومكبوحة عن الكثير من الخيارات العملانية التي كانت تلوح بها في مراحل سابقة كجزء من سياسة التهويل بهدف فرض سياساتها...إلَّا أنَّ حصر جعجع للمسؤولية بأداء الرئيس أوباما، فيه تناسٍ لحقيقةٍ مفادها أن مشكلة خيارات الولايات المتحدة تعود إلى الأزمة التي تواجهها الأمبراطورية الاميركية أكثر من كونها أزمة رئيس. من دون إغفال خصوصية رؤية الرئيس وعقيدته التي بدورها ليست مفصولة عن قراءة الوقائع.
في كل الأحوال، وبعيداً عن تعابير الأسف التي وردت في كلامه، أجمل جعجع تقديره لمسار التطورات، بالقول أن "لا أفق على المدى المنظور". ولا يخفى أن التعبير عن فقدان الأفق الذي ورد على لسان جعجع، يعني فيما يعنيه، إقرارا مباشرا بأن رهاناته بلغت طريقاً مسدوداً، ما يستدعي منه أن يترجم خطاباً جديدا.ً..
فيما يتعلق بلبنان ، أكَّد جعجع أن "لا خطر على لبنان". موضحاً سبب ذلك بأنه مرتاح إلى قوة الجيش اللبناني... الذي باتت مراكزه متصلة ببعضها البعض... وهو يتلقى شحنات أسلحة وذخائر بشكل متواصل..
لا شك أن إرادة الجيش وعزمه هما من أهم العناصر التي جعلت لبنان يمتع بقدر من الأمن الذي ينعم به، ويشكلان سبباً لنجاحه حتى الان في مواجهة التنظيمات التكفيرية، إلا أن مكابرة جعجع دفعته إلى تجاهل حقيقة أن هذا الخطر كان ليكون أضعافا مضاعفة لو تكرست سيطرة التنظيمات الإرهابية على منطقة القلمون والقصير.... وسبب تجاهله هذا يعود لإدراكه الى أن الإقرار بهذه الحقيقة يستلزم بالضرورة إقراراً بحقيقة أخرى وهي أن الانجازات الميدانية التي حققها حزب الله والجيش السوري هي التي ساهمت، إلى جانب دور الجيش اللبناني، في تقليص تهديد التنظيمات التكفيرية على لبنان. مع ذلك ينبغي القول أن هذا التهديد لم ينعدم، وسيبقى قائماً ما دامت المجموعات التكفيرية منتشرة في الجرود على الحدود اللبنانية السورية.